تعقيب حول مقالة صلاح رشفاني – رسالة إلى الأخوة الأكراد.  أبراهيم شتلو

نشرت صحيقة: “رأي اليوم “في عددها الصادر يوم 5 يناير/كانون الثاني 2023 مقالة للسيد رامي الشاعر تحت عنوان: رسالة إلى الأخوة الأكراد. 

ونظرا لما جاء في مقالته الموجهة إلى الأكراد من مواربة للواقع،ومغالطات مجحفة بحق الشعب الكوردي في سوريا، ولقفزه من  فوق وقائع الأحداث أرى من واجبي كمواطن كوردي وحرصا مني على الحوارالبناء الذي يخدم أولا وأخيرا سوريا ومواطنيها أوضح مايلي:

الشعب الكوردي في سوريا ومنذ أن أعلن عن قيام كيان دولة تحت مسمى: الجمهورية السورية يعاني من الغبن والإنكارعلى الرغم من دوره الوطني البارز في طرد الإنتداب الفرنسي ووقوفه أمام التهديدات التركية باجتياح سوريا عام 1956 لأن سوريا وقفت إلى جانب مصر ضد العدوان الثلاتي إلى غيرها من بداية حقبة إستقلال سوريا كان دور المواطنين الكورد مثالا للمواطنة في الإخلاص والتضحية على الرغم من معاناته من التمييزالقومي طوال عقود طويلة نتيجة إشاعة التهم الباطلة بحق الشعب الكوردي والمشاريع العنصرية التي وضعها أناس مدسوسين يتلبسون عباءة القومية العربية زورا وبهتانا.

وإذا كان السيد رامي يبدي دهشته – كما يقول – أن يهاجم بعض الأخوة الأكراد في الشمال والشمال الشرقي السوري الإجتماع الثلاثي التركي الروسي السوري. ويتابع قائلا:

“فقد كنت لزمن طويل أتصورأن الأخوة الأكراد يتفهمون موقف موسكو المبدئي من الأزمة السورية وتحديدا من قضية الأكراد.”

ويضيف:

“إلا أن ماحدث من سوء فهم، أرجو أن تزول دواعيه و توابعه في أقرب وقت ممكن، يدفعني دفعا لتوجيه هذه الرسالة حرصا مني ، ومن القيادة الروسية بكل تأكيد،على مستقبل قضية الشعب الكردي، واهتماما مني ومنها بالتوصل إلى وضع خاص للأكراد يؤمن مشاركتهم في عملية الإنتقال السياسي السلمي،الذي يضمن لهم حقوقهم في ممارسة عاداتهم وتقاليدهم ولغتهم والحفاظ على ثقافتهم، بل وإدارة المناطق التي يتواجدون فيها بكثافة داخل أراضي الجمهورية العربية السورية الموحدة دون المساس بوحدة أراضيها و سيادتها.”

ويتابع السيد رامي الشاعر مقالته المذكورة بتوجيه النقد إلى الإدارة الذاتية و إشارته إلى مايقال عن إرتباطها بحزب العمال الكردستاني وكما يضيف إنتقاداته إلى ما يسمى: الشبيبة الثورية وأعمال العنف التي تنسب إليها ضد جهات كردية وأممية.

كما يعرب عن أمله بأن تعدل الإدارة الذاتية من موقفها إزاء المبادرة الروسية والإجتماع الثلاثي الذي يعتبره السيد رامي الشاعر بأنه المخرج الصحيح من الأزمة الحالية في سوريا.

إنني وإذ كوني لا أنتمي إلى أي حزب أو تنظيم أو جماعة ولا أمارس النشاط السياسي ضمن أية مجموعة معارضة أوهيئة أو منصة أود كمواطن كوردي أن أقول للسيد رامي الشاعرمايلي:

أولا: إن الجميع أخطأ بحق سوريا كوطن وذلك بدءا من قيام بعض غلاة القومية العربية من تطويق المكونات القومية الأخرى في الوطن السوري وإنكار وجودها كشخصية تاريخية وثيقة الصلة بنضال الشعوب التي كانت تخضع للإمبراطورية العثمانية, وكانت القومية الكوردية واحدة من المكونات القومية الرئيسية التي قامت الحكومات المتعاقبة على السلطة في دمشق على محاربتها أحيانا لأسباب سلطوية كما جرى أثناء عهد الوحدة السورية – المصرية على يد رئيس المكتب الثاني ووزيرالداخلية عبد الحميد السراج إذ أعلنت الحرب على كل ماهو كوردي بتهمة الشيوعية، ثم في فترة الإنفصال وذلك لإشغال الشارع السوري الوحدوي عن الحركة الإنفصالية بالتشهير بإخلاص الشعب الكوردي والترويج لفكرة خطورة القومية الكوردية ونعتها بالإنفصالية.

ثانيا: إن الكورد وقفوا أمام تمدد العصابات المسلحة والمأجورين والمجموعات الإرهابية من شذاذ الآفاق وقاموابالنأي بأنفسهم منذ بداية الأحداث الدموية في عام 2011 عن المشاركة في قتال الجيش السوري وهدم الوطن بل ونجحوا في إقامة مناطق آمنة للكورد وللملايين من أبناء المناطق المنكوبة وللهاربين من الموت.

ثالثا:دافع الكورد ببسالة وقدموا التضحيات الجسام في درء خطر تسرب الإرهابيين عبر الحدود الشمالية المتاخمة لمناطقهم المحررة وقد كان لدورهم هذا الفضل الأكبر والأول في عرقلة دخول العصابات الإرهابية حتى ربيع عام 2018.

رابعا: تقدم الكورد عشرات المرات باقتراحات ومشاريع وأفكار و مبادرات لإنهاء حالة الإحتقان بينهم وبين الحكومة في دمشق، وذهبت وفود منهم إلى دمشق تطرق باب التفاهم السلمي ولحل المأساة السورية سوريا. ولكن كان رد دمشق مع الأسف المماطلة والإبتعاد عن الحل بالتسويف والتأجيل والإنكار وأخيرا بالتهديد وبدلا من أن تمد دمشق يدها إلى جزء مخلص من شعبها يتودد إليها لبت دعوة العدو الذي تربص بها وخانها وسعى إلى القضاء عليها طوال عقود من شتى أنواع الحروب والإحتلال وبدأت تخط معه وثيقة نحر الشعب الكوردي في سوريا من الوريد إلى الوريد لماذا؟

خامسا: أما موقف روسيا الإتحادية من كل ما حصل ويحصل الآن  كان دائما وفق معادلات تأخذ مصالح روسيا وفق المعطيات الدولية بعين الإعتبار. فبدلا من بذل الجهد المخلص لدى الحكومة في دمشق وتقديم المشورة الصحيحة لها بحل المشاكل الداخلية على أسس الديمقراطية والأعتراف بالحقوق القومية للكورد كجزء من مكونات الشعب السوري كانت سياسة روسيا تتلون بموجب مقتضيات علاقاتها التي تطورت منذ عهد أردوغان وقضت بعدم إزعاج موقف تركيا المعادي للشعب الكوردي. وبالتالي أصبحت السياسة الروسية إزاء المعضلة السورية من هذا الجانب -على الأقل – تخضع لإعتبارات الحرص على ضمان مراعاة المخططات التركية تجاه الجمهورية السورية وتطور الأحداث الإقليمية. أما الشأن الكوردي وحقوقه المشروعة فقد أصبحت أمرا ثانويا جدا مادامت تركيا تملك الحل بالكسرعلى طريقة بيضة كولومبوس وبالتالي تركت روسيا الباب مفتوحا لتركيا لتشاهد وبدون إكتراث الإستمتاع بإطفاء ظمأ أردوغان من دم الشعب الكوردي المسالم بل ومن دم السوريين الأخرين أيضا.

سادسا: يوجه الكاتب رامي الشاعر النقد على الإدارة الذاتية وما أسماه بالشبيبة الثورية ويجعلهما أحد المنغصات في فشل التوصل إلى تفاهم كوردي – دمشقي. وهنا أقول وبوضوح:

إن الشعب الكوردي في سوريا ليس قسد و ليس مسد وليس الشبيبة الثورية كما هو ليس من هياكل ما يدعى الإئتلاف وما شابه. وإن لم شمل الشعب السوري بكافة مكوناته القومية والمذهبية يكون بالإعتراف به وبالقبول به شريكا حقيقيا في بناء الوطن وفي سرائه وضرائه. والمصداقية في ذلك تكون بتثبيت الحقوق القومية والحريات الدينية في الدستورالسوري بالتساوي قولا والتزاما وعملا والإعلان عنها بشكل رسمي وعلى الملآ ودول العالم ومنظماتها الدولية.لأن هذا الحق لمكون رئيسي من شعب سوريا لايرتبط بوجود حزب أو حركة أو تنظيم سياسي وينتهي بانحلالهم. فإن وجود الشعب الكوردي أزلي خلقه الله على أرضه وليس وليد حقبة من الزمن أو نظام سياسي ولا يرتبط حقه المشروع بممارسات حركة سياسية أو تنظيم حزبي لأن وجوده التاريخي والواقعي ثابتان وحاله كحال أية قومية أخرى بل أسوة بوجود القومية العربية وحق شعوبها في ممارسة حقوقهم المشروعة.

إن الإعلان عن موقف مبدئي أخلاقي وطني شجاع من قبل دمشق ، سوف يجعل البنادق تسقط من على أكتاف الجميع بل ستشارك جنبا إلى جنب مع الجيش السوري لدحر جميع القوى الأجنبية وتحرير تراب الوطن من المحتلين الأجانب وشذاذ الأفاق.

وسيكون لها في مثل هذه الخطوة الجريئة السبق المشرف لوقف نزيف الدم السوري ودرء أطماع الدول الإقليمية والعالمية عن سوريا وخيراتها ولن تكون دمشق ولا الكورد ولا لغيرهم من المواطنين بحاجة إلى وساطات دول إقليمية أو تدخل هيئات عالمية.

“وأنا أضمن لك بأن الجماهيرالكوردية ستكون على رأس الذين سيتقدمون إلى دمشق بالتحية والترحيب والقبول وسيكون الشعب الكوردي في سوريا كما كان ودائما حارسا أمينا لحدود الوطن ووحدته وسيادته.”

أما عن تهجم الإعلام الروسي على الكورد نظرا لوجود قوات أمريكية في مناطق الإدارة الذاتية، فإن موسكو تعلم علم اليقين أسباب ودوافع وجود قوات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب والتي شاركت فيها قرابة 55 دولة بموجب قرار أممي.

وأسألك يا سيد رامي الشاعر:

هل كان في منطقة جبل الكورد – عفرين – قوات أمريكية؟ أم كان هناك قوات روسية وحكومية؟ في عام 2018 عندما قامت شراذم العصابات الإرهابية مدعومة بالقصف الجوي والمدفعي التركي باحتلاله واستباحته بأهله وأموالهم المنقولة وغير المنقولة؟

نحن الكورد لسنا دعاة قتال، وعلى الإعلام الروسي أن يكف عن التهجم على الشعب الكوردي وأن يتوقف الإعلامي والدبلوماسي الروسي السيد: فيتشىلاف ماتازوف مؤخرا عن وصف الكورد بالإنفصاليين ومطالبة الكورد بحقوقهم القومية في سوريا بأنها:

إسرائيل الثانية. وأن يروج بأعلى صوته عبر مداولاته التلفزيونية مع القنوات العربية بأسلوب رخيص و لينعت الإدارة الذاتية بالعمالة لأمريكا و إسرائيل.

يعلم الكاتب السيد رامي وغيره أن المسؤولية الكبرى والأولى في دخول وإستمرار الوجود الأجنبي الأمريكي والتركي وغيره في سوريا تقع أولا على عاتق الحكومة السورية في دمشق وثانيا الحليف الأول روسيا الإتحادية.

إذ كان من المفروض حسب معايير المصلحة العامة للشعب السوري ولسوريا كوطن أن على روسيا الإتحادية أن تقف إلى جانب عدالة مطالب الشعب الكوردي بعيدا عن لعبة الصراع على النفوذ بين القطبين العالميين – إذ ليس لهذا الصراع للكورد ولسوريا ناقة ولا جمل – واستنادا إلى مبادئ حقوق الإنسان أو على الأقل عملا بمقولة كارل ماركس الشهيرة:

شعب حر، لا يستعبد شعبا آخر. وإن تجعل دمشق تتخلى عن عقلية القمع القومي والتغيير الديمغرافي والإبتعاد عن الإستمرار في إنكار الحقوق المشروعة للشعب الكوردي وأن تبني قبول الآخرهو السبيل الوحيد والصحيح لكسب تضامن الكورد مع الحكم في دمشق ولتوحيد الصف الوطني الداخلي وعندها فقط ستكون مسألة أخراج القوات الأجنبية من الأراضي السورية تخضع لإرادة الشعب السوري الواحد الحر، وحينها ستكون سوريا دولة حرة، مستقلة ذات سيادة موحدة الأرض مهابة الكيان ذات رفعة ومكانة عالية بين دول العالم لأنها دولة ديمقراطية تمارس فيها مكوناتها القومية والمذهبية حقوقها المشروعة بحرية وسلام.

صلاح رشفاني

مانشستر – 8 كانون الثاني 2023

3 Comments on “تعقيب حول مقالة صلاح رشفاني – رسالة إلى الأخوة الأكراد.  أبراهيم شتلو”

  1. تحية للكاتب والقراء والمعلقين، وبعد.
    تقوم معظم وسائل الإعلام من عربية وغربية وشرقية أثناء تطرقها القضية الكوردية بشكل عام وإلى إلى الصراع الدموي في سوريا بصورة خاصة إلى دعوة بعض المراسلين والمعلقين ممن يمثلون الفئات المتصارعة أو المتناقضة لكي يقوم كل منهم بالإدلاء بما لديه من توجهات وما يمثله من القوى الفاعلة على ساحة الصراع الدامي في سوريا. وفي جميع المداولات التي تدور حول الأزمة السورية يكون الشعب الكوردي ودوره على أر الواقع المحور الأساسي ليبدي كل من المشاركين في الحوار التلفزيوني الحي رأيه بل وموقف الجهة التي يمثلها وغالبا مايكون التركي والروسي على رأس القائمة. ويكيل التركي – الذي يمثل دائما وبشكل مطلق موقف السلطة الحاكمة بكل فلسفتها العنصرية ونظرتها الحاقدة على وجود الشعب الكوردي – أما الروسي فمعايير رأيه تنطلق من الحرص الشديد على دغدغة مشاعر الرغبات التركية والقرع على طبل الحرص على وحدة أراضي الجمهورية – العربية – السورية، وأخيرا بمحاولة تشويه صورة من يمثل مقاومة الشعب الكوردي على أرض الواقع وفي الآونة الأخيرة وصف الإدارة الذاتية وقوات حماية الشعب بالعمالة لأمريكا وإسرائيل. إنني أرى أن يقوم المتنورين الكورد بالإتصال بمع القنوات التلفزيونية ووسائل الإعلام العربية وغيرها بدون ملل وبدون إنقطاع لكي يشاركوا في مثل تلك الندوات والمقابلات وينقلوا صورة صادقة وحقيقية عن معاناة الشعب الكوردي من الظلم والإستعباد ومحاولات إنكار وجوده على أرضه وذلك بطريقة علمية واعية هادئة مع سرد المعلومات موثقة دقيقة واضحة. ودمتم. مع الإحترام.

  2. كاك أبراهيم شتلو المحترم
    تحية
    للاطلاع
    “تعقيب حول مقالة صلاح رشفاني – رسالة إلى الأخوة الأكراد.” ّ !
    “مقالة للسيد رامي الشاعر ” !
    “صلاح رشفاني. مانشستر – 8 كانون الثاني 2023” الاختتام
    أيهماهو المؤلف؟
    “الأكراد”
    الكُرد
    محمد توفيق علي

  3. كاك أبراهيم شتلو المحترم
    تحية
    للاطلاع
    “ودوره على أر الواقع ”
    ودوره على أرض الواقع !
    “يقوم المتنورين الكورد ”
    يقوم المتنورون الكُرد
    “بالإتصال بمع القنوات التلفزيونية”
    بالإتصال مع القنوات التلفزيونية !
    محمد توفيق علي

Comments are closed.