العقل يعشق كل جميل :- بقلم ( كامل سلمان )

لماذا الإنسان عندنا يعشق الدول الغربية و يسعى للحصول على موطىء قدم فيها ضمانة له ولمستقبل عياله ، لإن النظام عندهم جميل والقانون جميل والحياة جميلة والأمان جميل والاخلاق جميلة والرياضة والفن والعلم جميل ، وحقوق الإنسان جميلة ، فكل شيء عندهم جميل ، فهل هي بالأساس كانت كل هذه الأشياء جميلة ، اكيد لا وهل تحولت بقدرة قادر الى هذا الجمال أكيد لا ، فأمريكا على سبيل المثال كانت جحيم قبل قرنين او ثلاثة واوربا كانت مظلمة وكسيحة والحياة فيها جحيم قبل قرون ولكن الان اصبح كل شيء جميل ، وهذا يعني ان الافكار التي قادة الحياة عندهم صنعت كل هذا الجمال وحولت تلك التعاسة و القباحة الى جمال بمعنى اخر ان الإنسان الصحيح في بناءه وتركيبته هو الذي يصنع الجمال ، والإنسان نفسه يصنع الحياة القبيحة عندما يكون قبيح بتركيبته الايدلوجية ، نعم انا اعشق الافكار التي تجعل حياتي أجمل وهذه طبيعة البشر الصحيحة ، فلو عدنا الى الوراء قليلا وتحديدا في سبعينيات القرن الماضي كانت بغداد الأجمل حتى ان احد موظفي السفارات الاجنبية قال يومها ( الحصول على وظيفة داخل سفارة بلده في بغداد بالنسبة للموظفين عندهم يعني حلم يعني الذهاب الى حيث الراحة والامان والجمال ) حينها كانت الافكار التي تسير المجتمع عندنا خالية من الملوثات وكانت نقية لمجتمع نقي . الثقة بالدولة وبالمجتمع واحدة من الاشياء التي يبحث عنها الإنسان في كل مكان ، فلا تستغرب ان تجد قادتنا وسياسينا ورجال ديننا والاغنياء وقادة الاحزاب يودعون اموالهم وعوائلهم في الدول الغربية ويعملون في بلدانهم على قتل الثقة وتشويه الحياة لإن الافكار التي تستحوذ على عقولهم غير قادرة على صناعة حياة جميلة في بلدانهم وبنفس الوقت يعملون ليلا ونهارا على الكراهية للغرب ويحثون الناس على اتباع افكارهم التي تصنع البؤس للناس ويحاولون تجميلها بالكذب والخداع ويحاولون صرف انظارنا نحو الماضي السحيق واعادته الينا ظنا منهم بإن ذلك الماضي الاسود كان جميلا . وهم يعرفون تمام المعرفة بإن الجمال لا يحتاج الى وسائل ايضاح لإن الجمال ينطق ويعبر عن نفسه ويفرض نفسه .
ليس من المنطق والعقل ان يترك الملايين من الناس بلدانهم للبحث عن العيش في الدول الغربية وفي بلدانهم المؤهلات الكافية لكي تكون الحياة شبيهة لمثيلتها في الدول الغربية فكل ما يحتاجه الناس نقل الخبرة من هؤلاء الذين صنعوا الجمال في الغرب والمجيء بها الى هنا ومعرفة من اين تكون البداية ، وتغيير الحال الذي يعيشونه رغم العائق المتمثل بالارتباط الروحي العميق بالموروث السيء ، فلا خطوة الى الامام دون ان تسحب قدمك من الخلف ودفعها لتحصل على خطوة للأمام وعدم النظر الى الخلف …
لم يكن تفكير نيوتن معجزة عندما شاهد التفاحة تسقط من الشجرة فهذه من البديهيات ان تسقط التفاحة على الارض ولكن المعجزة حينما تساءل نيوتن لماذا تسقط التفاحة من الشجرة على الارض ، لماذا لم تطير التفاحة الى السماء وبعد كلمة لماذا أعطى لنفسه مجال البحث فوجد سر المعجزة وهي الجاذبية وهكذا كان علماء و مفكروا و مثقفوا العالم الغربي يضعون كلمة لماذا امام اية حالة اجتماعية وعلمية وسياسية سيئة فيبحثون ثم يجدون بعد كلمة لماذا المعجزات فقرروا التغيير وبشجاعة كبيرة لإن الثقافة والعلم تكون عديمة القديمة مالم تغذيها الشجاعة . تصوروا كلمة لماذا هذه عندنا فيها محظورات لإنها ستفتح لنا مستنقعات التخلف كلها وستطيح بكل الموجودات فهي مبدأيا من المحرمات . كل ما علينا فعله ضمن المساحة المسموحة لحل المشكلة هي إيجاد الحلول الترقيعية المؤقتة وتحميل رب العالمين باقي المسؤولية ولكن الى متى ؟ فبالأمس كانت المعلومات المتداولة عن باقي الشعوب محدودة جدا ولكن بفضل التطور التكنلوجي اصبح كل شيء سهل التداول وسهل المعرفة فبدأت كلمة لماذا تطرح نفسها بقوة عند الأطفال قبل الكبار ، لماذا حياتنا سفك دماء ؟ لماذا الفساد في كل مكان ؟ لماذا الخوف ؟ لماذا الجوع؟ لماذا التخلف رفيق دربنا ؟ ولماذا و ١٠٠٠ لماذا . وهذا يعني لا مناص من العودة الى كلمة لماذا والبحث ما بعد لماذا وتشخيص العلل وايجاد البدائل استجابة للعقل والمنطق ، فلم يعد الدعاء والتوسل برب العالمين هو الذي يغير الاحوال طالما مفاتيح الحل هي عندنا ولا ندري هي عندنا وبالتالي لا نريد مصداقية قوله تعالى ( رضوا بأن يكونوا مع الخوالف ) تنطبق علينا فنحن اسمى من هذا الوصف الذي لا يليق بمجتمع مثل مجتمعنا وعقول مثل عقولنا و نريد ان نقول كلمتنا بإننا مع الحياة الحرة ولسنا مع الخوالف المتخلفين الذين رضوا بالذلة والمسكنة ورضوا بحياة الكهوف المظلمة .