فكرة سهل نينوى / وجهة نظر – خالد علوكة

– لايمكننا حل مشكلة باستخدام نفس العقلية التي أنشاتها –- اينشتاين –

كثر الحديث على مايمكن اعتباره طوق نجاة لمستقبل الاقليات والمكونات او ماتبقى منهم في سهل نينوى لا بل العراق كله ، بتشكيل حزام  سهل نينوى المتكون من اقضية الشيخان وتلكيف والحمدانية ، الغرقان من الاقليات يجلب بقشة لينقذ نفسه كما يقول المثل ، لكن تقليصه وحصره في زاوية حرجه جعله لامكان له في وطنه ، لو اتينا لواقع حال العراق فانه ظاهرا متحد  بدستور واحد  لكنه مقسم بكل حال على مناطق سكن المكونات والمذاهب ، و لايمكن تقسيم المقسم أكثر مما هو مجزء .

لا.. رغبة محلية او دولية او حتى غربية اميركية بتقسيم العراق جغرافيا ، لكن قسموه طائفيا ومذهبيا كما  يحلو لهم ولارغبة لهم في  طرح نموذج – إدارة ذاتية – او فيدرالية – او لامركزية وحتى تجربة اقليم كوردستان العراق منذ 1991 تخضع لشد وحل ، وحد  وسد  الكتل العراقية في بغداد وباقي العراق وما حدث في اقرار الميزانية مؤخرا دليل على ذلك ، ولاننسى الامين العام للامم المتحدة عند زيارته بغداد مؤخرا قال  (نريد عراق موحد ) .

اللعب على النفس الطائفي او المكوناتي في العراق سار بخط مستقيم لايقبل الواحد الاخر .لكل منطقة – سيطرة – واصبح لها خط خاص وقوة ونفوذ لايمكن رفضه اوالغائه او حتى تعديل مساره.

البقاء في العراق اصبح مشكلة وهجره ايضا مشكلة بحد ذاتها لانك متمسك بشئ اسمه الوطن وهو ليس لك كما تظن ، لو نظرنا الى تجربة الاقليم فانها على المحك رغم ساندتها دول كبرى وتخلت عنها في موضوع الاستفتاء رغم واقع جغرافيتها ولغتها وتاريخها المستقل .

و إنشاء منطقة سهل نينوى ضرب من التلهي و الخيال تصوره بعض الجهات المتمكنه والنافذه على الارض لمراوغة  المكونات بتخديرات الاطمئنان والترويج لها على سوشيال ميديا وبعض الاعلام المخالف للاغراض المبيتة .

كُلِ  يبكي على الاقليات في العراق وحالهم يرثى له وشركات المنظمات وحقوق الانسان تعمل بلا كلل وملل بورش ولقاءات وحوارات لتقريب البعيد ولم شمل المشتت وتدفع بشدات من ورق $ كما حال ورق لعب كومكان لعل تكون الطرقة للاقليات ويظهر الطرقة و الجوكر بيد الاكثرية  . ولابد ان نفهم لعبة الغرب الاميركي المبني على نظام المصالح والكسب الاقتصادي والعولمة وليس حقوق الانسان والديمقراطية .

ولو عدنا لموضوع سهل نينوى نجد على الارض مايعارض الواقع بإن كل الجهات والمكونات وقوميات متعددة اصبحت ذات نفوذ لايمكن تغيره فالاكثرية نافذه في المشهد السياسي والاقتصادي والعسكري . لايستطيع اي مكون مسيحي او ايزيدي او من هم اقلية بتشكيل حزب او قوة دون تبعية ودعم وتمويل من قوة نافذة  ، وهنا لا استقلالية لكم يا مكونات فيما تريديون وتسيرون وفق خطط تابعيكم ، ومنه اصبحنا مثل بلاع الموس ، مع قناعتي بان اي مكون صغير مثلنا لايمكن يتقوى وان تصبح له قوة مسلحة مستقلة او نفوذ طاغٍ ، هذا ممنوع  كون الاكثرية يتحدون ويقفون صفا واحداَ.

لو نظرنا الى تجربة الاقاليم دوليا نجد عدم نجاحها في اقليم – دارفور – في السودان لعوامل عدة  لايمكن تكرارها هنا .

يااخوان لعبة جر الحبل مع المكونات او الاقليات الاصلية في العراق قد انتهت فلا الغرب الاميركي ولا حقوق الانسان ولا حق العيش تجدي نفعاَ. هذا ليس رأي سد الابواب او يأس شديد فان ابواب الله مفتوحه للمؤمنين !! لكن بالمقابل لست منهم لان المقابل يكفرك باي لحظة مع العلم ان الله لم يخلق كافرا واحدا على الارض فهو ليس بحاجة الينا وغنى عن البشر .

القلق والخوف الذي يعيشه ابناء الاقليات في العراق مستمر رغم بعض الهدوء لكن مثلا  مجرد تصريح من ملا عنتر يجعلك لاتنام الليل ولايظهر لك صباحاَ . أو تصرف من مراهق وشقي غير مقبول البتة في السويد بحرق كتاب مقدس يجعلك في نفق مظلم  وقلق دائم لان جوارك الاكثرية من غير معتقدك  وتجربة سنجار شاهدة ! والاقليات ليست السبب في كل هذا لكنهم دوما وقودها .

وكما قيل {– يمكن للحكومة ان تتواجد بسهولة دون قوانين …ولكن القانون لايمكن ان يوجد بلا حكومة – } فماذا عن قوانيين  عدة فصائل وميليشات واصبحت حكومات !!! . ولو نظرنا الى واقع الاقليات العراقية منذ ألآف السنين ونشاهد خرائط التواجد التاريخية على الارض نشعر بالاصالة والانتماء والتمسك الحقيقي  بالوطن يصعب الفكاك منه .. لكن يوما بعد يوم تُحارب ويضيق بك الخناق ، واصبحنا كما قال يسوع { دع الموتى يدفنون موتاهم ) .

واذكر زارنا  وفد اممي  بعد تحرير بعشيقة من منظمة حقوق الانسان ممثلا عنهم مندوب مكتب بغداد ومسؤول من المكتب الرئيسي  لحقوق الانسان في جنيف وممثل من المفوضية السامية لحقوق الانسان في نيويورك وقام مسؤول الوفد  يتحدث عن الانسانية ومالها وماعليها ، وبصراحة حضروا بامر لايقدم ولايؤخر لكنه ضيف يكسر الخواطر بناعم الكلام ، وبدوري وعلى جنب سألت مسؤول الوفد بوجود المترجم هل تستطيعون الحفاظ علينا كمكون ايزيدي في العراق بعد هذه الاحداث وبعد ان غادرونا وسبقونا بالهجرة من العراق اليهود والصابئة والمسيحيين فاجاب !! اي نعمل ، ورأيته  جواب نفي لااكثر !! وانه جاء ليسجل زيارة ويأخذ ايفاد ويقدم تقرير ايجابي رغم سلبية ماشاهده !!.

 التغيير الديموغرافي في سهل نينوى قائم على قدم وساق بافراغه من سكانه الاصليين حيث كل جهة وقوة تحكم سهل نينوى تحدث تغييرا لصالحا سابقا واليوم ومستقبلا ، لقد حسم الاخوة المسيحيون امرهم بمغادرة البلد وبقى غيرهم ينتظر نحبه!! واكثر الخاسرين هو المكون الايزيدي  الذي لازالت مدنه مهملة ومُخربه ونسائه واطفاله اسرى وسبايا  لدى داعش والغريب اختفاء الارهاب وداعش من الواجهة موقتا لكن القلق واليأس والخوف لن يغادر اهالي سهل نينوى الذي فقدوا كل شئ ولم يعد شيئا اخر ينتظرهم في حال وارض مريضة لاجدوى من شفائها….

 ….واخرالكلام ل  للروائي الكندي يان مارتل يقول :-

(يهاجر الناس بسبب تفاقم القلق بسبب الاحساس المقيت بانه مهما عملوا بجد فلن يأتيهم بنتيجة وان مايعمرونه في سنة قد يدمره الاخرون في يوم ، وبسبب احساس بان المستقبل مقفل ، وانهم وان دبروا امورهم فلن يتمكنوا من تدبير امور اطفالهم بسبب الاحساس بنا شيئا لن يتغير وأن السعادة والازدهار فقط في مكان آخر ) .والامل بالله كبير وهو يعطينا الجوز لكنه لايُقشرها  لنا .

يوليو / 2023م