الجحر الذي لايتعظ الغرب منه- منى سالم الجبوري

 

مع وجود العديد من القضايا والمسائل الشائکة على الصعيد الدولي وتأثيراتها المتباينة على الامن والسلام في العالم، لکن يبدو إن الملف الايراني لايزال يحظى بالاهمية المميزة لدى البلدان الغربية ولاتزال البلدان الغربية تميل الى المراهنة على الحوار والجلوس الى طاولة المفاوضات مع طهران على أمل ثنيها عن طموحاتها في صنع القنبلة الذرية وکذلك الحد من غلواء تدخلاتها في المنطقة ودورها في إثارة الحروب والازمات.

بحسب مانقلت وکالات الانباء، فإن المنسق الأوروبي لمفاوضات الاتفاق النووي إنريكي مورا بحث مع كبير مفاوضي إيران علي باقري كني، بشأن رفع العقوبات عن طهران. وهذا الخبر الملفت للنظر، لأنه يتحدث بشأن”رفع العقوبات عن طهران”، في حين إن الاخيرة لازالت لم تف بماهو مطلب منها بل وحتى إنها قد تجاوزت الحدود المألوفة في خروقاتها في مجال برنامجها النووي بشکل خاص، وفي مجال تدخلاتها المثيرة في بلدان المنطقة ولاسيما من حيث دوره في الحرب الدائرة في غزة وعلاقتها بتحرکات وکلائها في العراق ولبنان واليمن.

عند البحث في موضوع ومسار المحادثات الجارية بين البلدان الغربية وبين النظام الايراني، والى أي مدى ومستوى تمکنت البلدان الغربية من تحقيق جزء أو جانب مهم من مطالبها وهل إن المحادثات کانت في الخط العام لصالحها وتمکنت فعلا من التأثير المتوقع على طهران، فإنه سيکون هناك مبالغة وإبتعادا عن الحقيقة عند القول بأن الغرب کان المستفيد الاکبر من هذه المحادثات بل وحتى إننا لو قمنا بعملية مقارنة بين درجة ومستوى الاستفادة للطرفين من المحادثات، لوجدنا إن النظام الايراني کان ولازال هو المستفيد الاکبر.

إستمرار النظام الايراني في تطوير البرنامج النووي والى جانب المضي قدما في برامجه التسليحية الاخرى من الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة بالاضافة الى ترسيخ تدخلاته في بلدان المنطقة أکثر من السابق وحتى جعل وکلائه بنادق تحت الطلب يمکنه تحريکها وقتما يشاء کما يحدث الان تزامنا مع الحرب التدميرية الجارية في غزة، وکل هذا جرى ويجري بفضل من إستمرار المحادثات الغربية مع النظام الايراني والتواصل معه.

الاتفاق النووي في تموز 2015، والذي إعتقد الغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا بأنهم قد تمکنوا من وضع حد لطموحات طهران من أجل صناعة السلاح النووي، لکن سرعان ماتبدد هذا التصور، خصوصا بعد أن أصدرت المخابرات الالمانية والسويدية في العام 2016، أي بعد أقل من سنة على الاتفاق تقريرين أشارا فيها الى مواصلة طهران لمساعيها السرية بهذا الصدد، وهو ماأکد خواء التصور الغربي بهذا الخصوص.

الحقيقة التي لايبدو أن الغرب يريد الاخذ بها، هي إستحالة أن يعوي هذا النظام الى منطق العقل من خلال طاولة المفاوضات، وإن أکثر من 3 عقود من التفاوض معه وحتى منحه العديد من الامتيازات وإطلاق جانب کبير من أرصدته المجمدة، لکنه وفي مقابل ذلك لم يقدم للغرب سوى الوعود الضبابية فيما إستمر سرا في مواصلة مايريد ويسعى إليه بکل الاتجاهات ولاسيما في مجال برنامجه النووي.

المنطق الوحيد الذي يمکن لهذا النظام أن يفهمه ويتجاوب معه، هو منطق القوة وسياسة الحزم والصرامة کما أکدت وتٶکد زعيمة المعارضة الايرانية، مريم رجوي، وليس سياسة المسايرة والاسترضاء الخائبة والفاشلة جملة وتفصيلا، فهل سيتم تدارك هذا الامر؟!