من يقف وراء هجوم موسكو الإرهابي؟ – أحمد الخالد، صحفي وكاتب سوري

 

 

ملخص الأحداث

مساء الجمعة حوالي الساعة الثامنة مساءً موسكو شهدت واحدة من أكبر الهجمات الإرهابية في تاريخهافي هذا التوقيت، كانت مجموعة من اربع رجال على وشك هطول حرائق على أحد مراكز الترفيه الرئيسية بالقرب من العاصمة الروسية وهى كروكوس سيتي هولوالجدير بالذكر أن ساحة قاعة للموسيقي تضم حوالي 9500 مقعدًا وبدأ الهجوم قبل نصف ساعة فقط من حفلة للعائلاتوصلت مجموعة مسلحين في سيارة بيضاء وتوقفت بالقرب من المدخل الرئيسينزلان مسلحان من السيارة وهم يطلقون النار في الشارع على الحراس عبر الأبواب الزجاجية لكروكوس، وكان أحد الإرهابيين يتبعهم حاملاً حقيبة مع ذخيرة ورصاص وآخر واحد كان مسلح بالمتفجرات جاهز لإكمال هذه المهمة الرهيبةلم يكن الحراس يشكلون تهديدًا كبيراً لأنهم كانوا مسلحين بمسدسات الصعق الكهربائي وخفافيش مطاطية فقطبدأ الناس، الذين لم يدخلوا القاعة، في الذعر وساروا في اتجاهات منفصلة وهم يحاولون الهروب من الإرهابيين، وآخرون قاعدين في القاعة كانوا معتقدين أن الطلقات النارية كانت جزءًا من المشهدلكن المشهد تحول إلى كابوس فوراً عندما دخل المسلحينكان المدنيون يندفعون نحو مخارج الطوارئ على جانبي المنصة ولإرهابيو كانوا واقفين عند المخارج ويطلقون النار على أي واحد متحركفي هذا التوقيت المسلح قد يحمل المتفجرات يشعل النار في الساحة لترسيخ جهودهم الإرهابية للتأكد من أن الجرحى والأبرياء باقيين في القاعة سيختنقون في الدخان أو سيموتون في الناركان كل مخرج من قاعة كروكوس مزدحمًا بأشخاص يحاولون الفرار، وكان الناس يقفزون فوق الجثثنهائياً، قرر الإرهابيون تضيع في الحشد وفاروا من كروكوس دون أن يلاحظها أحد وراحوا في سيارة بيضاءليس هناك شك في انه كان الهجوم مخططًا وحازمًا جداً ولكن السؤال هو من يقف وراء؟

داعش

النظرية ذات أكرب الثيقة والشهرة بين شعوب هى انه تم تنفيذ الهجوم والتخطيط له من قبل داعشبادئ ذي بدء، نشرت وكالة أعماق للأنباء التابعة لداعش عدة تصريحات معلنة مسؤوليتها عن هجوم موسكو الإرهابي، ونشرت لاحقًا العديد من مقاطع الفيديو التي تم تصويرها أحد الإرهابيينوجميعهم من طاجيكستان ومسلمونأثناء استجواب أحد المقاتلين الهاربين ذكر هو أن منذ شهر اتصل به مدير إحدى الجماعات الدينية في شبكة تيليجرام، التي كان يقرأها بانتظام، وعرض عليه تفعيل الهجوم مقابل حوالي 5000 دولاروادعى أن المدير هذا نصب مخبأ الأسلحة وحدد الموقعبدايتاً، يبدو أنها حالة واضحة ولكن تظهر بعض التناقضات بمجرد إجراء فحص المعلوماتالبيان الأول الذي نشرت به وكالة أعماق عفا عليه الزمنلم تستخدم الوكالة مثل هذا الشكل منذ عام 2018، وهو أمر مشكوك فيه للغاية لأن التفسير الوحيد سيكون أن الصحفيين كانوا في عجلة من أمرهم لنشره ولكن إذا الهجوم كان مخطط بارهابيي داعش، لكانوا قد أعدوا بيانًا مسبقًا باستخدام الإصدار الجديدكما بدأ هذا البيان في الانتشار من تيليجرامعادة عندما يدلي أعماق ببيان يظهره على شبكة إكس” أولاًعلى مدى العقد الماضي، انخفض تأثير وعدد مقاتلي داعش بشكل كبير نتيجتا للمعركة العالمية ضد الإرهاب مثل الحرب السورية أو الصراعات الأفريقية مما أدى إلى جهود التنظيم لتحمل المسؤولية عن الهجمات التي لم يلتزم بها تنظيم الدولة الإسلامية من أجل الحفاظ على سمعةعادة يستغل المتطرفون الإسلاميون المقاتلين الانتحاريين في مثل هذا النوع من العملياتويتطلب الأمر الكثير من الموارد والاستعدادإذا قام كل أربع هؤلاء الرجال بزرع قنبلة أو عبوة ناسفة لكان قد تسبب في المزيد من الضحايا أيضًامن الواضح أن الهجمة التي استمرت 15 دقيقة وأسفرت عن 137 قتيلاً و145 جريحًا يجب التخطيط لها بشكل دقيق جداً وهو ما لا يميز هجمات داعش.

استخبارات أمريكية وبرطانية

أجهزة الأمن والاستخبارات القوية في الغرب التي وجهت تعليمات إلى مقاتلي طاجيكي هي نظرية شائعة أخرىمن المعروف أن هذه الاجهزة والوكالات لديها مجموعة ضحمة من الأدوات وهي أكثر من قادرة على توجيه هؤلاء المقاتلين ووضع خطة للهجومأصبحت هذه النظرية شائعة بسبب صدرت سفارتي الولايات المتحدة وبريطانيا في روسيا تنبيهاً أمنياً في مارس بشأن التهديدات الإرهابيةمن الواضح أن الأجهزة الأمنية حصلت المعلومات عن الوضع لكنها لم تقدم تفاصيل للحكومة الروسيةولكن، إذا كانت هذه الأجهزة تنفذ هذه العملية فسيكون من الصعب لتأكيد إدانتها.هذه النظرية ليس لها حقائق وراءها باستثناء اثنتين أعلاهلديهم القدرة والقدرات والدافع لتنفيذ مثل هذا الهجوم لكن لسة ما ظهرت دليل أو حقيقة يمكن أن تؤكد هذه النظرية.

استخبارات روسية

يقول البعض بإن روسيا نفسها كان بإمكانها تنفيذ الهجوم ويستخدمون تشبيه تفجير المبنى المدني في موسكو، الذي يزعم أنه استخدم لبدء الحرب الشيشانية. تستند هذه النظرية إلى غالب النخب الروسية تطلع إلى الحصول على مزيد من الدعم الوطني للصراع الأوكرانيومع ذلك، لم يثبت أن التفجير المبنى تم تنظيمه من قبل الاستخبارات الروسية مباشرة وكان هذه العملية ليس وسيلة ضرورية لأن بوتين قد فاز بالفعل في الانتخابات، وليس لديه الكثير من المعارضة وخاصة منذ وفاة نافالني ومغادرة المواطنون غير المتعاطفين البلاد في البداية من الصراع الأوكراني.

أجهزة الاستخبارات الأوكرانية

بمقارنة مع وجهات النظر المذكورة سابقًا، فإن مشاركة الاستخبارات الأوكرانية في الهجوم على كروكوس سيتي هول هي الأكثر منطقية لانهم متحمسون للغاية لنشر الفوضى داخل روسيا بسبب صراعهم المستمر خلال عامينجدير بالذكر انه تم اعتقال المسلحين أثناء تحركهم نحو الحدود الأوكرانية وكذلك محاولات اغتيال أخرى مثل التفجيرات التي أدت إلى قتل صحفيين داريا دوغينا ووفلادلين تاتارسكي من قبل الخدمات الخاصة الأوكرانية عبر وسائل التواصل الاجتماعييتواصل الضباط الاوكرانيين مع الشخصيات الهامشية عبر تيليجرام أو وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى ويقومون بتجنيدهمبعد فترة من غسيل المخ الشخص يصبح الأداة التي يمكن استخدامها لزرع عبوات ناسفة أو تنفيذ هجمة إرهابيةاستخدمت أوكرانيا نفس المخطط عدة مراتيتم القيام بها بنفس الأسلوبعلاوة على ذلك، فإن الأموال التي عُرضت على الإرهابيين بقيمة 5000 دولار، تناسب أوكرانيا تمامًا لأن الوكالات الأكبر تقدم الكثير من الأموال لهذا النوع من العملياتوقال رئيس الاستخبارات الأوكرانية كيريلو بودانوف بعد الهجوم على كروكوس إن «لقد قتلنا الروس وسنقتل المزيد من الروس» ويمكن أن يشير هذه الكلام إلى تورطهم المحتمل أيضًايُظهر بيان الرئيس الأوكراني فلاديمير زيليسنكسي الخالي من الحزن تطلع النخبة لقتل الروس بالوسائل الرهيبةومع ذلك، من الممكن أن قدرات الاستخبارات الاوكرانية لسي كافية لمثل هذه العمليات ولكن ربما حصلوا الإرهابيين على بعض المساعدة منهم.

من الصعب معرفة من يقف بالضبط وراء هجوم كروكوس الدموي لأن أجهزة الاستخبارات لا تترك آثارًا حية وداعش حريصة جدًا على إلقاء اللوم عليهيمكن أن تشارك كل من الأطراف المذكورة في الهجمة بعاصمة روسيا والأكثر تصديقًا هو أن متطرفي داعش هم من يضغطون على الزناد ولكن تنظيم وتخطيط مثل هذه العملية يجب أن يتم من الخارج من قبل هيئة أكثر كفاءةوهذه هي التناقضات بين هجوم داعش المعتاد والهجوم الأخير.