ماضي النظام الايراني وحاضره وجهان لعملة واحدة- منى سالم الجبوري

 

عام 2023، الذي کان عاما حافلا ومليئا بالانتکاسات وتردي الاوضاع، لم يمر سريعا على النظام الايراني أبدا بل مر بطيئا و ثقيلا جدا عليه بحيث واجه مصاعب وأزمات ومشاکل جمة لم يسبق له وأن صادف مثلها من قبل، إذ أن النظام قد فشل فشل ذريعا في تغيير المعادلة لصالحه وإنهاء الآثار والتداعيات السلبية المختلفة لإنتفاضة 16 سبتمبر2022، بل إن الذي صار واضحا وضوح الشمس في عز النهار هو إن عام 2023، کان عاما صعبا جدا بحيث إضطر النظام ‌ن يقوم بواحدة من أکبر مناوراته السياسية على صعيدي المنطقة والعالم والتي لم تحقق لحد الان أي من نتائجها المنتظرة کما إنه کان أيضا العام الذي شهد أکبر مخطط تآمري ضد منظمة مجاهدي خلق على الصعيد الدولي والتي فشلت هي الاخرى في تحقيق أية نتيجة.

تصاعد الضغوط على النظام الايراني والذي لم يقف عند حد معين، ولاسيما وإنه وبسبب تدخلاته في المنطقة وبرامجه التسليحية والصاروخية والتضخم والفساد المستشري في کل مفاصل النظام، فإنه قد بدأت أزمة إقتصادية خانقة غير مسبوقة إنعکست على الاوضاع المعيشية بقوة بالاضافة الى الممارسات القمعية الدموية، وهو الامر الذي يوفر أسباب وعوامل إندلاع إنتفاضة شعبية أخرى من الممکن أن تکون أکبر من التي سبقتها بکثير، ولکن وإن کان العام 2023، يمضي سريعا نحو الانتهاء فإن ذلك لايعني أبدا بأن العام 2024 سيکون أفضل منه، بل وبحسب تقديرات وتوقعات کافة المراقبين والمحللين السياسيين، سيکون الاصعب بکثير من العام الذي سبقه، وقد تشهد مفاجئات صاعقة للنظام.

هل سيتمکن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية من تخطي عام نهايات هذا العام والعام2024،  والعبور بسلام الى الضفة الاخرى وتذليل کافة العراقيل والمعوقات التي تقف بوجهه؟ الاجابة على هذا السؤال مرتبطة بمسألة أخرى وهي هل إن هناك أمل للنظام بأن يحسن ظروفه وأوضاعه ويصنع المعجزة الاقتصادية والسياسية والفکرية والاجتماعية على حد سواء کي يرضي الشعب الايراني ويکسبه کله الى جانبه؟ بطبيعة الحال فإن مجرد النظر الى ماضي النظام وحاضره اللذين هما في الواقع وجهان لعملة واحدة، أي إنه وطوال ال44 عاما من حکم هذا النظام فإن الصورة والمشهد ذاته يتکرر لأنه يسير وفق نهج سياسي ـ فکري رفضه ويرفضه الشعب الايراني بقوة وإصرار والملاحظة المهمة جدا هنا التي يجب عدم تجاهلها هي إن الشعب الايراني لم يعد موقف الدفاع السلبي من النظام وإنه ومنذ إنتفاضة 28 ديسمبر2017، يسعى من خلال دخول المواجهة ضد النظام مع عزمه الراسخ على تغييره بأي ثمن کان، ووصول الامر الى إنتفاضة نوعية إستمرت لأشهر کما کان الحال مع إنتفاضة 16 سبتمبر2022، فإن الذي يجب أن ننتظره ونتوقعه هو إن العام القادم وفي ظل إستمرار الظروف والاوضاع السلبية الحالية من الممکن جدا أن يشهد الانتفاضة الحاسمة التي تضع النقاط على الحروف وتسدل الستار على هذا النظام الى الابد.