بدل رفو ………. وسرير الاوجاع – حاتم خانى

بدل رفو في قصيدته التي نشرتها جريدة قريش اللندنية في 24من هذا الشهر ( عيناك كالمزنة تهطل عشقا ) يجوب ويسافر من خلال عيون حبيبته الى عوالم متناقضة تماما لا يمكن للحبيبة ان تحمل كل هذه التناقضات المتراكمة التي تنتقل بين الحب والحرب والاوبئة والاحزان العميقة وضبابية المستقبل الا اذا كانت هذه الحبيبة كوردية حتى النخاع , فهو يتوق الى الوطن الذي يفتقده ولا يرجو منه املا لذا يغرق في عيون حبيبته لكي ينسى تلك الاحزان والمآسي التي لا زالت تلاحق هذا الوطن , فيهرب الى غابات فيينا ويجوب اصقاع العالم ليختزن في ذاكرته ذكريات ذلك الحب الذي بادل حبيبته في توسكانا وجزيرة برونو ثم يستيقظ من احلامه الوردية ليجد ان بحثه عن الحرية التي كان يتوق ان تقوده الى الوطن انما قادته الى خريف العمر , ليعود ويتمنى ان تكون خسائره مقتصرة على ما تكبده في بحثه عن الاوهام ليستلقي داخل عيون حبيبته فتكون تلك العيون سرير اوجاعه .

وقد بدأ بداية جميلة جدا :-
( عيناك كالمزن تهطل عشقا
و……
عيناكِ..
دهشةٌ وحيرةٌ وطلسمٌ )
ولكن لا ادري وهذا ما شعرنا به
انه قام باقحام حبيبته بالسياسة في:-

( لأزمنةٍ داهمتها ريح سوداء )
ثم لم يكن المستقبل يوما مشرقا فلماذا يملأ عيونها باليأس والقنوط من المستقبل :-
( وحزن بين اشواك عواصف الخوف
من المستقبل واليأس..!!)
وهل فعلا انبئته عيون حبيبته بمأساة هذا العالم واوبئته :-

( تصارعُ اقنعة الأوبئة..
………… والخفافيش العميان املاً )
يعود بعدها الى العشق المتدفق من عيونها في امسيات فيينا التي لم يذقها معظمنا في كوردستان وبالتالي لا نعرف هل فعلا توجد علاقة بين الدانوب والربيع مثل نوروزنا :-
( عشق خجول لامسيات تشرين فيينا

والدانوب يتوق للربيع ليغازله بتراتيل الحب )

وعينا حبيبته لم تضنيه عن الاستمرار في البحث عن الحرية :-
( مسافرون يلهثون في المنافي

وراء قافلة الحرية )
عليه ان يتأكد انها  لن تعيده الى الوطن
لانه حينها لن يرى عيناها مجردة بل هي :-
( عواصمٌ لامبراطورياتٍ واوطان )
بينما في وطننا الخنوع هو ديدنا
لذا لا يمكنه العودة طالما بقيت عيناها هي
( غابات فيينا )
يستمتع فيها
( ببركات الهة اليونان )
فلم هو الوطن ان كانت عيناها تختزن
( حمرة الفجر )
وهذا الوطن لا يملك بحرا فليس له
( عرس للبحر او للصيادين )
وليت عيناها ليست كوردية حتى تكون بعيدة عن:-
( كوارث الحروب )
وهنا افضل بيت في القصيدة كلها عندما تكون عيناها :-
( عيناكِ ..سريرٌ لأوجاعي )
لذا يبدو انه يهرب مرة اخرى ليتوارى خلف عينيها :-
( عيناكِ..
فصول لأنفاسي ورحلاتي )
وافضل ما فعله الشاعر لكي ينسى احزانه بانه عاد:-
( لأغرق في محيطاتِ اسرارها )
فالآهات تلاحقه وتفضحه لكي تظهر حزنه العميق والغائر في اعماق القلب:-
( تحيلُ اوجاعي وبقابا أيامي ..
وتنهيدات خريف العمر الى سكينةٍ توشحُ )

لقد حاول الشاعر كثيرا الهروب مما تعلق بذاكرته من مآسي الوطن والتركيز على التعبير عما يجول في خاطره من الحب نحو حبيبته , الا ان كلمات الحب كانت تضيع منه كلما أغمضت حبيبته عيناها التي يتغنى بها ليعود هو ويدير شريط الذكريات الحزينة التي عاشها في وطنه .

حاتم خانى

دهوك 26.1.2023