يبحث الإنسان منذ القدم عن السعادة وهو مطلب إنسانيّ وضرورة روحيّة،ينتظرها الكبير والصغير، المسلم والكافر، ابوابها كثيرة ولكن أحيانا يقف البشر عند الباب المغلق ولا ينتبهون الى الأبواب الأخرى المفتوحة رغم ان أبواب السعادة عديدة ولا تحصى. ومسالك الحياة تتجدد. ولا يختلف اثنان على ضرورة وجوده السعادة و عن ألوان المتع المادية فيها ، وصنوف الشهوات الحسية فما وجدوها وحدها تحقق السعادة أبدًا او مع كل جديد. ويتحرّى طُرقها وكيفيّة تحقيقها،.. لعل في اعطاء البنون حلم جميل وشهوة محببة إلى النفس ، لذا نرى جميع الناس يسعون إليها، وتتعلق قلوبهم بها، ويظهر ذلك جليًّا في من حرم من هذه النعمة، وعقم عن الإنجاب، فإنه يدفع أغلى الأثمان و الآلاف المؤلفة من الاموال باحث عن تحقيق هذا الهدف، من أجل الحصول على المولود ، حتى أن الأنبياء الذين اختبرهم الله بعدم الإنجاب، رفعوا أيديهم بالدعاء لله رب العالمين ، قال الله تعالى:﴿ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰرَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾ الكهف 80 ،
في علم النفس تعرف السعادة ‘ هو الشعور بالغبطة والرضا في الحياة، و الشعور بالمشاعر الممتعة والامتنان والعرفان بالجميل والرضا والعواطف التي يتم إنتاجها بشكل متكرر ‘ . عن الامام علي عليه السلام يقول عن السعادة لها سبعة ابواب : 1- لا تكره أحد مهما أخطا في حقك. 2- لا تقلق مهما بلغت الهموم. 3- عش في بساطة مهما علا شأنك. 4- توقع خيرا مهما بلغ البلاء. 5- أعط كثيرا ولو حرمت. 6-ابتسم، ولو القلب يقطر دما، 7- لا تقطع الدعاء لأخيك المسلم بظهر الغيب؟ ويبذُل الانسان ساعياً من اجل ذلك كلّ ما في وسعه اذا كان مخلصاً لتحقيق هذه الامنية ،بكلّ ما لديه من عقلٍ وفكرٍ ومادّة لإيجادها، لكنّها تَبقى سرّاً لم يدرك ماهيّتها إلّا القليل؛ فهي شُعورٌ داخليّ يَشعرُ به الإنسان ليمنحه راحة النفس، والضمير،وانشراح الصدر، وطمأنينة القلب.
تكمُنُ مشكلة الإنسانُ الأساسيّة مع السعادة التي يُعانيها منذ الأزل بكونه لا يعلمُ أدوات تحقيقها، فيُحاول أن يُجرّب الماديات والأمور الملموسة ليَصل للسعادة فتجده لا يصل اليها في كثير من الأحيان .
لقد عرفُ أرسطوالسّعادة بأنها (اللذة، -أو على الأقل أنها تكون مرتبطة ارتباطاً وثيقاً باللذة-واللذة بدورها يتمّ تفسيرها باعتبارها غياباً واعياً للألم والإزعاج)، والله المتعالي يجمع السياق القرآني في أحب شهوات الأرض إلى نفس الإنسان، والتي يعتقد أنها سر سعادة الإنسان في هذه الحياة الدنيا ؛لأنها خلاصة الرغائب الأرضية، يقول النبي صلى الله عليه واله وسلم – أنّ الإنسان السعيد الذي بعد عن الفتن ووفّق للزوم بيته، وكرّر الجملة ثلاثًا للمبالغة والتأكيد، ويمكن أن يكون التكرار باعتبار أوّل الفتن وآخرها، ومن ابتلي وامتحن بالفتن فصبر على ظلم الناس له، وتحمّل أذاهم ولم يدفع عن نفسه ولم يحاربهم، فهو السعيد الذي حاز السعادة الحقة.
قال الله تعالى في كتابه الكريم:﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ )ال عمران 14 وتعرف السعادة على أنها هي الشعور بالاستمتاع العميق بلذات الحياة والرضا عن التصالح مع الذات وراحة الضمير الناتجة من حسن السلوك الظاهر والباطن الذي ينبع من استقراره ،نظراً لوجود أسباب وعوامل تقف وراء شعوره بذلك الإحساس، وذلك من منطلق أنّ السعادة تنتقل بالعدوى حسب علم النفس، وإن وجود الشخص في محيط مستقرنفسيّاً يساعده على الاستقرار ويزيد من راحته النفسية، ويجعل انفعالاته منطقية ومناسبة للمواقف والظروف التي يمرّ فيها، فقد قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)،وقال تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا).
السعادة الحقيقية للإنسان هي التسامح مع الاخرين، والدليل قول الحكيم الهندي أوشو ‘أن السعادة الحقيقية هي تلك التي يعيشها ويستمتع بها الأطفال الصغار قبل أن تتلوث عقولهم بأفكار الكبار’.
من عوامل السعادة ينبع عن استقرار داخلي وخارجي لدى الشخص السعيد، نظراً لوجود أسباب وعوامل تقف وراء شعوره بذلك الإحساس، ،قال تعالى ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّامَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾20 الحديد .
السعادة لها ابواب، ، ولذلك عليك العمل لكي تكون سعيدا لأن أبواب السعادة شتى، ومنافذ الحظ لا تحصى، ومسالك الحياة تتجدد مع الدقائق، كن سعيدا دوما ومستبشر على كل حال ولكن رغم ذلك فالسعادة بيد الله ، فهو جلّ وعلا ميسر الأمور وشارح الصدور والمعين والهادي والموفق ، بيده ـ جلّ وعلا ـ كلّ الأمور يعطي ويمنع ، ويخفض ويرفع ، ويعزّويذلّ ، ويقبض ويبسط ، ويهدي ويضل ويغني ويفقر، ويضحك ويبكي سبحانه و تعالى
عبد الخالق الفلاح- باحث واعلامي