ما يحدث في إسرائيل أسبابه ومألاته والدروس التي يجب الإستخلاص منه – بيار روباري

 

قبل الدخول في تفاصيل الموضوع، أرى من المناسب إعطاء خلفية تاريخية موجزة حوال أصل الشعب اليهودي والفلسطيني، لأن الكثيرين لا يعلمون هذه الخلفية التاريخية، والذين يعلمونها يقفذون فوقها لأسباب عديدة.

اليهود:

هم قبيلة كنعانية، والكنعانيين هم أول مجموعة سامية وفدت من اليمن وقسم منها قدمت من إريتريا حسب المؤرخ الإغريقي – اليوناني “هيرودوت”، حوالي العام (3500) قبل الميلاد، وغزت جنوب غرب بلاد الخوريين، وإستوطنوا في المنطقة التي يقطنوها حاليآ مع الفلسطينيين.

الفلسطينيين:

كانوا جزءً من مجموعة شعوب البحر وأصلهم من جنوب أوروبا، غزوا الدولة الهيتية والمصرية في العصر البرونزي المتأخر حوالي (1200-900) قبل الميلاد، وحرقوا كل شيئ في طريقهم ودمروه، بمعنى كانوا همجآ لا يقلون توحشآ عن القريشيين المسلمين الذين غزوا كردستان، وخير دليل على ذلك حرق مدينة “هتوشتا” عاصمة الهيتيين الأولى.

هذه الخلفية التاريخية كانت لفضح أكاذيب وأضاليل الطرفين، وإطلاع القارئ مدى حجم التدليس والكذب والتزوير الذي يتم تسويقه  على أنه حقيقة تاريخية!!!

 

والأن عودة لما يحدث في إسرائيل اليوم، منذ تشكيل الحكومة الحالية برئاسة “نتنياهو” وقرارها بتقليص صلاحيات المحكمة العليا الإسرائيلية. ما تشهده إسرائيل من شرخ عامودي في المجتمع والمظاهرات اليومية والتي تشمل قطاعات واسعة من الشعب الإسرائيلي ومن ضمنها قوى الأمن الداخيلية والجيش والمخابرات هذا إضافة لأحزاب المعارضة ليس وليد اليوم، وإنما يعود ذلك إلى نشأة الدولة الإسرائيلية المصطنعة قبل (75) عامآ من الأن، نشأتها لا تختلف بشيئ عن نشأة الكيان التركي اللعين والسوري، والعراقي والإيراني.

ويتحمل مسؤولية ما يحدث حاليآ في إسرائيلي، القيادات السياسية الإسرائلية بدءً من مؤسس الدولة “بن غورين وحتى “نتنياهو” رئيس الوزراء الحالي، ومعهم الإدارات الأميركية المتعاقبة بسبب تغاضيها عن كل ذلك، وتتبجحها والقول: أن إسرائيل دولة ديمقراطية، كما تقول اليوم ذات الشيئ عن تركيا!!! كيف يمكن لدولة ما أن تكون ديمقراطية، وفي ذات الوقت تستعبد شعب أخر، وتتعامل معه بالرصاص وتنكر وجوده؟؟

 

أسباب ما يحدث في إسرائيل:

هناك أسباب عديدة في الحقيقة، ولكن سنلخصها في عدة نقاط ومن أهمها:

1- تغذية هذا الكيان بالحقد والكراهية وإنكار وجود الأخر أي الفلسطينين، وبهذا نما جيل يكره كل إنسان مخالف لهم في الدين والقومية.

إن تغذية الناس على (24) ساعة بالكره والحقد على الأخر وإحلال دمائه، تمامآ مثلما فعلت زمرة اللقيط “مصطفى كمال” ضد أبناء الشعب الكردي في شمال كردستان على (100) مئة عام. نتيجة هذه التغذية الشريرة والخطرة للغاية، تكونت مجموعة كبيرة من العنصرين والمتطرفين، وباتوا يشكلون خطرآ على إسرائيل نفسها كمجتمع ودولة.

هذا الغول العنصري والمتطرف سحق في طريقه القوى العلمانية واليسارية والليبرالية سواءً أكان في تركيا أو إسرائيل. ولهذا تراجع حزب العمل مؤسس الدولة الإسرائيلية والليبراليين، والذي يحدث اليوم في إسرائيل هو نتيجة هذا النفخ الخطير في عقول الشباب والطلاب على مدى (75) عامآ، وشحن مشاعرهم الدينية والقومية.

2- عدم فصل الدولة عن الدين، وعدم الفصل بين إسرائيل كدولة والهوية الدينية للشعب اليهودي، لأن هناك غير اليهود يعيشون في إسرائيل مثل الفلسطينيين والدروز والروس.

3- التمييز بين اليهود الغربيين والشرقيين واليهود السود.

4- فساد الطبقة السياسية الإسرائيلية.

5- عدم منع الأفراد من الترشح للمناصب العليا والمتوسطة في الدولة أكثر من مرتين.

6- رغبة اليمين الإسرئيلي المتطرف بتحويل إسرائيل إلى دولة دينية شبيهة بدولة طالبان في أفغنستان.

7- إنتهازية السياسيين الإسرائيليين الذين ظلوا يجاملون المتطرفين والمستوطنيين لكسب أصواتهم في الإنتخابات، مما فتح المجال لهؤلاء المتطرفين الوصول إلى الحكم والسعي الأن وضع يدهم على الدولة.

8- إنتهازية القوى اليسارية الإسرائيلية مثل حزب العمل المنتهي عمليآ، وعدم إتباعهم سياسة متشددة ضد المتدينيين اليهود، وعدم حل القضية الفلسطينية حلآ سلميآ، وفق القرارات الأممية وإتفقات اوسلو خوفآ من هؤلاء الزعران والمجرمين.

9- عسكرة الدولة.

10- السماح بتكوين الأحزاب الدينية المقرفة والخطرة.

11- السماح بتشكيل منظمات عنصرية ومسلحة مثل هاغانا.

12- إطلاق يد المستوطنيين ضد الفلسطينيين.

13- إعفاء المتدينيين من الخدمة الإلزامية ودعمهم ماليين.

14- السماح للمتديين اليهود بإمتلاك مدارس خاص بهم، وغياب راقبة الدولة على تلك المدارس.

15- إعطاء المتدينين اليهود مجال واسع في الإعلام.

16- رغبة نتنياهو الإفلات من المحاكمة مستقبلآ وبرأي هذا الشخص أكبر خطر على إسرائيلي.

 

مألات ما يحدث في إسرائيل:

1- أن يتراجع نتنياهو عن مشروعه البغيض ألا وهو بتقليص صلاحيات المحكمة العليا، تحت ضغط الشارع والمعارضة الرسمية والولايات المتحدة ويهود المهجر الأمريكي “إيبك”.

2- مضي التحالف الحاكم الحالي في إسرائيل بمشروعه، وإنفجار الوضع الداخلي الإسرائيلي وإصتادم الطرفين في الشارع. وهذا يعنى إندلاع حرب أهلية في البلد وهذا خطير للغاية ويعني نهاية الدولة.

3- التوصل إلى حل وسط بين الطرفين أي الحكومة والمعارضة، وإنهاء هذا الوضع المأزوم والخطير في نفس الوقت.

 

قناعتي إن المجتمع الإسرائيلي مجتمع حي، والمعارضيين يدركون خطورة الوضع الداخلي الحالي في وهم: اليسار، الليبراليين، المجتمع المدني، اليمين الكلاسيكي، حركة الخضر، حركة السلام، ويدعمهم يهود المهجر وخاصة يهود أمريكا والحكومات الغربية والإعلام الغربي، ولا أظن أنهم سيسمحون بوصول الإمور إلى الصدام المسلح بين الطرفين لأنهم يدركون تمام الإدراك عواقب ذلك. وفوق ذلك إن المؤسسة الأمنية والعسكرية، بقناعتي لن تسمحا لأي طرف من الطرفيين جر البلد إلى مثل هذا المستنقع الدموي، ولكن لا يمكن أحد أن يضمن الوضع 100% مئة بالمئة.

 

الدروس التي يمكن الإستخلاص من ما يحدث في إسرائيل حاليآ:

1- على المواطن أن لا يكون سلبيآ ويصمت على تجاوزات السلطة، ويقول ليس لي علاقة بالسياسة.

2- السياسة جزء من حيتنا كمواطنين جميعآ، لأنها تدخل في الإقتصاد والصحة والتعليم والأمن وكل شيئ.

3- أهم ركن في الدولة الحديثة هو القانون والقضاء والعدل.

4- السلطة ليست إلهآ كي لا يخرج عليها، الخروج على الحاكم ضرورة، إذا أراد زعزعة أركان الدولة حتى لو كان منتخبآ.

5- مصلحة الدولة ومصير الشعب، أهم من أي حزب لا بل من كل الأحزاب وأي سياسي مهما علا شأنه.

6- إعتبار التظاهر السلمي والتجمع حق مقدس للمواطنين، ويجب عدم التفريط به تحت أي ظرف كان.

7- على عناصر الجيش والخابرات والشرطة المدنية إنضمام أن تكون إلى جانب شعبها وأن ينحازوا للقانون والدستور والشعب لا للحاكم.

8- تحريم قتل المتظاهرين السلمين وإطلاق الرصاص الحي عليهم، أو وزجهم في السجون والمعتقلات وتصفيتهم بتهمة الخيانة والإساءة لذات رئيس الدولة على الطريقة الأسدية.

في الختام، على أبناء الشعب الكردي التعلم من الإسرائليين الذين خرجوا إلى الشوارع بمئات الألف رجالآ ونساء، وعلى مدى الأسابيع الماضية، بكل فئاتهم ما عدا الإنتهازيين والمتطرفيين، ويطالبون بوقف مشروع تحديد صلاحيات المحكمة العليا، ويرفعون شعارات ضد الحكومة المنتخبة يقولون:

لا .. لا. ويسخرون من رئيس الوزراء ويتهمونه بالفساد والكذب ولم يقتل شخص ولم أحد بالخيانة والعمالة على الطريقة البرزانية والأسدية.

عليكم أن تتخلصوا من عبودية الأفراد وتتخلون عن مهنة التطبيل والتزمير للقيادات والزعامات الكردية حتى لو كان بينهم قديس. فالتطبيل والتزمير والتصفيق يجعلان من القديس إبليس، ويحولونه إلى مستبدٍ وفاسد وطاغية. نحن خالكرد لقنا لنعيش أحرارآ وبكرامة كبقية الأمم الحرة في العالم، ولم نخلق للتصفيق والعيش كالعبيد. هذه هي رسالتي لكم والبريد من هذا المقال العتيد.

 

28 – 07 – 2023