معبر سێمالكا دليل الفشل- د. عبدالباقي مایی

 

لدينا حاليا فی كوردستان سلطتان شبه مستقلتان جارتان علی طرفی الحدود الدولی بین العراق وسوريا. هذه الحدود التي رسمت لتقسيم كوردستان دون إرادة الشعب، و معترف به عالميا منذ تقسيم كوردستان بین تركيا وإيران والعراق وسوريا فی أعقاب الحرب العالمية الأولي وفق إتفاقية سایكس پیكوت سنة ١٩١٦. وهی الحدود التي لم یعترف بها الشعب الكوردی المنقسم علی طرفی الحدود فی أی جزء من كوردستان بالرغم من التزام القيادات الكوردیة بها علی مر الدهر تحت ضغط سلطات الإحتلال وفق القوانين الدولية السارية المفعول.

تسيطر علی هاتين السلطتين الكوردیتین الجارتين فی كل من أقلیم كوردستان العراق (الذي تأسس بعد إنتفاضة سنة ١٩٩١) والإدارة الذاتية فی غرب كوردستان “روژئاڤا” (التي تكونت فی شمال شرق سوريا بعد اندلاع الحرب الداخلية فی سوريا سنة ٢٠١١) قيادات سیاسیة وعسكرية تحت راية أكبر الرئیسین المتنافسين فی جميع أجزاء كوردستان، إذا أخذنا النظام الحكومي الفعلي فی كل من السلطتين و الشعارات المعلنة مقياسا دون دليل علمي متفق عليه.

هاتان السلطتان تمثلان طرفی النقیض فی المبادئ والقيم الإجتماعیة فی كوردستان، حیث یحكم أقلیم كوردستان العراق نظام إجتماعي فوقی تقلیدی متحفظ يعتز بالقيم العشائرية العريقة فی مجتمع كوردستان الجماعی ویقدس العائلة الحاكمة التي توارثت فی قيادة الثورات المسلحة فی كوردستان ویتنافس مع الإسلام السیاسی فی العقيدة والدين، بينما یسود فی روژئاڤا نظام تقدمی إشتراكی ینبع من القاعدة و یعتمد علی الفرد فی المقاومة والمسۆۆلیة المشتركة بین المرأة والرجل علی كافة المستویات، وإن كانت السلطتان متشابهتان فی تقديس الرئيس القائد والفكر الثابت و التضحية والفداء.

تأريخ الكورد وكوردستان لایخفی علی أحد دلائل وحدته شعبا و وطنا ولغة وعادات وتقاليد بالرغم من إستمرار الإحتلال وتكرار النكسات وفشل السياسات المتتالية فی قيادة هذا الشعب فی ثوراته المتواصلة من أجل الحرية والاستقلال. فالوطن الواحد بطبيعة أرضه وجغرافيته المتواصلة من البحر إلی الخليج، والشعب الواحد فی عراقة تواجده فی هذا الوطن واعتزازه بلغته رغم إختلاف اللهجات، واستمرار هذا الشعب فی النضال رغم فشل قياداته المختلفة، تؤكد علی توفر الشروط اللازمة للتمتع بحق تقرير المصير، ولكن المانع فی بلوغ الهدف ماهی إلا تلك السياسات الفاشلة التي تتبناها قياداته بعد أن تستلم زمام الأمور فتصبح أداة فی ید سلطات الاحتلال فتنفذ برامجها فی إستمرار الاحتلال لخدمة مصالحها الشخصية والحزبية، فتصبح القوات المسلحة التي تتكون من الشعب لحماية الشعب والوطن تجد نفسها ترضخ تحت السلطة الحاكمة بإسم الكورد وكوردستان لتخدم سلطات الاحتلال بدلا من خدمة الشعب والوطن.

كیف نفهم عدم التفاهم بین السلطتين الكوردیتین الجارتين علی طرفی الحدود فی معبر سێمالكا، وغلقه فی وجه الجماهير من أبناء هذا الشعب الذي لايزال يقاوم ویضحی من أجل الحرية والاستقلال، إذا لم یكن ذلك دليلا واضحا علی فشل السلطتین فی تنفيذ مطالب جماهير هذا الشعب فی الوحدة والحرية والإستقلال؟!

١٩\٥\٢٠٢٣