تفاؤل مطلوب..  نجاح محمد علي 

تتجه الأزمة السياسية المتعلقة بشأن تشكيل حكومة عراقية جديدة نحو الانفراج في ضوء معلومات تفيد  أن “الإطار التنسيقي” توصل بالفعل الى تفاهم مع  “الحزب الديمقراطي الكردستاني” .
جاء هذا التفاهم بعد أن حضر “الحزب الديموقراطي الكردستاني” و ما يسمى تحالف “السيادة” جلسة البرلمان التي عقدت يوم الخميس، وصوت نوابهم على بدلاء نواب “التيار الصدري” الضلع الثالث فيما كان يعرف تحالف (إنقاذ وطن) الذين قدموا طواعيةً استقالاتهم امتثالاً لأمر زعيمهم السيد مقتدى الصدر.
من وجهة نظر الحزب الديمقراطي الكردستاني فإن الطريق بات سالكاً لتجاوز الأزمة السياسية في العراق مع خروج الصدر من التحالف الثلاثي، ليحل  الاطار التنسيقي تلقائيا محله لكن ليس كتحالف بل كشركاء مع من كان يتهمهم الاطار بالتعامل مع الموساد وأطراف اقليمية تريد تقويض البيت الشيعي . جاء الحزب الديمقراطي وائتلاف السيادة (محمد الحلبوسي) إلى البرلمان بعد ابرام تفاهم لاستمرار العملية السياسية والعمل مع الاطار التنسيقي، كما كانا يفعلان مع التيار الصدري، وهذا هو الذي تأسست عليه العملية السياسية منذ عام 2003.
ما سماها الحزب الديمقراطي الكردستاني بـ “الشراكة والاتفاق والتوازن في الساحة السياسية” وتفاهم بشأنها مع زعيم التيار الصدري تحت واجهة “حكومة  الاغلبية الوطنية” هي نفسها التوافقية التي طالب بها الاطار التنسيقي.
انعقدت جلسة استثنائية لمجلس النواب ، الخميس ، 2 تموز / يوليو ، بحضور 202 نائبا ، أدى خلالها 64 نائبا جديدا اليمين الدستورية بدلاً من أعضاء التيار الصدري المستقيلين، ما يؤكد أن الاطار كان على حق عندمًا طالب منذ البداية بتشكيل حكومة توافق بعيداً عن لغة الحذف والاقصاء
وقد مرت تسعة أشهر على انتهاء العمل النيابي في البلاد. انتخابات أكتوبر الماضي. شرع مجلس النواب العراقي 64 نائبا جديدا في جلسة خاصة الخميس لتحل محل التيار الصدري. لكن تسعة نواب من نفس الفصيل عارضوا العضوية في البرلمان وطالبوا باستبدال المرشحين الخاسرين الآخرين.
رغم أن الإطار التنسيقي أخذ على عاتقه مهمة تشكيل الحكومة المقبلة واختيار أعضائها وبدأ المشاورات مع القوى السياسية الأخرى ، إلا أنه ترك الباب موارباً لينضم لها التيار الصدري متى شاء. وقد أعرب قادة بارزون في الاطار عن أسفهم لغياب التيار الصدري عن العملية السياسية إذ قال الشيخ الخزعلي إن استقالة الكتلة الصدرية امر مؤسف وليس مدعاة للفرح العملية السياسية وأنها أصبحت أكثر تعقيدا بعد غياب الكتلة الصدرية، مشيراً الى أن هناك العديد من العقبات التي قد تعقد مهمة الاطار وباقي القوى،  وتحول دون التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة منظمة من كل القوى النيابية.
ليس هذا وحسب. مع إصرار حزب الاتحاد الوطني الكردستاني على ترشح برهم صالح للرئاسة، يمكن أن يتغير المناخ السياسي الحالي في إقليم كردستان الذي يظهر أن هناك حالة من الهدوء مماثلة بين الأحزاب السياسية الكردية قبل موافقتها على تشكيل حكومة جديدة. بينما يصر الاتحاد الوطني يصر على ترشح برهم صالح لرئاسة البلاد ، يحاول الحزب الديمقراطي الكردستاني كسر الجمود بأي شكل من الأشكال ، خاصة بعد خروج الصدر من العملية السياسية (حالياً).
كان الحزبان الكرديان الرئيسيان اتفقا في عام 2003 على توزيع المناصب الحكومية ، يتولى بموجبها الحزب الديمقراطي رئاسة الإقليم ويتولى الاتحاد الوطني الرئاسة لعموم العراق.
منذ اعلان نتائج الانتخابات الأخيرة ، اندلعت الخلافات الحادة بين الحزبين (الديمقراطي والوطني) بشأن منصب رئيس الجمهورية ومحافظ كركوك ، إذ طالب الحزب الديمقراطي الكردستاني بهما لأنه صاحب أكبر عدد مقاعد نيابية عن الأحزاب الكردية «31 مقعداً»، في وقت يصر فيه حزب «الاتحاد الوطني» على أن يكون منصب الرئيس  من حصته؛ نظراً لمبدأ تقاسم المناصب المتفق عليه ، حيث يسيطر الحزب الديمقراطي على مناصب الإقليم في حين تذهب رئاسة الجمهورية للاتحاد الوطني الحاصل على 18 مقعداً برلمانيا في الانتخابات الأخيرة.
ومن الواضح بعد استقالة الكتلة الصدرية فإن مباحثات إنهاء الانسداد السياسي ستكون مشتركة بين بقية الأطراف وأي طرف من أجل إنهاء الخلافات وتشكيل الحكومة.
و يدرك الحزبان الكرديان في ضوء ما شهده الاقليم من تحديات اقتصادية وامنية وسياسية وحتى اجتماعية ، أن بقاء الانقسام الكردي حول المناصب خاصة موضوع الرئاسة ، لن يكون في مصلحة كردستان ولا العراق بشكل عام، وعليهما أن يتفقا على حلول تخدم الكرد بشكل خاص.
عموماً رغم كل ما يروج له الكثيرون حول الوضع السياسي الذي يصفونه بأنه متأزم جداً ملوحين بالشارع خارج إطار القانون ، فإن عملية حسم اسم رئيس الحكومة تعني بالضرورة الانتهاء من تشكيل الكتلة الأكثر عدداً ، وبالتالي عملية حسم اسم رئيس الجمهورية تأتي من البديهيات.