لماذا فشلت “درعا” وإنتصرت “كوبانێ”؟- ملخص تحلیل نفسیإجتماعی – د. عبدالباقی مایی

 

فی مثل هذا الیوم من تموز ٢٠١٢ إندلعت ثورة الشباب فی مدینة “كوبانێ” فی سوریا إمتدادا لما سمیت بالربیع العربی الذی أطاح بنظام الحكم فی تونس ولیبیا ومصر و إنتشر فی معظم دول الشرق الأوسط وإن لم یصل فی جمیع هذه الدول إلی الإطاحة بأنظمة الحكم فیها. ومن الجدیر بالذكر بأن الثورة فی سوریا إندلعت أولا فی مدینة (درعة) ولم تستطع الصمود أمام عنف النظام وهجومه الشرس، بل أصبحت فی مهب الریح عرضة للمطاحنات السیاسیة الداخلیة والخارجیة. و سرعان ما إنتقلت الثورة إلی حرب أهلیة طاحنة وذلك بتدخل أجنبی مباشر كادت تۆدی إلی حرب عالمیة ثالثة بعد تدخل روسیا مع إیران دعما لنظام الحكم فی سوریا الذی كان هدفا لثورة الشباب.

ومع ظهور علامات الإنحراف والإنقسام بین صفوف معارضة النظام السوری، و نجاح الأحزاب فی الداخل والخارج فی تسییس الثورة لتحویلها من ثورة إجتماعیة إلی صراع سیاسی كلاسیكی بین الأحزاب السیاسیة، و نظرا” لتمتع الأحزاب فی المعارضة بالدعم الخارجی والتمویل الأجنبی، تبین للشباب الواعی فی سوریا بأن ثورتهم قد تم تسییسها و استغلت لتطبیق برامج سیاسیة بالإتفاق مع القوی الأجنبیة التی ظهرت فی الساحة لتنفذ برامجها وفقا لمصالحها الخاصة، فأجهضت ثورة الشباب التی كانت قد إندلعت من درعا بمبادرة واسعة من الحركات الإسلامیة آنذاك.

و فی نفس الوقت نضجت ثورة الشباب تدریجیا بین الإناث والذكور فی مناطق كوردستان فی شمال وشمال شرقی سوریا “روژئاڤا” منذ تواجد قیادة حزب العمال الكوردستانی فی هذه المنطقة بكوادره ودوراته التدریبیة للشباب منذ تأسیسه فی تركیا و إجباره علی حمل السلاح فی سنة ١٩٨٤. فإندلعت ثورة الشباب بقیادة مشتركة بین الإناث والذكور

من مدینة كوبانی ناضجة واعیة فی طریق الحریة لكی تنهض بشعوب المنطقة لإدارة نفسها بنفسها وعدم الإعتماد علی القوات الأجنبیة التی حضرت فی الساحة و حاولت النیل من هذه الثورة ولكنها لم تنجح فی محاولاتها. بل إستمرت ثورة الشباب فی “روژئاڤا” بعد نجاحها فی المقاومة التأریخیة الباسلة فی مدینة “كوبانێ” ضد الغزاة الإرهابیین من تنظیم داعش، وإنتشارها إلی مناطق أخری فی شمال وشمال شرقی سوریا وذلك من إنتصار وصمود فی كوبانێ أمام قوات النظام السوری إلی صمود أمام الهجوم الشرس للدولة الإسلامیة. ومن إنتصار إلی إنتصار أمام تخاذل المعارضة السوریة وتماطلها بإنضمامها مع الأنظمة الأجنبیة لكی تصبح أداة لإشعال نیران الإقتتال الداخلی فی سوریا تنفیذا لمخططات أجنبیة لا تنسجم مع رغبة الشباب السوری ولا تتبع مسار ثورتهم الإجتماعیة للمطالبة بحقوقها المشروعة فی التمتع بالحریة والعدالة وحقوق الإنسان كبقیة الشباب فی المجتمعات المتطورة فی عصر العولمة.

لازالت ثورة شباب “روژئاڤا” مستمرة علی نهجها الذی یۆمن بأن “المقاومة هی الحیاة” و تعتمد علی ضم كل فرد فی خضم النضال طفلا كان أم شیخا، أنثی أم ذكر، متعلما كان أم أمیا، لكی تتكون وتنمو قوة إرادة الشباب المتلاحمین من كورد وعرب وأثوریین و یزیدیین ومسلمین وغیرهم، كلهم قد كونوا شخصیتهم السلیمة الواعیة بناء” علی فلسفة “عبدالله أوجلان” التی ترتكز أولا وآخرا علی قاعدة إشتراكیة وتربیة مبنیة علی الحفاظ علی حریة الفرد منذ الطفولة وذلك بالإعتماد علی الذات و تكوین الثقة بالنفس وفق قواعد عالم الإجتماع “أنتونوڤسكی” كما تری تفصیلا لمصادرها فی هذا الرابط:

 

 

١٩\٧\٢٠٢١