ما بين حروب فلسطين وحروب كوردستان – بيار روباري

 

 

 

من السخف والدناءة والحقارة الحديث عن (50.000) خمسين الف ضحية من الكورد والترك كنيتجة وتناسي الإحتلال التركي لكوردستان وتهجيرها لملايين الكورد من ديارهم وطوفان الأقصى كنتيجة، وتناسي السبب الذي أوصل الأطراف المعنية المتحاربة إلى هذه المأسي التي يعيشها الشعب الكوردي والشعب الفلسطيني ومن ضمنه سكان قطاع غزة، الذين في أكثريتهم الساحقة هم لاجئين هجرتهم الدولة الإسرائيلية وطردهم من مدنهم وقراهم بالقوة من باقي المناطق الفلسطينية التي إحتلها إسرائيل قبل (75) خمسة وسبعين عامآ، ومازال الكثيرين منهم يملكون مفاتيج بيوتهم وسندات الملكية.

ومن الإجرام أن يتناسى المرء قضية الشعب الكوردي الذي يرزح تحت الإحتلال التركي والجرائم التي إرتكبها هذا المحتل الوحشي والتحدث عن حزب العمال الكوردستاني. وتناسي قضية الشعب الفلسطيني، الذي يرز تحت نير الإحتلال والمذابح التي إرتكبت بحقه من قبل الإسرائليين، والتحدث عن حماس وغيرها منن الحركات. الذي دفعه إلى ظهور حزب العمال وحركة حماس ورفعهم السلاح هو الإحتلال بهدف نيل حريتهم وبناء دولتهم الوطنية المستقلة.

لولا الإحتلال التركي والفارسي والعربي لكوردستان لما ظهرت الأحزاب والقوى الساسية الحالية، ولما رفعت السلاح مثل: الحزب الديمقراطي، الإتحاد الوطني، حزب العمال الكوردستاني وغيرهم الأحزاب والحركات الكوردية، ونفس الشيئ ينطبق عللى الحالة الفلسطينية. فلولا الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين، لما ظهرت حركات وتنظيمات مثل: فتح، الجبهة الشعبية، الجبهة الديمقراطية، حركة حماس، الجهاد الإسلامي، … إلخ. كل التنظيمات اليسارية منهم والدينية ظهرت بسبب الإحتلال فقط.

 

تمامآ كما هو الحال مع الشعب الكوردي وقواه السياسية والدول المحتلة لكوردستان وهي (تركيا، ايران، العراق، سوريا)، فإن تناسي كل المذابح والمجازر التي إقترفتها هذه الدول الأربعة وأنظمتها الإجرامية المتعاقبة بحق الشعب الكوردي، وحصر الموضوع في الحزب الديمقراطي – شرق وجنوب كوردستان، وحزب العمال الكوردستاني وحزب (ب ي د). هذه هي الحقارة والدناءة بعينها.

العلة ليست في قوى التحرر الوطني الكوردستانية، ولا قوى التحرر الوطني الفلسطينية، ولم تكن كذلك في المؤتمر الوطني الجنوب أفريقي، ولا جبهة التحرير الوطنية الجزائرية، إنما العلة هي في الإحتلال

البغيض والمحتلين الأوغاد.

أنا شخص يساري الفكر والهوى، فلا يمكن أن أمنح صوتي في الإنتخابات لحركة دينية إسلامية كانت أو مسيحية أو يهودية أو زرادشتية. وفي المقابل لا يحق كإنسان كوردي ولا لغيري، أن يحدد لإمة أو شعبٍ ما من يكون ممثله، فهذا الحق ملكٌ للشعب المعني فقط. مثلما لا أقبل أن يحدد  الأخرين لنا نحن الكورد من سيمثلنا، نهائيآ. فما بلكم لو جاء ذلك من المحتلين الأتراك أو الفرس أو العربان، أو سواهم أن يحددوا للشعب الكوردي من سيمثله، فهذا شأنٌ كوردي خالص.

والأن عودة إلى صلب موضعنا ألا وهو، الفرق بين الحروب التركية – الفارسية – العربية الكوردية والحروب الإسرائيلية – الفلسطينية.، ودعونا نبدأ بحروب كوردستان كونها هي الأقدم والأكبر والأهم بقناعتي.

أولآ، حروب كوردستان

لا شك بأن حروب كوردستان أعقد بكثير من حروب فلسطين، وحروبها أكثر عددآ، وهذا عائد لكثرة أعداد المحتلين لكوردستان، وتقسيم كوردستان بين أربعة دول مصطنعة ولقيطة وغير شرعية. ما قتله الفرس والعربان والعثمانيين والترك من الشعب الكوردي، في المئة العام الأخيرة فقط، تحتاج إسرائيل إلى (1000) ألف عام لتقتل ربعهم من الفلسطينيين. ففي ثواني معدودة قتل المجرم والوغد صدام حسين حوالي (6000) ستة ألاف إنسان كوردي بريئ في مدينة حلبجة، بالغازات السامة وتحديدآ غاز الخردل والسارين. وفي حملة الأنفال دفن الطاغية صدام (200.000) مئتي الف إنسان كوردي بريئ حيآ، بين طفل وإمرأة وشيخ مسن، هذا إضافة لتهجير (6) ستة ملايين كوردي، وتدمير أكثر من (4000) أربعة ألاف قرية وإزلتها من عن وجه الأرض. ومع ذلك لم نسمع صوت مسؤول غربي واحد، ولا شرقي ولا شمالي ولا جنوبي! الجميع إبتلعوا ألسنتهم، وأداروا ووجهوهم القبيحة بعيدآ وتصرفوا كأنهم عميان ولا يرون، وطرشحان لا يسمعون، ومن ضمنهم بعض القادة الفلسطينين!!!!

وفي شرق وشمال كوردستان حدث ولا حرج، حيث إرتكبت الدولة العثمانية ومعها الدولة الفارسية ومن ثم ايران الشاهية والخمينية، وتركيا الكمالية وحتى حكم العاهرة اردوغان ألاف المجازر والمذابح بحق الشعب الكوردي. منها مجازر ديرسم، بالو، أرارات، جمهورية كوردستان، غزوا أفرين، غريه سبي وسريه كانيه. وأخيرآ المذابح التي إرتكبها تنظيم داعش بحق الكورد الإيزيديين في شنكال وكوباني وبقية مناطق غرب كوردستان والتي راحت ضحيتها معآ أكثر من (50) خمسين الف من المواطنين الكورد الأبرياء بين مدنيين ومقاتلين. و(50.000) خمسين الف مواطن كوردي في شمال كوردستان في الحرب الدائرة بين حزب العمال الكوردستاني والجيش التركي، وحرق (5000) خمسة ألاف قرية كوردية.

وإذا أخذنا حروب تركيا ضد غرب كوردستان التي تحتل حوالي (40%) من مساحتها مع الجماعات السوركية الإرهابية المتطرفة، وقارن الجرائم التركية بحق الشعب الكوردي مع جرائم الإسرائيلية بحق سكان قطاع غزة، سنجد عدة فوارق أساسية تميز حروب تركيا ضد غرب كوردستان وحروب إسرائيل ضد قطاع غزة منها:

1- الكورد في غرب كوردستان لم يطلقوا رصاصة واحدة ضد تركيا التي تحتل كامل شمال كوردستان. بينما الفلسطينيين وخاصة حركتي حماس والجهاد يشنون بإستمرار الهجمات ضد الدولة الإسرائيلية وهذا من حقهم طبعآ، لأن إسرائيل تحتل أراضيهم.

2- تركيا قتلت ما يقارب (10.000) عشرة ألاف مواطن كوردي خلال إحتلالها لمناطق: أفرين، غريه سبي، سريه كانية، شهباء، الباب، أزاز وگرگاميش. وفي المقابل الكورد لم يقتلوا مدنيآ تركيآ واحدآ ولم يأخذوا أسيرآ واحدآ، بينما الفلسطينيين قتلوا الألاف من الإسرائليين فقط في الهجوم الأخير وأخذوا أسرى إسرائيليين مدنيين وعسكريين كثر.

3- الأتراك هجروا حوالي (3000.000) ثلاثة ملايين إنسان كوردي من مدنهم وقراهم وبيوتهم في المناطق والمدن التي ذكرناه أنفآ، وأحلوا محلهم العربان والتركمان والفلسطينيين من سكان المخيمات الفلسطينية في سوريا.

4- الأتراك يحاولون تتريك المناطق الكوردية.

5- القضية الكوردية في غرب كوردستان لم تحظى بأي إهتمام عالمي لا رسمي ولا شعبي ولا إعلامي، بينما القضية الفلسطينية، حظيت وتحظى بتأييد عالمي سواءً على الصعيد الرسمي أو الشعبي وحتى الإعلامي.

6- القضية الكوردية لم تحظى بإهتمام مجلس الأمن والجمعية العامة، بينما القضية الفلسطينية حظيت وتحظى بإهتمام مجلس الأمن والجمعية العامة.

7- الفلسطينيين طوروا من أساليبهم القتالية والخطط العسكرية، وتمكنوا من إستخدام التكنالوجيا الحديثة وحرب الشوارع، وإنتاج السلاح، بينما الكورد ما زالوا كالحمقى يحملون بندقية كلاشينكوف ويختفوف في الجبال والكهوف بعيدآ عن المدن والحواضر التركية والفارسية والكوردية، وخاصة في شمال وشرق كوردستان. وفي غرب كوردستان ينتهجون نفس الإسلوب ولكن بفضل الأمريكان تعلموا حرب المدن والشوارع، ولكنهم لا يملكون أسلحة ولا ينتجونها ويخضعون للإرادة الأمريكية ولا يستطيعون الخروج عنها، ومصالح الأمريكان مختلفة عن المصالح الكوردية، وثانيآ الأمريكان لا يحمون الكورد من الغزو والهجمات التركية.

ومن الجهة الثانية هناك قواسم مشتركة بين الحالتين منها:

1- تحميل المسؤولية للضحيتين الكورد والفلسطينيين، وفي المقابل تبرئة المحتلين الأتراك والإسرائيليين وإتهام الكورد والفلسطينيين بالإرهاب!!!

2- القادة الكورد في معظمهم يدعمون المحتلين الأتراك للقضاء على الإدارة الذاتية وقوات قسد مثل:

مسعود البرزاني وحزبه، جماعة المكنسة، الأحزاب الإسلامية الكوردية في شمال كوردستان وجنوبها.

ونفس الشيئ ينطبق على القادة العرب حيث في معظمهم يدعمون سرآ إسرائيل ضد قطاع غزة، كما دعموها في حربها ضد حزب الله، ويتمنون أن تتمكن إسرائيل من القضاء على حركة حماس والجهاد مثل: عبد الفتاح السيسي، محمود عباس، ابن زايد، إبن سلمان، بشار الأسد، الملك عبدالله، ملك المغرب، سلطان عمان، ملك البحرين، .. إلخ.

3- رفض المحتل التركي من خارج سوريا، منح الشعب الكوردي في غرب كوردستان حقوقه القومية والسياسية، مثلما وقف ضد حصول الكورد على حقوقهم في جنوب كوردستان، ورفضه القاطع منح الشعب الكوردي في شمال كوردستان حقوقه القومية وحتى الإعتراف به، ووقف بشدة ضد الإستفتاء الذي نظمه برلمان جنوب كوردستان حول إستقلال الإقليم!!!! الدولة التركية تقف ضد الشعب الكوردي أينما كان، ووقفت حى ضد فتح قناة تلفزيونية كوردية (مد- تيفي) لعشرة السنوات وضغطت على الدول الأوروبية حتى أغلقتها!

وإسرائيل بدورها ترفض منح الشعب الفلسطيني حقوقه القومية وبناء دولته المستقلة، ورأينا كيف إنتهت إتفاقيات اوسلو بعد ثلاثين عامآ من التفاوض في سلة المهملات.

4- يتم تجريب أسلحة محرمة وجديدة في قتل الشعبين الكوردي والفلسطيني.

5- وقووف أكثرية القادة الغربيين إلى جانب المحتلين الأتراك والإسرائيليين.

6- قصف المدنيين عن عمد لقتل أكبر عدد من المدنيين بهدف دفع الحاضنة الشعبية لقوات قسد وكتائب القسام للتمرد عليها، ولن يحدث ذلك لا هنا ولا هناك.

7- قصف البنية التحية من ماء وكهرباء وطرق ومشافي ومدارس وطواقم طبية، لتحويل حياة البشر إلى جحيم، بهدف دفع الكورد والفلسطينيين للهجرة وتيئيسهم.

8- الكورد منقسمين سياسيآ بين الإدارة الذاتية وجماعة الأنكسة، والفلسطينيين أيضآ منقسمين سياسيآ بين السلطة وحركتي حماس والجهاد.

9- أرض الكورد في غرب كوردستان مقسمة بفعل الإستيطان العربي الإجرامي وعمليات التعريب، مثلما الأراضي الفلسطينية مقسمة بين قطاع غزة والضفة الغربية بفعل الإحتلال.

10- حرب محتلي كوردستان من العرب والترك مع الشعب الكوردي حرب إلغائية حقيقة، كونهم لا يعترفون بوجود الشعب الكوردي، مع العلم أن الكورد لا ينادون ولا يطالبون بقتل الأتراك والعرب في كل من سوريا والعراق وتركيا، بعكس حركتي حماس والجهاد اللتان تسعيان إلى تدمير إسرائيل كليآ. صحيح إسرائيل مؤخرآ إعترفت بوجود الشعب الفلسطيني ولكن سياستها العلمية إلغائية، أي أنها تسعى لطرد الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية وهذا خطر جدآ.

 

ما الحل؟

الحل على تركيا أن تتخلى عن سياستها الإحتلالية، وتلجأ للحل السلمي للقضية الكوردية. وثانيآ، بدلآ من أن يتهجم اردوغان على إسرائيل ويتفوه بكلام سمج وكاذب كأي إنتهازي عن الإنسانية وحقوق الإنسان، كان الأجدى به أن يعترف بالشعب الكوردي ومنحه حقوقه القومية في شمال كوردستان على أساس دولة فيدرالية للشعبين الكوردي والتركي، ويكف عن قصف كل من غرب وجنوب كوردستان يوميآ بطيرانه الحربي والدرون، والإنسحاب من الجزئين عسكريآ وأمنيآ، ودعم إستفتاء إقليم جنوب كوردستان حول الإستقلال، والإعتراف بفيدرالية غرب كوردستان، وحل القضية الكوردية في شمال كوردستان وفق الصيغة التالية:

1- تخلي اردوغان عن تحالفه مع الحزب القومي الفاشي بزعامة دولت بخجلي.

2- إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين الكورد وفي مقدمتهم اوجلان وديمترتاش ورؤوساء البلديات

والبرلمانيين والمثقفين الكورد.

3- عقد تحالف مع الكتلة الكوردية في البرلمان والتفاوض مع اوجلان وووفد من الكتلة البرلمانية وحل القضية الكوردية حلآ سلميآ على أساس جمورية كوردستان وتركيا الفيدرالية.

4- إعطاء نموذجآ سلمي وحضاري وأخلاقي، ومن ثم يمكن لأردوغان أن ينتقد إسرائيل وبشار الأسد وغيرهم ويقول لهم: إقتدوا بتجربتنا التركية في حل القضية الكوردية.

لو كنت مكان اردوغان لقمت بتلك الخطوات، ودخلت التاريخ من أوسع أبوابه كزعيم سياسي يضرب به المثل، مثل الراحل نيلسون منديلا. ولكن اردوغان إختار أسوأ الطرق ألا وهو طريق، الدم، الذبح ونهب المال العام وتحويل البلد إلى مزرعة عائلية يسودها الحقد والفساد والجريمة. وبالتالي جعل من نفسه مدعاة للسخرية وقزمآ وشخصآ بائسآ ستلاحقه المحاكم بعد خروجه من السلطة، وفي رقبته دماء ألاف الكورد.

 

 

ثانيآ، حروب فلسطين

الحروب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني حديثة العهد نسبيآ، إذا ما قورنت بحروب الفرس والعربان والعثمانيين ضد الشعب الكوردي. ولا شك بأن السياسة الإسرائيلية هي نفس السياسة التي إتبعها محتلي كوردستان، ألا وهي سياسة التهجير والإستيطان السرطاني والقتل والذبح والترهيب وإغتصاب الأرض وتسويق الأكاذيب وتحريف الحقائق التاريخية.

لكن الفرق بين الحروب الكوردية مع محتلي كوردستان وحروب الفلسطينيين مع الإسرائيليين أن حروب الكورد مع محتليهم ليست ذات طابع ديني، بعد أن فرض العربان دينهم الإسلامي الشرير على الكورد بالقوة قبل (1400) عام أثر غزوهم الوحشي لكوردستان. بينما الفلسطينيين يقاتلون من أجل ما يسمونه (مقدسات إسلامية)، بينما الشعب الكوردي حربه فقط حول الأرض والهوية القومية والحرية والإستقلال.

حركتي حماس والجهاد الإسلامي تنظران للإسرائيليين على أنهم كفار وترغبان في إقامة دولة ظلامية وإستعادة الخرافة (الخلافة)، بينما حزب العمال الكوردستاني فهو تنظيم ماركسي وتجد ضمن صفوفه من الأتراك والكورد والعرب والسريان والكلدان وحتى من الجنسيات الأوروبية، ونفس الشيئ ينطبق على حزب (ب ي د) في غرب كوردستان وقوات قسد والإدارة الذاتية، والمرأة الكوردية لها تشارك في كل مجالات الحياة السياسية والعسكرية والإعلامية. بينما حركة حماس تشبه حركة شاس الدينية اليهودية الرديكالية المتطرفة. حماس والجهاد لا يقبلون الفلسطيني المسيحي واليهودي والدرزي في صفوفهم، أما في الجانب الكوردي فالأمر معكوس تمامآ. فمثلآ قوات “قسد” مؤلفة من كافة القوميات والأديان، ونفس الشيئ مؤسسات الإدارة الذاتية لغرب كوردستان، ونفس الشيئ ينطبق على الجناح العسكري والسياسي لحزب العمال الكوردستاني، ولا يميزون بين الرجل والمرأة قط.

 

التيارات الإسلامية الفلسطينية، مشروعها لا تتوقف عند تحرير فلسطين، بل مشروعهم يتجاوز حدود قضيتهم، ويرغبون في إقامة الدولة الإسلامية الواحدة، وفلسطين ليست سوى جزءً بسيطآ منها. بينما القوى الكوردية لها هدف واحد فقط، وهو حرية الشعب الكوردي ونيل إستقلاله حتى ولو على مراحل.

فمثلآ الكورد في غرب كوردستان يطالبون فقط بالفيدرالية، بينما الفلسطينيين يصرون على دولة مستقلة.

الفلسطينيين يريدون دولة فقط للفلسطينيين، بينما الشعب الكوردي يريد دولة له ولجميع سكان كوردستان الذين يعيشون في هذا الوطن مع الكورد، مع حفظ حقوقهم الثقافية والدينية، ولا يطالبون بتكريدهم وإنكار هويتهم القومية ومنع لغتهم. القومجيين الفلسطينيين بدورهم، لديهم مشروع أكبر من دولة فلسطين، فهم لديهم مشروع إقامة دولة عربية من المحيط إلى الخليج، أما الشعب الكوردي فله وطن واحد وليس (22) وطنآ كالعربان.

 

الفلسطينيين في العشر السنوات الأخيرة، أخذوا يقاتلون على أرضهم وبأنفسهم، بينما الشعب الكوردي طوال تاريخه يقاتل ويناضل على تراب وطنه كوردستان وبسواعد أبنائه فقط، ودون أي مساعدة من أحد، بإستثناء محاربة تنظيم داعش الإرهابي، ساعد التحالف الدولي بقيدة أمريكا الكورد، ليس بهدف تحرير كوردستان وإقامة دولة كوردية، ولا نيل حريتهم، والدليل عدم تعامل الأمريكان والغربيين مع الإدارة الذاتية سياسيآ الإعتراف بها!!!! هم ساعدوا الشعب الكوردي فقط للتخلص من خطر هذا التنظيم الإرهابي المتوحش.

وهناك ثلاثة نقاط أخرى تميز حروب الفلسطينيين مع الإسرائيليين عن حروب الكورد مع محتليهم هما:

الأولى، أن الفلسطينيين كثيرآ ما إستهدفوا المدنيين الإسرائيليين ولا يزالون، وإنجروا إلى المستنقع الذي أراد لهم أن ينجروا إليه عدوهم أي قتل المدنيين، لأن إسرائيل كانت أقوى منهم ولازالت حتى الأن. بينما الشعب الكوردي لم ينجر إلى هذه اللعبة الخبيثة والحقيرة والبغيضة، ولا في جزء من كوردستان رغم تعرض الشعب الكوردي إلى مئات المذابح والمجازر.

الثانية، الفلسطينيين تحالفوا مع أحزاب وقوى وأنظمة شريرة ووسخة للغاية، بينما الشعب الكوردي حاول المستحيل في عدم الوقوع في هذا الفخ الخطير، ولكن بسبب جغرافية كوردستان كان كل جزء من كوردستان مضطرآ للتعامل مع محتل الجزء الأخر من كوردستان للحصول على بعض المساعدات ويكون لديه منفذ على العالم. أما الفلسطينيين لم يكونوا مضطرين لذلك، ومع هذا تحالفوا مع أنظمة شريرة مثل النظام الصدام والأردوغاني ودعموا إحتلال الكويت وأفرين!!!

الثالثة، الشعب الكوردي لم يلجأ إلى خطف المواطنين الأتراك والفرس والعرب بهدف تبديلهم بأسراهم. ورفضت حركة التحرر الوطنية الكوردستانية بكل فصائلها، سياسة الإنتقام من المدنيين وقتل الأسرى من الجنود نهائيآ. بينما الفلسطينيين مارسوا سياسة الخطف وقتل المدنيين كنوع من الإنتقام، مثلما كما كانت تفعل إسرائيل معهم.

 

ما الحل؟

لو كنت مكان نتنياهو، لأدركت وفهمت على الفور بعد هجوم حماس في السابع من هذا الشهر (أكتوبر)،

بأن الخيار العسكري خيار فاشل، ولقمت على الفور بطرد العنصريين من الحكومة وشكلت حكومة تضم اليسار الإسرائيللي والنواب العرب والقوى المعتدلة في إسرائيل، وأصدرت بيانآ خاطبته فيه الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي وقلت فيه ما يلي:

شخصيآ أتحمل مسؤولية ما حدث اليوم للإسرائيليين، وأتحمل جزء كبير جدآ من المسؤولية لم وصلت الإمور بيننا وبين الفلسطينيين، ولكي لا تتكرر مثل هذه المأساة لنا ولا للشعب الفلسطيني الذي عانى

كثيرآ بسبب السياسات الخاطئة التي مارسناها بحقه، ولوضع نهاية لهذا الصراع الدامي لقد قررنا التالي:

1- أتقدم بإعتذار للشعب الإسرائيلي بشكل عام عما حدث من هجوم، والأسرى الذين أسرهم حركة حماس وعائلتهم.

2- لن نقوم بعملية إنتقامية من الفلسطينييم، كما كنا نفعل في كل مرة بالماضي، ليس خوفآ ولا لقلة السلاح والإمكانيات القتالية، بل لأن الخيار العسكري والإنتقام لا يمكن له حل هذا الصراع بل سيعقده ويراكم مزيدآ من الحقد والكراهية.

3- نطالب الولايات المتحدة ومصر للتوسط بيننا وحركة حماس والسلطة معآ في ظرف إسبوع وعقد إجتماع بمصر للإتفاق على تنفيذ النقاط التالية فور توقيعها وهي:

  • الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين دفعة واحدة، مقابل إفراج حركة حماس والجهاد عن جميع الأسرى الإسرائيليين الذين بحوزتهم.
  • البدء بسحب الجيش الإسرائيلي من الضفة الغربية والقدس الشرقية إلى حدود الرابع من حزيران عام (1967) وتسليم الضفة للشرطة والقوات الفلسطينية التابعة للسلطة وبإشراف مصر وأمريكا.

البدء بإفراغ جميع مستوطنات الضفة من المستوطنين وتسليم البيوت للسلطة الفلسطينية وتركها سالمة.•

ربط قطاع غزة مع الضفة الغربية بطريق سريع على شكل جسر.•

الإعتراف المتبادل بين الدولتين، الدولة الإسرائيلية والفلسطينية.•

إعتراف حركتي حماس والجهاد بدولة إسرائيل. •

البحث في قضية اللاجئين الفلسطينيين وسبل حل مصيرهم سويآ.•

 

عندها فقط، يحق لنتنياهو وغيره من قادة إسرائيل، الحق التحدث عن التحضر والتخلف وليس قبل ذلك ولا عن الديمقراطية. الديمقراطية تتناقض كليآ مع الإحتلال، وإستعباد شعب أخر كالشعب الكوردي في الأجزاء الأربعة والشعب الفلسطيني. كلنا نعلم مدى وضاعة وخساسة وفساد وعنصرية نتنياهو، وعشقه للسلطة. وهو مستعد التضحية بكل الإسرائيليين في سبيل البقاء في الحكم بهدف النهب والسرقة والإفلات من عقوبة السجن.

 

في الختام، إن قضية الشعب الكوردي والفلسطيني، بحاجة إلى رجال دولة كبار من أمثال شارل ديغول، الذي أدرك بحسه السياسي العالي، أنه لم يعد مقبولآ إحتلال بلدٍ وشعب أخر في القرن العشرين، ولهذا قرر الإنسحاب من المستعمرة الفرنسية جزائر بعد (132) عامآ من الإحتلال والإستيطان وإجلاء جميع المستوطنين منها وسحب القوات الفرنسية والأمن والشرطة، رغم معارضة قيادة الجيش والإستخبارات، والفرنسيين المقيمين في الجزائر والمولودين فيها، والمتفرنسين من الجزائريين. نحن بحاجة إلى ديغول تركي، وأخر إسرائيلي، وثالث فارسي ورابع عربي. وإلى أن يظهر مثل هؤلاء ستسيل الكثير من الدماء والدموع.

 

31 – 10 – 2023

One Comment on “ما بين حروب فلسطين وحروب كوردستان – بيار روباري”

  1. تحياتي لك يا استاذ الكريم. و حضرتك تقول الحروب الكورد و هل الكورد حاربو اما كانو دفاعين و هل الكورد هاجموا على المحللين ولا جواب لا . و هل الكورد طالبو بستقلال كوردستان و هل الكورد ناضلو و يناضلون من أجل تحرير كوردستان و الجواب لا. و أليس لهم كتلة بشرية و أليس لديهم إمكانيات لكي يصنعون اسلحه و أليس الشعوب يتحرر باقوة . و حضرتك تقول فلسطين و هل ناك شي اسمه فلسطين و أليس العرب اتو بسم اسلام و غزو الشعوب بسم اسلام و أليس بيروز نهاوندي قتل عمر دفاعن عن شعبة. و أليس هذا الأرض بني إسرائيل و حتى الكوتب السماوية يثبت هذا.

Comments are closed.