اللوگية وتجمعهم في الأحزاب السياسية؟!- سيف اكثم المظفر


كثيرا ما تعطي الحياة دروسا مجانية، تستخدم فيها أشد برامج الضغط، و تعنٓف تلميذها كثيرا، من سلب الأبوين، حتى الصراع على العيش، وتختبره في أحنك الظروف، واقساها نمط واجواء، فهي لا تنفك عنك حتى ترديك قتيلا تحت كومة تراب، خط عليها هنا يرقد فلان بسلام، بعد حروب الحياة؟!

انتقل والدي الى جوار ربه، وانا ابن الخمسة عشر عاماً، لم اكن مهيأً لهذه الصدمة، فتناثرت أفكاري وتشتت ذهني، و كدت أن أفقد عقلي حينها، فما كان علي إلا أن اجزم امتعتي، وأبدأ هذا الصراع الأزلي، بين الدنيا والإنسان، تعثرت كثيرا، وفي كل مرة أنهض اكثر قوة و حكمة، حتى بدأ كلامي وعتبي يقل تدريجيًا، وظل الصمت يلازمني، في أصعب الظروف، التي لا تحتاج إلى كلام فقط- بل بحاجة إلى صراخ وصوت مرتفع- كنت اكتفي في الصراخ بداخلي، حتى اتمزق واتكسر واتشضى، ثم أعيد تشكيل نفسي من جيد، كي تلائم الظروف المستجدة والملحة أحياناً.

منذ تلك اللحظة وانا اصراع هذه النماذج، كل يوم اصطدم بأحدهم، وهو يمارس عاداته القذرة، دون خجل او وجل، مقياس التملق يصل بهم الى اعلى المقادير، حتى يفرز عقلهم كل الهرمونات المتعلقة بالكرامة، فلم يتبقى عندهم قطرة! من مسح الاحذية الى فتح ابواب السيارات الى اطفاء السيجارة في أيديهم، انه مرض اخطر من اللوكيميا.. لان الاخيرة تقتل الانسان اما التملق يقتل الكرامة.

“اللوگية”هي مرض مزمن، يجعل من “المتلوك اليه” في مكان لا يستحقه، وكثرة “اللوگيين” تشعر بالسعادة، وتتمنى أن يزداد عددهم، خصوصاً المداحين والكذابين والفارغين شكلاًومضمونا، اضيف لهم صفة الاستغلال، ومحاولة التسلق على أكتاف الغير، من أجل مصالحهم الشخصية، غايتهم قذرة كشخوصهم، الأنا هي كل ما يدور في رأسه، ينظر إلى الناس من دونه، وإلى اصحاب النفوذ والسلطة والمال، بعين الحاسد والناقم .. لكن تجده صاغراً إليهم، ويخضع بوجودهم، هكذا هو(اللوگي الكبير) يعبد المال والسلطة، ويعدها الغاية، وكل الوسائل متاحة، لو بحثت في قاموسهم، لن تجد مبادئ أو قيم، بل تنبعث رائحة نتنة، هي أقرب إلى الحقد المدفون، تحت جثة وحش، غرق في مجاري المياه الثقيلة، واختلطت اشلاءه، ببقايا من الحسد والبغضاء ومكر ثعلب ولد من مضاجعة شياطين وكلاب.

الأحزاب السياسية معظمها إن لم تكن جميعها، قد امتلأت بهم، وطفحت عفونتها بقذارتهم، حتى تسلقوا الى اعلى المراتب، تجدهم كذباب المراحيض، يتجمع حيث الأماكن التي تعج بالمتسلطين، وأصحاب النفوذ، يتناقلون الكلام، ويعملون لارضاء اسيادهم وإن لم يقتنعوا بهم، أولئك هم المنافقين حقا، وصفهم أمام المتقين علي(عليه السّلام) قائلاً:-” حسد الرّخاء و مؤكّدوا البلاء، و مقنطوا الرّجاء، لهم بكلّ طريق صريع، و إلى كلّ قلب شفيع و لكلّ شجو دموع’ وقال(عليه السلام) أيضاً” يمشون الخفاء و يدبّون الضّرّاء قولهم الدّواء و فعلهم الدّاء العياء يتقارضون الثّناء و يتقاربون الجزاء يتوصّلون إلى الطّمع باليأس و يقولون فيشبّهون ينافقون في المقال و يقولون فيوهمون).