الديمقراطية الفرنسية أمام إختبار تأريخي- منى سالم الجبوري

الاتصال التلفوني الذي أجراه إبراهيم رئيسي، سفاح مجزرة آلاف السجناء السياسيين عام 1988، مع الرئيس الفرنسي ماکرون والذي إستغرق ساعة ونصف، يأتي تزامنا مع حالة الغليان الشعبي الداخلي في إيران وتزايد السخط والغضب الى أبعد حد، کما إنه يأتي أيضا تزامنا مع النشاطات المستمرة والمتواصلة للإيرانيين الاحرار في خارج إيران تضامنا مع نضال الشعب ضد الدکتاتورية ومن أجل التغيير الجدري لهذا النظام الکهنوتي، خصوصا بعد أن باتت النشاطات الخارجية تٶثر سلبا على النظام من حيث تأثيراتها الايجابية على رفع معنويات وحماس الشعب لمواصلة النضال والمواجهة ضد هذا النظام.

بحسب التقديرات وکما يرى المراقبون للأوضاع في إيران، فإن السفاح رئيسي، الذي أشار تقرير مکالمته للرئيس الفرنسي زعمه”وفي إشارة إلى سوء تقدير بعض الحكومات الأوروبية بشأن الأمة الإيرانية ، اعتبر الرئيس أن ذلك ناتج عن وقوع هذه الحكومات في فخ المعلومات الكاذبة من قبل الجماعات الإرهابية والانفصالية والمعادية.”، سيفتح أو حتى قد فتح حتما حتما ملف النشاطات النوعية للإيرانيين الاحرار في فرنسا عموما والتجمعات السنوية التي تقيمها المقاومة الايرانية في باريس تضامنا مع نضال الشعب الايراني من أجل الحرية، وسيطلب من الرئيس الفرنسي بذل جهوده من أجل عدم إقامة التجمع السنوي العام لهذه السنة بذرائع وحجج مختلفة، لکن السبب الرئيسي الذي هو معروف وواضح جدا هو تخوف النظام الايراني من تأثيرات وإنعکاسات إقامة هذا التجمع وبشکل خاص خلال هذه الفترة التي يواجه فيها النظام ظروفا بالغة الصعوبة والحساسية ولاسيما وإن مشاعر الرفض والکراهية والغضب ضد النظام لازالت على حالها وإن الاوضاع الحالية بالنسبة للشعب الايراني تشبه مايمکن وصفه بإستراحة محارب.

أهم مايمکن أن يلفت النظر بالنسبة للأوضاع الحالية الحرجة والخطيرة جدا التي تواجه النظام الايراني، ولاسيما بعد إعتراف النظام بإغلاق 50 ألف من أصل 75 ألف مسجد في سائر أرجاء إيران لأن الشعب الايراني لم يعد يرتاد المساجد ليقينه بأن النظام يقوم بإستغلال هذه المساجد من أجل تحريف العقول والتطبيل والتزمير والدعاية للنظام القمعي، ولذلك فإن النظام يشعر حاليا بخوف غير مسبوق لأن الاساس العقائدي الذي شيده طوال ال44 عاما المنصرمة قد بات يتضعضع ومن الممکن جدا أن ينهار، ولذلك فإنه يجد في إقامة نشاطات نوعية نظير التجمع السنوي العام من أجل التضامن مع نضال الشعب والمقاومة الايرانية من أجل الحرية وإسقاط النظام، سوف يساهم بتفجير الاوضاع وعودة الشعب الى الساحة والشوارع بصورة قد تکون محددة لمصير النظام.

في ضوء الاتصال الهاتفي الذي أجراه سفاح مجزرة السجناء السياسيين مع ماکرون، فإن الذي يبدو واضحا هو إن الديمقراطية الفرنسية أمام إختبار تأريخي، إذ لو وافق ماکرون على الطلب المشبوه للسفاح رئيسي، فإن ذلك سيکون بمثابة وصمة عار في جين التقاليد الفرنسية العريقة في إتاحة الحريات أمام المناضلين من أجل الحرية والحقوق المشروعة لهم.