المثقف في انتاج التصورات والرؤى- بقلم زيد محمود علي

هنالك حدود لمصطلح الثقافة والمثقف ، حيث عرفت منظمة اليونسكو بأن الثقافة هي جميع السمات الروحية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعا” بعينه ، أو فئة اجتماعية بعينها ، وهي تشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة ، كما تشمل الحقوق الاساسية للإنسان ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات . والثقافة هي التي تمنح الإنسان قدرته على التفكير في ذاته ، وهي التي تجعل منه كائنا” يتميز بالإنسانية المتمثلة في العقلانية والقدرة على النقد والالتزام الأخلاقي . وأما المثقف هو الذي يبدع ويخلق ويمثل دورا” في ربط الثقافة بالواقع الفكري والسياسي والاجتماعي . وهنالك مسألة للمثقف الذي يجعله ان يكون في مكانه الحقيقي ، اي مانقصده هنا ليس فقط من يلاحق الأحداث الثقافية ، ويجتهد في متابعة الحركة الثقافية المحلية والعالمية ، وإنما هو ذلك الذي يمتلك قدرة على التفكير ، واستنباط الأفكار ، وإنتاج التصورات والرؤى . وهذا لايتأتى إلا بتمتين القدرات الذهنية والسعي نحو تقوية البنية التفكيرية ، بحيث تؤهل الانسان على انتاج وتطوير المعارف ورفد الواقع بالمزيد من البصائر والآفاق الجديدة . اي بالمعنى الاكثر هو ان يتمكن من توظيف المعلومات والأرقام في سبيل صناعة فكرة جديدة .. ولكن تبقى ماهي صلة العلاقة التي تربط الانسان لدائرة المثقفين ، فأن اهم شيء الحب والرغبة في اكتساب المعرفة وتعميق قيم العلم في الذات وفي محيطه . والمثقف اليوم يمتلك النقد بأعتباره السلاح المتاح لديه فأن الكثيرين من المؤسسات والدوائر تخاف هذا النقد ومرات تعتبره سلاح للهدم ، ولكن في واقع الحال ان النقد عامل مساعد في فتح آفاق جديدة في مجال التقدم وتطور المجتمعات ولا يجب النظر اليه من منظور سلبي وهو التخريب والغزو الثقافي ، فينبغي علينا أن نفتح صدورنا وعقولنا للأنشطة الفكرية المتجهة إلى نقد الثقافة السائدة حتى نستفيد من تجاربها وأفكارها والأفاق التي اقتحمها بالبحث والدراسة والتمحيص . والابتعاد عن المواقف المتشنجة والسلبية من عملية النقد الثقافي الجاد ، لكونه يؤدي ذلك الى إلى اضطراب الحياة الثقافية والاجتماعية . لأن الدخول في معارك وهمية يشتت الجهود ويبعثر الطاقات الخلاقة في ميدان البناء والتطور .