إنسحاب الروس من أرپاد (تل رفعت) خلفها مصيبة بالضرورة- بيار روباري

 

 

في الأيام القليلة الماضية خرجت علينا وسائل الإعلام المختلفة ومنها الكردية القريبة من الإدارة الذاتية لغرب كردستان، بخبر مفاده:

“إنسحاب القوات الروسية من مدينة أرپاد (تل رفعت) الكردية، ومحيط مطار منغ العسكري” الواقعان في ريف حلب الشمالي، والقريبين من الحدود المشتركة بين غرب كردستان (سوريا) وشمال كردستان (تركيا).

حيث أوردت وكالة “هاوار” الكردية المقربة من الإدارة الذاتية قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، خبرآ قالته فيه: أن القوات الروسية أخلت قواعدها في مدينة أرپاد  وقاعدة في (مطحنة الفيصل) القريبة من قرية كشتعار، لكن في المقابل وسائل إعلام أخرى نفت الخبر، ومنها المرصد السوري لحقوق الإنسان، وقيادات بعض الفصائل السورية المتحالفة مع النظام التركي المجرم، المتمركزة في المنطقة الحدودية وتحتل منطقة أفرين.

 

بغض النظر إن كان ذلك الإنسحاب كاملآ أو جزئيآ أو تكتيكيآ، فعلى القيادة الكردية أن تكون حذرة جدآ وجاهزة لأي تطور عسكري جديد على الأرض، ومن ضمنها غزو تركي عسكري بري مفاجئ. لأن أي خطوة من هذا النوع هدفها الوحيد بالضرورة الضغط على الطرف الكردي لتقديم تنازلات لصالح النظام الأسدي أو العصابة الأردوغانية أو كليهما معآ. وتجربة الشعب الكردي مع الدب الروسي عبر التاريخ وعلى مدى (200) مئتي عام، مريرة ومليئة بعمليات الغدر والطعن في الظهر، تارة فعلوا ذلك لصالح المحتل العثماني – التركي، وتارة لصالح المحتل الفارسي، والهدف من ذلك تحقيق مصالح روسيا الأمنية والسياسية والإقتصادية. وأخر عملية غدر قام بها الأوغاد الروس وغدروا بها الشعب الكردي كانت في العام (2018)، عندما إنسحبوا من منطقة “كفر جنة”، وعلى ضوئها غزت الجيوش التركية منطقة أفرين وإحتلتها ومازالت محتلة لليوم، والجرائم التي إرتكبها الجيش والعصابات السوركية المتحالفة معه، أكثر من أن تحصى، هذا عدا عن تهجير معظم سكان المنطقة، وللمفارقة قسم من هؤلاء المهجرين من أفرين يعيشون الأن في مدينة أرپاد (تل رفعت) الكردية!!!!

السؤال: ما هي نوع التنازلات التي يطالب بها الروسي الجانب الكردي؟؟

 

الحقيقة هناك عدة مطالب، هناك مطالب أنية مباشرة وهناك مطالب نهائية ولكن تحتاج لبعض الوقت من هذه المطالب:

1- ضخ كميات أكبر من النفط والغاز لمناطق سيطرة النظام مع تسهيل عمليات نقله.

2- أن تقبل الإدارة الذاتية بقيام نظام الأسدي بفرض ضرائب على البضائع والأشخاص القادمين من مناطق الإدارة الذاتية إلى مناطق سيطرة النظام وخاصة مدينة حلب وغيرها من المدن.

3- فتح عدد أكبر من المعابر بين مناطق سيطرة النظام ومناطق الإدارة الذاتية، وأن تتولى الشرطة العسكرية الروسية إدارة هذه المعابر!!! الهدف زيادة النهب والسرقة وزعزعة وضع الإدارة الذاتية.

4- تسليم منطقة ريف حلب الشمالي بأكمله للنظام الأسدي، بحجة منع تركيا من إجتياح المنطقة بأكملها.

5- تسليم مدينة الطبقة وسد الفرات للنظام الأسدي، بهدف حرمان الشعب الكردي من مياه بحيرة الطبقة والتيار الكهربائي الذي ينتجه سد الطبقة.

6- روسيا تسعى وبشكل حميم تسليم الطريق “إم 4” الواصل بين مدينة حلب واللاذقية للنظام الأسدي، نظرآ لأهمية هذا الطريق وتأمينة عسكريآ من مجموعات الفصائل المتطرفة المتصالحة مع اردوغان ونظامه المجرم. حتى يحصل هذا لا بد من إرضاء تركيا واردوغان بشيئ ما، فخطر لهم مدينة أرپاد (تل رفعت) كمقابل، ولهذا قاموا بهذه الخطوة. مثلما قدموا أفرين لتركيا مقابل الغوطة في العام (2018).

7- عودة الإدارة إلى حظيرة النظام الأسدي وتسليم منطقة الجزيرة برمتها للنظام ودمج قوات قسد في جيش الأسد المجرم،وذلك من خلال ممارسة شتى أنواع الضغط على الإدارة الذاتية، وتخويفها بتدخل عسكري تركي في شرق الفرات وخاصة بعد فوز اردوغان في الإنتخابلت وإنفتاح العرب على النظام الأسدي وعودة هذا الأخير للجامعة العربية. وهذا هو الهدف النهائي للروس والفرس وحزب اللات والمجرم بشار الأسد ونظامه الطائفي المقيت.

 

ومحاصرت قوات النظام الأسدي للأحياء الكردية في مدينة حلب منذ أكثر من شهر، ومنع دخول المواد الضرورية المختلفة إليها، وفي مقدمتها هذه المواد: المحروقات، الطحين، المواد الغذائية، الأدوية، الغاز يأتي ضمن مشروع روسي – أسدي – فارسي القذر، الهدف إركاع الإدارة الذاتية ودفعها للإستسلام للنظام، وهذه الحصار ليس الأول من نوعه ولن يكون الأخير.

هذا الوضع الغير إنساني والغير مقبول، دفع بالإدارة الذاتية وقوات الأمن الكردية في الحسكه وقامشلوا الأسبوع الماضي بحصار قوات النظام داخل المربعين الأمنيين للنظام في كلتا المدينتين، حيث منعت القوات الكردية، قوات النظام وآلياته وعناصره من الدخول والخروج منها، بالإضافة إلى عتقال عدد من عناصر قوات النظام داخل مدينة الحسكه.

 

هذا التحرك الروسي الأخير، ليس معزولآ عن قصفه لمناطق في محافظة إدلب وتحديدآ في جبل الزاوية بشكل مفاجئ، ولا عن كلام الإرهابي “محمد الجولاني” زعيم جبهة النصرة عن فتح حلب وإنشاء كياني سني في المنطقة، ولا عن التحركات الإيرانية العسكرية ضد القوات الأمريكية شرق الفرات، ووصول وفد أمريكي عسكري إلى شرق الفرات ولقائه قيادات عشائرية تحكم مناطق في دير الزور ومنها قوات الصناديد المتحالفة مع قوات قسد.

 

في الختام، على الإدارة الذاتية وقيادة قسد أن يكونا حذرين للغاية من خطوات الوغد الروسي، حيث لا أمان له على الإطلاق. ولا ننسى أن النظام الأسدي المجرم ومن خلفه ملالي قم والدوب الروسي يشعران بقوة بعض إنفتاح قادة العرب على الطاغية بشار ونظامه، وليس مستبعد أن يتفقوا مع اردوغان على تبادل الأراضي فيما بينهم، أي أرپاد (تل رفعت) مقابل الطريق (إم 4)، أو أي شيئ أخر. كل الذين يحيطونا بنا أعداء شعبنا الكردي والإدارة الذاتية في غرب كردستان ومن ضمنهم عصابة البرزاني وجماعة المكنسة، ويبحثون عن أي فرصة للإنقضاض على الكيان الكردي الوليد. ولولا وجود القوات الأمريكية المتحالفة مع قوات سوريا الديمقراطية، لهجموا جميعآ على الفور علينا كشعب كردي في شرف الفرات ومن جميع الجهات وفتكوا بنا هؤلاء الوحوش البشرية الشريرة. هؤلاء يكرهون كل شيئ كردي، حتى إسمنا وإسم بلدنا كردستان، ولغتنا وأزيائنا الشعبية وأعيادنا وتراثنا وأغانينا، إن تمكنوا أزالونا من الوجود بكل معنى الكلمة.

 

02 – 06 – 2023