العراق بين غاز ايران وكهرباء الأردن! – عباس سرحان

 

تعتمد الاردن في توفير الكهرباء على الشمس والرياح بشكل كبير وتستورد جزء من حاجتها للطاقة من مصر التي نجحت بحلول 2021 بإدخال محطات توليد جديدة ساعدتها في التقليل من آثار مشكلة الكهرباء التي عانت منها طويلا.

وما زال الاردن يعاني من انقطاعات الكهرباء في مؤشر واضح على وجود مشكلة حقيقية في انتاج الطاقة، لاسيما وان البلاد تفتقر الى الخامات الطبيعية مثل النفط والغاز وهي قوام الصناعة الكهربائية.

ومع ذلك ابرمت حكومة الكاظمي في 2021عقدا بهدف شراء الطاقة من الاردن فيما عُرف بعقد الربط الكهربائي.

وتولت شركة جنرال الكتريك تنفيذ العقد. لكن تفاصيل عن الاعمال ونسب الانجاز لم يتم الكشف عنها على الرغم من مضي سنوات على ابرامه، ما يثير تساؤلات جادة حول الموضوع برمته، وما اذا كان مشروعا ورقيا وهميا أم حقيقيا؟.

اللافت ان عقد شراء الطاقة من الاردن لم يُحدث أي تحسنٍ في تجهيز الطاقة للعراقيين على الرغم من إنفاق مئات ملايين الدولارات.

وذهبت بعض التكهنات وقتها الى أن اسرائيل قد تكون المستفيد الحقيقي من هذا المشروع. لكن تحقيقا مستقلا لم يُجرَ وبقي الغموض يلفُّ الموضوع.

وقبل ايام أبرمت الحكومة العراقية اتفاقا مع ايران تدفع بموجبه شحنات من النفط الأسود الى ايران تقابلها شحنات من الغاز الايراني المشغل لمحطات توليد الطاقة الكهربائية.

ويأتي الاتفاق كواحد من المعالجات السريعة لما يعانيه العراق من أزمة في انتاج الكهرباء تسببت بمعاناة مؤلمة للمواطنين وأثارت بلبلة داخلية استثمرتها جهات خارجية وداخلية لإثارة الفوضى في البلاد مع كل صيف.

خصوصا وأن ملف الكهرباء واستيراد الغاز الايراني خضعا لمزاج السياسة الامريكية التي لعبت على هذه الأزمة وعرقلت حلّها سنوات بهدف الضغط على الحكومات العراقية وإخضاعها لهيمنة القرار الامريكي.

الى ان لجأ الجانبان العراقي والايراني الى اتفاق المقايضة في التفاف ذكي على الهيمنة الامريكية،  وسرعان ما انعكس هذا الاتفاق على ساعات تجهيز المواطنين العراقيين بالكهرباء فأصبحت 12 ساعة في اليوم بعد أن كانت ست ساعات يوميا.

ولم يدم الصمت الأمريكي طويلا حيال اتفاق “النفط مقابل الغاز” حيث تحرك ناشطون عراقيون موالون للبيت الابيض لإثارة الغبار حول الاتفاق واعتبروه هدرا بالموارد العراقية لصالح إيران.

مع أن إيران الممنوعة من تصدير نفطها منذ سنوات ليست بحاجة الى النفط العراقي، فهي منتج رئيس للنفط واسواقها المحلية متخمة به.

بينما يحتاج العراق الى الغاز الايراني بشكل مُلح لتشغيل محطاته الكهربائية وايصال الكهرباء لمواطنيه، وهو ما يحقق له استقرارا مجتمعيا ويخفف معاناة الناس.

لاشك أن الحكومة العراقية الحالية أثبتت حرصا واضحا على مصالح البلاد أكثر من الحكومة السابقة التي تعاقدت مرات لشراء “الريح” ومع ذلك حظيت الأخيرة بتأييد ومباركة منتقدي اتفاق المقايضة.!

لابد أن يدرك الجميع أن الحكومة التي تتمتع بالحرص والمسؤولية والرغبة الجادة في حل مشاكل البلاد تنتظر المؤازرة لتعمل وتُنجز، وليس عليها  الرجوع الى هذا وذاك لأخذ رأيهم في قضايا هامة وعاجلة.