صحوة المسلمين وهزيمة المتاجرين بالدين- احمد موكرياني

 

أن انتفاضة الشعب العراقي  في تشرين 2019 لم تختصر على كشف الحكومات والأحزاب الفاسدة التي توالت على السلطة بعد المحتل الأمريكي منذ 2003 بل تعدتها الى فضح فساد التجار الدين والمرجعيات الدينية السياسية التي دعمت الحكومات والأحزاب الفاسدة, فكانت هذه الانتفاضة مكملة للصحوات ضد الإسلام السياسي في مصر وتركيا وفي تونس وليبيا والسعودية, وأن لم تنجح هذه الصحوات في فرض إراداتها لحد الآن ولكن القادم الأيام وجائحة كورونا كفيلتان في إنجاحها.

الجديد في هذه الإيام هو بدأ ممثلي الإسلام السياسي يفضحون بعضهم البعض بشكل لم يسبق له مثيل فقد تجاوزوا كل الخطوط الحمراء والخبايا السرية وخاصة في إدارة أموال الخمس والنذور التي كانت من الأسباب الصراع والتنافس على لقب المرجعيات الدينية, وأن الأموال الخمس كانت السبب الرئيسي لاختلاق رواية الأمام المهدي الغائب كما ذكره المفكر والباحث ألإسلامي احمد الكاتب وذلك لتتمكن المرجعيات الدينية بعد وفاة الأمام الحسن العسكري من الاستمرار في الحصول على الخمس من مقلديهم من الشيعة أي التجارة باسم الأمام المهدي والكذب على أبناء طائفتهم.

فتظهر في الوسائل التواصل الاجتماعي للعديد من المنتمين الى المذهب الشيعي يكشفون عن سرقة مرجعية النجف للأموال الخمس والنذور وصرفها على العقارات في لندن مدعومة بصور العقارات ومواقعها وأرقامها, وان الخلافات بين المرجعيات تنحصر في توزيع حصص الأموال الخمس, وقد اختلف علماء الشيعية في صحة جباية أموال الخمس واعتبرها البعض منهم على أنها بدعة دينية, لأن الخمس فرض على غنائم الحرب في زمن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وليس على المكاسب الشخصية من العمل التجاري بعد انتشار الدعوة الإسلامية سلميا, وجاء في القرآن الكريم “وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” ( الأنفال (الآية 41 )), وإنما الزكاة هي فريضة على المسلم القادر على دفع الزكاة كما في الآية الكريمة “وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ” (البقرة (الآية 110)).

أن التجارة بالدين ليس حكرا بالمرجعيات الشيعية بل تنطبق على تجار الدين من السنة وما فضائح الوقف السني العراقي في عهد احمد عبد الغفور السامرائي ألا نموذجا آخر من الفساد المرجعية السنية ناهيك عن فساد الخلفاء والولاة المسلمين منذ عهد الدولة الأموية اللذين حكموا الدول باسم الدين الإسلامي فكانوا يخزنون الذهب والفضة وينفقونها دون حساب أو رقيب ويبذخون من بيت المال على الشعراء وعلى من يمدحونهم وعلى المنافقين حولهم دون محاسبة من احد.

فلو اقتصرت نشاطات التجار الدين من الشيعة والسنة على الفساد المالي لكان ممكن تجاوزها ومحاسبة الفاسدين منهم ولكنهم نشروا الإرهاب والتطهير المذهبي وتكفير من يخالفهم في المذهب والدين فكفروا المسلمين والمؤمنين وجيشوا الميليشيات من كل أنحاء العالم لمحاربة المسلمين وقتلهم للمسلمين والمؤمنين والآمنين من الناس من المعتقدات الأخرى اللذين لم يعتدوا أو يشكلوا خطرا على الناس وعلى المسلمين, ولا ننسى أن حكومة الصهاينة في إسرائيل تتاجر بالدين اليهودي لاغتصاب أرض فلسطين وقتلهم للفلسطينيين.

فماذا تسمي العمليات أدناه اذا لم تكن إرهابية لتحقيق أهداف دينية تجارية سياسية للسيطرة وتولي الحكم:

  • ماذا تسمي وجود ميليشيات مسلحة عراقية عميلة لإيران لا تخضع للقائد العام القوات المسلحة العراقية رغم خضوعهم قانونيا لسلطة القائد العام للقوات المسلحة العراقية, انهم يقتلون المتظاهرين العراقيين اللذين يطالبون بالحرية والعدالة الاجتماعية وشاركوا في قتل العراقيين عامي 2006 و2007 على الاسم والهوية بعد تفجير المفتعل لمرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء.
  • ماذا تسمي تأسيس دولة الخلافة الإسلامية “داعش” في سوريا والعراق من قبل قاسم سليماني وتواطئ أردوغان وتنفيذ نوري المالكي, فتقتل الآمنين وتسبي النساء وتنهب الأموال وتهرب الأثار والنفط بالتعاون مع السلطان اردوغان.
  • ماذا تسمي وجود مليشيات من كل أنحاء العالم في سوريا موالون لإيران أو لأردوغان يقتلون السوريين ويدمرون البلاد والسفاح الأحمق بشار الأسد لا يرضي على ترك كرسي الحكم ويحكم باسم الطائفة العلوية.
  • ماذا تسمي أرسال اردوغان لمرتزقة سوريين من الإخوان المسلمين لقتل الشعب الليبي.
  • ماذا تسمي قتل مليشيات الإخوان المسلمين لجنود وضباط الجيش المصري في شهر رمضان وهم صائمون.
  • ماذا تسمي الحرب الدائرة في اليمن تشارك فيها إيران والسعودية والأمارات والقطر يقتلون اليمنيين ودمروا البلاد.
  • ماذا تسمي الحرب الدائرة في أفغانستان كل هذه السنوات, فهل الأفغان اكثر فهما للإسلام من علماء الدين في الأزهر ورئيسهم الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الذي وقع وثيقة “الأخوة الإنسانية” مع قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان وشاركوا في صلاة جماعية لحماية الإنسانية من جائحة كورونا.

أن الأُمية المنتشرة في الدول العربية والإسلامية والبدع الدينية التي تربى عليها أطفال العرب والمسلمين منذ مئات السنين ونرجسية القيادات الإسلام السياسي لتولي الحكم وفرض طاعة ولي الأمر على المسلمين قيدت الشعوب العربية والإسلامية للحاق بالحضارة القرن الحادي والعشرين وان كانت الحضارة الغربية الحالية عجزت على مواجهة بلاء جائحة كورونا, لكنها قدمت خدمات لمواطنيها والمقيمين فيها من الأجانب افضل من الدول العربية والإسلامية, فشاهدنا كيف تعاملت الدول الخليج مع الوافدين اللذين شاركوا في بناء الدول الخليج بطريقة ابعد ما تكون عن القيم الإسلامية الصحيحة والقيم الإنسانية المتعارف بها دوليا, وكيف تعاملت الحكومات الغربية الغير الإسلامية مع المواطنين الأجانب بل وصل طبيب مغربي الأصل الى أن يكون ضمن خلية الأزمة في الإدارة الأمريكية في البيت الأبيض.

السؤال: هل الإسلام مطبق في الدول التي تدعي نفسها دول وحكومات إسلامية أم مطبق في الدول الغربية التي فصلت الدين عن السياسة؟

الكثير منا قرأ العبارة المشهورة للشيخ  محمد عبده بعدما زيارته الى فرنسا في عام 1892 م “رأيت الإسلام عندهم بدون أن أرى مسلمين ورأيت المسلمين عندنا بدون أن أرى الإسلام”.

  • كي تنهض الشعوب العربية والإسلامية من خفوتها وتخلفها التي امتدت لقرون عديدة, عليها أن تغير الوضع السياسي الحالي في كل الدول العربية والإسلامية دون استثناء وتغيير برامجها التربوية وتحجم عن التدخل التجار الدين في السياسة, كما جاء في القرآن الكريم قوله تعالى” إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم” (الرعد, الآية(11)).
  • استعادة أسماء الأحياء والشوارع والمدارس والمستشفيات والمؤسسات والمدن الأخرى في العراق الى أسمائها الوطنية عند إنشائها بدل التجارة بأسماء علماء وأئمة المسلمين على إنها ستشفع لهم عن جرائمهم وفسادهم عند المتاجرة بهذه الأسماء, فإنها بدع ورياء وترسيخ التخلف على الثقافة العامة.
  • رفع بدعة القاب المقدسة من المدن والضواحي, فلا توجد في الإسلام إلا ثلاثة أماكن مميزة بألقابها وهي المكة المكرمة او المسجد الحرام والمدينة المنورة, لم يقدسها النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا التابعين, وبيت المقدس, المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله كما جاء في القرآن الكريم “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (الإسراء الآية(1)),

كلمة أخيرة:

  • أن الوسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية كشفت وتكشف الفاسدين في كل المجالات الحياة وتتعقبهم أينما وجدوا من أستراليا الى كندا, ويصورون أصحاب العمائم السوداء والبيضاء وهم في لباس الغرب الكافر كما يطلقون هذه الصفة عليهم, متمتعين بالأموال التي سرقوها من بلدانهم.
  • أن فرض لبس الرداء الحشد الشعبي الإيراني على القائد العام للقوات المسلحة العراقية الرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عند زيارته لمقر هيئة الحشد الشعبي الإيراني بخر حلم العراقيين في حدوث تغيير سلمي للنظام السياسي في العراق, فطالما بقت ميليشيات مسلحة ولائها لولي البدعة الخامنئي لن يتغير الوضع السياسي في العراق.

2 Comments on “صحوة المسلمين وهزيمة المتاجرين بالدين- احمد موكرياني”

  1. ** من ألأخر

    ١: صدقني سيبقى الحال هَكٓذَا ليوم القيامة ، لان شعوبنا بطبعها منافقة ، وقد اعتادت على تمجيد طغاتها وجلاديها وتقديس من يضحكون عليها ، والواقع والتاريخ أصدق أنباء من الكتب ؟
    والسؤال ، هل هنالك غباء واستحمار أكثر من هذا، أليست هذه من أولى أسباب طغيان حكامنا وساستنا ومعممينا ؟

    ٢: أما عن الغدر والخيانة واللصوصية والارهاب في مجتمعاتنا فلا عتب على مرتكبيها ، فهى جزء لا يتجزا من تاريخهم وثقافتهم وتراثهم ؟
    عزيزي إذا كان الشرع وكبار المعممين قد أباحوا وطئ ألام والاخت ونكاح الميتة والمتعة والقاصر ، فالسؤال ، ماذا أبقى هؤلاء السفلة للشواذ واللصوص والمجرمين وأتباع إبليس ؟

    ٣: وأخيراً
    يقول الفيلسوف الفرنسي فولتير {إذا كان الامر يتعلّق بالمال ، فدين الجميع واحد} فما بالك بمن كان يحلم بالدينار واليوم عنده مليار ، أخزى ألله زمانا رفع ألاشرار والأقدار ، سلام ؟

    1. اخي العزيز السيد السندي, المشكلة عندنا في العراق ان المراجع الشيعية تبيح سرقة المال العام والنفط على انها مجهولة الهوية اي بدون مالك معترف به او بمعنى آخر ليست ملكا لعموم الشعب او للحكومة التي تمثل الشعب وتدير موارد الوطن الطبيعية نيابة عن الشعب, ولكن على السارق للمال العام او النفط او الثروات الطبيعية والآثار دفع خمس اي 20 بالمئة من قيمة سرقاتهم كي تصبح سرقاتهم حلال لهم, فهذه الفتاوي بدع دينية وليست ثقافة اجتماعية, ان انتفاضة تشرين 2019 هي الشرارة للتحرر من البدع الدينية ومن عبادة القبور.

Comments are closed.