الطوفان القادم سيكون في تركيا وإيران معاقل الطغيان- بيار روباري

 

عندي إيمان راسخ وقاطع، بأن كل إحتلال ذائل ونهايته مزبلة التاريخ هو والقائمين عليه، ولنا في تجربة شعوب العالم خير دليلٍ وشاهدٍ على ذلك. شريطة أن يمتلك المحتل بلده الإرادة والعزيمة والإيمان، ولا يهادن المحتلين ويقاتل ولو بالدهس والسكين كما يفعل أهل فلسطين.

وقبل أن ندخل في صلب الموضوع الذي نحن بصدده، دعوني أن أطرح ثلاثة أسئلة وجيهة على أولئك السفهاء، الذين بيعوننا هذه الأيام إنسانيات رخيصة وممجوجة، ومن ضمنهم الزعماء الغربيين وبعض العربان والكورد للأسف، على حساب حقوق الشعوب التي ترزح تحت الإحتلال لليوم، ومن ضمنهم الشعب الكوردي، ويطالبون هذه الشعوب ومقاتليها بأن يكونوا راؤوفين بالمحتلين أثناء مقاومتهم لهم!!!!

السؤال الأول:

هل وجدتم إحتلالآ ومحتلين في التاريخ كانوا رؤوفين بمحتليهم وأطفالهم ونسائهم؟؟

الجواب: لا.

وأخر دليل على ذلك الإحتلال التركي لمنطقة أفرين الكوردية قبل خمسة سنوات، ولم يسلم من شر

المحتلين الأتراك والجماعات السوركية حتى الشجر والحجر.

السؤال الثاني:

إذا حل حزب العمال الكوردستاني (ب ك ك) وحركة حماس نفسيهما، هل ستمنح تركيا وايران وسوريا الشعب الكوردي حقوقه القومية وبما في ذلك إقامة دولته المستقلة أو فيدرالية؟؟ وهل ستمنح إسرائيل الشعب الفلسطيني حقوقه بما ذلك إقامة دولته المستقلة؟؟

الجواب: لا.

لو كانت تركيا جادة، لمنحت الشعب الكوردي حقوقه القومية، عقب إنهيار الدولة العثمانية مباشرة ولم تتأمر مع الغربين وحرموا الكورد من إقامة دولتهم إسوة ببقية الشعوب، أو عقب حرب التحرير التي شارك فيها الكورد بقوة، بناءً على إتفاق مكتوبة بين الطرفين، التي نصت على بناء دولة للشعبين، ولكن بعد التحرير لحس الوضيع أتاتورك توقيعه وقال: “شعب واحد وعلم واحد وبلد واحد”. أي لا وجود للشعب للكوردي، وهذا ما يردده الحكومات التركية المتعاقبة منذ العام (1923) وحتى اليوم. إذآ العقبة لا تكمن في حزب العمال الكوردستاني، وإنما في دولة الإحتلال التركية الإجرامية. وكل من يحمل حزب العمال المسؤولية كذاب وبلا شرف.

الدولة الإسرائيلية أيضآ، لو كانت جادة فعلآ، في منح الشعب الفلسطيني حقوقه القومية وتحقيق السلام، لا إلتزمت بقرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة، وبقية القرارات الدولية وبنود إتفاقيات “اوسلو” التي وقعها “ياسر عرفات” ومع ذلك قتلته إسرائيل بالسم، رغم توقيعه إتفاقية سلام معهم وإعترافه بدولتهم!!!

إذا جعل حركة حماس هي المشكلة والعقبة محض أكاذيب. الإشكال يكمن في دولة إسرائيل المحتلة قولآ واحدآ.

السؤال الثالث:

هل رأيتم أو سمعتم بأن محتلآ رحل من تلقاء نفسه على مدى ألالاف السنين؟ بما فيهم المحتلين العرب المسلمين، الرومان، البيزنطيين، التتار، المغول، العثمانيين، الروس، السويديين، الفرنسيين، الإنكليز،

الفرس، الإسبان، البرتغاليين، الأتراك والإسرائليين؟؟

الجواب: لا.

لم ينسحب محتل واحد من الدول التي إحتلها في كل التاريخ، لا الكنعانيين ولا الأموريين، ولا الأكديين، ولا الفرس والمصريين، ولا الرومان والبيزنطيين، ولا العربان المسلمين، ولا الروس والتتار والمغول والعثمانيين، ولا الإنكليز والفرنسيين، ولا الأسبان والبرتغاليين، ولا الإيطاليين والهولنديين والبلجيكيين ولا سواهم.

لهذا لا مجال أمام الشعوب التي ترزح تحت الإحتلال كالشعب الكوردي والفلسطيني  والكشميري، سوى المقاومة وبسكل السبل والوسائل المتاحة والمجدية. وهذا حق مشروع لكل شعب يسعى للتحرر والحرية والإستقلال، وتهمة الإرهاب التي يهدد بها الغربيين، لا تعادل نعل حذاء طفل كوردي.

والأن دعونا نعود إلى صلب موضوعنا، الذي طرحناه في عنوان مقالنا هذا، وقلنا إن الطوفان القادم سيكون في تركيا وإيران معاقل الطغيان والشر وبقايا إمبراطوريات إستعمارية دموية وهمجية للغاية.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا تركيا وإيران؟؟ سؤال وجيه وفي محله دون شك. وجوابي عليه هو الأتي:

إسرائيل ليست الدولة الوحيدة المحتلة لأراضي الغير في هذه المنطقة، وتستعبد شعبآ أخر هو الشعب الفلسطيني. هناك دول سبقت دولة إسرائيل في إحتلال أراضي الغير وإستعبدت شعوبآ وليس شعبآ واحدآ فقط، ومن ضمنهم الشعب الكوردي ومنذ مئات الأعوام ولا يزالون يستعبدونه ويحتلون أرضه. وإذا كانت إسرائيل تستعبد (5) خمسة ملايين فلسطيني، فتركيا تستعبد أكثر من (40) أربعين مليون مواطن كوردي، وتحتل ثلث مساحة كوردستان تقريبآ، وايران بدورها تستعبد ما لا يقل عن (20) عشرين مليون إنسان كوردي، وتحتل ثلث مساحة كوردستان. ومساحة كوردستان الحالية وليست التاريخية تبلغ (600) الف كيلومتر مربع، أي (23) ثلاثة وعشرين ضعف مساحة فلسطين وإسرائيل معآ.

الجميع يتحدث عن الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، العربان والفرس والأتراك والغربيين، ولكنهم يصمتون صمت القبور عن الإحتلال الفارسي والعربي والتركي لكوردستان، وهذا هو النفاق بعينه. وخاصة من قبل العربان والفرس والأتراك، الذين يدينون الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وتشريد الفلسطينيين وقتلهم وإستعبادهم، وفي نفس الوقت يمارسون نفس الإجرام وأكثر بمئة (100) مرة بحق الشعب الكوردي منذ مئات الأعوام ويرفضون الإعتراف بهذا الشعب وكوردستان. وبكل وقاحة يطالبون إسرائيل بمنح الفلسطينيين حقوقهم القومية، وبما في ذلك إقامة دولة فلسطينية!!! وأنا ككردي مع حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة بما في ذلك الدولة، لأن ذلك من حقه.

لا يخفى على أحد، بأن الوضع الداخلي في كل من تركيا وايران يعيش على سفيح ساخٍ لا بل ساخ جدآ، والوضع في البلدين قابل للإنفجار في أي لحظة ورأينا ذلك في الأشهر والسنوات الماضية. ودعونا نلقي

الضوء على وضع كل بلد لحاله.

الوضع الداخلي التركي:

تركيا تعاني من أربعة قضايا أساسية هي:

1- القضية الكوردية:

منذ نشأة هذا الكيان اللقيط والمصطنع، يعاني من القضية الكوردية بسبب إنقلاب المقبور مصطفى كمال على الطرف الكوردي، الذي حارب معه في حرب الإستقلال، وتنكر لحقوق الشعب الكوردي في شمال كوردستان ولحس توقيعه.

وهكذا دخل الشعب الكوردي في صراع مرير مع الدولة التركية من أجل نيل حريته وإستقلاله. وهذا الصراع مستمر لليوم وهو أثخن وأكبر وأعمق وأكثر دموية، ولا علاقة لحزب العمال بنشأة الصراع.

وهذا الصراع كلف الشعب الكوردي لوحده أكثر من (100.000) مئة الف ضحية قتلتهم الدولة التركية بدم بارد، وشردت وهجرت الملايين من الكورد من ديارهم وبيوتهم عنوةً. والأن إذا قرر حزب العمال العودة عن قرار وقف إطلاق النار، والبدء بكل قوته ضرب الإقتصاد التركي، السياحة، قطاع الكهرباء قطاع النفط، المواصلات، قطاع المال ستفلس تركيا، وتعود تركيا إلى فترة التسعينات من القرن الماضي وسيطر المواطن من جديد حمل جوال عملة لشراء كيلو بطاطة. هذا عدا عن عودة الجنود الأتراك في التوابيت إلى أهاليهم إسبوعيآ بالعشرات إن لم يكن أكثر.

2- صراع العلمانيين مع الإسلاميين:

هناك إنقسام حاد داخل صفوف الذين يقولون أنهم أتراك، بين أيتام أتاتورك الذين يميلون للغرب والدولة العلمانية، والتيار الإسلامي الذي يقوده إخوان تركيا. وهناك صراع مرير بين الإخوان وحركة غولن الإسلامية. وهذه التيارات إن سنحت فرصة لإحدها ستقضي على الأخرى وتقوم بتصفيتها كليآ.

3- هناك صراع حاد بين العلويين والسنة، وهذا الصراع قابل للإنفجار في أي لحظة، وهناك رواسب تاريخية كثيرة تغزي هذا اللصراع والكراهية والحقد.

4- الإستبداد الذي يمارسه اردوغان وعصابته والفساد إضافة لقمع الحريات، وحالة الفقر والبطالة والتضخم، هذا إضافة لمشكلة ملايين اللاجئين، ورفض الإتحاد الأوروبي لعضوية تركيا في ناديها.

 

بالمختصر الوضع الداخلي التركي مأزوم جدآ، وهو مهيأ للإنفجار في أي لحظة، وتندلع مواجهات عنيفة بين الكورد والترك وتتحول لحرب قومية كوردية – تركية تلتهم الأخضر واليابس، بسبب غياب أي حل في الأفق. ثانيآ سجن معظم قادة الكورد السياسيين. ثالثآ التنكيل بالشعب الكوردي وإنكار هويته. رابعآ، قيام تركيا بإحتلال منطقة أفرين وغيرها من المناطق في غرب كوردستان، وتهجير ملايين من الكورد من ديارهم. خامسآ القصف اليومي للمدن والقرى الكوردية في غرب كوردستان وجنوبها وشمالها، وقتل أبناء الكورد يوميآ.

لهذا تركيا مهيأة لحدوث ع طوفان كوردي فيه بشمال كوردستان، يكون أكبر وأقسى من ذاك الذي قامت بها حركة حماس بسبب حجم الشعب الكوردي ومساحة الحركة. والظروف متشابهة في الحاالتين جدآ: “الإحتلال، القتل، التنكيل، الإذلال، الإهانات اليومية، السجناء، عمليات التهجير، هدم البيوت، الحصار، رفض منح الشعب الكوردي حقوقه، .. إلخ”. كلها عوامل تجعل من الشعب الكوردي أن ينفجر في وجه المحتل التركي الغاشم والمجرم. وبقناعتي هذا قادم ولكن متى ووالشكل والحجم لا أدري، ويجب إنها هذه المأساة التي يعيشها الشعب الكوردي نتيجة الإحتلال التركي البغيض، وإنهاء بقايا الإمبراطورية العثمانية وإلى الأبد.

 

الوضع الداخلي الإيراني:

الوضع الداخلي في ايران يغلي، وشاهدنا عدة ثورات في الفترة القريبة الماضية وشارك بها كل الشعوب المنضوية تحت لواء هذه الدولة القمعية والشريرة الغير شرعية، التي يحكمها ملالي الفرس الشيعة منذ أربعين عامآ بالحديد والنار. وأخر تلك الثورات كانت الثورة النسائية، التي أطلق شرارتها الفتاة الكوردية “جينا أميني”، التي قتلها الجهاز القمعي والوحشي التابع للملالي الفرس بسبب ظهور بعض خصلات شعرها.

ايران اليوم تعاني من عدة أزمات عميقة ومزمنة منها:

1- أزمة الشعوب والقوميات:

كما يعلم الجميع أن ايران مثل تركيا بقايا إمبراطورية، ومنذ سقوط الإمبراطورية الفارسية، لم تحل هذه الدولة اللقيطة، قضايا الشعوب ومنها قضية الشعب الكوردي في شرق كوردستان. وقمعت كل تطلعات الشعب الكوردي، وقضت على جمهورية كوردستان الديمقراطية بالتعاون مع بريطانيا وأمريكا، وغدر الروس.

2- رفض الشعوب الإيرانية لحكم الملالي والعمل على إسقاطه، وبناء دولة ديمقراطية فيدرالية، تفصل بين الدين والدولة.

3- التضخم، العزلة الدولية، الحصار، البطالة، الفقر، تفشي الجريمة.

4- تدخل نظام الملالي في شؤؤن دول المنطقة وزعزعة أمنها، وتغزية  الصراع المذهبي بين أبناء شعوبها، ودعم الجماعات الإرهابية والمتطرفة حول العالم.

5- سعي نظام الملالي إلى إمتلاك السلاح النووي على حساب لقمة عيش المواطنيين.

6- حالة القمع والتنكيل والقتل الوحشي، الذي يمارسه نظام الملالي الأفاعي بحق المعارضين له وفي مقدمتهم أبناء الشعب الكوردي.

 

كل هذه العوامل وغيرها الكثير، تجعل من وضع ايران الداخلي قابل للإنفجار في أي لحظة، وبسبب الإحتقان الشديد في شرق كوردستان، يمكن أن ينفجر الوضع هناك ويؤدي إلى طوفان كوردي مختلف عن طوفان غزة من حيث الشكل والإتساع والعمق. وبقناعتي هذا الطوفان قادم والظروف الداخلية تساعد ذلك، ويجب للتخلص من هذا النظام القاتل والإرهابي، والسماح للشعوب الإيرانية لنيل إستقلالها وشق طريقها وتعيش في سلام ووئام بجوار بعضها البعض، وإنهاء بقايا الإمبراطورية الفارسية وإلى الأبد.

إنظروا كل المشاكل في المنطقة، مصدرها دول محتلة وعلى رأس هذه الدول: إسرائيل، تركيا، ايران، روسيا، سوريا والعراق. هذا إضافة للإستبداد الذي يسود دول المنطقة برمتها منذ (100) مئة عام، وحالة الفقر وغياب العدالة الإجتماعية والحريات الفردية، وفساد الحكام ومن ضمنهم حكام جنوب كوردستان.

 

22 – 10 – 2023

3 Comments on “الطوفان القادم سيكون في تركيا وإيران معاقل الطغيان- بيار روباري”

  1. ** من ألأخر { ١:علة علل الكورد هو الاسلام الذي أخذ الكثير من أهله اليوم يتركونه بعد إكتشاف حقيقته وسلوك وأخلاق نبيه وأصحابه ؟ …٢: هل تعلم ياعزيزي أن قادة الكورد هم السبب في ترسيخ وبقاء دين الغزاة المسلمين في تركيا والمنطقة ، إذ ٱستخدمهم صلاح الدين الايوبي والعثمانيين كمرتزقة في حروبهم ولما انتهت مهامهم منهم إنقلبةا عليهم ؟ …٣: قول السيد المسيح كل مملكة تنقسم على ذاتها تهلك ، فكيف إذا كان قادتها عونا وعيونا لأعداء شعبهم ٤: وأخيرا: عجبي من أمة لم تزل تعشق دين غزاتها وجلاديها رغم ٱنكشاف حقيقته وحقيقتهم ، إذ لم يشفع لهم هذا الدين ولا أتباعه رغم إسلامهم ، سلام ؟

Comments are closed.