الديمقراطية والعِلم جعلتا من الهند إحدى الدول الرائدة- بيار روباري

 

الهند هذا البلد الكبير والأول بشريآ، نهضته العلمية والإقتصادية فريدة من نوعها ولا تشبه أي تجربة أخرى في العالم. النظام السياسي الديمقراطي أمن لهذا البلد الكبير الإستقرار إلى حدٍ كبير، رغم التعدد والتنوع العرقي، الديني، اللغوي، الثقافي الذي يتشكل منه الهند، ورغم كافة المشاكل الحدودية مع العديد من دول الجوار. ولولا هذه الديمقراطية لما تمكنت الهند من بناء بنية علمية ضخمة، وخاصة في مجال التكنالوجيا الرقمية، والتي تضاهي مثيلاتها في الغرب والشرق.

القيادات السياسية الهندية ما بعد الإستقلال أدركت أن لا خلاص لبلدهم سوى ثورة علمية حتى تخرجها من فم الجهل والتخلف والفقر المدقع. بمعنى إن هذه القيادات شخصوا مرض بلدهم وتوصلوا إلى قناعة راسخة أنهم أمام تحدي كبير وهو: إما الموت جوعآ أو أن ينجحوا في خطتهم وينقذون بلدهم وشعبهم من براثن التخلف والمرض والجهل، وكي لا يتحولوا إلى متسولين على أبواب الدول الأخرى. وإتفقت جميع القوى السياسية على ذلك، ولذلك عندما تغيرت الحكومات لم يتغير النهج، وإمتلكوا فعلآ الإرادة والعزيمة وقبلوا التحدي ونحجوا فيه. وخير دليل على نجاح الهند في نهضتها هو:

1- تحول الهند من بلد فقير إلى خامس أقوى إقتصاد في العالم متجاوزة بذلك بريطانيا وفرنسا، وجميع التقديرات تقول، إنها ستصبح في العام (2050) القوى الإقتصادية الثالثة عالميآ بعد الصين وأمريكا.

حيث تجاوز حجم إقتصادها (3.386) ثلاثة تريليونات وثلاثمئة وستة وثمانين مليار دولار في العام الماضي.

2- نزول المركبة الهندية “تشاندرايان-3” على سطح القمر بسلام يوم الأربعاء أي البارحة المصادف  (23-08-2023) الغير مأهولة، وتحدث رئيس الوزراء الهندي “ناريندرا مودي” عن هذا النزول من جنوب أفريقيا أثناء مشاركته في قمة دول بريكس قائلآ:

أنه يوم تاريخي لأكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان، وأول دولة تُنزل مركبة فضائية بالقرب من القطب الجنوبي الجار الأقرب للأرض“.

الهند لم يعد ذاك البلد، الذي يضرب فيه المثل إذا تعلق الأمر بالفقر والأمية، لم تعد الهند ذاك البلد الذي كنا نشاهد قطاراته المهترية وهي تحمل الألف من البشر على ظهرها، ويتساقط منها ويموتون!!

الهند اليوم تخصص أكثر من 10% من إجمالي الإنفاق الحكومي على البحث العلمي والتطوير التقني، وأصبحت تخرج سنويآ أكثر من (200) باحث من كل مليون إنسان، وهي نسبة قليلة إذا ما قورنت بعدد الباحثين في الولايات المتحدة الأمريكية التي تخرج سنويآ ما يقارب (4650) عالمآ وباحثآ من كل مليون إنسان. هذا الفارق سببه نسبة الأمية والفقر المرتفعة في الهند. في المقابل نحن الكرد لا نخرج 1% من كل (10.000.000) ملايين إنسان كوردي، بفضل عصباتي البرزاني والطالبانية الإجراميتين، اللتان لا هم لهما سوى النهب والسلب وشراء القصور والعقارات في الخارج والداخل. ولن يكون الحال أفضل مع جماعة اوجلان الشمولية الملتهين بعبادة الصنم وفكر اوجلان الخزعبلاتي. هذا الثلاثي المرح يكرهون العلماء والباحثين والمفكرين والأدباء بشكل لا يصدق وخاصة الباحثين من ذوي الرأي الحر، ولي تجربة مريرة معهم وعلى مدى ثلاثين سنة.

اليوم دولة الهند هي ثاني أكبر مصدر للبرمجيات على مستوى العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، ويتم فيها تطوير نحو (40%) تقريباً من البرمجيات المستخدمة في الهواتف الخلوية على مستوى العالم. وكما تعتبر الهند المُصدر الأساسي للمبرمجين ومهندسي الحاسوب، فقد عينت شركة گوگل العالم الهندي “سوندار بيشاي” رئيساً تنفيذياً للشركة منذ العام (2019) ومستمر لليوم، وتقدر قيمة صادرات الهند من قطاع التكنولوجيا وخاصة تكنولوجيا المعلومات بأكثر من (80) ثمانين مليار دولار أمريكي في العام الواحد، وهذا الرقم يزداد سنويآ، ويمثل حوالي (8%) من إجمالي ناتج الدخل القومي لدولة الهند. هذا هو الذي كان قبل ثلاثين عامآ يتسول على باب الدول الأخرى. هذا عدا عن التكنالوجيا النووية التي يمتلكها الهند والخبرات الهائلة والكوادر المدربة.

الهنود كانوا مثلنا نحن الكرد محتلين ومتخلفين عن ركب الحضارة، ولديهم تنقضات داخلية تفوق ما لدينا من تنقضات بمئة مرة وأكثر. وقاموا بثورة سلمية ضد المحتليين الإنكليز بقيادة زعيمهم “مهاتما غاندي” كان شبه عاري ويمشي حافيآ بخلاف جميع قادة الكرد الزعران، الذين كان همهم الوحيد المنصب والجاه وحديثآ أضافوا إلى ذلك عبادة الفرد والنهب والسلب والسرقة وإستعباد الكورد ومحاربة كل كوردي حر وصاحب رأي.

إنظروا كيف تحرر الهنود وتقدموا، بصبر وجلدٍ وعزيمة وبعيدآ عن العنجهية والزعرنة والخزعبلات و أين نحن الكورد!!!

القيادات الكردية بعد (100) مئة عام، لم يستطعوا الإتفاق على علم وطني، فكل أزعر صنع علمآ خاصآ به وأبجدية أيضآ، وكل رئيس حزب يرفض الإعتراف بالأخرين وببقية القوى الكوردية، ويعتبر نفسه مالكآ للشعب الكردي ومستقبله وأملاكه لا بل حتى أرواحهم. إن هذا الوضع المزري الذي يعيشه الشعب الكوردي لا يمكن تحميله فقط للمحتلين لأرض كوردستان، هذا كذب وتدليس وتبريرآ لفشل تلك القيادات البائسة.

خذوا إقليم جنوب كوردستان والوضع التقسيمي الشيطاني الذي أوصلوه إليه عائلتي البرزاني والطالباني الإنتهازيتين المجرمتين. فلدينا مزرعة الطالباني ومزرعة البرزاني، والباقي يتقاسموه المجرمين الشيعة والمحتلين الأتراك الأوغاد.

كم تنفق المشيخة البرزانية على البحث العلمي والأكاديمي من دخل المشيخة؟؟ (0) صفر بالمئة وإبحثوا في المعلومات إن شئتم. ونفس الشيئ ينطبق على المشيخة الطالبانية الحقيرة. بينما حمايات أفراد عصابة البرزاني تكلف المليارات من الدولارات سنويآ، وأضف إلى ذلك المليارات التي تصرف لحمايات أفراد عائلة الطالباني وإجمعهما مع بعض ستحصل على أرقام مهولة، وفي المقابل العالم والباحث الكردي في جنوب كوردستان لا يجد قوته يومه!! هاتين العصابتين أعداء للعلم والعلماء والمفكرين الأحرار، وكل ما يفعلونه هو نهب أموال الشعب الكوردي وصرفها على محطات تلفزيونية، تقوم بتلميع وجوههم القبيحة وعلى شبيحتهم (بيشمركة) والعاهرات والمخدرات والتعريص.

الخلاصة، بالعلم تنهض الأمم وتبنى الحضارات وخير دليل على ذلك النهضة الأوروبية، النهضة الهندية إضافة إلى النهضة اليابانية، ولهذا دمر محتلي كوردستان التعليم، ومنعوا فتح المدارس وتعليم أبناء الكرد بلغتهم الكوردية في عموم قرى ومدن كوردستان، كي يبقى الكورد متخلفين وجهلة وإميين، ولكنهم في المقابل زادوا في عدد المساجد كما يفعل الأن المسخ مسعود البرزاني وزمرته الإجرامية داخل مشيخته في جنوب كوردستان، تمامآ كما يفعل سيده الوغد أردوغان في شمال كوردستان، إضافة للمناطق التي إحتلتها تركيا من غرب كوردستان مثل أفرين، أزاز، الباب، گرگاميش، گريه سبي، سريه كانية، .. إلخ.

وختامآ، أحيي جهد العلماء والباحثين الهنود وعدم يأسهم بعد فشل أول محاولة قاموا بها بإرسال مركبة فضائية للقمر، ولم يتراجعوا عن مشروعهم الفضائي وأصروا على المضي قدمآ وإعادوا التجربة وكلهم إيمان بالنجاح، وهذا هو الذي أوصلهم للقمر البارحة كرابع دولة في العالم وبجهدها الذاتي، ومن هنا يستحقون كل التحية والتقدير، وفي المقابل كل الخزي والعار لقادة الكورد وبشكل خاص قادة جنوب كوردستان.

 

24 – 08 – 2023