ميسان… مالذي جنته من زيارة الحكيم. عباس البخاتي

بغض النظر عما يروج له اتباعه، وخلاف ما يتناوله خصومه، من اللازم ان نتحرى الموضوعية، في تسليط الضوء على دواعي ومخرجات  زيارة عمار الحكيم للعمارة.
المراقب للحدث عن قرب، لا يمكن لتصوراته ان تكون مشابهة لغيره، سواء كان مع او ضد تواجد سياسي، في مدينة تعد من المدن العراقية الاكثر فقرا، والاعلى سخاء بما ترفده لموازنة البلد، من منتوجها النفطي الذي تجاوز 600 الف برميل يوميا.
من أساسيات محاولة الوصول لحقيقة، هو بأن يتحلى الباحث عنها، بأعلى درجات التشابه مع الحكيم، الذي عجز اغلب اتباعه ومقربيه، ان يشبهوه في اهم سمة من مقوماته الشخصية، إلا وهي مبالغته في حرصه على تسويق افكاره ما بين السطور، الأمر الذي أتعب الحكيم نفسه، لندرة وجود من يفهم مقاصده، او يترجم افكاره على أرض الواقع، سواء من شركاءه او جمهوره!
من هنا نفهم القصد من تشابه الباحث مع الحكيم، الذي اشرنا إليه بمعنى ان يتحرى من يهمه فك الرموز، ان يفتش بين سطور الخطب والبيانات، والتصريحات التي يدلي بها، ليفهم المراد منها ويتغلب بحذاقة على طريقته الناعمة، في صياغة أفكاره دون ان يترك اثرا لادانته ولا حجة لخصومه في انتقاده.
حاولت ان اسمع منه مباشرة، دون الإعتماد على ما تنقله عنه مواقعه الاليكترونية، وما ينشره مكتبه الإعلامي، الذي يتعمد الحذف والاضافة انصياعا لضغوطات الواقع أنى كان مصدرها.
فكانت التجمعات العشائرية والجماهيرية “بغض النظر عن الطريقة والغاية التي اعدت لها” تمثل بالنسبة لي فرصة لتتبع الهفوات، وذريعة لانصافه أمام الآخرين، وفاء مني لضميري الذي عودته على الموضوعية، الحاضرة في
البعد العقائدي، الذي كان أكثر الأمور التي ركز عليها في كل محطات زيارته، فكانه يستنهض العاطفة لدى مستمعيه، مذكرا إياهم بالدور المستقبلي للعراق، وعلاقته بحركة الظهور، التي ينتظرها الشيعة منذ قرون، محاولا ربط الاستعداد النفسي للناس، وسلوكياتهم المنسجمة مع الشرع والدين، من جهة مع قضية نظم الأمر وترتيب الأولويات، التي  يعتبر العمل الحزبي، من اهم مصاديقها حسب المدرسة الحكيمية.
من خلال متابعة اللقاءات نجد ان البعد العشائري، كان الهاجس الأهم والاخطر في زيارة الحكيم، لما له من تأثير على الواقع الخدمي والامني في ميسان، حيث شهدت المحافظة عشرات النزاعات بين العشائر، راح ضحيتها المئات من أبنائها.
الرجل يعتقد ان تلك المشاكل، تجعل من ميسان بيئة طاردة للاستثمار، ومسببة لهجرة الكفاءات ورؤوس الأموال، في الوقت الذي تسعى اغلب الدول لتأمين المناخات الآمنة، لجلب المستثمرين من الدول التي حققت الاكتفاء الذاتي، وتشهد زيادة سريعة في فائض المخزون المالي لديها، نتيجه عقود من الاستقرار، الذي جعلها تتجه لبناء واعمار مدنها.. فالعراق يمثل الفرصة الاثمن، لتلك الدول من عدة نواحي، فتتجه الأنظار اليه بدل التفكير في اسثمار اموال تلك الدول، في قارات بعيدة وهي رغبة صادقة، عبر عنها زعماء اغلب دول الجوار، والدول الصديقة الذي شهدت علاقاتها مع البلد تطورا ايجابيا لافتا، وهذا يحتم على العراق السعي بكل الوسائل، لتأمين اوضاعه الداخلية واشاعة الأمن والسلم الاجتماعي، الذي يعد رسالة طمأنة للراغبين في العمل على أرض العراق.
لذا نجد ان عمار الحكيم، قد اسهب في التطرق لتلك الجزئية، التي تعكس انطباعا سلبيا لدى المستثمرين، وفهمهم للواقع العراقي، وبنفس الوقت تعبر عن تناقض بين العقيدة، التي يتبناها أبناء العشائر المستمدة من القرآن الكريم، وتعاليم اهل البيت عليهم السلام، ومن منظومتهم القيمية، وبين السوكيات التي تحدث في بعض الاقضية والنواحي، والتي تعطي فرصة للإعلام المتربص، في تناولها بطريقة تسيء لمدن الوسط والجنوب بصورة عامة.
لذا شخص اغلب المتابعون ان الحكيم عبر عن امتعاضه، في مناسبات عدة من تلك الزيارة، مكررا دعوته  لشيوخ العشائر ووجهاء ميسان، لتبني مبادرة ااقن الحكيم صياغتها، مفادها تحجيم دور العناصر المسيئة، والتي كانت سببا في تكوين صورة ضبابية عن الواقع الميساني لدى الآخرين.
تتضمن تلك المبادرة توقيع ميثاق شرف، من قبل أعيان ميسان بالتبريء من مثيري مثيري الشغب، حيال الواقع الاستثماري، واللجوء الى القانون في فض النزاعات، واعادة دور مضيف العشيرة، في وأد الفتن وعدم إستخدام السلاح مطلقا.
في ملتقى الكفاءات والنخب، كان الحديث متنوعا تبعا لتنوع الحضور، حيث انتماؤهم لمختلف المشارب الفكرية والسياسية والحزبية.
الحديث هنا كان بلغة نخبوية تنسجم مع طبيعة الاسئلة والمداخلات، التي ركز اغلبها على علاقة العراق الخارجية، وموقفه من بعض الاحداث الحاصلة، وبيان دوره المحوري، في اغلب الملفات التي شهدت تقاربا لافتا بين بعض البلدان، حيث أشار الحكيم الى ان اغلب الأدوار، التي كان شخصيا هو حاضرا فيها، بعيدا عن الإعلام ورؤية المحللين المتباينة، قد انعكست نتائجها الإيجابية على المواطنين الشيعة في تلك الدول.
#مراقب_عن_كثب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *