النّحو السّياسِي – باب ( لو )- – فرياد إبراهيم

 
(لو ) هو حرف امتناع لامتناع . مثال شاهد في كتب النحو شائع، الآية:
(لو انزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا. ) امتنع التصدع لأمتناع النزول. إذ لم ينزل القرآن على جبل فلم يتصدع – ويا ليته نزل على جبل -. ونزل على بشر فتصدع الخلق كله.
ولي مثال آخر مولد خاص بي ساري المفعول بعد عام من الآن:
( لو تواضع بشار الأسد وانصت الى صوت الشعب ، لما قطع عنقه حبل المشنقة في درعا.) كانت تلك أمنية ولكن..
أي : امتنع النجاة لأمتناع التواضع والأنصات ، أي تكبر وتجبروبغى فصرع لأن الباغي له مصرع .
( ولو لم يكن بشّار أسد مدللا في صغره من قبل أمه وفي كبره من قبل مجلس المنافقين لما لقي حتفه ! وهو شاب وطبيب ماهر له مستقبل زاهرباهر. )-أمل حالم.
أي : امتنع طول العمر لأمتناع عدم الدلال ونفي النفي موجب ، اي لوجود الدلال.
( ولو استمع الى صوت العقل لأستفاد من تجارب الشعوب والثورات. ولما وقع في نفس الفخ الذي وقع فيه سلفه في القتل الجماعي الذئب الليبي والثعلب اليمني. )
أي : انه لم يصغ إلى صوت العقل فوقع في حفرة لا غور ولا قعر لها. أي حدث

الوقوع لنكران صوت الحق والعقل.
و (لو قامت الثورة ضد دجالي قم وطهران لنجحت التجربة الديمقراطية في العراق ولترنح أو لتهاوى النظام السوري في الاسابيع الأوَل من عمر الثورة .)
و اعلم ان ( لو ) حرف شرط غيرجازم ، واسم الشرط يجب ان يكون إما جملة

فعلية فعلها ماضي او جملة اسمية.
فالفعلية كما أسلفت وكما في بيت شاعر يستشهد بشعره وهو يصف إمرأته التي

ثارت عليه فانهالت عليه بالشتائم – على مبدأ البقاء للأقوى- :
فتفتح ما كانت فما لو رأيته توهمت بابا من النار يفتح
والأسمية كما في ( لو أنتم تملكون.) – الآية . وهي من شواهدابن عقيل والأشموني وابن هشام الأنصاري في كتبه الحجة الثبت: شذور الذهب في معرفة كلام

العرب ،  وأوضح المسالك الى الفية ابن مالك ، وقطر الندى وبل الصدى،

ومُغني اللبيب عن شرح الأعاريب . فيها (انتم) مرفوع ب (تملكون ) آخر

محذوف يفسره الموجود قبله . والتأويل (لم تملكون أنتم ). وذلك على لغة

(أكلوني البراغيث) ، أو لو ( ملكتم ) انتم تملكون.
*لغة ( أكلوني البراغيث ) – لغة غريبة يؤتى فيها بواو الجماعة والفاعل بعده

جمع. واصلها ( أكلني أو اكلتني البراغيث – على مبدأ كل جمع مؤنث عدا جمع

المذكر السالم.) فيمكن هنا توليد أمثلة عصرية مناسبة تنسجم وروح الثورات

العربية القائمة المستديمة المستعرة ، وها انا احاول توليد بعض منها:
تقول ( أكلوني الحكام ) ، و (أهلكوني الرؤساء العرب) ، ( هدروا دمي و هتكوني الأمراء )، و (عذبوني آل أسد.) و ( سرقوني آل القذافي وآل مبارك وآل اسد وآل سعود ) و (خانوني آل سعود ورشوا الحكام والسلاطين وفي جيدهم حبل من مسد)
وهكذا دواليك ، وسعديك ، وحنانيك ، ولبيك يا عرب! ( وهذه اسماء أفعال مبنية

متحجرة ، لا ترفع ولا تنصب، لا تتغير ولا تعرب كحكام آل سعود وآل أسد

الارنب ، وآل اليمني الثعلب ، وبوتفليقة الواوي المهذب ، وآل القذافي الجندب و

وملك المغرب القنفذ المذنّب ، و ملك الأردن المراهق المُطحلب. )
ما اتعس ( نحو وصرف) يتلوث باسماء من جعل الارض نارا حامية تحت أقدام

لها دامية . حكام لشعوبها مستنكرة، عالية ، ريح صرصر عاتية ، متباهية ،

متعالية ، وامام العدو والأجنبي مستضعفة ،مستسلمة ، واهية تؤخذ بالناصية،

راخية ، متخاذلة ، متداعية ، متهاوية.
و( لو ) حرف تمني في باب البلاغة . أي انه قد يخرج للتمني ويكون التمني به صعب المنال نحو:
قال تعالى:( أَوْ تَقُولَ حين تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنﱠ لِي كَرﱠةً فَأكُونَ مِنَ الْمُحْسِنين . )
فيمكن الصياغة على نفس البناء: ( لو أن لآل أسد كرّة فيكونون من المحسنين.)

أمر إخاله صعبَ المنالِ.
والأسهل منالا المسألة الزنبورية . قال الكِسائي الكوفي في مجلس المأمون في مناظرة نحوية تأريخية: (كنت اظن ان العقرب اشد لسعة من الزنبور فإذا هوإياها.)

أي : أن الزنبور لأشد لسعة. فيها الضمير المذكر (هو ) يعود إلى الزنبور

والضمير العائد للمؤنث ( ها ) يعود إلى (العقرب ) فهي مؤنثة معنى لا لفظا. ولو كانت مؤنثة معنى لقيل ( عَقرَبة).
فصده سيبويه البصري ، وقال (كنت أظن ان العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا

هوهي.) هو للزنبور ، وهي للعقرب.
الأول جاء بجملة فعلية بعد (إذا الفجائية ) والثاني بجملة اسمية فقامت القيامة ونُفخ في الصور وارتعد الحضور.
وهذا الأخير كسابقاته كان شاهدا قديما قدم سيبويه وكتابه (الكتاب.)
أما انا المتجدد حتى في تأليفي لكتاب النحو الموسوم ( كنز الفوائِد لطُلاب القواعِد) والذي استغرق تأليفه عشرة أعوام ويا ل ( سنوات الضياع !) . فانا احب ان اقدم

الجديد المتولد ولادة حديثة عصرية ، لا عسيرة قيصرية.
فشاهدي في المسألة الزنبورية اصوغه على هذا المنوال: ( كنت أظن أن القذافي

أشد لسعة من بشّار فإذا هو إياه .) في لغة الكسائي، وفي لغة سيبويه (فإذا هو هو)
ولي في هذا المبحث بحث شيق ( لو) سمح الوقت.
وجملة ( سمح الوقت ) اسم الشرط أما جملة جواب الشرط فمفسرة بالجملة السابقة ل (لو) : اي ما معناه : لو سمح الوقت لكتبت بحثا….
ولو انتظرتم لأفدتكم،
ولو سقط (ت ) الطغاة جميعا ، لما بقي في قلبي شئ من ( لو) و لا (حتى )عالقا.

*

فرياد