هوية وتاريخ مدينة إيمار (مسكنه) – الحلقة الخامسة – دراسة تاريخية-   بيار روباري

 

Nasname û dîroka bajarê Îmar (Meskene)

موقع إيمار من ناحية الماء

وللمقارنة والتأكيد على كردية هذه التسمية أو المصطلح، إليكم تسمية أخرى أيضآ لمدينة خورية – كردية

أثرية إسمها “كيمار”. وتقع المدينة في جبل “ليلون” بمنطقة أفرين في غرب كردستان، واليوم يوجد إلى جوارها قرية تحمل ذات الإسم أي (كيمار)، وسكانها من الكرد اليزدانيين (الإيزيديين) الذين رفضوا إعتناق دين العرب الإجرامي والشرير.

هذه التسمية مركبة من كلمتين الأولى (كي) وتعني الملك ومن هنا تجد الكثير من الشخصيات الكردية يسبق إسمها كلمة (كي)، مثل “كيخسرو” ملك الدولة الساسانية الكردية، والثاني (إيمار) وتعني العمارة أو المنشأة أو المبنى أو المسكن، ودمجتا الكلمتين مع بعضهما البعض وشكلت منهما مصطلحآ جديدآ هو “كيمار” ولكن أثناء الدمج حزف حرف (إ)، من إسم إيمار لتسهيل نطق الكلمة وتقصيرها، وهذا ما يحدث كثيرآ أثناء وضع كلمات مركبة، لأن وظيفة اللغوي تقصير المفردات وتسهيل نطقها وهذا مهم جدآ. وتسمية “كيمار” تعني مسكن الملك أو مدينة الملك.

ملاحظة أخيرة حول تسمية “إيمار”:

عندما تأسست المدينة قبل الألف الثالث للميلاد (3300) لم يكن للعرب أي وجود في كل المنطقة نهائيآ.

والإكتشافات الأثرية أكدت الوجود الخوري، الهيتي في المدينتين الأولى والثانية الأثريتين، وهذا كان قبل الإحتلال الروماني والبيزنطي بثلاثة ألاف عام. وأول من إحتل المنطقة والمدينة من الأوربيين كان ذلك “الإكسندر المقدوني” وكان ذلك حولي القرن (300) الثالث قبل الميلاد. ولهذا لا يمكن أن تكون التسمية يونانية أو رومانية.

الذين أطلقوا تسمية “إيمار” على المدينة هم الخوريين أسلاف الشعب الكردي، ونحن نعلم أن البيزنطيين عندما إحتلوا المدينة غيروا إسمها الكردي، وأطلقوا عليها تسمية جديدة ألا وهي (لبارﺑﺎﻟﺴﻮﺱ)، الهدف  من ذلك إصباغ المدينة والمنطقة بصبغة بيزنطية حقيرة، وهذه ليست المدينة الوحيدة التي غير المحتلين الرومان والبيزنطيين الأوغاد إسمها، غيروا أيضآ إسم مدينة “أكروا” بمنطقة أفرين وأطلقوا عليها تسمية (جندريس).

ولا يمكن أن يكون الإسم عربيآ، لأن العرب إحتلوا المدينة حوالي العام (638) ميلادي، ثانيآ لو كان الإسم عربيآ لم سمى العرب المدينة بي (بالس) أي إختصروا التسمية الرومانية – البيزنطية. وتسمية مسكنة تسمية عثماني نسبة إلى قرية بهذا الإسم في المنطقة. العرب يطلقون اليوم على المدينة تسمية (عنيزة). لو كان إسم مدينة “إيمار” عربيآ كما يدعي الكتاب العرب زورآ لما أطلق العرب عليها تسمية (بالس)، ولا تسمية التسمية الحالية الحقيرة (عنيزة)!!!!! فكيف بعد كل ذلك يمكن للمستعربين العرب أن يتبجحوا ويقولوا أن مصطلح أو تسمية “إيمار” عربية؟؟؟؟

 

Nav an têgîna “Îmar”, peyvek kurdî kevin û resene û ew tê wateya avakirin. Ereban ev peyv ji zimanê kurdî birin û tenê tîpa (eyn) lê zêdekirin û kirin erebî û bikar tînin û hîrojî bê şerm û fedî dibêjin ev têgîn erebî ye!!!!! Û ji binî de derew e û nerast e.

Jibo bermaberîkirinê em navê bajarek kurdî din, kevin bidin wek numîne, jibo em bidin çespandin û xuyakin kû têgîna “Îmar” kurdî ye û ti têkeliya xwe bi zimanê erebî re nîne. Bajarek kurdî kevin heye navê xwe “Kîmar” e û ew li Çiyayê Lêlûn – herêma Efrînê – Rojavayê Kurdistanê dikeve. Li kêlek va bajarê kevnar hîro gundek kurdî bi wî navî heye. Şêniyê gund tevî kurdên Yazdanîn e û navê bajêr lêkdirev e û ji du peyvan pêktê. Peyva yekemîn (key) yanê padîşeh wek Keyxisro û ya duyemîn (îmar) yanê avakirin. Wateya navê bajarê “Kîmar” tê bajarê padîşah an padîşahî.

كما إن لغة أهل وسكان مدينة”إيمار” الأصليين هي اللغة الخورية – الهيتية وهي إم اللغة الكردية الحالية، وهي لغة هندو- أوروبية، وكان يتحدث بها كل سكان كردستان قديمآ وللأن يتحدث كافة الكرد بها. وليس صحيحآ أنها إنقرضت، وهذه اللغة موثقة في الكتابة المسمارية، التي إكتشفت في موقع المدينة. لو لم تكن خورية لما ظهرت فيها اللغة الخورية ولا المعابد والطقوس الدينية اليزدانية. لو كانت المدينة فعلآ عربية لوجدنا أثارآ لهم فيها أقصد في المدينتين الأولى والثانية. الأثار الإسلامية مثل الجامع والمؤزنة يعودان إلى نهاية الألف الأول الميلادي.

كما أن العالم “يورغن ألكسندر كنودتزون” أثبت وبشكل قاطع أن اللغة الهيتية هندو- أوروبية وذلك في عام 1902، في كتاب مكرس لرسالتين بين ملك مصر وحاكم هيتي، عثر عليه في “العمارنة” بمصر.

وشدد السيد “كنودزون” على أن الذي يثبت أن اللغة الهيتية هندو- أوروبية، هو مورفولوجيتها بشكل أساسي.

وذلك بعدما تم اكتشاف العديد من الألواح المكتوبة بالخط المسماري الأكادي المألوف، ولكن بلغة غير معروفة من قبل هوغو وينكلر في ما يعرف الآن بقرية (بوغاز كوي) بشمال كردستان. وهو ذات الموقع السابق لمدينة “هاتوسا”، عاصمة الإمبراطورية الهيتية. وبناءً على دراسة هذه المادة الشاملة، نجح السيد “بيدرش هروزني” في تحليل هذه اللغة. وقدم حجته بأن اللغة الهيتية “هندو – أوروبية” في ورقة بحثية نشرها السيد “هروزني” عام 1915(1915)، والتي سرعان ما أعقبها بقواعد اللغة عام (1917). كانت حجة هروزني للانتماء الهندو أوروبي للحثيين حديثة تمامآ، عندما نشرها.

بقايا أثار مدينة إيمار من الحقبة الأخيرة

 

+++++++++++++++

يورغن ألكسندر كنودتزون:

هو مؤرخ وعالم نرويجي، ولد في “تروندهايم”، وهو ابن القنصل (هانز نيكولاي) وعاش بين أعوام (1854-1917)، وعمل مدرسآ للغات السامية في جامعة اوسلو من عام (1907).

++++++++

الدولة الهيتية:

الهيتيين هم أسلاف الكرد، وعاشوا في العصر البرونزي في أقصى شمال غرب كردستان والتي أطلق عليها اليونانيين إسم “الأناضول” وتعني الشرق. وهذا صحيح بالنسبة لموقع اليونان بكل تأكيد ولو كانت أراضي يونانية لما أطلقوا عليها هذه التسمية، وهذا دليل أنها أراضي كردية منذ القدم. الهيتيين أنشأوا دولة في الفترة الواقعة بين (1600 – 1180) قبل الميلاد. وكانت عاصمتها في المرحلة الأولى مدينة “هاتوسا” وتقع إلى الشرق من مدينة أنقرة الحالية. وفي المرحلة الثانية من عمر دولتهم إتخذوا من مدينة “گرگاميش” أي جرابلس الحالية عاصمة لهم.

وكانت تضم كل الأناضول مع أجزاء كبيرة جدآ من الكيان السوري واللبناني الحاليين المصطنعين، والمناطق العليان من جنوب كردستان وأجزاء من شرقها أيضآ. تم القضاء على الدولة الهيتية على يد “شعوب البحر”، حوالي العام (1180) قبل الميلاد، بشك وحشي حيث قام الغازين بحرق مدينة “هاتوسا” وتدميرها عن بكرة أبيها وفعلوا نفس الشيئ بمدينة “گرگاميش” وكل القرى والمدن التي صادفوها في طريقهم.

 

سابعآ، علاقة مدينة إيمار بالممالك الأخرى:

Têkeliya bajara Îmarê li gel kiralgehên din

من خلال الإكتشافات الأثرية في موقع مدينة “إيمار” والنصوص المسمارية الكثيرة التي تعد بالألاف التي عثر عليها علماء الأثار المنقبين في موقع المدينة عن وجود علاقات ربطت بين مدينة “إيمار” والممالك الأخرى مثل مملكة: ميرا، إيبلا، ألالاخ، أوگاريت، گرگاميش، مبوگ، هسكه، رقه، درزور، باخاز، سپيرا، گوزانا، گر- براك، دو-مشك هلچ (حلب) وغيرها من المدن، على الصعيد التجاري، الثقافي، العسكري، الديني والإجتماعي.

وقد ربطت مملكة إيمار بمملكة إيبلا، علاقات مميزة أو خاصة، هذا ما كشفت عنه النصوص المسمارية المكتشفة في مملكة “إيبلا”، والتي يعود تاريخها إلى النصف الثاني من القرن الثالث قبل الميلاد. كان هذا مصاهرة مع ملوك إيمار عبر زواج الأميرة الإيبلية “تيشالم” من أحد ملوك مدينة إيمار. ومن هنا العلاقة بين الطرفين جد قوية، وخاصة في المجال التجاري، والتحالف في وجه مملكة “ميرا” الصاعدة والراغبة في السيطرة على مملكة “إيمار” لرغبتها في التتحكم في التجارة النهرية الفراتية، وفرض سيطرتها على عقدة الموصلات البرية بين منطقة غرب وشرق الفرات. لكن جميع جهود ملوك وحكام (ميرا) باءت بالفشل بسبب تحالفات مدينة “إيمار” العسكرية مع الممالك الأخرى التي كانت تخشى قوة ونفوذ مملكة “ميرا”.

وكانت مدينة “إيمار” ميناءً تجاريآ مهمآ للغاية سواء في إطار الدولة الخورية – الميتانية أو عهد الدولة الهيتية الكرديتين، وشكلت عقدة مواصلات تجارية بين المدن النهرية مثل: گرگاميش، مبوگ وشمأل في الشمال. ومدن مثل هسكه، رقه، درزور، باخاز وأورك في الشرق إمتدادآ حتى مدينة كيش وخليج إيلام.

وفي الجانب الأخر شكلت “إيمار” نقطة إلتقاء الطرق التجارية البرية بين مدن غرب الفرات مثل مدينة: هلج، إيبلا، دلبين، دو- مشك، رستن، أوگاريت، قطنا أي “المشرفة” الحالية (مدينة تاريخية ومنطقة أثرية تقع في ناحية عين النسر التابعة لمدينة حمص)، وغيرها من المدن. حيث كانت القوافل التجارية القادمة من الشرق تفرغ حمولتها في الميناء ثم تنقل على ظهر الدواب إلى المدن الغربية، والقوافل التي كانت تأتي من الغرب، أيضآ كانت تفرغ حمولتها في ميناء المدينة، ومن ثم تنقل عبر النهر إلى المدن الأخرى أو برآ. والنقل النهري بجانب نهر الفرات، كان يشمل نهر الخابور ورافدهما مثل نهر جقجق، بليخ، الساجور وغير ذلك من الروافد.

فالتواصل بين البشر سمة من سمات الحياة وضروراتها، ولولا ذلك التواصل الإنساني سواء أكان على الصعيد التجاري أو الثقافي بين المجتماعات والدول والأقوام المختلفة، لما تتطورت البشرية وقفذت كل هذه الخطوات الكبيرة وفي جميع المجالات. ومدينة “إيمار” التاريخية تميزت بأنها جمعت بين التواصل البري والمائي مع غيرها من الممالك، بسبب وقوعها في وسط مجموعة كبيرة من الممالك والمدن التي كانت تضمها غرب كردستان، وهذا مكنها من التواصل معها تجاريآ وثقافيآ، وبفعل كان لها تأثيرآ فيها وتأثرت بها في المقابل فالتأثير يكون عادةً متبادل.

وربطت كل من مملكة: “إيمار، توتول، تل البيعة، رقة، ميرا، يمخاد” علاقات ثنائية متطورة سواءً في المجال الاقتصادي أو السياسي، وتشترك هذه الممالك بسمات ثقافية، دينية، لغوية، خورية مشتركة.

ثم لا يمكن لأي مدينة وبلد مهما عظم شأنه قديمآ أو حديثآ أن يستغني عن الأخرين، وهذا ينطبق أيضآ على مدينة “إيمار” وإذا عدنا لتاريخها، لرأينا مدى الروابط التجارية والثقافية والتأثير المتبادل بينها وبين المدن الأخرى في المنطقة، وخاصة المدن الفراتية منها على وجه الخوص، كونها جميعآ يشتركن في مياه نهر الفرات العذب شمالآ أو جنوبآ.

لقد عاشت مدينة “إيمار” الخورية – الهيتية كلا النوعين من التواصل، أي التواصل الطبيعي والتواصل القصري.

1- التواصل الطبيعي:

إن التواصل الطبيعي بين البشر يكون بدافع الإكتشاف والتعارف وتبادل المنافع والخبرات والإستفادة من تجارب بعضهم البعض، وإيجاد ما يحتاجونه لدى الأخرين، وهذا النوع من التواصل يكون حرآ وسلميآ.

فعاشت مدينة إيمار هذا النوع من التواصل طويلآ، وتبادلت مع الممالك المجاورة التجارة والمعلومات والمعرفة والثقافة والأدب، أفادت وإستفادت، تأثرت. وهذا النوع من التواصل لا شك بناء ومفيد وحاجة إنسانية وإقتصادية وإجتماعية وثقافية ومعرفية. ويمكن إعطاء مئات الأمثلة الناجحة عن هذا النوع من التواصل بين المجتمعات والمدن والأقوام عبر التاريخ. وأصلآ الخوريين بنوا مدينة “إيمار” على شكل ميناء وفي هذا الموقع الفريد من نوعه، بهدف التواصل مع الأخرين سواءً تجاريآ أو ثقافيآ أو معرفيآ.

2- التواصل القصري:

يكون مفروضآ فرضآ وبالقوة العسكرية، أي عبر الغزو أو الإحتلال (المؤقت أو الدائم) وهو الأسوأ من نوعه، وهنا يفرض الغازي ما يريد على الطرف المعتدى عليه أي المحتل أرضه. ولقد عاشت مدينة إيمار هذا النوع من التواصل أيضآ، بفضل الإحتلال الروماني – البيزنطي الإستيطاني، ومن ثم الإحتلال العربي الإسلامي السرطاني، والإحتلال التتري – العثماني الإجرامي.

وهذا النوع من التواصل، هدام ومدمر ويقصي الأخر، لا بل يسعى لإمحائه عن الوجود، وهو إحلالي وشمولي من لون واحد ودموي بكل تأكيد. ولا ينتج عنه سوى أشياء مشوه في كل مجال، وليس فيه أي تفاعل، ولا يخدم الحضارة البشرية على الإطلاق. إضافة لذلك يتسبب بالمأسي، الهجرة القسرية، القتل التوطين الإجباري، فرض لغة المحتل ودينه وثقافته على الضحية، ولهذا فهو تواصل كارثي بكل معنى الكلمة. والتاريخ مليئ بهذا النوع من التواصل القصري، وكلها أمثلة قاسية ومؤلمة جدآ، أخرها إحتلال تنظيم داعش لمنطقة “شنگال” الكردية، والنتائج المروعة معروفة للجميع، والإحتلال التركي لمنطقة “أفرين” أيضآ نتائجه الكارثية معروفة للقاصي والداني.

تلة مدينة إيمار من جهة الماء

من بين الممالك التي تمتعت مدينة “إيمار” بعلاقات جيدة معها أكثر من غيرها كانت مملكة “إيبلا” في نهاية الألف الثالث قبل الميلاد، ومملكة “ميرا” التي كانت تنافس (إيبلا) على تمتين العلاقات الطيبة مع إيمار. تبعت إيمار مملكة (يمخاد) في مطلع الألف الثاني قبل الميلاد، وأصبحت الميناء الرئيسي لها على نهر الفرات، ثم استولى عليها الهيتيين عندما سيطروا على أرض الدولة الميتانية، وأنهوا مملكة يمخاد في حلب، وذلك في مطلع النصف الثاني من الألف الثاني قبل الميلاد. وبقيت المدينة ذات موقع تجاري

مهم على نهر الفرات حتى تم القضاء عليها عام (1187) قبل الميلاد، وقد دمرت المدينة تدميراً شاملاً، على يد شعوب البحر الهمجية. ولم تقم لها قائمة، إلا بعد الإحتلال الروماني- البيزنطي، حيث قاموا ببناء مدينة جديدة فوق أنقاض المدينة القديمة وأطلقوا عليها إسم “بارباليسوس”، وورد ذكر ذلك في الوثائق الكتابية المسمارية المكتشفة في مملكة “ميرا”.

ثامنآ، الوجود الكردي في مدينة إيمار ومحيطها:

Hebûna kurdan li bajarê Îmarê û derdora wî

عند الحديث عن الوجود الكردي في هذه المدينة والمنطقة المحيطة بها، نقصد بذلك فترة إنشاء مدينة

“إيمار” أي قبل أكثر من (5300) خمسة ألاف عام من الأن، ووجودهم الأن وكيف تمت عملية تعريب المنطقة عقب الإحتلال العربي الإسلامي الإستيطاني السرطاني، تحت لافتة نشر الدين، وكأن الشعب الخوري سلف الشعب الكردي كان بلا دين وينتظر وحوش الصحراء يهدون إلى الله، وتناسوا هؤلاء الأوغاد بأن كلمة (الله) ذاتها، كلمة كردية وأخذها العربان عن اللغة الكردية القديمة.

مثلما رأينا من الأثار المكتشفة والنصوص الكثيرة التي عثر عليها الباحثين في موقع المدينة، فإن بناة المدينة الأولى والثانية كانوا الخوريين، والمدينة الثالثة بناها الهيتيين وكليهما أسلاف الشعب الكردي، ومن هنا يتضح لنا أن المدينة خورية – هيتية – كردية خالصة. والوجود الكردي فيها أصيل كما هو الحال في كامل غرب كردستان (سوريا، لبنان، لواء ألالاخ). وهذا الأمر لا يحتاج إلى نقاش أصلآ.

الوجود الكردي في مدينة إيمار وما حولها حاليآ ضعيف، وهذا سببه الإحتلالات الإستيطانية السرطانية التي تعرضت المدينة والمناطق التابعة لها وعلى وجه الخصوص الإحتلال العربي الإسلامي الإستيطاني والحروب والدمار التي تعرضت لها وخاصة على يد وحوش شعوب البحر والمغول والتتار لاحقآ، وتلا ذلك الإحتلال العثماني الخبيث، أي أن المدينة لم تشهد هدوءً ولا إستقرارآ على مدى أكثر من (2300) عام بسبب كل ذلك. السؤال هنا كيف حدث التغير الديمغرافي في مدينة “إيمار” وما حولها عبر السنين وأهدافه ونتائجه؟

التغير الديمغرافي الأول الذي تعرضت له مدينة إيمار ومحيطها كان نتيجة الإحتلال الروماني- البيزنطي الإستيطاني، بفعل البطش والحرب ومن ثم فرض الديانة المسيحية عنوة على سكانها الكرد الخوريين. لم يتدخل الرومان والبيزنطيين في حياة الناس مثلما فعل من بعدهم العرب المسلمين الدمويين بكل معنى الكلمة. التغير الديمغرافي الثاني والأشمل والأكثر عمقآ وقسوة، كان على يد المحتلين العرب المسلمين وحوش الصحراء. حيث قدم هؤلاء للمنطقة بهدف إحتلالها والبقاء فيها مدى الحياة، ولذلك فرضوا لغتهم ودينهم وثقافتهم الهمجية المتخلفة على الكرد، وفعلوا ذلك في كل مكان وصلوا إليه هؤلاء المجرمين واللصوص، وطردوا كل من رفض الدخول في دينهم أو دفع الجزية، وقتلوا الألاف من أبناء الشعب الكردي لأنهم رفضوا الخنوع والإستسلام لهم وقاوموهم، ومن هنا تعرضت مدينة “إيمار” للدمار وهجر منها قسم كبير من سكانها نحو داخل كردستان بإتجاه المناطق الجبلية، للحفاظ على هويتهم ولغتهم ودينهم اليزداني.

وقضى هؤلاء الهمج على المعابد الخورية والمكتبة والعديد من الأثار والتماثيل، وحولوا العديد من دور

العبادة إلى مساجد، ومنعوا اللغة الكردية، والأسماء الشخصية، وغيروا أسماء البلدات والقرى والمناطق،

بهدف تغير هوية المنطقة وليس فقط مدينة “إيمار” وهذا ما فعلوا في كل المناطق والمدن الكردية في كل كردستان، وغيرها من البلدان التي إحتلوها بحد السيف. وقبل الإحتلال العربي الإسلامي ظلت المدينة والمنطقة المحيطة بها، عرضة للغزو من قبل القبائل العربية التي عرفت بإسم الكنعانيين والأموريين، الذين قدموا من اليمن والجزيرة وإستوطنوا على أطراف البادية أي إردن الحالي، ومن بعدها إنتشروا و تمددوا في المنطقة مع الزمن.

وهذه الغارات وعلميات الغزو تسببت وعلى المدى الطويل في عدم إستقرار المدينة، وهجر قسم من سكانها الكرد نحو الشمال المرتفع، أي المناطق الداخلية لحماية أنفسهم، لأن المناطق الجنوبية من وطن الخوريين (كردستان) سهلية ويصعب الدفاع عنها.

والإحتلال العربي الإسلامي كان في منتهى الوحشية، وتعامل هؤلاء الهمج والبرابرة مع السكان بكل وحشية أي على الطريقة الداعشية، وهذا شكل ضغطآ كبيرآ على السكان الخوريين الكرد، مما إضطر الكثيرين منهم الرحيل عن مناطقهم لرفضهم العيش تحت سيطرة هؤلاء القطعان المتوحشة. والقسم الأخر من سكان المدينة بقوا في ديارهم، ومع الزمن تم تعريبهم وهذا جرى على مدى مئات السنين وليس في يومٍ واحد.

بقايا أثرية من مدينة إيمار

وهكذا تعربت هذه المدينة والمناطق المحيطة بها وكامل غرب كردستان بهذا الشكل الإجرامي، وقبل ذلك كانت قد تعرضت للدمار والحرق على يد شعوب البحر قبل الميلاد بحوالي 1300 سنة، وبعد الإحتلال العربي وأثناء الغزو المغولي والتتاري دمرت المدينة ولم يقم لها قائمة بعد ذلك. وبعد الإحتلال العثماني البغيض لغرب كردستان، زرعوا في كل مدينة ومنطقة كردية إحتلوها عناصر غير كردية مثل البدو، الشركس، التركمان، وهكذا تلاعبوا بالديمغرافيا الكردية في المنطقة، ولن تجد مدينة كردية تخلوا

من هؤلاء المستوطنيين الأشرار سواء من العرب، التركمان، الشركس وغيرهم من الأقوام. وسياسة التغير الديمغرافي كانت ممنهجة، وكما ترون تعود لألاف السنين قبل الميلاد، ومستمرة ليومنا هذا دون

توقف. وأخر تغير ديمغرافي شهدته غرب كردستان هو تهجير الكرد من منطقة “أفرين، سريه كانيه، كريه سبي”.

وهذه السياسة مورست أيضآ في مدينة “إيمار” وإستمرت حتى بعد رحيل العثمانيين عنها وحلول العرب محلهم، حيث قام الدولة السورية بتشجيع العرب الإستيطان في مدينة مسكنه والمنطقة المحيطة بها بهدف تعريب المدينة والمنطقة وفصل الشعب الكردي عن بعضه البعض أي فصل الكرد في غرب الفرات عن الكرد الذين يعيشون في شرق نهر الفرات. وسياسة التعريب والتتريك والتفريس مستمرة لليوم في جميع أجزاء كردستان. ومن لا يدرك هذه الحقيقة من الكرد، إما أنه مصاب بخلل ما في عقله، أو أنه يعمل لحساب أعداء إمته، وما أكثر هؤلاء الخونة والعملاء في صفوف الشعب الكردي للأسف الشديد. بالقرب من موقع مدينة “إيمار” الأثرية، أنشاء العثمانيين مدينة جديدة وأطلقوا عليها تسمية (مسكنه) وهي حديثة العهد ولا يتعدى عمرها أكثر من (120) سنة. وللمعلومات كل المنطقة الواقعة بين نهر الفرات ومدينة “هلچ” أي حلب ونهر “كاليس” (قويق) والتي تضم المدن والبلدات التالية: “دير حافر، سپيرة، تادف، الباب، مبوگ، خناصر، تل ضمان، الراعي، أخترين وزربه”، كلها كانت كردية ولم يكن فيها عربي واحد قبل أن يحتلوها العربان، وبعد إقامة سد الفرات زادت نسبة العرب في المنطقة وخاصة بعد قيام النظام البعثي بإنشاء بحيرة مائية كبيرة تسبق السد وتمده بالمياه.

ومن خلال ما تقدم نستطيع القول بأن المدن الخورية – الكردية وعلى مدى ألاف السنين كانت تتعرض بشكل دائم لهجمات وغزوات متواصلة و80% من من الغزوات كانت تأتيها من الجنوب وهذه الهجمات كانت ذو شقين:

الشق الأول: الحملات والغزوات الفرعونية، وفي أكثريتها لم تكن على شكل إحتلالي إستيطاني مباشر. الفراعنة كانوا يسعون بسط نفوذهم على الجزء الجنوبي من بلاد الخوريين، بهدف حماية أنفسهم من أي هجمات وغزوات تستهدف أراضيهم. الهدف الثاني، الإستفادة من إمكانيات تلك المنطقة ماديآ وإقتصاديآ الواقعة على شرق البحر المتوسط.

الشق الثاني: الحملات والغزوات السامية بمسمياتها المختلفة سواءً الكنعانية منها، أو الأمورية، الأكدية، البابلية، الأشورية والعربية لإسلامية، هدف جميع هؤلاء الغزات كان الإستيلاء على الأرض والإقامة فيها بشكل دائم، ونهب مقدرات العباد وإستعبادهم. أي كان إحتلالآ إستيطانيآ سرطانيآ مباشرآ وإقصائيآ. ولم يكن يكتفي هؤلاء المحتلين المجرمين والقتلة بكل ذلك، بل فرضوا لغتهم ودينهم الشرير على الشعب الكردي، وفي حالة المقاومة والرفض، كان الإرهاب، القتل، الذبح والتهجير مصير الكرد وتدمير مدنهم وحرقها عن بكرة أبيها.

ونتيجة هذه الغزوات والحملات العسكرية المستمرة، من قبل هؤلاء البرابرة والمحتلين والهمج، وعدم قدرة أسلاف الكرد على مواجتهم كلهم، أخذوا يتراجعون نحو المناطق المرتفعة من بلادهم (كردستان) للإحتماء بجبالها، ومع الزمن وإستمرار تلك الغزوات والإستيطان في أرضهم، من قبل اولئك الغزاة، فقدوا جزءً كبيرآ من أراضيهم السهلية، وتركزت أغلب هذه الأراضي في جنوب بلاد الخوريين، وهكذا تدريجيآ تم تغير ديمغرافية هذه المناطق والمدن والقرى التي كانت تحتويها المنطقة، وتم تعريب هويتها بعد محو الهوية الأصلية لها، ألا وهي الهوية الخورية – الكردية.

من هنا يتضح مدى قدم علميات التعريب والتتريك والتفريس للمناطق والمدن الكردية، ومحو تاريخها الحقيقي، ووضع تاريخ مزيف جديد لها. وللأسف الشديد إستطاعوا إقناع مئات الأجيال من الكرد بتلك الأكاذيب والمزاعم. لذا عندما نكتب عن تاريخ هذه المدن والمناطق، ونبرز تاريخها الحقيقي وهويتها القومية الأصلية، نشاهد بعض الكرد يكذبنا ويشكون فيما نقوله ونكتبه. إن أعداء الكرد إستطاعوا على

مدى ألاف السنين بغسل أدمغة الكثيرين من أبناء الشعب الكردي، وخاصة أن الساحة الفكرية والتاريخية كانت متروكة لهم 100%. وعندما لم يجد الكرد أمامهم سوى تلك الرواية، فلم يجدوا بدآ سوى تصديق  تلك الأكاذيب، التي سوقها العرب والأتراك والفرس. من هنا تأتي أهمية هذه الدراسات التاريخية التي نقوم بها وهي في كل الأحوال ليست كافية، ولكنها هي اللبنة الأساسية والسد الذي يضع حدآ لأكاذيب محتلي كردستان، وبالتأكيد ستحرر عقول الكرد من ذاك التاريخ المزيف الذي زرعوه في عقولهم. ولا بد لنا نحن الكرد التدقيق في أسماء القرى والبلدات التابعة لمدينة “إيمار” وكافة القرى والبلدات في غرب نهر الفرات، لأن الكثير من أسماء القرى والبلدات والمزارع تم تعريبها، لا بد من دراسة تاريخية حول كل إسم.

تاسعآ، الحياة الإقتصادية في مدينة إيمار:

Jiyana aborî li bajarê Îmarê

لم تتختلف الحياة الإقتصادية في مدينة “إيمار” عن بقية المدن الخورية في غرب كردستان سواءً تلك الواقعة غرب نهر الفرات أو شرقه أو جنوبه. ولكن الذي ميز مدينة إيمار هو مينأها النهري وموقعها الجغرافي المهم للغاية وذلك لسببين هما:

الأول: موقع المدينة الجغرافي حيث أنشأت تمامآ عند نقطة إنعطاف نهر الفرات نحو الشرق.

الثاني: تقع مدينة إيمار على خط المؤدي إلى مدينة “هلچ” أي حلب كبرى مدن غرب كردستان ولربما أقدمها أيضآ. ووقوقعها على خط التماس بين البادية والفرات الغربي، وهي مناطق زراعية ويتخللها أنهار مثل: نهر كاليس، الساجور والذهب.

مدينة مسكنه بعد حرب النظام الأسدي وداعش على الشعب الكردي والسوري

 

وتنوعت الحياة الإقتصادية في مدينة “إيمار” بين الزراعة والتجارة وتربية الحيوانات وصيد الأسماك من نهر الفرات. وهذا ما كشفت عنه الأثار المكتشفة والنصوص المسمارية الكثيرة التي عثر عليها الباحثين

في الموقع من البعثة الفرنسية التي نقبت فيها. وتحدثت هذه النصوص عن الشؤون الإدارية والاقتصادية في المدينة، منها عقود بيع وشراء محددة بحدود واضحة، تطابق العقود الحالية في العصر الراهن من حيث أسماء المشترين والباعة، أوصاف العقار، أسماء الشهود، وأخيرآ الأختام الرسمية. هذا إلى جانب عقود الرهن والقروض، توزيع الإرث، عقود التبني والوصاية، وهذا يدل على وجود حكومة متكاملة في مملكة “إيمار” من الناحية السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والقانونية.

وكشفت النصوص أيضآ عن أسماء تلك الحقبة وتوزع المملكة الجغرافي، ومنها نموذج رقيم سجل فيه صفقة تجارية حقيقية متكاملة، من حيث وصف المكان بحدوده، وإسم البائع والمشتري، وصفات العقار ومقدار السعر وعليه ختم رسمي. وحسب بعض المصادر الغير مؤكدة، فإن هذا الرقيم موجود حاليآ في متحف مدينة شيكاوا الأمريكية، ولا أدري كيف وصل إلى هناك. إضافة لذلك كشفت النصوص لنا حالة الثراء التي كانت تتمتع بها العائلة الحاكمة وطرق التجارة النهرية بين “بابل وإيمار”. وكما ذكرنا سلفآ فإن إقتصاد المدينة وحياة سكانها كان يعتمد على عدة مصادر رئيسية منها: الزراعة، وتربية الحيونات، التجارة النهرية والبرية، المنتجات الصناعية اليدوية.

 

1- الزراعة وتربية الحيوانات:

إن معظم سكان مدينة “إيمار” الخورية – الهيتية الكردية، كانوا يعتمدون في حياتهم بشكل أساسي على الزراعة وتربية الحيوانات وفي مقدمتها المواشي والدواجن والأبقار والجواميس. والزراعة في مملكة

“إيمار” في معظمها كانت بعلية بالأساس، وكانت تعتمد على الأمطار الموسمية حالها حال أكثرية المدن الخورية – الكردية. حيث أن تقنيات الري لم تكن في البداية معهودة، ومع تطور الوعي البشري، إهتدى

الإنسان الخوري إلى فكرة سقاية المحاصيل بالماء لزيادة الإنتاج. وبقية في البداية تقنية الري والسقاية بدائية وهذا مفهوم. فإن شق الأقنية يحتاج إلى تقنية وأدوات حفر، مع الزمن تطورت قنوات السقاية والري، ومازال الناس لليوم تطور في طرق الري لتوفير وترشيد المياه من خلال إبتكار معدات حديثة.

وكانن سكان إيمار يزرعون بشكل أساسي الحبوب مثل: القمح، الشعير، الذرة، والشوندر وبعض أنواع الخضروات والفواكهة والأشجار المثمرة وتحديدآ التمر. ومع الوقت تنوعت الزراعة وشملت أنواع أخرى مثل الكتان والقنب. في البدء كان الناس يزرعون بهدف تأمين حاجياتهم الغذائية كان هذا حال كل عائلة، ولكن مع نمود عدد السكان، وتوسع المدن أدت إلى فكرة الزراعة بهدف تجاري أيضآ، أي زيادة الإنتاج لتحقيق الإكتفاء الذاتي وبيع الفائض للحصول على الأموال وشراء ما يحتاجونه من مواد أخرى لا يملكونها، ومن هنا ظهرت فكرة “البازار” والتبادل التجاري.

إلى جانب الزراعة كان سكان المدينة يربون الحيونات المختلفة مثل المواشي أي (الغنم، الماعز)، البقر، الجواميس، الجمال، الأحصنة والدواجن. فمن جهة كانوا يستفيدون من حليب المواشي والبقر، إضافة إلى لحومها وجلودها وصوفها. وبخصوص الأحصنة والجواميس فكانوا يستفيدون منهم في الزراعة، والتنقل ونقل المواد على ظهرها. حيث كانت الحيوانات هي وسيلة النقل الوحيدة وخاصة الجمال، والجواميس

كانت بمثابة جرارات تلك الحقبة في حراثة الأرض وزراعتها. وتشتهر منطقة “إيمار” بزراعة الشوندر السكري، الذي يستخرج منه سكر الطعام، والقمح والشعير والقطن بشكل رئيسي.

وفي السنوات التي سبقت الثورة، كان يعمل غالبية سكان هذه المناطق بالزراعة، وخاصة الشوندر، القمح والبقوليات والخضراوات والبطيخ والقطن الذي بقوا متصدرين كل المحافظات بزراعته قبل أن تنتقل إلى مناطق جديدة. إضافة للزراعة الواسعة والقديمة لأشجار الزيتون والمشمش والكرز والفستق الحلبي، الجوز، اللوز، العنب، التين، التي تعد من الزراعات الأساسية وذات إنتاج متميز كماً ونوعاً.

وإلى جانب العمل الزراعي يقوم السكان بتربية الحيوانات بشكل واسع ومتطور. فإلى جانب ما أقامته الدولة من مداجن ومحطات ضخمة لتربية الأبقار المستوردة، أسهم القطاع الخاص بإقامة الكثير من المداجن وحظائر الأبقار الخاصة.

هناك مساحات واسعة جرى العمل على إصلاحها وتهيئتها للزراعة المروية من خلال مياه نهر الفرات، وتشمل هذه المساحة ألاف الهكتارات بدءً من سهول مدينة حلب الشرقية مثل منطقة “سپيرا” وتل حاصل ومرورآ مدينة دير حافر وإنتهاء بمسكنه المدينة الجديدة، ولكن هذا المشروع الضخم تعرض للعديد من الأعطال بسبب المعارك بين النظام الأسدي والجماعات المعارضة وسرقة المعدات والمضخات المائية، فهي بحاجة إلى عمليات صيانة وتجديد المتلف منها بعد تجديد الأقنية، وقبل كل ذلك إعادة الأمن إلى المنطقة حتى يعود سكانها إليها، وهذا يمكن أن يوفر نصف حاجات البلد من السكر الأبيض.

وعلى الإدارة الذاتية لغرب لكردستان وقوات “قسد”، أن لا تتخلى عن هذه مدينة إيمار في أي مفاوضات وحل مستقبلي في سوريا بأي شكل من الأشكال. ويجب أن تبقى جزءً لا تتجزء من إقليم غرب كردستان “روزأفا”. والإدارة الكردية هي التي يجب أن تدير هذه المنطقة كونها جزء من أراضي غرب كردستان، وعليها دعم المزارعين بالمعدات الحديثة وشراء المنتجات الزراعية منهم، بأسعار جيدة كي يستطيعوا تغطية تكاليف الزراعة وأتعابهم، ويتمكنوا من العيش بكرامة ويستمروا في زراعة الشوندر ولا يستبدلوه بمنتوج أخر. وهذا ينطبق أيضآ على القمح، القطن، الذرة، الكتان، الزيتون، البندورة، والبصل وغيرها من المواد الأساسية. ومن الضروري توسيع رقعة الأراضي الزراعية والمروية عل حدٍ سواء في كامل غرب كردستان، سواء أكان ذلك في منطقة غرب الفرات أو شرقه، وتشجير ما هو غير قابل للزراعة بأشجار حرشية لتأمين الغطاء النباتي للحيوانات والمحافظة على التربة ومنع تصحرها، وتأمين بيئة ملائمة للحيوانات البرية.

نهاية الحلقة من هذه الدراسة وإلى اللقاء في الحلقة القادمة.

ونحن في إنتظار أرائكم وملاحظاتكم ومنكم نستفيد.