الشرق الأوسط على أعتاب مرحلة جديدة أثر حرب غزة- بيار روباري

لا شك، في أن حرب غزة الأخيرة تختلف كليآ عن سابقاتها من الحروب، من حيث قساوتها وبشاعتها وهمجيتها وأهدافها المعلنة والمخفية وتأثيرها، وضعت منطقة الشرق الأوسط على أعتاب مرحلة جديدة، لأسباب موضوعية كثيرة، وبغض النظر عن الكيفية التي ستنتهي بها هذه الحرب ومتى. وقبل الحديث عن سمات المرحلة الجديدة التي أشرنا إليها، دعونا أولآ نتوقف عند ما يميز هذه الحرب عن غيرها من الحروب، التي شهدها قطاع غزة بين المقاومين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي. ما يميز الحرب الحالية الدائرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي عدة أمور منها:

1- نقل المعركة لأول مرة إلى داخل إسرائيل، منذ نشأتها قبل (75) عام.

2- الصدمة التي أصيبت بها إسرائيل الرسمية والشعبية يوم (7) إكتوبر 2023.

3- الخسائر البشرية التي أصيبت به الدولة العبرية، على صعيد القتلى، الجرحى والأسرى يوم السابع من إكتوبر.

4- سقوط هيبة الجيش الإسرائيلي، وتبخر قوة ردعها، وفشل منظومتها الأمنية.

5- خسارة إسرائيل حرب العقول أمام الفلسطينيين إستخبارتيآ وتكنالوجيآ.

6- إهتزاز كيان الدولة الإسرائيلية من الجذور لأول مرة منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا.

7- هذه الحرب حملت سمات إقليمية منذ بدئها، والأن باتت تحمل سمات عالمية بعد دخول أمريكا الحرب بشكل مباشر.

8- فقدان إسرائيل لجزء كبير من سيادتها لصالح الإدارة الأمريكية والبنتاغون.

9- قدرة الطرف الفلسطيني في إقتحام الحواجز الإسرائيلية المعززة بالكميرات وجهاز الإنذار المبكر.

10- الرد الإسرائيلي الإنتقامي الهمجي وخاصة من المدنيين، ومنع الطعام والماء والكهرباء عن أهالي  القطاع وتدمير المستشفيات والبنية التحتية.

11- إعادة فرض القضية الفلسطينية على الأجندة الإسرائيلية والعربية والإقليمية والدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة.

12- إثبات الفلسطينيين لا سلام بدون حل قضيتهم، وأن القادة العرب العرصات ومعهم العرصة محمود عباس، لا يستطيعون أن يقرروا عن الشعب الفلسطيني ولا منحها الأمان عبر إتفاقيات الذل والعار التي عقدوها مع إسرائيل.

13- تخوف إسرائيل وأمريكا من توسع نطاق هذه الحرب، لتشمل جبهات أخرى وخاصة الجبهة اللبنانية وإنضمام حزب الله بكل قوته إلى الحرب.

14- القضاء على حلم إسرائيل في تسويق فكرة (السلام مقابل السلام) وترك القضية الفلسطينية تأكلها الزمن.

15- أثبتت هذه الحرب بشيئ لا يدع مجالآ للشك، إستحالة القفز فوق القضايا القومية كالقضية الفلسطينية والكوردية، والإعتتقاد بأن الزمن سيتكفل بذوبانها.

ومن أبرز سمات المرحلة الجديدة هو:

1- الوضع السابق الذي كان قائمآ بين الفلسطينيين والإسرائيليين قبل (7) السابع من شهر أكتوبر قد إنتهى ودون رجعة.

2- دفن اوسلو ومخلفاتها، ونهاية عباس وعصابته الفاسدة.

3- نهاية نتنياهو والعنصريين الذين يشاركونه الحكم وسياسة اليمين المتطرف في إسرائيل القاضية بدولة يهودية.

4- عودة أمريكا بقوة إلى الشرق الأوسط بشكل أقوى من السابق، والبقاء فيها لأجل طويلآ بهدف حماية إسرائيل، التي تبين أنها غير قادرة على العيش من دون الحماية الأمريكية العسكرية والمالية والسياسية

والدبلوماسية، رغم تبجح قادتها وعجرفتهم.

5- إسرائيل كدولة ومجتمع تغيروا كليآ، وأصبحوا أكثر تطرفآ وكراهية وحقدآ، وباتوا يقفون وجهآ لوجه مع سؤال حول بقاء كيانهم عقب طوفان الأقصى الذي نفذته حركة حماس في (7) السابع من شهر أكتوبر من هذا العام.

6- خسارة إسرائيل أهميتها السابقة، بعد فقدان الدول المطبعة معها الثقة بقوتها التي كانت تدعيه، بعد أن تبين أنها غير قادرة على أن تحمي نفسها.

7- المجتمعات العربية سترفض لإسرائيل أكثر بسبب قتل المدنيين في غزة ومحاولة تهجير الفلسطينيين من القطاع، رغم توقيع إسرائيل إتفاقيات السلام مع بعض قادة العربان الزبالة.

8- ولادة كيان فلسطيني ما بشكل من الأشكال.

9- زيادة صلابة الحركات التي تدعمها ايران وخاصة حزب الله والحركات الفلسطينية.

10- زيادة نفوذ ايران في المنطقة وروسيا على حساب إسرائيل.

11- الأوروبيين خرجوا من معادلة الشرق الأوسط بخفي حنين، نظرآ لموقفهم المنحاز لإسرائيل بشكل أعمى.

12- الكيان السوري سيتقرر مصيره بعد إنتهاء الحرب في غزة، ومعه سيتحدد مصير الطاغية بشار ونظامه المجرم. والكورد في غرب كوردستان عبر (قسد) سيكون لهم دورآ مهمآ في هذا المجال.

13- إشتداد الصراع بين ايران وأذرعها من جهة، وإسرائيل وأمريكا من جهة أخرى، ولكن كل ذلك بعد إنتهاء الحرب، ومجيئ إدارة أمريكية جديدة وإدارة إسرائيلية جديدة بدورها.

14- إنفتاح المجال أمام الشعب الكوردي لإعادة فرض قضيته على الأجندة التركية والفارسية والدولية.

في الختام، يمكننا القول بأن منطقة الشرق الأوسط تقف أمام عدة خيارات لالا بد من خوضها وإنتصار إحدها، لأن الوضع الراهن لم يعد قابلآ للتعايش وبات يهدد الجميع، ومن هذه الخيارات:

• إنتصار محور أمريكا وإسرائيل ومعهم المطبعين.
• إنتصار محور ايران وأذرعها في المنطقة ومن ضمنها حركة حماس والجهاد.
• التوصل إلى إتفاق نووي بين أمريكا وايران، ومعه يحلون القضية الفلسطينية بطريقهم بصيغة ما. لأن ايران هي التي ترعى حركتي حماس والجهاد وحزب الله والحشد الشعبي.

01 – 11 – 2023