لغز عدم استخدام النظام العنف المفرط ضد حراك السويداء!- جان آريان-ألمانيا 

منذ شهور عديدة وجماهير غفيرة تتجمهر وتتظاهر في السويداء والى حد ما في الساحل السوري ايضا وتدعو إلى التغيير والديمقراطية وأحياناً حتى إلى إسقاط او تغيير النظام البعثي الدكتاتوري في سوريا ايضا، هكذا ودون أن يستخدم هذا النظام العنف المفرط المؤذي ضدها، رغم أنه بعد هو دكتاتوري مثلما قبل وخلال الازمة الأزمة السورية.
في هذا السياق، يمكن القول بأن النظام يريد أن يشير بهذا للسوريين وللعالم معا، بأنه ليس تواقا لاستخدام العنف والقتل والتدمير والتشريد إزاء الحراك الجماهيري الاحتجاجي السلمي الذي يدعو إلى التغيير والإصلاح الديمقراطي والتعددية في البلد، بل قد استخدم العنف المذكور منذ ٢٠١١/٢٠١٢ عندما استخدمت مجموعات إسلامية سياسية متعصبة أعمال عسكرية ضد قواته وحتى احيانا ضد العلويين المسالمين ولاحقا ضد الدروز، المسيحيين والكورد ايضا.
لا شك أن مطلب التغيير والدمقرطة والتعددية هو منذ عقود طويلة مطلب حق وشرعي وقد جاء الظرف المواتي خلال قدوم موجة الربيع العربي في المنطقة، وكان من الطبيعي والشرعي أن ينتفض ويثور السوريون ضد هذا النظام بالاساليب الجماهيرية الاحتجاجة المتصاعدة وبتأييد غربي ديموقراطي بغية تحقيق ذلك المطلب والرغبات الملحة. غير أنه ومنذ أن اوعزت السلطة التركية لجماعة الاخوان المسلمين بتجميع بعض فصائل المعارضة السورية الأخرى في أول لقاء في أنتاليا التركية ٢٠١٢، نشرت مقالا/كنت بعد منتميا لحزب آزادي الكوردي/ وكذلك نشر رفيق حزبي آخر حينذاك مقالا بهذا الصدد ولكنه ايضا لان هو الآخر بعد ساعتين والتحق بذلك اللقاء،/ وحذرت فيها ساسة ونخب الكورد من مغبة الهرولة وراء الاخوان والسلطة التركية مبينا العواقب السلبية من تلك الهرولة على المعارضة السورية الديمقراطية بشكل عام وعلى الوضع الكوردي بشكل خاص، واقترحت عقد اللقاءات السياسية للمعارضة السورية في إحدى الدول الاوروبية. هنا استشعرني وقتها رفيق حزبي، بأنه هناك بالتوازي مع لقاء أنتاليا لقاء آخر في بروكسل وأنا وانت مكلفان بالحضور إلى هناك من طرف حزبنا، فلبيت الدعوة، ولكن تبين لاحقا بأن ذلك كان مجرد فبركة وتضليل من جماعة الإخوان وليس له وجودا، فهؤلا لكي يموهو ويزعمو بأننا لا نعتمد على السلطة التركية في مسار المعارضة السورية أشاعو بهكذا لقاء. هكذا وتتالت هرولة بعض المعارضين الديمقراطيين المتعطشين المتخيلين الفوز بالسلطة او على الاقل كسب بعض المصالح المادية او المعنوية وكذلك الكثير من ساسة ونخب الكورد المتهافتين ممن أتاح لهم السفر إلى انتاليا دون تدقيق ولا دراسة، ومن ثم حدث ما حدث وأصبحت لاحقا سلطات خليجية نفطية تشارك السلطة التركية وخلق مجموعات إسلاموية متشددة بحيث أصبح العمل طائفيا بحتا وليترائ للغرب رويدا رويدا عواقب ذلك مستقبلا على مصالحه وعلى مستقبل الإصلاح المبتغى في المنطقة وليكتفي فقط بتأييد شكلي للتغير وليس إلا وذلك لخوفهم من البديل الممكن، وبالتالي تمكنت إيران وروسيا من الحفاظ على استمرارية النظام إلى الآن، هذا والضريبة الكبرى دفعها المجتمع السوري من قتل، تهديم، تشريد وتهجير اكثر من عشرة ملايين نسمة حتى اللحظة والنظام ظل سائدا وطاغيا، وفضلا على هذه الكارثة فقد هاجمت المجموعات المتعصبة مثل داعش وغيرها الكورد، العلويين، الاسماعيليين، المسيحيين والدروز، غير أنه، ولله الحمد، فقد نهضت وانبثقت أسراب وصقور YPG-YPJ سنة ٢٠١٢/٢٠١٣ في ظل ذلك الفوضى والخطورة بحيث تمكنوا من صدها وحماية الكورد مع تشكيل إدارة ذاتية في روزآفا كوردستان وليمارسو نسبيا حقوق قومية متواضعة.
في هذا الاطار وبعد الالمام بما حدث من أخطاء جسيمة للمعارضة العلمانية الديمقراطية السورية ولأطراف معينة كوردية، ينبغي عليها لملمة صفوفها وتوحيد خطابها وإدارة احتجاجات ومظاهرات جماهيرية سلمية على غرار الحراك الجماهيري في السويداء والساحل السوري من أجل نوع من التغيير الديمقراطي التعددي الاتحادي الممكن في سوريا، حيث هناك امكانية آمال جدية بتأمين ذلك، فالحصول على شيء افضل من لا شيء، حيث أن الوضع السوري هو غير الوضع التونسي او الليبي.