وزارة التعليم العالي في كوردستان- فوضى في الانظمة … فوضى في القرارات- الجزء ( 2 )-  الدكتور   عبدالعزيز رشيد والمهندس  حاتم خانى

 

من جهة اخرى فان هناك استهانة واضحة جدا بنوع المناهج وتوافقها مع الاقسام التي تتبدل وتتغير سنويا , ففي كثير من الاحيان وخاصة في الاقسام الجديدة يتم الطلب من استاذ المادة وضع المنهاج الذي يقوم بتدريسه للطلاب , ونظرا لعدم وجود متابعة من قبل معظم المعنيين بالتعليم من داخل هذه المؤسسات  لكيفية تدريس الاستاذ ومدى حجم مؤهلاته او تقييم المنهاج الذي يتبناه وتهاون اللجان المسماة باللجان القطاعية في متابعة هذه الامور مجتمعة وضعف هذه اللجان القطاعية وعدم اهليتها في معظم الاحيان لاداء هذا الواجب نظرا لعدم اختصاص اعضائها او عدم الوفاء لواجباتهم , لذا يكون هناك تهاون في معظم الاحيان لجودة ذلك المنهاج وخاصة ان معظم الاساتذة يتجهون لوضع مناهج تتلائم مع مصالحهم الشخصية , وقد ساهم الغاء اقسام واستحداث اقسام جديدة في كل سنة بتأصل هذه المشكلة وتراكمها بحيث اصبح عدم متابعة مسؤولي التعليم سواء في الجامعات او في الوزارة لهذه المشكلة امرا عاديا , مثلها مثل عدم وجود تقييم حقيقي لمدى كفاءة الاساتذة وخاصة اولئك الذين حصلوا على شهادات بمساعدة احزابهم او تمكنوا من الحصول عليها بمساعدة الاموال او بطرق اخرى غير شرعية , مثل هؤلاء لا يمكن ان يعيروا اي اهتمام لتطبيق نظام تعليمي مبني على اسس وانظمة قياسية عالمية , ونحن نرى يوميا التدخلات التي تتم من اطراف عديدة سواء حزبية , عشائرية او من بعض المسؤولين في مسار او اسلوب التعليم , في حين كانت مناهج النظام التعليمي السابق في العراق قد تم وضعها بعد دراسات وبحوث واستقصاءات من قبل لجان وافراد متخصصين ولهم خبرة وتجارب كبيرة في هذا المجال وتم تأليف كتيبات وكراريس تحوي هذه المناهج والتي كانت مفصلة تفصيلا دقيقا وفقا لكل ساعة , حتى ان الكثير منها يحتوي على مدخلات عديدة ضمن الموضوع الواحد خلال الساعة الواحدة من زمن المحاضرة  حيث تكون هذه المدخلات ملزمة من ناحية للمدرس وتبسط الطريق امامه اثناء تكليفه بتلك المادة من ناحية اخرى , بينما لاحظنا ان المناهج الخاصة بكثير من المواد الدراسية في الوقت الحاضر ركيكة وغير مترابطة ولا تغطي المادة الدراسية التي من المفروض ان تمنح للطلبة ولا يتم تطبيق معظمها , والكثير من الطلاب يتساءلون عن الاسباب التي تؤدي الى تنامي هذه الفجوات داخل المادة الدراسية الواحدة , اي عدم وجود تسلسل وتراص في نوعية المعلومات الخاصة بتلك المادة وبالتالي فقدان الهدف الرئيسي من تخصيص تلك المادة لذلك الفرع الدراسي , وقد ادركنا ان السبب الرئيسي لما يحصل هو ان المنهاج اما يتم وضعه من قبل فرد واحد داخل المؤسسة التعليمية وهذا الفرد لايمكن ان يكون متمكنا من كل الاختصاصات من جهة او يرتبط وضع المنهاج تبعا للمزاجات الشخصية او العلاقات بين مدرس المادة وبين ذلك الفرد , او يضعه مدرس المادة حيث تتداخل فيها المصالح الشخصية . وهنا نفتقد دور الوزارة في تصميم وتوثيق الاليات التي يمكن للمؤسسات التعليمية اعتمادها والسير على ضوئها في وضع المناهج ووضع طرق التدريس الموحدة للمواد المتماثلة في كل جامعات الاقليم , حيث تبرز هذه المشكلة بصورة واضحة جدا عند تنقلات الطلبة من جامعة الى اخرى نظرا لاختلاف مواد التدريس بين هذه الجامعة وتلك .

ان هذه الانظمة التعليمية المستوردة من بلدان ومجتمعات تختلف كليا وتماما عن مجتمعنا وليست هناك اي اساليب او سلوكيات او مواصفات وخصائص مترابطة بيننا , ويصر البعض من المسؤولين على تطبيق هذه الانظمة بحذافيرها ,  تنتج وتولد تناقضات كبيرة وواسعة في العملية التعليمية وتحدث شرخا هائلا بين عملية التعليم المتعثرة اساسا نتيجة تغيير انظمة التعليم بصورة تجريبية في كل مرة ونتيجة عدم مرور زمن وافي تتمكن فيها هذه الانظمة من النضوج , وبين الهدف النهائي من هذه المؤسسات التعليمية وهي تخريج كوادر تساهم في بناء المجتمع ضمن الاختصاصات المطلوبة بحيث تتأهل هذه الكوادر بفترات وازمنة كانت في السابق محسوبة ومتوقعة , في حين تندفع هذه الكوادر الى الحياة العملية في الوقت الحالي وهي متزعزة ومترددة وترى البون الشاسع بين ما درسته من المواد وبين هذا الواقع الذي يحتاج الى معلومات لم يتمكن من الحصول عليها او معلومات ناقصة او معلومات لا تتطابق مع التحديث المتسارع في النوعية وفي الكمية ايضا , وكل ذلك نتيجة للتخبط الكبير في التطبيق الاعمى لانظمة مستوردة , ونتيجة عدم المتابعة التي تعاني منها مؤسساتنا سواء متابعة المشاكل المتنامية داخل المؤسسات التعليمية او متابعة كفاءة الكادر التدريسي او متابعة مدى ملائمة المواد الدراسية او المناهج غير المتطابقة مع هذه المواد الدراسية , بالاضافة الى عدم متابعة القرارات التي تصدرها الوزارة او التغييرات المتلاحقة بين قرار وآخر وكل ذلك نتيجة لتداخل المزاجات الشخصية لان معظم القرارات لا يتم دراسة الجدوى منها او النتائج التي قد تترتب عنها في المستقبل , بل ان معظم مسؤولينا مقتنع بامر لا زلنا نعاني من تكريسه المستمر وهو اصدار قرار , ان لم يحقق الهدف منه , فلا بأس من اصدار قرار آخر . وهلم جرى حيث لا زال تعليمنا في مرحلة التجريب ولا زلنا نعتبر انفسنا مجتمعا فارغا هاويا نردد ونقول ( كيف كنا وكيف اصبحنا ) كأن المكاسب تحسب تقطيرا وكأن ما حصلنا عليه اكثر من استحقاقات مجتمعنا لذا من المتوقع ان نراوح في هذا المكان وفي هذه الدوامة لعدة سنين اخرى .

 

 

 

الدكتور                           المهندس

عبدالعزيز رشيد               حاتم خانى