رجل غير خارطة العالم.. نجاح محمد علي 

في ليلة الخامس من حزيران 1989ويومها تجمع الملايين من أبناء طهران والمعزون من أبناء المدن والقرى،في مصلى طهران الكبير ليلقوا النظرة الأخيرة على الجثمان الطاهر لرجل أحيا حلم الأنبياء و أعاد للاسلام ديناميته، وفرض بنهضته وثورته سيادة القيم والكرامة في عصر الظلم الأسود ، و التوجه الي الله والعودة الي الفطرة الانسانية.
لم يكن في مصلى طهران الكبير ثمة ايّ مظهر من مظاهر المراسم التقليدية عديمة الروح. كان كل شيء جماهيرياً تعبوياً وعشقياً. وكان جثمان الإمام الموشح بالقماش الأخضر موضوعاً على دكة عالية يضيء كدرّة نفيسة ويتحلق حوله الملايين من أصحاب العزاء . وكان كل واحدٍ من ذلك الجمع الغفير يتمتم بحزن مع إمامه الفقيد ويذرف الدموع.
امتلأ المكان والطرق السريعة المؤدية الى المصلى بالجماهير المتوشحة بالسواد. ورُفعت أعلام العزاء على الأبواب والجدران، وانطلق صوت القرآن يدوي من مآذن المساجد والمراكز والدوائر والمنازل. وما أن هبط الليل حتى أوقدت الشموع تذكيراً بمشعل الحرية الذي أوقده الإمام. أضاءت الشموع منطقة المصلى وما حولها. تحلقت العوائل المفجوعة حول شموعها وهي ترنو الى المرتفع النوراني الذي رقد فيه إمامهم المحبوب.
حقق الإمام الخميني للشعب الايراني مالم يحققه أي قائد آخر في تأريخ ايران. فقد صنع صخرة التلاحم الاسطوري بين الأمة المؤمنة وبين قياداتها العظيمة المتمثلة في مرجعها الإمام الخميني.
تبنى الامام نظرية ولاية الفقيه كمنهج حياة بل أحياها من بين نظريات الحكومة الاسلامية لأنه ليس أول فقهاء الشيعة الإثني عشرية ابتكاراً لها ، لكنه كان أولهم سعياً الى تطبيق هذا المنهج الرباني في الواقع العلمي.
وتمتاز هذه النظرية بأنها اكثر نظرية سياسية فقهية تعطي للفقية صلاحيات حيث للفقيه والذي يسمى بولي أمر المسلمين او الولي الفقيه صلاحيات في ادارة جميع ميادين الدولة.
ما فعله الإمام الخميني لم يكن مجرد الإطاحة بنظام ديكتاتوري قمعي ، متغطرس ، متعجرف ، ومعاد للشعب ، ومناهض للديمقراطية ، واستبدادي. فقد فككت ثورة الإمام سيطرة القوى الاستكبارية الكبرى في إيران. بفضل ثورة الإمام الخميني التأريخية التي لايزال ظلها يهيمن على الدول الإسلامية وغير الإسلامية الأخرى في أجزاء أخرى من العالم ، لايزال الامام بالنسبة للأشخاص الذين يبحثون عن طريق للتحرير ، مصدر إلهام .
من هنا فقد حقق الإمام رغبة الشعب الايراني في الاصلاح وسيادته الكاملة على اراضيه وخلق الوعي السياسي للشارع الايراني المسلم وإبعاد دوائر الاستعمار والتدخل الاجنبي الى غير رجعه. واستطاع الامام بعد ذلك ان يستوعب الامة بمختلف طبقاتها لانه آمن بأنها القادرة على صنع مصيرها الذي تريد اذا توفرت لها القيادة التي تبعث فيها روح الثورة والجهاد وتعيد ثقتها الى نفسها ولأنه اخلص لها كل الاخلاص فكانت آلام كل فرد منها هي آلامه وهمومه ولم يكن رضوان الله عليه يتعامل مع المرجعية على أنها امتيازخاص يعزله عن مجتمعه بل تعامل معها على انها مسؤولية كبيرة لابد ان ينهض بأعبائها على اكمل وجه. فكان المرجع القائد الذي يرسم الطريق ويسير فيه الى المقدمة.
ساعدت أفكار الامام الخميني الدول الأخرى في السعي نحو التحرر من الهيمنة ؛وبينت هذه الأفكار الطريق للجيل الذي سعى إلى التغيير والثورة ومواجهة الغطرسة والاستبداد والاستعمار الأجنبي والاستبداد الداخلي. إن مثل الامام العليا تتجاوز إيران وتكسر حدود الائتمان السياسي وتجعله رمزاً لكل الأمم المظلومة وفي عبودية الاستبداد الداخلي والاستعمار والاستغلال والغطرسة الأجنبية.
هناك العديد من الدلائل الواضحة على أن أفكار الإمام الخميني الإصلاحية والثورية ، ليس لها تاريخ انتهاء. لا تزال العديد من الدول في الشرق الأوسط ، والقرن الأفريقي ، وحتى أوروبا والولايات المتحدة تلتزم بها وتعتز بها وتسعى جاهدة لجعلها رمزًا لنضالها.
حقق الإمام الخميني الاصلاح الأكبر في عالمنا المعاصر، واعتبره الكثيرون من اكثر الرجال تأثيراً في القرن العشرين ووسمته مجلة التايم برجل العام للعام 1979، لقد فرض فكرته الاصلاحية الثورية على الواقع الاسلامي دون ان يأبه بردود الفعل المضاده وتلك عي القيمة الحقيقية للمشروع الاصلاحي، وتلك هي الصفة الاساسية للمصلح، فليس هناك مايضعف العزم عنده مادامت الرؤية واضحة، وهذا ما جعل الامة تلتف حوله لانها وجدت فيه القائد الواثق من نفسه و مشروعه وامته فمنحته كل الثقة والولاء.
الإمام الخميني تجاوز الحدود الجغرافية وأصبح نموذجًا عمليًا لحركات التحرر الإسلامية والعالمية ، ولهذا السبب لا يزال هدفا، لسهام محور الشر الذي لا يزال يشعر بالخوف والخطر من أفكاره الاصلاحية.
طريق الإمام الخميني هو تحكيم دين الله في المجتمع المسلم والحياة العامة للناس..
بعد إعلان قيام الجمهورية الإسلامية ، أعلن ذلك الرجل العظيم الإمام الخميني “أننا لن نضطهد أحداً ، ولن نقبل لأحد أن يضطهدنا. ولن نكون تحت وطأة القهر” ، موضحاً وكلمة “مقاومة الظالم ونصرة المظلوم” مأخوذة من نصوص الدين والقرآن ، ويؤكدها حكماء الدنيا وكل العقلاء.
• نجاح محمد علي صحفي استقصائي مستقل من العراق. خبير في الشؤون الايرانية والإقليمية

3 Comments on “رجل غير خارطة العالم.. نجاح محمد علي ”

  1. ** من ألأخر { ١:أسمع كلامك أصدقك وأرى الواقع يدينك ويعريك ؟…٢: مبروك عليك وعلى أمثالك هذا المجرم الذي تسببب بمقتل وتشريد الملايين في ايران والمطقة بسبب سياساته العنصرية والمريضة والمتخلفة ؟٣: بأي منطق يكون صاحب فتوى تفخيد الاطفال سليم العقل والدين ، صدق من قال الطيور على أشكلها تقع ، فهل رائيتا غرابا يمدح بلبلا أو هدهدا ، فالف مبروك عليك وعلى أمثالك هذا الامام المجرم والمريض الذي ترتزق من مدح عفنه ، ولو كنت صادقا لما داس ثوار ايران والعراق على صوره وحرقها ، فهل نصدقك ونكذب الواقع المعاش ، للتذكير يجب أن لاتنسى أن حبل الكذب قصير ومفضوح ياعزيزي الاستقصائي المستقل ، سلام ؟

  2. تحيه للاعلامي العراقي المبدع الاستاذ نجاح محمد علي، و رحم الله الامام الخميني صاحب اكبر ثورة اسلامية بالتاريخ الحديث ,, لكن الحق يقال ان الجمهورية الاسلامية فشلت في احتواء المشاكل الداخلية للاسف منذ رحيل الامام و لم تجد الحلول الكافية الحقيقية لكثير من المواضيع داخل البلد مثل القضية الكردية ,, الكرد كأمة عريقة لها الحق في تقرير المصير واقامة دولة خاصه بهم حالها حال اقرانهم من الدول الاخرى وهم يملكون كل المتطلبات لذلك لكن ان لم يحصل هذا ويمنع عليهم اقامة كيانهم الخاص فعلى ايران ان تعطي خصوصية كبيرة ومجال اوسع واستحقاق اكبر لهذه الامة العريقة كنوع من الحرية ضمن ايران كدولة وشكرا

  3. اي أمام هذا و انت و امثالك تعرفون أن خميني أكبر شيطان و لعين و انت وامثال مجرمين و تدافعون عن المجرم خميني والدين الإسلامي تجارة و تتاجرون بسم الدين

Comments are closed.