اذا أردنا ان نفهم مشكلة ما في اي موضوع كان فهما صحيحا، علينا أن نعود بأدراجنا إلى جذورها ونتابع مراحل تطورها خطوة بخطوة مع تتابع الزم من انتقام ن. وهكذا كي نفهم كيفية تعاظم الدور الايراني في العراق الحالي علينا بالعودة إلى الايام الأولى من سقوط بغداد عام2003. كانت إيران ضد الاطالة بنظام صدام ليس حبا به وإنما خوفا من محاصرة الجيوش الأمريكية لها من أفغانستان شرقا ومن العراق غربا. ولكن بما ان الحرب كانت أمرا لا محال منه، فقد قررت استغلال نتائجها لصالحها، وقامت بأكبر عملية خداع للعرب السنة وذلك بنقل مقاتلي منظمة القاعدة الى العراق من أفغانستان شرقا، ومن سوريا غربا من أجل مقاتلة الأمريكان واخراجهم من العراق. وانطلت الحيلة على العرب السنة الذين أحتضنوا هذه الجماعات الإرهابية ظنا منهم انهم سيتمكنوا في النهاية من هزيمة الأمريكان واخراجهم من العراق وبالتالي استعادة حكمهم في بغداد التي حكموها مدة ثمانية عقود. كما خدعت إيران في الوقت نفسه العرب الشيعة عن طريق إيهامهم بأن العرب السنة يحاولون من خلال مقاتلي الجماعات السنية الإرهابية إستعادة حكمهم ومن ثم الانتقام من الشيعة بسبب تعاونهم مع الإدارة الأمريكية المحتلة التي أسقطت حكمهم. كما انها اوهمت الشيعة بأن هي العمق الجغرافي لهم وانها هي التي تحميهم من انتقام العرب السنة وإقامة المقابر الجماعية لهم في حالة عودتهم إلى الحكم. وفي خلال هذه الفترة كانت الاحزاب الشيعية الموالية لها قد تمت لها السيطرة على بغداد وعلى معظم المدن الشيعية. لكن المناطق الغربية كانت مازالت حتى وقتذاك خارج سيطرتها عندما قامت الثورة في سوريا ضد نظام بشار أسد الموالي لها، وهكذا وجدت نفسها بحاجة ماسة إلى السيطرة العسكرية الكاملة على المناطق الغربية من أجل تأمين طريق بري لارسال الأسلحة لبشار الأسد لمقاومة الثوار. فماذا تفعل إيران من أجل تأمين ذلك الطريق يمر من خلال مناطق معادية لها وخصوصا بعد الرفض القاطع لاربيل تأمين هكذا طريق يمر من خلال اراضي الإقليم لايصال الاسلحة الى دكتاتور لقتل شعبه على حد قول مسعود بارزاني للخامنئي نفسه في طهران؟ من اجل ذلك قامت إيران بعملية خداع كببر آخر، ولكن هذه المرة لخداع العرب الشيعة بالدرجة الأولى، وذلك عن طريق تسهيل دخول مقاتلي منظمة داعش الإرهابية من سوريا الى العراق و تمكينهم من احتلال كافة المدن الغربية بالتواطيء مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، موهمة العرب الشيعة بأن الإرهابيين السنة قادمون لاحتلال بغداد والمدن المقدسة النجف وكربلاء. وغرضها من وراء ممارسة الضغط على المرجعية الشيعية في النجف لإصدار فتوى جهادي لتشكيل فصائل الحشد الولائي لقتال داعش في المنظور الآني، و لتكون بعد ذلك اليد الضاربة لها للهيمنة الكاملة على الدولة العراقية تماما كما صنعت حزب الله من قبل وجعلته بعبعا مخيفا على الشعب اللبناني. وبعد كل هذا، هل يصح لنا القول بأن إيران بدهائها المعروف ودسائسها الخبيثة قد نجحت نجاحا منقطع النظير في الهيمنة على العراق؟ الواقع يقول ذلك، لكنها اليوم بلا شك في تراجع و تآكل مستمر وذلك بفضل وعي شعوب المنطقة بحقيقة نواياها وأطماعها الاستعمارية في بلدانهم، وكذلك الفضل يعود الى التدخل الدولي الحاسم في الآونة الأخيرة لتقليم اظافرها وتقطيع اذرعها الطويلة في المنطقة. ولسوف لن يمضي وقت طويل ختى نشهد نهاية هذا الكابوس الإيراني الذي حل بالمنطقة وعبث بأمنها واستقرارها وتسبب لها خسائر هائلة في أرواح أبنائها ومواردها. وسؤالي هو، ماذا جنيت من وراء كل ذلك يا خامنئي وقد جاوزت العقد الثامن من عمرك؟
قاسم كركوكي
معذرة ظهرت أخطاء طباعية غير مقصودة في المقالة منها :
في السطر الثالث تنتهي الجملة بعد عبارة (نتابع مراحل تطورها خطوة بعد خطوة.). وفي السطر السابع ظهر خطأ في الجملة (كانت ايران ضد الاطالة بنظام صدام) والصحيح هو (كانت ايران ضد الإطاحة بنظام صدام) وهي أخطاء لا تخفى على القاريء اللبيب.