كل عام ونوروزكم الأبهى والأسعد والأعلى شعلة تنوير وسلام وحرية— ألواح سومرية معاصرة – د. تيسير عبد الجبار الآلوسي

لماذا نحتفل بنوروز؟ ماهو نوروز؟ ما دلالاته ومعانيه؟ ماذا يراد منا في احتفال هذا العام من مواقف تجاه تراكم تراجعات عن الفيدريالية وصعود زعيق بعض أصوات بخطاب شوفيني يجتر مفرداته ونهجه مما انقرض وولى مع نُظُمه البائدة!؟ لماذا اعتمدت الأمم المتحدة نوروز عيدا أمميا ويوما دوليا؟ أي معنى لتهانينا لأهلنا الكورد بنوروز؟ تلكم كلمات موجزة بومضة عجلى لكنها تحمّل التهاني لا مجرد الأماني بل محمولات فكرية ثقافية غنية ثرة معمدة بخطاب التنوير والتعايش السلمي وتبادل الاحترام ومكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكل محاور نهج الشوفينية والاستعلاء.. فعيدا مجيدا لشعوب الأمة الكوردية وليعلو ويسمو التحالف العربي الكوردي  بما تستحقه العلاقة الراسخة بين شعوب الأمتين بمسيرة التحرر والسلام 

 

نوروز عيد الحرية والتمسك بالهوية قومية وطنية

د. تيسير عبد الجبار الآلوسي

إنه العيد الذي يُحتفل به منذ آلاف السنوات والأعوام. وهو اليوم، يجري  بمشاركة دول العالم  لأكثر من 300 مليون من أبناء شعوب المنطقة وبمقدمهم الكورد وهم يحملون هوية العيد، عيد نوروز بوصفه الانتصار على الظلم ودحر الطاغية المستبد؛ وهو ذاته العيد الذي يُحتفى به بوصفه التعبير الأسمى عن الهوية القومية الوطنية للكورد يتمسكون بالانتصار الأسطوري الخالد لهم.

من هنا فإنّ تجدد الاحتفال كل عام هو إيمان روحي عميق بتجدد الحياة واستعادة ربيعها رغم ما قد تمر به الشعوب.. أما طابع الاحتفال فليس مقصوراً على طقوسه ولكنه  بوجهه الأعمق توكيد لإحياء الأمل واستعصائه على الانكسار ومن ثم توكيده تعزيز منطق الحوار والتعايش السلمي وقيم التسامح وسمو التصالح مع الآخر في إطار تبني قيم السلام وإشادتها متينة يعلو في ظلالها الحق والحقيقة وكرامة الإنسان..

لقد كان نوروز ويبقى الحدث المتجدد الذي يقوم على استعادة وحدة الصفوف واللقاء المجتمعي للكورد فيما بينهم ولهم تجاه الآخر وبمثل تلك المعاني والدلالات السامية كانت الأمم المتحدة قد قررت إدراجه في التراث الثقافي غير المادي للإنسانية على وفق قرارها ذي الرقم 64/253، في شباط فبراير 2010 وهو القرار الذي اعتمد قرارا لليونسكو كانت اتخذته بإدراج نوروز في الأيام الدولية في العام 2009.. ولعل قيم الألفة عائليا أسريا ووسط فئات الشعب وبين الكورد وشعوب الجوار هي خير مساهمة فاعلة مؤثرة في التنوع الثقافي ومن ثمّ خدمة مبادئ الصداقة والتعايش السلمي وتلبية قيم الاحترام المتبادل بين الشعوب والأمم.

وعلاوة على ذلك يجسد نوروز فرصة حقيقية للتوعية بصلات وطيدة لا تنفصم بين فعاليات البناء والتنمية وبين مهمة الانسجام مع الطبيعة ومصادرها لإدامة الحياة وتجددها.

إن هذا الحدث الأممي المنبثق من احتفالات الكورد وشعوب أخرى بالمنطقة يمثل فعلا بنيويا كبيرا للتراث الثقافي غير المادي للبشرية وهو ما يفتح بوابات التضامن الاجتماعي وينمّي قيم التقدم والتغيير الاجتماعي ويدفع لتبني قيم السلام بأروع مساهمة لمختلف أجيال المجتمع وأدوارها في إعادة صقل ممارساتها الأنضج والأكثر تطورا والتصاقا بخدمة الإنسان وعيشه الحر الكريم..

وبهذه المناسبة الأثيرة المهمة ومع صادق التهاني التي نتقدم بها لأهلنا من الأمة الكوردية وشعوبها كافة بمختلف أرجاء كوردستان فإن أفضل التهاني هي تلك التي تصل بمحمولات الفعل والعمل بنيويا مما يمكّن التحالفات الاستراتيجية بين الكورد وشعوب الجوار من العرب وغيرهم كي تتعمد وتنمو وتتعزز..

ولقد جاءت في حينه ولادة التجمع العربي لنصرة القضية الكوردية لتكون المنظمة الأكبر والأهم فيي التعبير عن التضامن العربي الكوردي مثلما جاءت مؤتمرات عربية تبنت دراسة قضايا التحالف بين شعوب الأمتين كونها قضايا جوهرية سامية لتلك العلاقة البهية المشرقة بمعاني التاريخين القديم والحديث للتحالف..

وإذا كان من الحقائق، المؤلمة، حدوث تصدعات ناجمة عن أفاعيل قوى متطرفة شوفينية بفكرها السياسي بما ارتكبته من جرائم كبرى مدانة فإن الأكثر صوابا وسلامة هو ثبات العلاقات الاستراتيجية تحالفا وطيدا بين الأمتين وشعوبهما وبما يحمل ثقافة التعايش السلمي وتبادل الاحترام وإعلاء قيم التسامح ووحدة المصير في مجابهة مهام الانعتاق والتحرر وتمكين المجتمعات المحلية من تبني جسور العلاقة الأنجع من فديرالية وكونفيديرالية تليق بشعوبنا وتنسيقها وسائئل التعامل مع مسائل الحياة وطروحاتها..

وصحيح أن المشكلات التي ظهرت في الآونة الأخيرة قد عقَّدت المشهد بخلفية الصراعات الدائرة؛ وصحيح أن تراجعات كثيرة قد طعنت بثقافة السلام والحوار الموضوعي الفعال والبناء إلا أن احتفالنا بنوروز المتجدد يمنح حراك التنوير ودمقرطة الحياة فرص استعادة آفاق تمكين السلام بتبني منطق الاستقرار وإشاعة أفضل سبل التعايشش وكبح جماح التطرف..

وهنا لابد من التأكيد على أنه ما من أمة مالت بخطابها لأطراف العنف في إدارة علاقاتها وإلا وكانت مستعبدة لثقافة غير إنسانية مما ينهك ويرهق أبنائها ويوقعهم بمطبات خطيرة معادية للمسيرة البشرية بعصرنا الحديث.. ولهذا فإن شعوب العربية تشارك شعوب الأمة الكوردية احتفالاتها انطلاقا من تعميد جسور الحلف الاستراتيجي من جهة وإعلاء خطاب السلام والتضامن والتعاون في دروب التنمية وصنع التقدم الذي يليق بشعوبنا على أساس من المساواة والاحترام المتبادل.

إننا لا نحتفل مجاملة أو مشاطرة باستعلاء أو ما شابه من قيم باتت تتفشى بتراجعات عن مبادئ الفيديرالية في العراق على سبيل المثال ولكننا نحتفل ونحن نقف بوجه تلك التراجعات التي ندرك مصدرها القائم على خزعبلات الإسلام السياسي وما يحاول إشاعته من خرافات ليستند إليها في نهجه المعادي للصداقة بين العرب والكورد ومحاولاته الخاسرة حتما لمصادرة ما حققه الكورد بفضل تضحياتهم البطولية وتضامن العرب المتنورين من أنصار السلام وتعميد كرامة ألإنسان بحفظها ومنع المساس بها بأي وجه..

إن قوى شوفينية تتسلل اليوم، عبر منافذ مرضية وسط ضجيج وعجيج وادعاءات فارغة حليفها منطق الترهيب وفرض العنف وجرائمه ومساراته ناسية أو متناسية أن تلك السياسة انهزمت مع هزيمة نُظُمها منذ عقود وأن ما أُشيع من دجل وأضاليل وأباطيل حتى لو تم نسبتها لقدسية دينية أو لأئمة وتقويلهم ما لم يقولوا أو ما يشوه كلماتهم ومحاولات إفشاء منطق العنصرية وخطابها المستهين بالآخر إن كل ذلك وغيره من تخرصات مهزومة لا محال في كل مرة يتم الاحتفال الشعبي بنوروز بوصفه الضوء الأكثر سطوعا مما يفضح كل تلكم الأحابيل التي تحاول التسلل..

هذا هو معنى أننا نشارك بفخر واعتزاز أهلنا الكورد احتفال العيد القومي، عيد الهوية القومية الوطنية والوجدانية المحفورة في الأنفس وهو المعنى الذي تعمد بالقرار الأممي باعتماده عيدا أمميا ويوما دوليا مشرقا كإشراقة يوم جديد وكإشراقة ربيع الإنسان وتجسيده ثورة الحرية الباقية أبدا والمنتصرة حتما..

كل عام وأهلنا الكورد بمزيد انتصارات يتقدمون بها نحو الانعتاق والتحرر وتقرير المصير؛ كل عام وأهلنا أصدقائنا الكورد بإرادة تسمو بحريتها وبحفظها كرامة الإنسان وهويته القومية والوطنية ولتحيا الصداقة العربية الكوردية ركنا مكينا قويا في مجابهة تحديات الحياة ولينتصر الكورد بكل أقسام كوردستان وأجزائها فينزاح الظلام ويتنشر ضياء الحق والحقيقة

 

كل عام ونوروزكم الأبهى والأسعد والأعلى شعلة تنوير وسلام وحرية

4 Comments on “كل عام ونوروزكم الأبهى والأسعد والأعلى شعلة تنوير وسلام وحرية— ألواح سومرية معاصرة – د. تيسير عبد الجبار الآلوسي”

  1. تحية طيبة
    نوروز عيد علمي فلكي طبيعي , زرادشت تتبع تحركات الشمس الفلكية بدقة معزولاً عن العالم أكثر من عشر سنوات, فكان مجهوده, تحديد الفصول والأشهر بصورة فلكية شمسية دقيقة أعلنها في 620 ق م , , بينما قبله جميع التقاويم كانت قمرية لا تتفق مع المناخ في الفصول الأربعة وعبر الإسكندر نقلت علومه إلى اليونان ثم أوربا
    نوروز بدأ عيداً دينياً بحتاً وضعه عالم متديّن شمساني هو زرادشت لتحديد نقطة الإنتقال بين الخير والشر النور والظلام فتحدد إنتقال الغلبة في نقطة محددة جعلها زرادشت بداية للسنة فجعلها 1/ فرفردين يقابل 1/ ميهرماه 21 أيلول والإنقلابات أيضا تحددا كبقاً لذلك
    لا علاقة لنوروز بالقومية والوطنية , لكن في الصر العباسي عندما منع المسلمون أ] مظهر من مظاهر الدين المزداسني الساساني فقد تمسّك به أهله (الكورد والفرس) على أٍاس قومي وليس ديني, وهكذا أًبح رمزاً قوميّاً يحاربه المتدينون في كل مكان, بمن فيهم ملالي طهران

    1. Thank you so much Dr. Taysir Alousi for your noble feeling to share happiness and good wishing for better future to all of us, even next generations. Which I hope too.

      I hope that Newroz’s sun light erases dark and obscurity, to shine a new path forward to best future.

    2. Mr. Hajo Alo Arab, you are wrong !
      And Newroz Festival is more older than 620 b.c. as you suggested.
      Too simply, human’s observation about sun and seasons and months, is much more older than your suggest 620 b.c., because it backs to era of agriculture revolution in human history. So we are speaking about 10,000 b.c. years ago.

  2. تحية طيبة
    لا يا أخي جميع التقاويم قبلها كانت قمرية , الإسكندر أخذ كتب الفرس إلى الإسكندرية التي أصبحت بعد ذلك قبلة العلم والعلماء ومنها إقتبس اليونان معظم علومهم , ويوليوس قيصر هو الذي عدل التقويم الروماني السابق (ذي عشرة اشهر) عدله إلى تقويم شمساني ميلادي هو الذي يسمى اليوم بالتقويم الشرقي اليولياني غير المعدل

Comments are closed.