الترابط بين الحرب في أوكرانيا والحرب في منطقتنا .- كامل سلمان

أوجه التشابه والترابط بين الحرب الأوكرانية الروسية والإيرانية الإسرائيلية والفكر العسكري الصيني والحرب في البحر الأحمر وما يجري في غزة كبيرة جداً ومتقاربة جداً ، وتكاد تكمل بعضها الأخرى . كيف ؟ التصريح الذي أدلى به مسؤول عسكري أمريكي كبير ، الذي قال بأن الدفاعات الجوية الروسية التي تستخدمها القوات الدفاعية الإيرانية أثبتت فشلها وعدم فاعليتها بصد الهجوم الجوي والصاروخي الإسرائيلي ، حيث إنها عجزت عن كشف وإسقاط ولو صاروخ واحد أو طائرة واحدة من بين الأعداد الكبيرة للصواريخ والطائرات الإسرائيلية التي فشلت الرادارات في كشفها وعدها ، وحتى اللحظة هناك غموض عن عدد الطائرات والصواريخ التي اخترقت الأراضي الإيرانية ومن أين دخلت ، هذا التصريح هو كشف ما يمكن حدوثه في أوكرانيا أيضاً ، لأن الرئيس الأوكراني فلادمير زيلنيسكي طالب الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو مراراً وتكراراً بتزويد الجيش الأوكراني بدفاعات جوية غربية الصنع لكنه لم يحصل إلا على نفس النمط الروسي من الدفاعات الجوية الموجودة في مخازن حلف وارسو القديم ، الموجودة في كل من هنغاريا وبولندا ورومانيا وغيرها من دول حلف وارسو السابق ، وهذا الخزين هو سلاح روسي الصنع من حقبة الاتحاد السوفياتي السابق ، فتصريح المسؤول العسكري الأمريكي هي رسالة إلى روسيا بإننا لو زودنا أوكرانيا بسلاح جو غربي ودفاعات أرضية جوية غربية لعجزت روسيا عن تحقيق أي انتصار ميداني و لإنهارت القوات الروسية بأسرع وقت ، فكانت الهجمات الإيرانية الإسرائيلية المتبادلة في الأونة الأخيرة هي عملية أختبار مدى قدرة الدفاعات الأرضية لكلا الطرفين في صد الهجمات الجوية ومدى فعالية القدرات القتالية الجوية بالنسبة للسلاح الروسي والأمريكي على السواء ، فكانت النتيجة كما وضحها المسؤول العسكري الأمريكي بإنها فشل كبير للسلاح الروسي في التعرض للطائرات الأمريكية الصنع التي تستخدمها إسرائيل ، مما جعل إيران تخرج بخيبة امل كبيرة لمستقبل الصراع مع أمريكا وإسرائيل وبنفس الوقت خرجت إسرائيل بإطمئنان وراحة بال لأنها أصبحت تشعر بأنها مع السلاح المتطور الذي تمتلكه وضعف الدفاعات الروسية الصنع التي تعتمد عليها القوات الإيرانية يقابله قوة الدفاعات الأمريكية التي تعتمدها إسرائيل ، أصبحت إسرائيل قادرة على ضرب أي هدف داخل إيران أو سوريا أو لبنان و بكل سهولة ، بينما وجدت إيران نفسها تواجه صعوبات في ضرب أي هدف داخل إسرائيل رغم صغر مساحة إسرائيل . أما الصين فقد تجنبت تزويد أي طرف بسلاحها المصنع داخلياً وذلك لسببين ، الأول : أن السلاح الصيني بكل أشكاله هو سلاح روسي بالاساس محور محلياً ، وثانياً : خوفاً من فشل أسلحتها فينعكس سلباً على موقفها الصلب من تايوان ، فهي حريصة على عدم أظهار عيوبها لتبقى بعبعاً يخشاه الأخرون . فالصين بالأساس تمتلك عقيدة عسكرية تختلف عن العقيدة العسكرية الروسية ، وهذه العقيدة هي التي كانت إيران تستخدمها إيام الحرب العراقية الإيرانية واستخدمتها في الهجوم الأخير على إسرائيل ، وهي ما تلوح به دائماً ضد اعدائها ، وهذه العقيدة مبنية على الكمية والكثافة الهجومية ، تحشيد الملايين من الجنود في القتال على الأرض ، أرسال المئات من المسيرات والصواريخ في آن واحد والتهديد بزيادة العدد إلى الالاف في وقت واحد ، فكلنا نتذكر كيف كانت ترسل إيران عشرات الالاف من المقاتلين لإحتلال منطقة بمساحة كيلو متر مربع واحد ( هذا ما حدث في الحرب مع العراق ) فحققت نجاحات ميدانية كثيرة ، لكن في السنين الأخيرة للحرب العراقية الإيرانية أصبحت هذه العقيدة العسكرية التي تعتمد على الكثافة الهجومية فاشلة بسبب تنوع أساليب القتال عند الجيش العراقي ، مما آدى ذلك إلى قلب الموازين لصالح العراق في السنتين الآخيرتين للحرب ، ولكن إيران في تهديداتها لأمريكا ولإسرائيل عادت من جديد إلى نفس العقيدة الصينية السابقة الا وهي الكمية والكثافة القتالية ، ولكن هذه المرة في الصواريخ والمسيرات ، فكانت تظن بأنها مع الكم الهائل من الصواريخ والمسيرات التي تستطيع تغطية الأراضي الإسرائيلية بعشرات المرات ستهزم إسرائيل وتمحي إسرائيل من الوجود ، فقامت بخزن عشرات الالاف من الصواريخ والمسيرات في مواقع بجنوب لبنان وسوريا واليمن والعراق ، إضافة إلى مئات الألاف من الصواريخ والمسيرات داخل إيران ، وكانت تراهن على الكمية كأسلوب للردع ، بأن تطلق مائة أو مائتين صاروخ وطائرة مسيرة في آن واحد فتعجز الدفاعات الأرضية والجوية للعدو التصدي لها فترضخ قوات العدو صاغرة مستسلمة ، لكن بعد الهجمات الأخيرة على إسرائيل شعرت إيران بخيبة أمل كبيرة ومرارة شديدة بفشل وعدم أهمية وفعالية الكمية عندما تم إسقاط جميع الصواريخ والمسيرات الإيرانية قبل وصولها للأراضي الإسرائيلية ، فأصيبت بصدمة كبيرة ، حتى أن تصريحات المسؤولين الإيرانيين كانت تدل على الشعور بالخذلان والإحباط ، وقد يؤدي ما حصل عسكرياً قريباً إلى تغيرات جوهرية في سياسات إيران في الشرق الأوسط عامة ومع إسرائيل والولايات المتحدة خاصة ، لأنها بدأت تشعر بأن ليس بيدها شيء تراهن عليه بعد اليوم ، فكل ما كانت تراهن عليه كان وهماً . لقد كانت إيران تعتقد بأنها دولة مثل باقي الدول العظمى لها قوات ردع حقيقية ويجب النظر إليها ومعاملتها كدولة عظمى . فأنا أعتقد من الناحية النظرية أن المواجهة المرتقبة بين إسرائيل وإيران أنتهت قبل وقوعها وسيبدأ تدريجياً تلاشي الدور الإيراني في المنطقة دون الحاجة إلى حروب واسعة . فمن المحتمل سيتم نزع سلاح حزب الله بعد المقترح الفرنسي بإخضاع جنوب لبنان والأراضي التي تحت سيطرة حزب الله إلى سلطة الجيش اللبناني ، وهذه اولى المؤشرات بأن حزب الله لم يعد له أي تأثير عسكري في حالة نشوب الصراع العسكري بسبب قوة الدفاعات الإسرائيلية ، وهذا الشيء نفسه سينعكس على الحرب الروسية الأوكرانية وربما سترضى روسيا ببعض الشروط الاوكرانية مستقبلاً لوقف الحرب بعد ان ادركت روسيا بأن سلاحها لا يحسم الحرب كنتيجة لما أفرزته الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران وكذلك سينعكس الحال على الايدلوجية العسكرية والسياسية الصينية في منطقة الشرق الادنى ، فهنا يجب الأعتراف بأن فارق التطور التكنلوجي قد حسم الأمور قبل حدوثها ، وأظن لا جدال عن هيمنة التكنلوجيا الغربية على بقية دول العالم سوا أكانت التكنلوجيا العسكرية أو الفضائية أو المدنية او البحرية أو كل أنواع التكنلوجيا البحثية . آملنا كبير بأن يحل السلام في كل مكان ونتمنى أن كل طرف يعرف حجمه ولا يراهن على العنتريات الفارغة ، فدماء الناس أغلى من المبادىء وأغلى من كل شيء لو كانوا يعلمون .

3 Comments on “الترابط بين الحرب في أوكرانيا والحرب في منطقتنا .- كامل سلمان”

  1. الاستاذ الكريم كامل المحترم
    هل بأ‘عتقادكم أن اسرائيل و أمريكا كانا يخفيان أثار التدمير الذي أحدثة القصف الاسرائيلي بمساعدة أحدث التكنولوجيات الامريكية على المنشاة الايرانية؟؟؟ لماذا لم تنشر أسرائيل حتى صور القصف بنفس طريقة نشر صور القصف الايراني؟؟ نحن نعرف أن ايران لا تملك الاقمار الصناعية كي تقوم بتصوير ضرباتها على اسرائيل و لكن أمريكل تملك التكنولوجيا التي بأمكانها تصوير الضرر الذي أحدثتة الصورايخ أو القصف الاسرائيلي أيا كان نوعة. بأعتقادي بأن أمريكا و اسرائيل يمارسان التضليل الاعلامي بأدلاء تصريحات غير موثقة.
    تقبل أحترامي
    أخوكم
    هشام عقراوي

    1. الاستاذ العزيز هشام عقراوي
      شكراً لتعليقك الدقيق الصريح ، جنابكم الكريم أعلم بأن المخفي دائماً أعظم من الظاهر ، أنا اتذكر في العام ١٩٨١ م عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية مفاعل تموز النووي العراقي ، لم تعلن حينها إسرائيل نجاح ضربتها ، ولكن البيان العراقي أشار إلى بعض الاضرار البسيطة التي يمكن معالجتها ، بعد ايام زرت أنا شخصياً موقع المفاعل ( كنت أحد الدارسين لحساب هذا المفاعل ) فوجدت أن قلب المفاعل والمختبرات التابعة له قد دمرت بالكامل ، لا إسرائيل أفصحت ولا العراق أعترف . فما فرق إسرائيل الأمس عن إسرائيل اليوم ؟ يحققون اهدافهم ولا يطبلون ولا يبالون لردة الفعل . تحياتي

  2. من اجل تسهيل و وتبسيط المعادلة الدولية من حيث مركز القوة و الضعف فيها, فكلنا بنتا نعلم بان العالم بات مقسم الى حلفين كبيرين تقودهما امريكا و حلفائها من جهة و الصين و حلفائها من الجهة الاخرة. وهناك كتلة للطريق الثالث و لكنه ليس بمقاييس الحلف و لكنها كتلة عدم الانحياز (ان امكن القول) لانها غير منظمة باتفاقيات فيما بينها كما في الحالة السابقة تاريخيا.
    امريكا و الصين هما الراسين الذين يقودان الحلف سواءا مباشرة او من من الخلال القيادو من الخلف.
    الحلف الغربي (امريكا, الاتحاد الاوربي, بريطانيا, كندا, اوستراليا, اليابان, كوريا الجنوبية) مع وجود حلفاء من الدرجة الاقليمية الثانية (دول الخليج ما عدا قطر, اسرائيل, مصر) .. تركيا كعضو منبوذ من هذا الحلف.
    الحلف الشرقي (الصين, روسيا) مع وجود حلفاء اقليمين من الدرجة الثانية (ايران, جزائر) .. تركيا كعضو مرحب به في هذا الحلف.
    كتلة الغير المنتمين الى اي طرف و لا يشكلون حلفلا, بل كل دولة لها مصالحا الخاصة, (الهند, برازيل, جنوب افريقيا, ارجنتين, وكل دولة لا تنتمي الى الحلفين السابقين او لا تهما كل الصراع الذي يجري هناك بتاتا).

    اعتقد ان المقارنة سوف تكون اسهل لو قمنا بجمع امكانات دول الحلف الواحد مع بعضها, ومن ثم مقارنتها مع الحلف الخصم , سوف يسهل علينا عملية الفائز المحتمل و الرابح في المواجهة النهائية,و والذي سوف يقود سياسة القرن المقبل و فق مصالحه و مصالح شركائه.
    بداية الكتلةا لغير منتمية الى الحلفين (الطرف الثالث, الطريق الثالث) هؤلاء لا مكان لهم في الحساب و هم سوف يحاولوا ان يتحالفوا مع المنتصر في الاخير مهما يكن هو المنتص.

    اقتصاديا و عسكريا (وفق Global Fire Power )نجد :

    امريكا: 28.7 تريليون دولار في سنة 2024 مع ميزانية الانفاق العسكري 831 مليار دولار.
    ا تحاد اوربي: 19.6 تريليون دولار في سنة 2024 مع ميزانية الانفاق العسكري 238.1 مليار دولار لاول 10 دول فقط
    بريطانيا: 3.4 تريليون دولار في سنة 2024 مع ميزانية الانفاق العسكري 62.8 مليار دولار.
    كندا: 2.1 تريليون دولار في سنة 2023 مع ميزانية الانفاق العسكري 26.5 مليار دولار.
    اوستراليا: 1.6 تريليون دولار في سنة 2023 مع ميزانية الانفاق العسكري 52.5 مليار دولار.
    اليابان: 4.1 تريليون دولار في سنة 2024 مع ميزانية الانفاق العسكري 53 مليار دولار.
    كوريا الجنوبية: 1.7 تريليون دولار في سنة 2023 مع ميزانية الانفاق العسكري 44 مليار دولار.

    مجموع الحلف الامريكي : 61.2 تريليون اقتصاديا مع ميزانية الانفاق العسكري 1.3 تريليون دولار

    الصين: 18.5 تريليون دولار في سنة 2024 مع الانفاق العسكري 227 مليار دولار.
    روسيا: 1.8 تريليون دولار في سنة 2023 مع الانفاق العسكري 109 مليار دولار.
    ايران: 366 ملياردولار في سنة 2023 مع الانفاق العسكري 9.9 مليار دولار.
    جزائر: 266 مليار دولار في سنة 2024 مع الانفاق العسكري 21.6 مليار دولار.
    تركيا: 1.1 تريليون دولار في سنة 2024 مع الانفاق العسكري 40 مليار دولار.

    مجموع الحلف الصيني: اقتصاديا 22 تريليون دولار مع ميزانية الانفاق العسكري 407.5 مليار دولار

    اعتقد ان النتيجة باتت واضحة اكثر و تعطي نسب و احتمال الترجيح لكل حلف وهي (3) للامريكي الى (1) للصيني.
    بل ارجح اكثر بانه لو حصل هناك مواجهات مباشرة بين هؤلاء اللاعبين مباشرة (و ذلك في اسواء الاحوال) فان اللاعبين الذين سوف يواجهون بعضهم البعض هم:
    – امريكا ضد الصين .. (بدون ان يتدخل الاعبيين الاخرين, مواجهة رأس مقابل رأس)
    – اوربا ضد روسيا .. (ولذلك امريكا تركت المسرح الاوكراني للاوربيين مع دعم اكثر من تستلم هي زمام اللعبة من اجل استنزاف روسيا)
    – اسرائيل ضد ايران .. (مع دعم من دون ان تتدخل, من اجل استزاف ايران).

    و من وجهة نظري , فاني اعتقد بان الحرب الدولية قد انتهت مع خسارة الصين, لانها ببساطة لا تريد المواجهة في هذه المئة السنة.
    مع بقاء احتمال ضئيل ان مازالت الصين تريد الاستمرار في المواجهة, فيجب عليها ان تؤجل المواحهة الى بعد 20-30 سنة على الاقل من الان, حتى تتمكن من تمكين قوتها الاقصادية و العسكرية بشل اكبر من هذا الموجودة الان. و الوقت هو الحليف الوحيد في صالح الصين.

    و اختتم تعليقي هذا باكره جملة اسلامية بالنسبة لي كانسان , لانها تستخف بكل العقول البشرية و تمنعه من التفكير بمنطق بالاستناد الى الحقيقة النسبية المتوفرة, و تسند و تترك كل شيئ شيخ ما يفسر الامر على هواه و هوا نصوصه.
    ( والله اعلم … ! ) هههههه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *