كيف أنتقلت عدوى الطائفية والعشائرية الى العرب والمسلمين في الدول الغربية :- (كامل سلمان )

لا يخفى على أحد أن معظم العرب والمسلمين المقيمين والمستوطنين في الدول الغربية أصبحت الطائفية تنخر روابطهم الاجتماعية ، أما عند معظم العراقيين المقيمين في دول العالم الغربي فأن الطائفية تتصدر المشهد يضاف إليها بعض الأحيان العشائرية والمناطقية وكذلك الطبقية .. لم يشهد تأريخ المغتربين العرب والمسلمين فرقة وتباعداً مثلما يشهده حاضرهم … السؤال كيف أنتقلت هذه الأوبئة الى حياة هؤلاء المهاجرين الذين من المفروض أن سبب هجرتهم وهروبهم من بلدانهم الى بلدان الدول الغربية هي الأبتعاد عن الطائفية والعنصرية والطبقية والعشائرية والفقر والظلم ؟ للجواب على هذه التساؤلات علينا أن نعرف بأن هذه الأمراض الاجتماعية والدينية والسياسية لم يكن لها وجود سابق عند جميع الأجيال المهاجرة القديمة يعني مهاجري ستينيات وسبعينيات وحتى ثمانينيات القرن الماضي ولكنها بدأت تظهر عند اجيال التسعينيات فما فوق . وما يميز أجيال التسعينيات فما فوق من المهاجرين واللاجئين كانت اعدادهم كبيرة وعلى شكل امواج بشرية ، ، مفهوم الهجرة وحياة الاغتراب في السابق كان متداول عند اعداد جداً محدودة من الناس ، والغربة كانت تعني التحدي والمغامرة والانقطاع تماماً عن الوطن الأم وعن الاهل والاصدقاء ، لذلك لا تجد من يدخل هذا المجازفة الا من وصل مرحلة اليأس أو التحدي او بسبب المواقف السياسية او من كان يبحث عن إشباع الرغبات الجنسية ، أو أصحاب الطموح العلمي والباحثين عن العلم أو من أجل المال ، أما بعد أعوام التسعينيات وخاصة بعد الحروب المدمرة في الخليج وتطور وسائل الاتصالات وسهولة الحصول على الهجرة ، تحولت الهجرة من هجرة فردية الى هجرة جماعية ، وكلنا نعرف الهجرة الجماعية يعني انتقال العادات والتقاليد خاصة بعد أن أصبحت أسباب الهجرة استعراضية وتنافسية عند معظم العوائل حتى ان الكثير من العوائل وجدت ان الحياة في الغرب لا تلبي طلباتها ورغباتها النفسية فعادت تلك العوائل الى ديار الوطن ، لمجرد أن هذه العوائل حققت رغبتها في العيش ولو لفترة قصيرة داخل حياة المجتمع الغربي الذي طالما كانوا يحلمون به . في السابق كان المهاجر على استعداد لتقبل حياة المجتمع الغربي وعاداتهم أما الان فليس هناك اي استعداد لقبول العادات الجديدة وكأن الامر مجرد عملية تغير منطقة سكن وليس تغيير وطن وغربة .
الطائفية كما هو واضح أصبحت جزء من شخصية الإنسان الشرقي عموماً أي الإنسان المسلم ، والسبب هي المحطات الاعلامية الواسعة التي تشحن وتغذي الطائفية في عقول الناس ، وهذه المحطات يستطيع المغترب مشاهدتها وسماعها بكل سهولة ودون تكلفة عبر شبكات الاقمار الصناعية ( الستلايت ) او عن طريق مواقع الانترنيت ، تجمع ابناء المذهب الواحد او القومية الواحدة او العنصر الواحد على شكل جاليات متقاربة يزيد من فرص الثبات على كل شيء سيء ، الحرية التي توفرها دول الغرب عامة تعطي دافع للمغتربين العرب والمسلمين على استغلالها بشكل سيء خاصة بوجود دور العبادة التي تستقطب الميول الطائفية والعشائرية ، الشيء المثير للجدل والذي لم يحدث حتى في مناطق الصراع الطائفي في بلدان الشرق الاوسط ان الطائفية عند المغتربين منعت المصاهرة والتزاوج عند اغلب المسلمين وهذا الشيء لم يحدث بهذا الشكل في الدول العربية والاسلامية ولكنه يحدث الان عند المسلمين والعرب وخاصة العراقيين في دول المهجر .
أظن بأننا لسنا بحاجة الى الهجرة للحصول على حياة جديدة ممتعة وناجحة ، لأن الوصول الى الاهداف الصحيحة سوف لن تتحقق طالما أننا نهاجر الأرض ولم نهاجر الأفكار المريضة . فلماذا هذا العناء إذا كان الحال سيبقى راكداً على هذا المنوال ، بل من المحتمل سيتم تلوث المحيط الجديد الذي يستقبل المهاجرين . كنت قديماً أظن أن المغتربين عامة ومنهم المسلمين هم أصحاب وعي وثقافة وعلم وانفتاح الا أن الواقع يعطي صورة لا تقل سوداوية عن واقع البلدان التي هاجروا منها .
ومما ساعد على بقاء الوساخة في عقول هؤلاء المهاجرين هي الاتكال على المساعدات الحكومية التي تقدم للمهاجرين واللاجئين مما يجعل المهاجر أكثر التصاقاً بهذه الافكار النتنة التي تسد له الفراغ الاجتماعي خلال اللقاءات في المساجد او الحسينيات التي أصبح عددها أكثر من عدد المساجد في الدول الاسلامية ، لأن الدول الديمقراطية الغربية تعطي الرخصة لمن يريد بناء مسجد او حسينية مما دفع دول الشر والطائفية التي تدعي بحكم الاسلام الى استغلال هذه الفرصة وبناء مسجد في كل زاوية حتى ولو لخمسة أفراد يحضرون للمسجد .
فأموالهم كثيرة والفتوحات الاسلامية يجب ان تستمر ، فبدل ان يذهب الشباب للجامعات لكسب العلم والمعرفة يذهبون للتجمعات الدينية المشحونة بالكراهية ، فالاموال والرواتب مدفوعة وحالهم حال الشباب في بلدانهم التي هاجروا منها لا علم ولا عمل ولا منفعة فقط استعراضات دينية وطائفية وعلاقات جنسية مشبوهة وكذب ولحى ودشداشة وسبحة ، هذه الصورة أصبحت مألوفة في أي بلد غربي . ولنكن منصفين أكثر فأن العرب والمسلمين في أحيان كثيرة أكثر مدنية و رقياً من معظم الأفارقة والآسيويين واللاتينين الذين يحاولون زرع ثقافاتهم المتخلفة داخل المجتمعات الغربية ، فليس اللوم فقط على العرب والمسلمين ، المشكلة ان دول العالم الثالث سميت بهذا الأسم لتخلفها الصناعي والتجاري والزراعي إلا أنها بالحقيقة هي دول العالم العاشر من ناحية الفكر والتفكير ، أكيد الكلام لا يشمل الجميع لأن من بين هؤلاء المهاجرين من أضاف الكثير لحياة وتطور المجتمعات الغربية . لكن المؤسف أن يعود المغترب بعد عشرات السنين من حياة الغربة وهو أكثر تخلفاً من أبن البلد ، فبدل أن يعود ليكون عوناً لوطنه الذي تركه قبل عشرات السنين أصبحت عودته مقرونة بأنواع الخداع وأساليب السرقة والعقلية المتفسخة والأكثر من هذا يحمل شهادات مزورة ثم يتسنم موقع قيادي تحته كنز من كنوز الدولة يقوم بشفط هذا الكنز بحرفية عالية ، وأنا أتذكر جيداً والكل يتذكر في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كان المغترب العائد الى الأوطان يسمى من أصحاب الكفاءات ، ولم نكن نعلم أن الكفاءات هي الأخرى تغيرت وصارت آفات .