حرية التعبير / د.سوزان ئاميدي

صارع الانسان منذ القدم من اجل الحرية واخذ مداها في جميع المجالات واحدها في المجال السياسي وتمثلت هذه الحريةبمشاركته وتجسيد رأيه في إختيار الحكومة التي يرى بانها قادرة على تحقيق مصالحه والمصالح العامة ويتم ذلك عبر آلياتالمشاركة السياسية التي تترجم حريته الى أمر واقع ومادي وملموس .

وقد وردت أول إشارة لحرية التعبير الى الاعلان العالمي لحقوق الانسان في 10/12/1948 وأقرت الجمعية العامة للاممالمتحدة به وأصدرته وطلبت الجمعية من البلدان الأعضاء ان تدعو لنص الإعلان وان تعمل على قراءته وشرحه ونشره وتوزيعه , (تنص المادة 19 من الاعلان على ان لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير ويشمل حرية اعتناق الآراء دون اي تدخلواستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها واذاعتها باية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية ) وكذلك المادة 19 من العهد الدوليالخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي اعتمد للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العام للأمم المتحدة في16/12/1966 وقد صادق العراق على العهد الدولي في 25/1/1971 وبموجب نص المادة 38 من الدستور العراقي الدائموالمصادق عليه في الاستفتاء الشعبي العام في 15/12/2005 اكفل فيه حرية التعبير عن الرأي والتجمع السلمي ,وتوقيعالعراق على العهد الدولي الزم نفسه بتطبيق المعاهدة الدولية .

ان حق التعبير هو تصرف الفرد او الجماعة تجاه المجتمع السياسي الذي يعيش فيه ولايمكن حصر شكل هذا التعبير الا انذلك يرتبط  ومستوى الوعي , وللتنشاة دور كبير في اختيار شكل التعبير , فللعائلة والمدرسة بكل مستوياتها الدراسية دورتربوي اساسي على التنشاة وكذلك وسائل الاعلام بكل انواعها بل أرى انها الاكثر اهمية في التاثير على راي الجماهيرواخيرا وليس اخرا الاحزاب السياسية هي الاخرى تلعب دورا مهما على الفرد في صياغة المفاهيم والاحداث السياسية ويكوندورها في الغالب سلبيا لانها تجعل الفرد مرتبطا بمصلحة الحزب .

في الواقع ارتبطت حرية التعبير بالديمقراطية كون الديمقراطية تعطي المواطنين الحق في الممارسة السياسية من خلالالتعبير عن رأيهم بكل حرية بعيدا عن الضغوطات والتقيدات وهذا يتم عندما تخفف السلطة تاثيره على المجتمع وتعزز من حقالجماهير في الدفاع عن نفسها وسيادة القانون ورفض الاعتقالات غير الشرعية وتبديل كل ذلك بإتاحة الفرصة للتنظيماتالمهنية من اجل توعية المواطن لغرض تاهيلهم للمشاركة من باب ربط الحرية بالحق عند ذاك تصبح حرية التعبير امرا واقعا حيافاعلا وملزما .

في الحقيقة مقدار ضمان الحريات الاساسية كحرية التعبير وحرية النشر وحرية الحصول على المعلومات وحرية الاجتماعوحرية تشكيل مؤسسات المجتمع المدني  من دون وصاية من السلطة وحرية تشكيل الاحزاب وعملها بشكل مستقبل تعتبر اهممعايير الانتخابات ونزاهتها .

ويعتبر المواطن هو حجر الاساس في تمكين الانظمة لأكتساب شرعية لسلطتها وذلك من خلال عملية مشاركة الفرد السياسية ( الانتخابات) والتعبير بحرية لاختيار سلطته السياسية والذي يعكس نوع ارتباط الفرد السياسي .

وهناك عدة تفسيرات للتعبير الحر في اختيار المواطن سلطته السياسية

• الاختيار العقلاني

• الاختيار العاطفي

• الاختيار البيولوجي الوراثي

وترتبط حرية التعبير بنزاهة العمليات الانتخابية بمعنى اخر وهو حيادية الجهة المشرفة على العملية الانتخابية فضلا عنالاعلام ومدا مساهمته اذ يعتبر الاعلام عاملا مهما للغاية في انجاز مرحلة الانتخابات الديمقراطية فمن خلال مراقبة الاعلاميمكن قياس نسبة تغطية الموضوعات الانتخابية وظهور بعض الانحيازات الجديدة او غيابها , وملائمة التدخل الاعلاميلاتجاهات بعض المتنافسين السياسيين فضلا عن كفاية المعلومات المنقولة الى المقترعين عبر الاخبار والرسائل السياسيةالمباشره فضلا عن برامج لتزويد عامة الشعب بالمعلومات والاعلانات الهادفة لتثقيف المقترعين .

وبالتالي لابد ان يكون الاعلام حرا ونزيها كي يكسب ثقة الشعب فإن مراقبة الاعلام تهتم بخلق تفاعل حقيقي بين عدة حقوقانسانية اساسية ترتبط ببعضها بما فيها الحق بإجراء إنتخابات نزيهة وحق المرشحين بالتعبير عن رسائلهم في حملة انتخابيةلإستمالة جمهور الناخبين وحق الإعلام في البحث عن المعلومات ونقلها لتثبت نزاهة العملية السياسية وعدم حصول ما يزعزعمصداقيتها .

وبالتأكيد ان حرية الإعلام وحرية التعبير فيه من إحدى أهم المبادئ الأساسية في النظم الديمقراطية بمعنى آخر حياديةالإعلام من خلال تأمين المعلومات الدقيقة والمتوازنة التي تفيد الشعب في اتخاذ الخيار السياسي الحر والواعي فحرية التعبيروالوصول الى المعلومات تعزز من فعالية المشاركة السياسية للجماهير اي لا يمكن ممارسة هذا الحق ( حرية الرأي والتعبير ) بدون حرية الحصول على المعلومات او حرية الإعلام بكافة اشكاله المطبوع والمرئي والمسموع والاليكتروني .

وهنا سؤال يفرض نفسه : هل الإعلام لدينا يجسد ويمثل التقييمات المذكورة ؟

ولتامين حرية التعبير لابد من قوانين ترفض اي قيود عليها إلا على أسس مشروعة وضرورية بحدود المادة 19 من الإعلانالعالمي لحقوق الإنسان , هذا لا يلغي وجود القيود القانونية الضرورية على حرية الرأي والتعبير ,وذلك لغرض تنظيم ممارستهاولضمان إحترام حقوق او سمعة الآخرين  او الأمن الوطني والنظام العام او الصحة العامة او الأخلاق العامة

واخيرا وليس آخرا ان حرية التعبير ان لم تكن مطلقة في اي دولة وذلك لضبط ممارسة الافراد والحيلولة دون استغلالها بشكلمغاير للغاية والأهداف السامية التي أقرت من أجلها وهو الوصول الى توازن بين حقوق الفرد وحرياته في مجتمع ديمقراطيعلى ان تكون تلك القيود محددة بنص قانون .