شيخ (مند) باشا وعلاقته بالخالق (مند+مندو+ مندا+مادو) – ميرزا داسني

لقد حصلت العديد من الخلط والالتباس والتشابك بالنسبة لأسماء الخالق الألهة القديمة الايزيدية وبين شخصيات دينية بشر لم يمر الف عام على رحيلهم من الأن، قد يكون هذا الالتباس نتيجة للتشابه في الاسامي او لايمان الايزيديين بالتقمص حلول ارواح الألهة وبركتهم على البشر، او تم فعل ذلك تعمدا من قبل مريدي واتباع كل شخص لغاية رفع وتعظيم شأن هذا الشخص جدهم الاعلى، ومن الامثلة لما حصل من لبس وخلط:
١-الشيخ حسن ابن الشيخ ادي الثاني تم ربطه بالخالق (سين) ليمثل الهة القمر.
٢-شيخ شمس ابن ايزدين مير تم ربطه بأسم الخالق (شيشم) ليمثل عين والهة الشمس.
٣-الشيخ أدي الاول والثاني تم ربطهم بأسم الخالق (أدي، أدو، أدد، أديان، اودي) ليمثل الالهة القديمة في المنطقة.
٤-تم ربط اسم الخالق أيزدان بأسم الخليفة الاموي يزيد ابن معاوية حتى ظن البعض بأن الايزيديون مسلمون ويتبعون هذا الخليفة لتشابه الاسمين.
٥-الشيخ ناسردين ابن ايزدين مير تم ربطهم بالملاك عزرائيل قابض الارواح وصاحب السكين الحاد.
٦-شيخ مند ابن شيخ فخر ابن ايزدين مير تم الربط بينه وبين اسم الخالق (مند،مندو،ماد، مادو) ليمثل اسم الالهة القديمة صاحب الافاعي وبالاخص السوداء منها، وهذا ما يهم هنا توضيحه بالضبط.
في الكثير من الأحيان نسمع امهاتنا او أجدادنا وبالاخص من عشائر (الهويرية) القديمة اصحاب الحضارة (الميتانية) العريقة يقولون يا شيخ (مند) انت الذي تحكم الارض والسماء أرحمنا، يعني يتم مخاطبة الشيخ (مند) كأنه الخالق نفسه (خودي) وكلهم يقين وايمان بما يعملونه ويقولونه، وهذا الدعاء والاستنجاد لم يأتي من الفراغ، بل تم تناقله لسان عن لسان منذو الاف السنين لنسمعها اليوم هكذا..
فهناك بعض السذج وقليلي الفهم لدى استماعهم لهذه الادعية قد يبتسمون ابتسامة ساخرة على أساس أنهم يفهمون من الدين والاخرون جهلة لا يعلمون ماذا يقولون او يفعلونه!!!
نعم المسألة ليست بهذه البساطة كما يظنه الكثيرون بل المسألة ابعد واعقد واقدم من كل ما يدور في رؤوسكم .
دعونا نسلط الضوء على هذا الموضوع ونتناوله جرعة جرعة:
قبل كل شيء يجب علينا هنا ان نفرق بين كلمة (شيخ مند) البشر وبين الخالق (مند، مندو، ماد، مادو) القديمة جدا جدا التي سنأتي اليها لاحقاً لشرحها.
-شيخ مند: هو ابن شيخ فخر ابن ايزدين مير الذي تحالف مع السلاطين الايوبيين للقتال ضد الصليبيين في الشام وضد حكم الفاطميين الشيعة في مصر وشاركهم في ضرب مدينة الموصل ضد حكم الاتابكة الشيعة في الموصل واميرها (بدر الدين لؤلؤ)، الذي سبق وقام بقتل الشيخ(حسن ابن شيخ ادي الثاني) احد اولياء الايزيديين، فيبدو ان الشيخ (مند) والى جانبه (شرف الدين ابن شيخ حسن) و (سجادين ابن ايزدين مير) انتقموا من الاتابكة لفعلتهم الشنيعة وكما تؤكد ذلك العديد من اقوالنا ونصوصنا الدينية وتراثنا الايزيدي.
وكمكافئة للشيخ (مند) منحه السلاطين الايوبيون لقب امير الامراء وتم منحه ولاية كلس وحلب واعزاز حيث تجمع حوله خلق كثير من الكورد الايزيديين والمسلمين في بلاد الشام وما يجاورها، ليصبح والياً عليها ومن بعده ابنه (عرب) والدروز وبالاخص عائلة وليد جنبلاط حكام جبل لبنان هم من ذرية هذا الشيخ مند عن السنتهم ويقولون نحن ننتمي الى العائلة المندية، من القابه ايضاً شيخ مندي (قر) حيث معناها الاسود بالكورمانجية حسب البعض يقولون لأسمرار بشرته والاخرون يقولون لانه صاحب الافعى السوداء ولأجل سواد الافاعي اطلق عليه (قر) فتلك الكلمة وحسب موقعها بالكورمانجية تعني بعض من المرات السواد واخرى بالعزيز الغالي النفيس.
-اما الكلمة الاخرى (مند،مندو،ماد،مادو) صاحب الافعى السوداء فأنه اسم لالهة الاسطورية، بل انه نفسه احدى اسماء الخالق التي تبنته احدى اعرق الحضارات قدماً واقواها واوسعها انتشارا الا وهم (الهوريون،الحوريون) احفاد (الميتانيين) الذين كانوا يجوبون كل المناطق الجبلية (سلسلة جبال طوروس) من شمال سوريا اليوم و حتى جبال لبنان والبحر المتوسط غربا، وجنوب تركيا وشمال شرق عراق اليوم.
فهنا نؤكد للجميع أن كلمة (مند) تعني الخالق ولا فرق بين كلمة (مند) و (خودي، بةدشا، شيشم، ريبر، مير تاووس، هوستا، أدي، أديان، ادد، أيزدا) كل هذه الاسماء المذكورة انفاً هي بالاصل تعني الخالق (خودي) كل قبيلة استعملت أسماً خاصاً بها.
ويبدو ان الفلسفة الايزيدية القديمة تختلف عن فلسفة كل الديانات المجاورة، ففي الوقت الذي تكون فيها (الافعى) رمزا للشر (الشيطان) حسب فلسفة اغلب الديانات (اليهود، المسيحيون، المسلمون) ويقولون عنها هي التي تحايلت على البشر واغوتهم وتسببت في اخراجهم من الجنة، فأن الايزيديون يرونها خيرا ورؤيتها في البراري تدل على الحظ والحياة والتفاؤل، وهي تعتبر الحارس الامين لبوابة المعابد والألهة القديمة وترمز للأخلاص والحكمة.
من ابرز الألهة الرافدينية (انكي) اتخذ من الافعى لقباً له وتم أتخاذها كرمز للحكمة والفلسفة والمياه والحياة، وكذلك صور الافعى نقشت على بوابة معبد عشتار القديمة في بابل وظهرت بوضوح مع الاله الكبير (مردوخ)، هذا بالاضافة الى وجوده الدائم كحارس للمعابد والقبور الفرعونية القديمة.
وظهور الافعى واضح جدا وبارز في معابد حضارات (الانكا والمايا) القديمة في الاميركتين، وفي الهند لا زال يتم تقديسه حتى اليوم كل هذا ان دل على شيء فأنه يدل على عراقة واصالة وقدم الفلسفة الايزيدية.
ان ظهور شخصية (الشيخ مند) بهذا الاسم المقدس ما بعد عام (١٢٠٠) ميلادية وفي ظروف حرجة حيث كانت اغلبية العشائر الايزيديين مشتتة وبالاخص (الهويريون) نتيجة الابادات وصراع الامبراطوريات (المغول، المسلمون، السلاجقة) ونجاحه في التحالف مع السلاطين الايوبيين فأنطبع في اذهانهم بأنه هذا هو المنقذ الذي ينتظرونه والموعود في اساطيرهم القديمة ويؤمنون به، وطبعاً الاسم المقدس الذي يحمله (مند) ساعده في كسب قلوب الناس وايمانهم به فتجمعوا حوله من كل الشتات الايزيدية واصبحت قوة تحسب لها الف حساب في ولاية (حلب كلس).
وهنا بسبب مغالاة اتباعه في محبتهم واخلاصهم له وحمله للاسم المقدس القديم تم خلطه بالاساطير القديمة بحيث كان يحول نفسه الى افعى سوداء ضخمة ترهب الاعداء وتحرس اتباعه .
*ملاحظة: كلمة (مند، مندو) تعني الانسان الأول وفي نفس الوقت تعني الخالق وكذلك هي كلمة (مندا) تتكون من مقطعين (من+دا) يعني الذي خلقني وهي نفس معنى (أز+دا) (من+دا = أز+دا = خو+دا) الخالق حسب اللغة الارية القديمة الكورمانجية والايرانية حيث اللغة الفارسية والكورمانجية تعتبران من عائلة واحدة.
المصادر:
-اشكر الاستاذ سيروان سليم الذي قدم لي الكثير من المعلومات الشفوية عبر الدردشة .
-الموقع الالكتروني (الجزيرة) ٤/٩/٢٠١٢ – على خطى المايا..غموض واسرار
-مجلة الادب السومرية- العدد الثالث السنة الاولى٢٠٠٨- مكانة الأفعى في المعتقدات الرافدينية.
-أفعى (رمزية) ويكيبيديا الموسوعة الحرة.
-الاعتماد على التوراة والانجيل والقرأن لفهم نظرتهم للافعى.
-موقع الالكتروني (الأتحاد) الاماراتي ١/مارس ٢٠١٧-الافعى ..حارسة الماء في الإمارات قديماً.
-موقع الالكتروني (المصري اليوم لايت) أسرار ثعابين الحضارة الفرعونية .
-تفسير معنى كلمة مند باللغة الفارسية موقع الالكتروني (يك واژە بنو يسيد) للمراجعة باللغة الفارسية http://www.vajehyab.com/dehkhoda/%D9%85%D9%86%D8%AF-4ا

3 Comments on “شيخ (مند) باشا وعلاقته بالخالق (مند+مندو+ مندا+مادو) – ميرزا داسني”

  1. تحية طيبة
    أولاً وأخيراً الخلط لم يأت من علمائنا, ولا من مريدي الخاسين إنما جاء على يد الكتبة أصحاب العلم الواسع المعاصر, من قال أنّ (أدي، أدو، أدد، أديان، اودي) هم أسماء الخالق ؟ أنت الذي تدعي وليس غيرك, إذهب إلى القوالين وتفحص الأقوال ستجد أسماءه ( خودي, تاوسي ملك الله الرب بطشا ) ولا غيرها , هم فقط يعتبرون الشيخ عدي الإنسان في مرتبة الإله بسبب الأمان والسلام والنعمة التي وجدوها تحت قيادته في العهد الأيوبي وهو الشيخ عدي الثاني . من قال سين إله هو الشيخ حسن وفي أي قول وجدت ذلك ؟ هو دمج كوردي لإسمه المركب بسبب إلتقاء الساكنين ملك شيخ حسن يدمج إلى ملشيخسن وليس غير ذلك, ومند إسم كردي ميدي قديم يجوز للمذكر وللمؤنث أيضا معناه الإنسان الحكيم الهادئ, ذو السكينة ويضاف إلى الأسماء باشكر (suffix) ليعني الهدوء والسكون و ذو , وهناك في السريانية (مندي) بالياء العربية يعني شيء (thing) خا مندي , جو مندي وليس هناك أي إله , شيخمند هو من مواليد 590 هجرية أو نحو ذلك وتوفي بعد 644 هجرية بقليل…… وللآخرين أيضاً تفاسير ليست أفضل منهما ,وشكراً

  2. شكرا لك استاذ للمرور الجميل لك مني هذه الايام وعد ان انشر لك بحثاً عن كلمة واسم (أدي، ادو، اديان، أودين ، حدد ، ادو، ادم، ادد) وهل هي من اسماء الخالق ام لا وجذورها ودلالتها وقدمها بالاثبات والادلة القطعية وستجد انذاك ان كنت انا ادعي ذلك أم انه التأريخ الانساني فعل ذلك، انا لا احتاج للقوالين لأخذ معلوماتي فكما انت تعرف اكثر مني انهم يخلطون حمزة بلوان وعلي ومحمد بداود وسليمان وابراهيم وعيسى، يمدحون الغرباء ويكفرون اجدادهم انظر كيف يتهجمون على (نمرود) ويمدحون ابراهيم ونمرود بعمره لم يكن كافرا بل كان عظيما ويطول الحديث. شكرا لكرم المرور.

  3. تحية طيبة
    أخي العزيز القوالون لا يخلطون خاسونا قد أدخلوا هذه الاسماء تقيةً وليس إيمانا , ألا ترى آية الكورسي على دريي مير ولا إيمان بها ؟ وحمزةي بلوان هو من تاريخنا وهو قائد (فارسي أو كوردي) قتل هارون الرشيد أثناء حملاته التعريبية وفرض الإسلام في أنحاء الإميراطورية العباسية, يسميه الفرس بحمزةي قارمان وهو ليس عم الرسول
    ثم أسماء آدي وأدد وأدّونيا ………. ، آدي إسم الشيخ عدي بلهجة الئيزديين وأدد نيريري هو ملك آشوري من أسرة سمير أميس وهنا عدة أسماء آشورية مشابهة ربما مشتق من آلهة الآشوريين المتعددة قبل المسيحية لكن ما لنا وللآشوريين؟ هم جاؤوا غزاةً وكانت بينهم وبين الكورد حروباً مستمرة حتى تحالفوا مع الكلدان وقضوا عليهم , هؤلاء الذين تروهم في شمال العراق معظهم من سكان الجنوب دفعهم العرب إلى كوردستان لا تذهب بعيداً المسيحيون يُسمون الشيخ عدي ب ( مار أدّة) ويُعتبرونه قساً مسيحياً ولالش ديراً له , ونحن أيضاً ندعي أنه كان ديراً تقيّةً لأن العهدة العمرية أعفت الكنائس المسيحية من التدمير فلو لم ندعي أنه دير لقضى عليه المسلمون , ولما إنكشف أمره أخيراً في زمن لؤلؤ حاولو تدميره لكن هولاكو عاجلهم وقضى عليهم قبل أن يدمرو لالش
    القصة طويلة لكن لا يوجد تأليه لأحد ولا أٍسماء الآلهة السومرية أو الآشورية لنا علاقة بها وشكراً

Comments are closed.