هل تقود رومانوسكي الإنقلاب الناعم في العراق؟ – الكاتب/سمير داود حنوش

هل يدخل حزب البعث ماراثون الإنتخابات البرلمانية في العراق؟ سؤال يبدو أن دخانه الأبيض بدأ يتصاعد خصوصاً مع إقتراب موسم الإنتخابات، يمكنك أن تتخيل تبعات هذا القرار مع  مايدور بين أروقة ودهاليز السياسة من رفض، خوف، جدل أو حتى إستسلام لقرار تم إتخاذه من وراء الحدود.

عودة حزب البعث إلى الساحة السياسية عبر الدخول من بوابة الإنتخابات القادمة هو المتغير الجديد في المعادلة السياسية الذي “أصبح واقعاً” هذا ما إعترف به سليم الجبوري رئيس البرلمان الأسبق، آزره في الإعتراف محمود المشهداني السياسي المستقل والذي سبق الجبوري في رئاسة البرلمان العراقي.

بعد أكثر من عشرين عاماً من الحظر السياسي للحزب وعقوبة التعامل معه جاء تصويت مجلس الوزراء العراقي على قرار إلغاء لجنة الحجز على أملاك وأموال أركان ومسؤولي النظام السابق من المنتمين لحزب البعث وتوصية الحكومة لمجلس النواب بسحب مشروع قانون التعديل الأول لقانون رقم 72 لعام 2017 القاضي بحجز الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة لأركان النظام السابق، كما تضمن القرار الأخير إمكانية المتضرر رفع دعاوى قضائية بشأن قرار الحجز أو المصادرة أمام المحاكم المختصة، وكانت هيئة المساءلة والعدالة قد أصدرت في مايس 2018 قرارها المتضمن مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة شمل عائلة صدام حسين والآلاف من مسؤولي النظام السابق، تزامن قرار الإلغاء مع تصريح رغد بقرب عودة أنصار والدها إلى العراق لإستلام السلطة.

يدّعي البعض أن تلك المتغيرات كانت بصفقة سياسية لتشكيل حكومة السوداني أو لضغوط تمارسها جهات إقليمية ودولية لخلق توازن في المشهد السياسي العراقي من خلال إيجاد بديل مناهض للجناح المؤيد لإيران.

يبدو من العبث الإعتقاد أن الإدارة الأمريكية التي إستعانت بالسفيرة رومانوسكي المُدرّبة مخابراتياً ودبلوماسياً في معاهد الـ(CIA) لإدارة شؤون العراق كان من أبواب الصدفة.

لنطرح السؤال بصيغته الأوضح، وهو هل تسعى واشنطن إلى إحداث تقييم أو تفكيك في الخارطة السياسية من خلال إنقلاب ناعم يُحدِث تغيير شامل للنظام الذي أوجدته بعد عام 2003 عبر وسائلها الخاصة؟.

الهدوء الذي يسبق العاصفة… ذلك الوصف الذي يمكن تشبيه الوضع العراقي الحالي مع ما أعلنه معهد واشنطن للدراسات في تقريره الصادر في السادس من حزيران من مصادر داخل الإدارة الأمريكية أن العراق بات ينهار بصمت.

دخول حزب البعث إلى ماراثون الإنتخابات بصورته المستترة أو الظاهرة على المكشوف يبدو أنها تلاقي دعماً إقليمياً ودولياً خصوصاً بعد الضجة التي أثارها الإطار التنسيقي من الأردن   بالترخيص للحزب المحظور بالعراق للإنخراط بشكل قانوني في الحياة السياسية حيث لا تخفي بعض القيادات العراقية تخوفها من إمتداد تأثير ذلك الحزب على الحياة السياسية للداخل العراقي.

في خضم تلك الأحداث يظهر السكوت من علامات الرضا لدى رومانوسكي الراعي لذلك التغيير، حسب بعض تسريبات دهاليز غرف القرار في المنطقة الخضراء، حيث تسعى للتغيير من خلال ترتيب أوراق اللعبة في الإنتخابات القادمة.

الإنزعاج الأمريكي يأتي بعد تعهدات حكومة بغداد بوقف تهريب عملة الدولار إلى إيران في أقصاها لاتتجاوز بضعة أشهر وفشل تلك المحاولات الحكومية في كبح جماح التهريب، بل إزدادت كمياته المهربة بعد قرار الحكومة تخفيض سعره مقابل الدينار العراقي، إلا أن الفرق الكبير بين السعر الرسمي والسوق السوداء أدى إلى مضاعفة أرباح شركات وبنوك التهريب والمتضرر هو المواطن.

المتغير القادم في المشهد السياسي آتٍ بقوة حيث لا تخفي بعض القيادات في الإطار التنسيقي عدم رضاها لتصرفات رومانوسكي الدبلوماسية والتي تعتبرها تدخلاً في شؤون البلد الداخلية، بل يذهب ذلك البعض إلى إعتباره محاولة لزعزعة النظام السياسي متناسياً أنه يعيش في بلد محتل.

العراق يسير نحو المجهول هو ملخص حكاية الديمقراطية الأمريكية التي أرادتها للعراقيين، والأكيد أن العراق هو بلد المفارقات ومن عجائبه أنك ترى المتناقضات في كل شيء إبتداءً من الشخصية العراقية وإنتهاء بالسياسة.