الوعي القومي الكوردي عند الشباب / د.سوزان ئاميدي 

الوعي يعني فهم وإدراك ودراية بما يحيط بالفرد من أشياء وقضايا تتعلق به وبالعالم ومن ثم يستجيب لها ، والوعي القومييعتبر اساس انشاء الأمة ذو خلفية عرقية ،لغوية ،ثقافية وتاريخية مشتركة .

وفي الواقع مع وجود التغيير الاجتماعي على مر الزمن من عادات وتقاليد وافكار وآراء ونظريات ومشاعر بالضرورة سيعكسواقع اجتماعي مغاير إلا أنه واقعي .

ومع تدهور المعطيات (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية) فمن المؤكد سيرافقها تدهور بالوعي القومي مما يؤديالى تدهور في ألأمن القومي ، ومن اجل دعم ألأمن القومي لابد من تقوية وتعزيز الوعي القومي.

في الحقيقة والواقع الشباب هم اساس بناء الأمم ومن اجل زيادة وعيهم القومي لابد من تعريفهم بدورهم الوطني وتثقيفهموتنمية وعيهم ، فبناء الوعي من اهم أولويات تقوية الشباب لتعزيز دورهم في الأمة والوطن.

ومن اجل تفعيل دور الشباب في الدفاع عن الامة والوطن وبنائه لابد من تنمية روح الانتماء فيهم وذلك من خلال الاهتمامبإمكانياتهم و مقوماتهم و زرع الثقة بهم ، وكل ذلك يبدأ من تربية البيت حيث العائلة ومن ثم المراحل الدراسيةوتنتهي بالمؤسسات المختلفة.
ارى اليوم ان  المؤسسة الإعلامية من التلفاز بقنواتها الفضائية والمنصات الاعلامية ومواقع التواصل الاجتماعيلها دورا مهما وبارزا في تعزيز الوعي القومي ان تم توجيهها بأكاديمية وذكاء اجتماعي او بالإمكان تكوين منظومة إعلاميةتقدم نموذجا مثاليا للدور الذي مفترض ان يكون عليه الإعلام المعاصر .

الشعور القومي الكوردي هو ليس نعره سلبية بل هو  شعور صادق منبثق من روابط الحياة الاجتماعية الموروثة ومن تاريخاجداده كما هو الحال مع اي شعور قومي آخر .

الا إن واقع الوعي القومي عند الكورد له جذور نفسية من أثر التجليات التاريخية السياسية الاجتماعية والاقتصادية , وقد عززعدم امكانية الكورد في المشاركة السياسية في صنع القرار السياسي في الانظمة الدكتاتورية الوعي القومي للكورد ممادفعهم الى ان يكون سلوكهم السياسي يسير باتجاه الحفاظ على هويتهم المهددة . ولان الهوية تُعبر عن وجود الذات فقداصبح لزاما على الكورد النضال لاستعادة حقوقهم القومية المسلوبة ,  فان فقدان الانسانية في التعامل مع الكورد من حملاتالابادة جعلهم يبحثوا عن الاسباب , ولان الاختلاف الحقيقي بين الكورد والانظمة الحاكمة لهم يكمن في القومية وهذا ما اثبتتهالشعارات السياسية التي كانت تحملها هذه الانظمة في تعاملهم المستبد للكورد ,وبالتالي اصبح الكورد يخافون على هويتهمالقومية وبقائها .

فعندما يتحول الشعور القومي الى اساس في التعامل مع الاخرين من القوميات ويدفع بصاحبه الى قمع الاخرين منالقوميات ومن ثم اضطهادهم وابادتهم , بمعنى انه يصبح السلوك الى الخطر الذي يحدق بالوطن والامة , وهذا ما حصلتماماً في تعامل الانظمة المتعاقبة مع الكورد وفي جميع اجزاء كوردستان .

فمن أهم المعضلات في السلوك السياسي عندما يكون سلوك الفرد قومياً , بمعنى أن ينظر كل طرف لصالح قوميته فقط دونغيرها الأمر الذي يعطي صورة شوفينية في العمل السياسي والاجتماعي .

الا ان هذا التعامل الشوفيني من الانظمة الدكتاتورية مع الكورد واعتراف العالم بانها جرائم (جينوسايد) بحقهم , لم يدفعالكورد الى ردود فعل سلبية , بمعنى آخر ان  هذه الجرائم لم تجعل من الكورد قوميون شوفينيين , وتاريخ الكورد يثبت التعاملالانساني للبيشمركة مع المدنيين والاسرى , فلم تكن القومية ذات تأثير على الكوردي في سلوكه مع الاخر لان شغله الشاغلكان ضمن حدود العشيرة وعدَّ نظام العشيرة هو القانون الأسمى , وهذه الحدود الضيقة غدت عائقا يمنعهم من خدمة قوميتهم, فضلا عن الفكرة الاسلامية والتي لعبت دورا فعالا في الحيلولة دون تكوين وعي قومي .

وبالتالي فإن الشعارات القومية للكورد حكومةً وشعباً ومنذ اول حركة نضالية لهم والى يومنا هذا لم تكن ولن تكون عاملاللسلوك القومي الشوفيني مع الاخرين انما كانت ردود فعل طبيعية وعملاً راقياً دؤوباً في النضال للحفاظ على هويتهم القومية.

فالناظر اليوم الى السلوك السياسي الكوردي نظاماً وشعباً وتعاملهم الانساني مع النازحين من العرب وباقي المكوناتالعراقية  وحتى السورية , له مؤشر واضح لما يحملة الكورد من سلوك انساني  , اذ قدمت حكومة كوردستان كل مافي وسعهامن الخدمات لمساعدة النازحين فضلا عن محاربة البيشمركة للارهاب وتقديم الضحايا من الشهداء لتحرير مدن وقرىالنازحين من داعش حتى اصبح هذا السلوك محل شكر وتقدير كل العالم ,  وهذا هو انعكاس لما يحمله الكورد ويتمتعون بهمن ثقافة تقبل الاخر والتعايش السلمي مع كل القوميات .