حرق الإنسانية- عصمت شاهين دوسكي

 

دائما كانت دول أوربا عناوين مميزة للحرية والفكر الحر والتعبير الحر والناس تلجأ إليها لوجود الحرية والعدل والمساواة والحياة البعيدة عن المساس بالكرامة والذل والإهانة إلى أن وصلت إلى حرية اللوطية والمثلية والدعارة العلنية ولها أعلام تشير إليها وقوانين يمنع الاقتراب منها وتجمعات خاصة بهم وغيرها من الحريات المباحة التي تحرق الإنسانية ،وبعيدا عن التحيز والعنصرية والقيدية والطائفية تجلت في الآونة الأخيرة حرق القرآن بشكل علني وأمام الملأ والعدسات الإعلامية وبحماية خاصة من الشرطة الدولية ، وكأن هذا العمل شيء عادي ،أصبح ليس غريبا بين فترة وأخرى نرى على القنوات العالمية والعربية مثل هذه المشاهد التي تستفز مشاعر ملياري مسلم بحرق نسخة من المصحف الشريف  مثلما حصل عند مسجد ستوكهولم المركزي في السويد بعد صلاة عيد الأضحى المبارك. وأدانت الكثير من الدول العربية لهذا الفعل الغير الإنساني في ظل هذه الأعمال البغيضة والمتكررة لا يمكن قبولها بأي مبررات، وهي تحرض بوضوح على الكراهية والإقصاء والعنصرية، وتتناقض بشكل مباشر مع الجهود الدولية الساعية لنشر قيم التسامح والاعتدال والمحبة والسلام والتآخي ونبذ التطرف والعنصرية ، وتضعف الاحترام المتبادل الضروري للعلاقات بين الشعوب والدول ويتنافى مع قيم احترام الآخر ومقدساته، ويؤجج من مشاعر الكراهية بين الشعوب التي تعتبر جرائم ازدراء الأديان في بعض الدول الأوروبية والتي تجسد ممارسات بغيضة تمس الثوابت والمعتقدات الدينية للمسلمين وهي  إساءة للشعوب الغربية نفسها التي طالما تباهت وأعلنت استمرارا باحتضان التنوع واحترام معتقدات الآخرين والمساواة وحماية الأديان وحقوق معتنقيها وهذا الفعل يفتح أبوابا كثيرة للتعجب والتساؤل، يعتبر دعوة صريحة للعداء والعنف والحقد والكراهية وإشعال الفتن، وهو ما لا يليق بأي دولة متحضرة أو مسؤولة عن قراراتها ومع كل هذه الأفكار والآراء حرق القرآن لا ينهي الإسلام في أي مكان في العالم ليس كلامي بل كلام الله سبحانه وتعالى يقول : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ  (.سورة الصف ” 8 ” . إن السويد دولة يعيش المواطن فيها بالرخاء والعيش الكريم والحرية التي تجلت بلا حدود ، والدخل الفردي العالي، والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق الحيوان ، وملاذا جميلا للفارين من بلدانهم كل هذا صحيح، لكن هل حرق القران الكريم أيضا يعد حقا من حقوق الإنسانية ..؟ هل صناعة الحروب والأزمات والكوارث تفعل هذه الأحداث ؟ هل الهجرة والتشرد والفرق بين الوطن الجريح والملاذ واللجوء الآمن يهيأ هذه الأفعال أم الفقر والجهل والفساد ..؟ قد يتساءل الفرد من وراء هذه الحركات التي تمس المقدسات الإسلامية ..؟ من وراء إشعال الفتنة وحرق الإنسانية ..؟ وهل يدل هذا الفعل إن الغرب وصل إلى الحضيض الفكري والأخلاقي والإنساني رغم كل التطور والتقنيات والصناعات ..؟ هل نزع قناع المساواة وإظهار التفرقة والتصريح بالحقد والكره للديانات حرية ؟ فليرى الداني والقاصي الوجه الحقيقي لهم .. أم هو باب علني لدخول الغرب للإسلام  حينما يدرك المواطن الغربي الأوربي خوف حكوماتهم من هذا الكتاب المقدس .. الذي لا يحرق الإنسانية بل يرتقي بالإنسانية ..؟ ومحافظ عليه  لقوله تعالى: (( إِنَّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )) (الحجر:10 )  أسئلة تجلت في ظل هذه الأحداث ربما أجوبتها واضحة عند بعض الناس ومنها أجوبة غامضة ستكشفها الأيام .      .

2 Comments on “حرق الإنسانية- عصمت شاهين دوسكي”

  1. يا استاذ الكريم كان من افضل أن تنشر مثالك هذا ضد العرب و الفرس و الترك و أليس هم المسلمين و أليس هم يقتلون الشعب الكوردي بإسم الدين واليس هم يغتصبون البنات و الشباب ونساء وأطفال الكورد بسم الدين و أليس هم يحللون الدم الكوردي بإسم الدين . فكفاك انت و أمثالك المقالات كهذا . و

  2. الأخ الأستاذ عصمت دوسكي المحترم،
    لست معارضا لإستنكارك لأعمال الإعتداء على مقدسات وشعارات الحضارات أيا كانت.
    أما الإسهاب في كيل المديح للحرية والديمقراطية والعدل والمساواة…لما تتميز به الدول الأوربية – وهنا أعتقد أنك تخص الغربية منها – فأنني أرى فيه أريحية قلما قرأت أو سمعت لأوربي يصف نظام الحكم في بلده بمثل هذه الخصال شبه المطلقة التي بدأت خطابك المذكور بها.
    رغم كل الإحترام لكل القوانين المكتوبة والشعارات التي تطرح والمبادئ التي تتكرر في أروقات السلطات لهذه الدول تباهيا بالديمقراطية والحريات واحترام حقوق الإنسان، فإن كل تلك التي وصفت فيها سياسات تلك البلدان تبقى في أغلب الأحيان محصورة في مواطني ذلك البلد وعلى أرضه. أما الهامش من الديمقراطية والحرية – التي جاءت في مقالك – الذي ننعم به نحن المغتربون والمهاجرين في البلدان الأوربية الغربية فإنه محاصر من عدة جهات تتحكم فيها مصالحها الإقتصادية والسسياسية والجيو-ستراجية.
    ودون أن أتطرق إلى قضيتنا كشعب حيث كان لأطماع تلك الدول – منذ مئات السنين – وحتى يومنا هذا دور أساسي
    فيما آل إليه حالنا من معاناة تزداد عمقا يوما بعد يوم استطرادا لسياسات هذه الدول التي وضعتم على رأسها إكليلا من الغار لم يستحقونه.
    أرجو أن نعي الحقيقة وأن نقيس الأمور بميزاننا -كما تفعل جميع الشعوب -وليس بقبان الأخرين.
    ودمت، مع الإحترام.

Comments are closed.