عدوان “الحرس الإرهابي” ضد إقليم كُردستان وموقف إدارة بايدن المُتخادل ومَثلين كُرديين- بقلم س. ح.

 

إنّ إعتداء “الحرس الإرهابي” للنظام الثيوقراطي الطائفي الإيراني في ليلة الثلاثاء، ضد أهداف مدنية في مدينة أربيل، وقتل رجال أعمال غير سياسيين أصلاً، ومحاولة إبادة عائلة مُسالمة في منزلها، بما فيها الطفلة (ژینا)، التي لم تكمل العام الأول من عمرها، بحجة واهية عارية عن الصحة، باعتبار منزلهم “هدفاً إسرائيلياً”، جريمة نكراء وفعل بشع، بكل المعايير الدينية والقانونية والأخلاقية والإنسانية، التي داس عليها حكام النظام الإيراني بجلاء. وهناك مثل كُردي بخصوص إعتداءات النظام الإيراني ضد أهالي إقليم كُردستان، وتبريراته البالية والكاذبة، مفاده: “لا يَجرؤ على تحدّي الحمار، فيضرب البردعة”.

أهداف هذا العدوان السافر هي واضحة: ضرب أمن وإستقرار وإقتصاد وعُمران إقليم كُردستان، وضرب التقارب الأخير بين الحكومة الاتحادية ومجلس النواب و رئاسة الإقليم، وممارسة المزيد من الضغوط على حكومة الاقليم وقيادات أحزابه السياسية للرضوخ الى سيطرة النظام الإيراني على كل أنحاء دولة العراق الضعيفة، والخضوع الى إرادة وخطط النظام الكهنوتي المُتخلف، المُتلّهف وراء سباق إمتلاك أسلحة الدمار الشامل و نيّة الهيمنة المُطلقة على دول معينة في الشرق الأوسط، باستخدام شعارات دينية برّاقة ك”تحريرالقدس”، لكسب عواطف ومشاعر الناس البسطاء، وعن طريق تجنيد المُرتزقة والدراويش الانتهازيين، في دول مُحدّدة بالمنطقة، باسم (الله) و(أئمة مُقدّسين)، تارة باسم “حزب الله” وتارة باسم “أنصار الله” وتارة بأسماء “دينية ومذهبية جذّابة ومُخادعة”، من اجل ترسيخ البقاء على عرش إيران وتحقيق النزعة التوسعية و إرهاب المُعارضين والجيران الضعفاء عسكرياً، وفقاً لأيديولوجية صفوية جديدة ومدجّجة بأسلحة روسية فتّاكة، يتم تطويرها وتكثيرها باشراف خبراء روس (بوتينيين)، على حساب إقتصاد إيران المدمّر المُحتكر من قبل “الحرس الإرهابي” وميزانيتها المهدورة ومعيشة شعوبها التعيسة المغلوبة على أمرها، والمُضطهدة سياسياً وقومياً وإجتماعياً ودينياً ومذهبياً، والمتضررة صحياً وثقافياً أيضاً، نتيجة تخديرها المُستمر منذ اكثر من أربعين عاماً بشتى الطرق الكهنوتية الناشرة للجهالة والغباء وبمختلف المواد المُخدرة المُنتشرة والمتفشية علناً في إيران، كمرتع محلي لاستهلاكها ومعبر دولي لانتشارها.

فالطغمة الكهنوتية الحاكمة المُتهورة والفاسدة في طهران تُدير دولة إيران الشاسعة وفقاً “لمبدأ الإدارة بالأزمة” management by crisis))، وذلك بخلق الأزمات وتصديرها الى الخارج، لإلهاء شعوب إيران المُتعدِّدة عن مشاكلها الكثيرة ومعاناتها الشديدة في ظل الشراذم والميليشيات المُتسلِّطة على رقابها، ولإرهاب الشعوب الجارّة الصغيرة، التي ترفض الخضوع والاستسلام لإرادتها الرجعية ونواياها الشريرة. والشعب الكُردي في محافظات كُردستان إيران يرزح، كسائر شعوب إيران، تحت نير الحكم الثيوقراطي المُستبد، لأن هذا النظام الذي يدّعي نظريا بانه “جمهوري واسلامي” هو في الواقع لا جمهوري ولا إسلامي (بالمعنى الفعلي والصائب للكلمتين). فهو من جهة غير مُستعد لحكم عادل عن طريق إنتخابات حرّة ونزيهة وعبر مؤسسات حقيقية للسلطات الثلاث للدولة، لأنه يعزل كل من لا يبايعه حتى من أبناء وبنات الفرس الشيعة المُتدينين، وهو لذلك ليس جمهورياً، كما يتضح؛ ومن جهة أخرى فهو غير مُستعد لحل مسائل القوميات غير الفارسية الرئيسية (الكُرد، الآذر، العرب والبلوج) والأقليات الإثنية الأخرى بطريقة سلمية عادلة، حتى وفقاً للمعايير الشرعية الإسلامية بشأن تعارف وتعايش الشعوب والقبائل، وهو يفسر الشريعة على هواه، ويُحرض ضد الآخرين، بصورة تنسجم مع مصالحه الخاصة وأطماعه التوسعية ونواياه العُدوانية، وهذا النهج أبعد من ان يكون نهجا دينياً مُعتدلا وحَضارياً، كما تقتضيه شروط التعايش والتعارف بين الشعوب وأصول العلاقات الدولية والجيرة الحسنة وضرورة مواكبة التقدم وتحقيق السلام والرفاهية للمجتمع.

يَعتبر رجال هذا النظام (المُصيبة) إقليم كُردستان العراق نموذجاً مُخيفاً لحل قضايا الشعوب المُضطهدة بصورة سلمية ودستورية، ويعتبرونه بُعبعاً مُرعباً لسلطنتهم الفاسدة وشوكة في عيونهم التي تنظر الى الأشياء والمسائل من منظار سوء الظن، بدلا من رؤية واقع إقليم كُردستان، كونه موطناً للتعايش والتعاون بين مُختلف القوميات والأديان المذاهب والإثنيات وملاذاً لعشرات الآلاف من النازحين واللاجئين من المناطق والدول المجاورة، ومثالاً لحل مسائل الشعب الكُردي في الدول الأخرى التي تقتسم كُردستان والكُرد بينها (إيران وتُركيا وسوريا) ومسائل الشعوب والاثنيات المُضطهدة الأخرى فيها.

على كل حال، سيحصد حكام النظام الثيوقراطي الإيراني نتائج أفعالهم الضارّة و ممارساتهم الغادرة، داخل إيران وخارجها، عاجلاً أو آجلاً، لأن الظُلم والخداع لن يدومان، حتى وان طال أمدهما، ونهاية الظلم عذاب شديد، بالتأكيد.

أما موقف حكومة الولايات المُتحدة، المُتمثلة بإدارة بايدن، حيث صرّح ناطق باسمها بصدد العدوان الجَديد على حياة وممتلكات وأمن أهالي إقليم كُردستان العراق، “أن قواعدهم ومواطنيهم لم يمسها الضرر”، بالرغم من إدانة كبار مسؤوليها الشفهية له، فهو مُخيّب لآمال الناس هناك ولظنهم في الإدارة الامريكية الحالية، وهو فعلاً موقف مُتخاذل وغير مسؤول، وهناك مثل كُردي مشهور بهذا الصدد يعني: “لم يضربني، ضرب الأخ حمد، وكأنه ضرب كيس التبن”! لأن هذا الهجوم الصاروخي الغادر إعتداء سافر على سكان مدينة أربيل بكل مكوناتها ومحاولة مكشوفة لزعزعة الأمن و الاستقرار في إقليم كُردستان وخرق واضح لسيادة دولة العراق بأكملها، وتبعاً لذلك يجب على حكومة الولايات المُتحدة الأمريكية، وفقاً لمضمون الاتفاقية الأمنية الاستراتيجية بين حكومتي العراق وأمريكا تأدية واجبها، بشأن حماية سكان ومدن كل العراق والدفاع عنها بأساليب فعّالة ملموسة و وسائل مُعاقبة رادعة؛ وإلا ستجني إدارة بايدن الفشل في إقليم كُردستان أيضاً، والذي تتواجد فيه قاعدتان أمريكيتان وممراً الى كُردستان سوريا، والهدف الأساسي لنظام إيران وأذرعه المُسلّحة في العراق وسوريا كما هو معلوم، هو إخراج الولايات المتحدة من هذين البلدين، وتبعاً لذلك (إن تحقق هذا الهدف) ستفشل ليس فقط إدارة بايدن، بل دولة الولايات المُتحدة الامريكية في كل من العراق وسوريا حتماً. وسيُضاف فشل إدارة بايدن في كُردستان والعراق وسوريا، الى فشلها الراهن في اوكرانيا و الغزة. وهذا يعني، ليس فقط نهاية حتمية لعهد بايدن والحزب الديمقراطي في حكم أمريكا في الانتخابات القادمة، بل أيضاً توجيه ضربة قاضية لسياسة واستراتيجية ومصالح الولايات المُتحدة الامريكية في الشرق الأوسط وأوروبا.

ربُما ستعي إدارة بايدن خطر إنتهاز النظام الثيوقراطي الإيراني للحرب في أوكرانيا و الغزّة وضعف دولتي العراق وسوريا وذراعيه المُسخّرين في لبنان واليمن وتقاليد الحذر في عام الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الامريكية، لتثبيت دكتاتوريته وتحقيق أطماعه التوسعية وفرض هيمنته الجائرة على شعوب ودول المنطقة كما ينشد، وتتصرف بعكس ما يتصوره نظام طهران الحالي.