الناس تتداول الحديث عن حجاب المرأة وتعتبره جزء من الدين ولا احد يتحدث عن حجاب الرجل ويعتبره جزء من الدين ، مع العلم معظم المجتمعات نجد فيه الرجال أكثر تحجباً من النساء ( العمامة حجاب ، العقال حجاب ، الخوذة حجاب ، القبعة حجاب ، الغترة حجاب ) وأي غطاء للرأس هو حجاب ، ، الحجاب بشكل عام سواء أكان للمرأة أو الرجل بدأ ارتداءه كضرورة فرضته البيئة ، فلو تمعنا في جغرافية المجتمعات البشرية لا نكاد نجد مجتمعاً ليس فيه وضع شيء على الرأس وحسب المجتمع ، ففي المناطق الثلجية هناك شيء يوضع على الرأس للحماية من البرد لكلا الجنسين للمرأة والرجل ، أما في مجتمعات المناطق الصحراوية فهناك أختلاف كبير لما يوضع على الرأس عن المناطق الثلجية وكذلك الحال في المناطق الاستوائية والمناطق الجبلية ، فلا يكاد يوجد مجتمع على وجه الارض لا يرتدي رجاله او نساءه شيء على الرأس يتناسب ومؤثرات البيئة . والدليل أن للبيئة السلطة في تحديد ما يوضع على الرأس من غطاء هو ما نجده على الرأس يستجيب لمتطلبات البيئة من حر الشمس والبرد والثلج والرمال الصحراوية والمطر والغبار ، وبما أن الضرورات البيئية تتحول الى ضرورات أجتماعية فتحولت تلك الاشياء التي توضع على الرؤوس من قطعة قماش او خوذة او جلد او ورق الشجر تحولت الى ضرورة اجتماعية عبر الأزمنة فصارت جزء من الزي والتراث الاجتماعي والشعبي ، فأصبحت المجتمعات تتوارث حبها لزي الاباء والاجداد حتى أنها تبقى متمسكة به في الظروف التي لم يعد له ضرورة بيئية ، لكن المفارقة الغريبة فجأة في المجتمعات التي تتمسك بالدين الاسلامي أصبح فقط ما يوضع على رأس المرأة واجب ديني وليس ضرورة اجتماعية ، فقط المرأة دون الرجل وسمي بالحجاب ، مع العلم مفردة حجاب في اللغة ليست لها أية علاقة بتلك القطعة التي توضع على الرأس ، مفردة حجاب تعني الحاجز الذي يحجب بين شيئين .

الكتب السماوية ليست كتب تتحدث عن الأزياء بل هي كتب تتحدث عن الاخلاق تتحدث عن العمل الصالح والعلاقة بين العبد وربه وعلاقة الناس بعضهم ببعض ، ولم أجد في أي كتاب سماوي نص يجبر المرأة أو الرجل على ارتداء زي محدد ، وما وجدته في القرآن الكريم آية واحدة في سورة الاحزاب ذهب جميع المفسرين لتفسيرها بمعنى واحد هو تمييز للمرأة الحرة عن الإماء والجواري برفع الجلباب قليلاً أعلى الرأس وهذه الآية هي ( ياأيها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين ان يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك ادنى يعرفن فلا يؤذين ) وهذه الآية ذكرت الجلباب ولو رجعنا الى التأريخ قبل الاسلامي لوجدنا مفردة جلباب ولبس الجلباب جزء من الزي المنتشر عند نساء العرب ونساء الهند ونساء فارس منذ الاف السنين ، فلا يصح أن نحشر كلام الله بالملبس ونجعله يتحدث عن الازياء وزي المرأة بالذات ، فكلام الله أسمى من هذا المستوى ، فلو كان كذلك كان الأولى ان يتحدث القرآن بالزي الذي يخص جسد المرأة فذلك يعطي التوضيح الكامل للمراد من الزي وليس فقط غطاء قبغ الرأس الذي هو من متطلبات البيئة ، لم أجد آية واحدة ولا إشارة قرآنية عن الزي الذي يغطي جسد المرأة ، ولا عن ملامح وجه المرأة . ثم ما فرق الرجل عن المرأة ، هل زي الرجل مباح وقابل للعرض ؟ . أنا شخصياً لست ضد الحجاب و لا أرى أي عيب في النساء إذا أردن أرتداء الحجاب كزي مجتمعي موروث ومن التراث بل التراث يزيد من جمالية المرأة ويظهر انتماءها المجتمعي ، لكن أن يكون ذلك بعنوان ديني فذلك مخالف لقواعد الرسالة الالهية وأفتراء على الرب .

المرأة المسلمة تعيش هاجس الخوف امام الحجاب ، فأصبح ظنها بأن الدين كله والجنة والنار والثواب والعقاب محصورة في الحجاب ، حتى أصبحت بعض المسلمات يرتدين ملابس ضيقة وغير محتشمة لكنهن مرتاحات البال والضمير لأن تلك القطعة من القماش مازالت على الرأس ، هذا السلوك لم يكن اعتباطي بل هو نتيجة طبيعية لإدخال المفاهيم الخاطئة في عقول الناس ، حتى راح بعض الشباب المتدين يعتقد يقيناً بأن المرأة غير المحجبة بعيدة عن الشرف والمرأة المحجبة هي فقط من تحمل الشرف ، هذا تشويه للعقل وتشويه للمعاني الاخلاقية السامية .

أن أغرب ما سمعته عن أحد الوعاظ حين سألته أمرأة تعيش في المجتمعات الغربية حول المضايقات التي تعاني منها المرأة المسلمة في تلك المجتمعات بسبب إرتداءها للحجاب وكيفية التخلص من تلك المضايقات فأشار إليها بخلع الحجاب وتعويضه بالشعر الصناعي ( الباروكة ) ، فتساءلت هل الشعر الطبيعي فيه اغراء وجذب والشعر المستعار خالي من الإغراء ، والكل يعرف أن النساء يضعن الباروكة أكثر الأحيان لأجل الجمال والجذب ، هل هذا حل أم هذا تدمير لعقول الناس ؟ هذه إضافة تدل على أن الدين عند رجال الدين مقياس يتحكم به أصحاب الشأن وليس حكم إلهي . هذه هي العقول التي تتحكم بمصائر الناس ودين الناس .