أينما حل الـ.. حل الخراب- محمد مندلاوي

 

عنوان المقال أعلاه كلام لعالم الاجتماع ابن خلدون الذي عاش بين أعوام 1332- 1406م. لقد قال هذا العالم الشهير كلاماً أقسى وأثقل من الكلام الذي وضعته في عنوان المقال. على سبيل المثال وليس الحصر، أنه وصف العرب بالتوحش، وأهل نهب،ووصفهم كالجراد أينما حلوا حل الخراب إلخ. لكني أتجنب نقل كلما قاله حتى لا يقال أن هدفي التجريح فقط. ألا أني أضيف فقط، لو شاهد ابن خلدون الشيعة الناطقون بالعربية في العراق – لا أعني عامة الشيعية، بل القيادات الشيعية بكل صنوفها السياسية وغيرها- لأضاف إلى وصفه لهم صفة الكذب والتدليس ونكران الجميل؟. عزيزي القارئ، أنا أنقل كلام عالم مختص ليس من أجل التشويه والتنكيل، بل من أجل تعريف طبيعة هذه الفئة من البشر وذلك من خلال شخص كما أسلفت حجة في هذا المضمار العلمي ألا وهو علم الاجتماع . أكرر ليس كل العرب كما وصفهم ابن خلدون، لكن بلا شك أن كل مسئوليهم كما أسلفت بكل صنوفهم كما وصفهم ابن خلدون أجلاف، يناصرون الباطل ويعادون الحق، وهذا ما  نشاهده يومياً في تعاملهم غير الحضاري مع إقليم كوردستان حيث أن أكاذيبهم عن الكورد وكوردستان وصلت حد تزكم الأنوف.

إن موضوعنا لهذا اليوم يكون عن المدعو مصطفى جبار سند الذي يزعم أنه من أهل البصرة. للتعريف فقط لا غير، أن “سند” الذي هو الاسم الثالث لمصطفى يكتب في وسائل الإعلام العراقية بصيغتين تارة مصطفى سند وتارة مصطفى سنيد؟. للعلم أن كلمة السَّنِيد في لغة العرب كما جاء في المعجم العربي تعني..؟. وفيما يخص قطع المبلغ المرسل من حصة إقليم كوردستان من بغداد من قبل محكمة الثورة كما وصفها الرئيس (مسعود البارزاني) وعنى به ما يسمى بالمحكمة الاتحادية العليا. دعني عزيزي القارئ اللبيب أن أناقش الموضوع بالتسلسل. أولاً: إن الشخص الذي سجل دعوى قضائية ضد إقليم كوردستان عند ما يسمى بالمحكمة الاتحادي العليا، أن مصطفى هذا كما هو شائع في العراق وكوردستان أنه أداة من أدوات أشياع السلطة الحاكمة في بغداد. لكنه كالعادة يزعم أنه نائب مستقل في البرلمان الاتحادي العراقي، لكن الحقيقة معروف في الشارع العراقي والكوردستاني أنه كما أسلفت أداة من أدوات الميلشيات الشيعية، وتحديداً عصائب أهل الحق وزعيمها الشيخ قيس الخزعلي الذي بإشارة من إصبعه الصغير (خنصر) يحرك مصطفى سنيد وغيره من بيادقه كيفما يشاء يميناً ويساراً طولاً وعرضاً، أضف لهذا أن المدعو مصطفى سند اتهم من قبل الشارع العراقي بأنه هو الذي هرب من العراق وزير النفط العراقي السابق المتهم بالفساد من قمة رأسه إلى أخمص قدميه. خلاصة، ما المدعو مصطفى سنيد إلا بيدقاً من بيادق الجهة المذكورة أعلاه التي حَرَكَتْهُ ووضعته هذه المرة في المربع المعادي للشعب  الكوردي الجريح.

ثانياً: فيما يتعلق بالمحكمة الاتحادية العليا. إن شرحنا لتكوين هذه المحكمة يتطلب منا أن نخوض فيه بشيء من التفصيل. إن مصطلح الاتحاد له تفسير واحد لا ثاني له ألا وهو، أن الاتحاد لا يتشكل من جهة واحدة؟، يجب أن يتأسس من جهتين وأكثر، فعليه عندما تقول جمهورية العراق الاتحادي يعني أن العراق وفق الدستور الاتحادي تأسس بعد عام 2005 من إقليمين واحد عربي اسمه العراق، والثاني كوردي اسمه جنوب كوردستان أو إقليم كوردستان أي: القطر الكوردستاني، وهذا ما يؤكده الدستور الاتحادي العراقي في مادته الأولى التي تقول: جمهورية العراق دولةٌ اتحادية.. . نرجو أننا وفقنا في تعريف الصحيح لمعنى الاتحاد. ثالثاً: وضع المحكمة التي تشكلت في زمن الاحتلال الأمريكي. إن الشيعة هم يسموه احتلالاً؟. دعني عزيزي المتابع أن أعرج قليلاً على تاريخ استحداث الكيان العراقي من قبل الاحتلال البريطاني وإنشاء المؤسسة القضائية فيه. جاءت في الموسوعة الحرة:  أنشأ القانون الأساسي العراقي عام 1925م محكمة سميت في حينها بالمحكمة العُليا. ويقول المصدر: تألفت المحكمة العليا من ثمانية أعضاء عدا الرئيس. هل تلاحظ عزيزي القارئ، أن الاحتلال الأمريكي سار على نهج الاحتلال البريطاني هو الآخر جعل أعضاء المحكمة المذكورة مع رئيسها تسعة أعضاء؟؟؟. وهكذا سار نظام حزب البعث المجرم على نهج الاحتلالين البريطاني والأمريكي حين جعل عدد أعضاء المحكمة الدستورية العليا في الدستور المؤقت تسعة أعضاء؟؟؟.

نأتي الآن إلى عام 2003 عندما شكل مجلس إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية لعام 2004 في عهد الحاكم المدني الأمريكي “بول بريمر” ما سمي بالمحكمة الاتحادية العليا، التي لا زالت قائمة رغم عدم شرعيتها وقانونيتها وفق الدستور الاتحادي العراقي الدائم. لأن المرحلة الانتقالية ألغيت ولم يعد لها وجوداً بعد تشكيل الحكومة العراقية والاستفتاء على الدستور الاتحادي عام 2005 الذي وافق عليه الشعب العراقي والكوردستاني بنسبة 85%. الذي نقوله هنا، إن فاعلية هذه المحكمة المذكورة أعلاه وشرعية وجودها انحسرت من يوم تأسيسها ولغاية صدور الدستور الاتحادي الدائم، الذي كما قلت قبل قليل استفتي عليه شعبي العراق وكوردستان عام 2005 وقبله بنسبة 85%. لكن الجماعة الحاكمة في بغداد كالعادة لا يحترمون تعهداتهم ولا تواقيعهم التي يضعونها على الورق، فلذا أبقوا على هذه المحكمة.. تخدمهم؟، التي وصفها الرئيس (مسعود البارزاني) بأدق وصف حين قال عنها أنها حلت محل محكمة الثورة في عهد المقبور اللعين صدام حسين، لأن المحكمة الاتحادية العليا كما جاء في الدستور الاتحادي العراقي الدائم في مادته رقم 92 الفقرة الثانية: تتكون المحكمة الاتحادية العليا، من عدد من القضاة، وخبراء في الفقه الإسلامي، وفقهاء القانون، يُحدد عددهم، وتنظم طريقة  اختيارهم، وعمل المحكمة، بقانون يُسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب. السؤال هنا، أين هذه المحكمة المذكورة من هذا النص الدستوري الذي كل ما يخالفه يكون باطلاً وغير شرعي وغير قانوني؟. فعليه كما يقول المنطق: ما بني على الباطل فهو باطل. أكرر، لأن المحكمة الاتحادية العليا لم تتشكل في البرلمان الاتحادي العراقي وفق النص الدستور الذي جاء في المادة الـ92 كي ينال أصوات ثلثين عدد نواب البرلمان الاتحادي.

عزيزي المتابع، أضف لكل ما قلناه أن كل ما صدر من مؤسسات الكيان العراقي وفي مقدمتها البرلمان الاتحادي ليس له شرعية قانونية لأن كل قوانينه و(قراراته) صدر بخلاف نصوص الدستور الاتحادي، لذا لاحظ المادة 65 في الدستور الاتحادي ماذا تقول: يتم إنشاء مجلس تشريعي يُدعى بـ(مجلس الاتحاد)يضم ممثلين عن الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، وينظم تكوينه، وشروط العضوية فيه، واختصاصاته وكل ما يتعلق به، بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب. انتهى الاقتباس. لقد مضى عقدين من الزمان على تحرير العراق من براثن حزب البعث المجرم ولم يؤسس هذا المجلس الذي يجب أن يكون عدد أعضائه مناصفة بين الكورد والعرب، لأن التصويت في مجلس النواب يكون بالأكثرية، بما أن عدد نواب الكورد أقل من عدد نواب العرب فعليه تميل الكفة للعرب. لكن عندما تنتقل عملية التصويت إلى مجلس الاتحاد هناك تتساوى الأصوات ويكون للكورد أصواتهم التي تساوي أصوات العرب. هذه هي محاسن الدولة الاتحادية التي يتساوى فيها الجميع ولا يتسيد القومية الكبيرة على القومية التي عدد نفوسها أقل منها. وفيما يتعلق بالأقليات العرقية والعقائدية تكون حقوقهم مصانة وفق ما تتطلبه حقوق الأقلية في القانون المحلي والدولي. لكن للأسف الشديد أن هذا لم يتحقق إلى الآن والجماعة في بغداد يلعبون بثروات العراق ومقدراته ويهدرونها ويهربونها كيفما يشاؤون. والقضاء العراقي بعد أن هو الآخر متهم بمسايرة السياسيين الشيعة كما قال هادي العامري: ضغطنا على القضاء. حتى أن سياسياً سنياً كان في خلاف مع شيعة السلطة وكان لاجئاً في الأردن ألا أنه بوساطة البعض تفاوض مع المالكي وعاد إلى العراق وكان من ضمن شروط عودته أنه طلب أن ينقل ملفه عند القضاء في بغداد إلى الأنبار. يا ترى إذا لا سلطان على القضاء ما دخل المالكي بسحب ملف هذا السياسي من محاكم بغداد ونقله إلى الأنبار؟!. وهكذا السيد مقتدى الصدر هو الآخر انتقد قرارات المحكمة الاتحادية العليا.

الذي نقوله في نهاية هذا المقال لشيعة السلطة في بغداد: تذكروا أنفسكم قبل عام 2003 ماذا كنتم وأين كنتم ومن ساندكم، قليلاً من الذمة والضمير تجاه الكورد الذين آووكم في كوردستانهم في السنين العجاف.

30 01 2023