بصدد اختبار موقف الغرب الحاسم حول التهديد التركي لعفرين- جان آريان-ألمانيا 

بمقارنة مختصرة بين ما حدث في جنوب كوردستان مؤخرا، وما يهدد منطقة عفرين لروزافا كوردستان حاليا، يمكن القول كالتالي:

1- عندما يتخذ الغرب موقفا او تقييما او تدخلا بصدد مسألة ما، يصدر ذلك بعد تمحيص دقيق واقعي وفق مصالحه وإمكانية نجاحه مع التوقيت المناسب من جهة وكذلك بنفس الوقت يتضمن مراعاة انعكاس نتائجه على حقوق الغير من جهة ثانية، فهذا الغرب هو بما يكفي من القوة والنضوج بحيث يتحمل جيدا العواقب، وذلك بعكس الذي يكون اقل قوة ونضوجا وبالتالي يتخبط بتصرفه ازاء مصالح شعبه ومصالح الغير ايضا. ونحن الكورد طبقا لمصيبتنا التاريخية المزمنة حتى الآن، يفترض بنا أن استوعبنا الحقيقة: مهما كافحنا وضحينا من اجل حق تقرير مصيرنا، يصعب جدا أن ننتزع هذا الحق دون تأييد غربي حاسم، وبالتالي علينا التناسب ما يبرمج ويخطط هذا الغرب استراتيجية وتكتيكا زمانا ومكانا بخصوص المنطقة سواء كان ذلك طويلا مملا او مختصرا مرغوبا.

ما أعلن هذا الغرب كله وليس فقط امريكا من موقف مسبق حول أهمية تأجيل اجراء استفتاء استقلال اقليم جنوب كوردستان كان أيضا مبنيا على الاسس المذكورة اعلاه بكل وضوح وشفافية، ألا أن بعض متنفذي الاقليم الفاسدين الناهبين المهيمنين عائليا هناك ولدوافع شخصية لتبرر ولتغطي تلك المساوىء وعزلتهم من قبل أهم الحركات الكوردستانية قوة وجماهيرية وتعاملهم الرخيص مع الحكومة التركية العنصرية وبسبب عضويتها اللعينة في الناتو الأشد عرقلة لإمكانية التحرر ونيل الشعب الكوردي حق تقرير المصير داخل الاجزاء الاربعة، قد خالفوا واستخفوا بتلك المواقف والتوصيات الغربية الدقيقة والمفيدة، مع أنهم، وبسبب حسبانهم الكبير لامكانية زعزعة مصير مناصبهم ووجاهاتهم والملايين ان لم تكن المليارات المنهوبة من اموال وميزانية شعب جنوب كوردستان، حتى غير مستعدين لصد او تصعيد المواجهة العسكرية مع القوات العراقية او الايرانية او التركية، وبالتالي كانت النكسة الكارثية بعد الهجوم العراقي الاجرامي المذكور سابقا على المناطق الكوردستانية المستقطعة، هكذا بعد أن تشجعت الحكومات الغاصبة معا عندما تيقنت من عدم تدخل الغرب لصالح الاقليم وذلك إثر تأكيد قفز الطرف الكوردي فوق نصائحه والذي يحمي الاقليم منذ 1991 وهو الذي أصلا أوصله الى مرحلة الشبه السيادة والصلاحيات الواسعة حتى قبل 16 اكتوبر 2017.

2- بينما بخصوص التهديد التركي الحالي لعفرين -روزافا كوردستان والتلميح بشن هجوم عسكري عليها، يمكن التذكير بأن قيادة YPG-YPJ لم تتورط بعد في آفة الفساد والنهب بالمقارنة مع تورط العديد من متنفذي الاقليم الكوردستاني الجنوبي، وكذلك ليس هناك شخصان من عائلة واحدة يحكمان مؤسسات الادارة والأمن لدى YPG-YPJ, هذا فضلا عن استعداد قادتهم الدائم للمواجهة العسكرية مع الجهات والمجموعات المعادية والإرهابية، هكذا بالاضافة الى مسايرتهم وتناسبهم الدقيق مع الاستراتيجية والتكتيك الغربي في اطار التحالف القائم في الشمال السوري، مما يدفع هذا كله الى الاهتمام الغربي الجيد بوحدات حماية الشعب الكوردي وبقضية هذا الشعب في روزافا كوردستان، وبالتالي سيؤكد ذلك من تحذير هذا الغرب للحكومة التركية من مغبة شن أي هجوم عسكري مرتقب على عفرين.