عوائل الشهداء والمظلومين لا يصلحون لقيادة الدولة !- كامل سلمان

أفراد عوائل الشهداء والمظلومين القريبين( أي من الدرجة الأولى ) للشهيد و المظلوم والمغدور والمسجون السياسي غير مؤهلين نفسياً للحصول على أي منصب سيادي او إداري أو أمني في الدولة بعد سقوط النظام القديم الذي قتل ذويهم او سجنهم او عذبهم ، لأن أفراد هذه العوائل يعانون من الامراض النفسية التي خلفتها ظروف فقدان الأحبة والخوف والمطاردات والتحقيقات والضغوط النفسية المستمرة ، فقد لاحظت وسمعت في أماكن كثيرة من العالم ان سقوط الانظمة السياسية وإحلال أنظمة سياسية جديدة تكون معظم قيادات النظام السياسي الجديد من عوائل الشهداء والمظلومين ، ولاحظت أيضاً وسمعت بأن الفساد يعم بذلك المجتمع والانتقام يحل بدل القانون والفوضى تصاحب النظام السياسي الجديد ، وهذا ما حدث في العراق وفي إيران والبوسنة وليبيا وتونس وراوندا وسيراليون وغيرها من الدول ، فبعد سقوط النظام القديم وتسلم زمام الامور من قبل احزاب سياسية كانت معارضة للنظام القديم ومعظم قيادات هذه الاحزاب السياسية من أفراد عوائل الشهداء المعدومين والمظلومين والسجناء والهاربين ، فأول شيء تبدأ به هذه القيادات الجديدة عملية تصفية حسابات وانتقام تصاحبها موجة من الفوضى وانعدام الامن ثم تتبعها موجة فساد عارمة ، أما البلد وبناء البلد وتصحيح أخطاء الحكومات السابقة والاستفادة من تداعيات أخطاء الماضي ، فهذا ليس له وجود في قواميس الحكام الجدد ( المنتقمون ). . السيناريو نفسه تكرر في جميع هذه البلدان ، والسبب هو افراد عوائل الشهداء الذين ليست لهم أية ثقافة اجتماعية أو سياسية أو علمية بسبب انعزالهم عن المجتمع وانعزالهم عن الحياة لفترات طويلة وبسبب تشبع أنفسهم بروحية الانتقام بعد فقدان الاعزاز بأبشع طريقة ، فالمجتمع بالنسبة لهم يتحمل مسؤولية فقدان الاحبة ، فينتقمون من كل شخص وقف الى جانب النظام الزائل أو حتى الشخص الذي كانت حياته مستقرة في زمن النظام السابق ، وينتقمون من المجتمع وينتقمون من كل شخص تقاعد من الخدمة في ظل النظام السابق وينتقمون من اصحاب الشهادات .. وأصحاب الثقافة والعلم ، بسبب الحقد الذي أمتزج بالجهل في آن واحد . الحكومة التي تتشكل في النظام السياسي الجديد هي بالتأكيد ستكون حكومة الحاقدين المعاقين نفسياً بلا أدنى شك ، ، فيعمدون بعد تسنمهم المناصب أن يعيشون البذخ المطلق لتعويض ما فاتهم من الليالي السود التي تجرعوا مرارتها بكل ألم ، ويتصورون بأن الدنيا أقدمت إليهم طائعة وستبقى لهم وينسون بأن أبناءهم لم يعيشوا تلك الالام التي عاشوها هم أنفسهم ، فلذلك أبناءهم سيتنعمون بنمط حياة مليئة بالملذات والسلطة والجاه والمال ، فيصبح الابناء عرضة بشكل كبير للإنحراف النفسي والاخلاقي والتجبر والعلو ، فتتحول حياة الاباء الى هم و غم وحزن أكبر من حزنهم القديم ايام كانوا يعانون من المظلومية ولكن هذه المرة إرادتهم مشلولة امام ابناءهم الذين بدأوا يكبرون ويقررون ما يريدون ويفسدون في الارض ، من هنا يبدأ العد العكسي لرحلة النضال الفاشلة التي بدأوها أيام المحن الى أن تنتهي بدمار المجتمع نتيجة احقادهم ودمار الدولة نتيجة جهالتهم ودمار عوائلهم وأنفسهم نتيجة إفراطهم في السلوك المنحرف ، لذلك أرى من الخطا جداً أن يتسلم ذوي الشهداء والمظلومين والمسجونين أي منصب في الدولة أو يحصلوا أي تعويض عما أصابهم ولكن يمكن ان يمنحوا فرصة للتعويض بأعمال نزيه لكي يشعروا بقوتهم وتزال عنهم هموهم ويشعرون بطعم الحق والعدل .. هل يمكن حدوث كل ذلك في بلداننا وفي مجتمعاتنا التي طفح فيها الحقد والكراهية والانتقام ؟ هل حان الوقت لإبعاد كل هؤلاء عن سدة الحكم لكي تعاد الحياة طبيعية خالية من الشجون ، أم أن مبدأ ( سأسلمها تراب ) مازال ساري المفعول .