الرهان على سقوطه وليس أي شئ آخر- منى سالم الجبوري

 

بسبب کون النظام القائم في طهران، نظام إستبدادي شمولي يعتمد على أفکار وقيم متحجرة فإن التغيير السياسي في إيران يمکن إعتباره واحدا من المواضيع بالغة الصعوبة والتعقيد خصوصا بعد تعاظم الدور السلبي له منذ 45 عاما، والذي تجاوز ليس الحدود الايرانية فقط وانما حدود منطقة الشرق الاوسط بحالها بحيث جعل من قضية التدخلات الايرانية في بلدان المنطقة، قضية تمس السلام والامن والاستقرار على المستوى الدولي. ولهذا فإنه وفي الوقت الذي يطالب فيه الشعب الايراني وبإلحاح بتغيير هذا النظام الذي لامثيل له في هذا العصر، فإننا يجب أن نعلم بأن بلدان المنطقة والعالم تنتظر هي الاخرى على أحر من الجمر لإجراء تغيير سياسي في إيران يتم بموجبه وضع حد للتدخلات هذه.

السؤال هو: هل التغيير السياسي ممكن في إيران من داخل نظام ولاية الفقيه نفسه؟ هذا أمر يمکن إستبعاده تماما لکون هذا النظام أضفى على نفسه هالة من القدسية وجعل بقائه إرادة سماوية، والحقيقة فإن هذا النظام يكاد أن يشبه حالة شاذة فهو لا يقبل أي تغيير مهما كان شكله ونوعه وحجمه ويؤمن بأمر واحد وهو وجوب أن يخضع العالم کله لسيطرته وأن تمتثل لأوامره.

الرهان الدولي على مزاعم الاعتدال والاصلاح التي تمشدق بها الرئيس الاسبق خاتمي ومن بعده روحاني کثيرا، أثبتت الايام خيبته وعدم جدواه خصوصا بعد تهميشه من قبل خامنئي بل وحتى إن روحاني  وفي خضم الانتخابات القادمة في الاول من مارس، قد تم إستبعاده، وهو ماأثبت بأن الاصلاح والاعتدال لاوجود له إطلاقا مع بقاء النظام ووجود الولي الفقيه ومٶسسات بوليسية نظير مجلس صيانة الدستور، هذا الى جانب إن أدعياء الاصلاح والاعتدال الذين حكموا البلاد طوال فترتي خاتمي وروحاني، لم يخطوا ولو خطوة واحدة بذلك الاتجاه وانما ظلت مزاعمهم مجرد ألفاظ وكلمات رنانة لا تجد لها من سبيل على أرض الواقع، والحقيقة إن رهان الشعب الايراني الوحيد هو الرهان على سقوط النظام وليس أي شئ آخر.

إدا كان طرح موضوع التغيير قبل أکثر من عقدين في إيران أمرا غير ممكنا لكنه اليوم وبعد إنتفاضات 28 كانون الاول2017 و15 تشرين الثاني2019 و16 سبتمبر2022، ولاسيما بعد ماجرى ويجري ويتداعى عن حرب غزة المدمرة وکذلك من جراء الرفض الشعبي الواسع للمشارکة في مسرحية الانتخابات، فإنه قد أصبح ممكنا لأن كل الاوضاع والظروف والتطورات الداخلية والاقليمية والدولية تدعو لذلك وتجعله أمرا ممكنا خصوصا بعد أن صار الشعب ومنظمة مجاهدي خلق متحدان في جبهة نضالية واحدة ترفع شعار إسقاط النظام، وقد بات واضحا بأنه لم يعد هناك من أي مجال للمساومة أو القبول بأنصاف الحلول خصوصا وأن أوضاع النظام من مختلف النواحي تثبت بإستحالة بقائه وإستمراره وإن إسقاطه أمر ممکن ولامناص منه أبدا، خصوصا وإنن النظام الايراني في أکثر حالاته حرجا ولم يعد بإمکانه أن يعود الى سابق عهده.