ماذا تريدون من مصطفى البارزاني / دَعوة إلى إحياء الحوار العربي – الكوردي – إبراهيم شتلو

بعد مُرور حوالي نصف قرن على أحداث دامية قامت بها أنظمة ديكتاتورية معجونة بغريزة التسلط والظلم، وظهورأجيال من شعوب المنطقة نشأت على أدبيات مُشبعة بثقافة مُشوّهة مبنية على الكراهية، وعقائدية القومية الواحدة العنصرية، وبأفكارإنكارالغيرواعتماد العنف كوسيلة مُبررة لسحق الآخر.

وحرصا مني على علاقة الجوار التاريخية وإحساسا مني بضرورة الإستمرار في توعية أجيالنا العربية والكردية الناشئة على الأفكارالإيحابية البناءة المبنية على مبدأ:

أريد للغَير ما أُريدُه لنَفسي أشعر بضرورة إعادة نشرمقالة نشرتها جريدة النهار البيروتية بتاريخ 21 آذار 1974وبثتها إذاعة: صَوتُ كُردستان العراق بتاريخ 3 من شهر نيسان من سنة 1974 مباشرة بعد نداء القائد الخالد مصطفى البارزاني إلى شعب كردستان.

وكما نشرتها الأمانة العامة للإعلام والثقافة في كردستان العراق بتاريخه لتكون مُبادرة جديدة مني أقدمها نواة لورقة حوار عربي – كردي مبني على أساس مبادئ التفاهم الحضاري والتعاون الإنساني ويحقق الأخوة والتعاون وحسن الجوار بما يكفل تفهم كل طرف وقبوله للأخر.

وفيما يلي النّص الكامل كما وَرد في نشرة الأمانة العامة للإعلام والثقافة في كردستان العراق بتاريخه.

ماذا تُريدون من مصطفى البارزاني؟

تَحتَ هذا العنوان نشرت جريدة النهار البيروتية بتاريخ  21.من شهرآذارلعام1974 رسالة بتوقيع السيد باورجان إبراهيم فيما يلي نَصّها:

الأخ عبد الكريم أبو النصر:

في جريدة النهار عددها 21 آذار 1974وتحت عنوان حرب العراق تَحدّثتَ عن القضية الكردية في العراق وَمَوقفَي الحكومة في بغداد وقيادة الحركة الوطنية الكردية من التطورات الأخيرة على صعيد حل هذه القضية. إنني إذ أرى أنّ القومية العربية التي ناضل أبناؤها طويلا ضد مرحلتين من الإستعمار السياسي حتى حصلت شعوبها على الإستقلال الوطني،لايمكن أن تكون في إطارها الفكري والعملي  الصحيحين إلا خيرنصيرللقومية الكردية. خصوصا أن التاريخ البعيد والقريب أثبت بوضوح وقوف الأكراد إلى جانب العرب على مرالمحن والأزمات فضلا عن حق الشعب الكردي المطلق في تقرير مصيره بنفسه. فقد شعرت بالأسى وأحسست بالمرارة ولم أتمكن من كتمانهما وبدافع الحوار الأخوي الصادق أسألك:

أولا: لماذا تَرى أن المُشكلة الكردية أصعب مشكلة قومية في العالم العربي كما جاء في مقالك؟

هل عن وجود قومية كردية في محاذاة قومية عربية في إطار دولة رُسمَت حدودها وفقا لمشيئات إستعمارية تنشأ هذه الصعوبة؟ أم عن مجرد إحساس الشعب الكردي في كردستان العراق بحقه في حكم نفسه بنفسه مَثلُه كَمَثل الشعوب العربية كافة،وكل الشعوب التي مارست حقها في تقريرمصيرها بنفسها؟

إن الصّبغة الكردية لشعب كردستان العراق ليست منّة من أحد وَلا هبَة من حُكم،ولاتكون حيثُ تَعترف  بها حكومة وتَنتفي حيثُ تَرفضها سلطة أخرى والقومية الكردية في كردستان العراق حقيقة تاريخية يُعبّرعنها واقع ثابت بشريا وسوسيولوجيا وإقتصاديا و جغرافيا يُبلورهذه الحقيقة الثايتة تَحرّك سياسي مُنظّم ينبع من إرادة شعب يسعى إلى تحقيق حياته الفضلى بالحرية التي يراها ضرورية لممارسة حكم نفسه بنفسه. فهل في هذا مايسئ إلى القومية العربية؟.

إن القوميتين العربية والكردية شأنهما شأن كل فكرة قومية تكونان متفاهمتين بمقدارتعرفهما في المدى الصحيح للفكرة القومية. أي بمقدار ماتراه الفومية العربية حقا لها عليها أن تقف عند الحد الذي تبدأ فيه حقوق القومية الكردية من دون ضغط أو كبت أو وصاية بالإكراه وإلا فإن الوقوع في دوامتها الشوفينية، والسعي إلى صهر القومية الأخرى أو إقتلاعها كليا أو جزئيا دفعة واحدة بالقوة العسكرية المُتَفوقة أوعلى دَفعات بالألاعيب السّياسية وَشق الصّفوف، وأيا كان أسلوب التمثيل والصهر ومداه…يضران بالقومية المتعالية و يسيئان إلى العلاقة  بين القوميتين.

ثانيا: تقول أن قانون الحكم الذاتي الذي أعلنته حكومة بغداد حديثا أعطى الأكراد مالَم يُعطيهم أي نظام آخر في بغداد. إنك ترى معي ولاشك أن القرار الذي أعلنه في أوائل هذا الشهر مجلس قيادة الثورة في بغداد والمسمى: الحكم الذاتي لمنطقة كردستان لَم يَكن منّة وَ لاهبَة وَلا تبرعا، خصوصا أن الحزب الذي أعلنه و أقره للأكراد رفض في عام 1963 عندما كان على رأس السلطة أن يقر لهؤلاء حتى نوع من اللامركزية ولم يكن يعترف حتى فترة قريبة بوجود منطقة في العراق تسمى: كردستان.

إن كردستان العراق دفعت ثمن الإقرار بوجود الشعب الكردي عبر ستّة عقود من الثورات المتلاحقة ومئات الآلاف من الشهداء واليتامى و الآرامل والمشوهين جسديا وتهديم آلاف القرى وإزاء هذا الغالي من التضحيات لايُمكن لهذا الشعب أن يَحني رأسه في بساطة لقرار يَمسخ إتفاقا وَقّعه حُكام بغداد منذ أربع سنوات. هذا القرار الذي لا يَعني من الحُكم الذاتي سوى الإسم فقط والذي صَدَر من طرف واحد وَ عُرض بواسطة أجهزة الإعلام في بغداد بإخراج دراماتيكي وسط حماس الأناشيد القومية الكردية مرفقا بإنذار لتطبيقه بالقوة المسلحة ومن هذا بالضبط يفرض أسلوب التّحايل الذي تُمارسه السّلطة في بغداد خلق الإحساس لدى الأكراد بعدم الثقة، ماذا تُريد وَتُريدون من مصطفى البارزاني؟

فإنّك إذ تَضع في مقالك حكومة بغداد في طَرَف،والبارزاني في الطّرف المُقابل لستَ على خطأ وليس هذا محل فَخر لنا نحن أبناء الشعب الكردي فإنّ مصطفى البارزاني أكبر من كل ذلك وَحسبه فقط أنّه أخلَصَ للفكرة التي آمن بها وَهُو يافع في جبال كردستان العراق.

ولذا، فإنّ مُؤرخي الشعب الكردي يقولون عنه أنّه يمثل النضال التَحرري لشَعبه، وَ يعتبرونه أُمثولة رائعة كَكُل القادة الشرفاء الذين تقدوا بشعوبهم نحو الحرية التي لاكرامة لشعب من دونها.

وختاما، خدمة للقضّية المشتركة التي نحن في صدد بحثها، ومُساهمة في تعزيزالروح الأخوية وإشاعة المفاهيم الإنسانية بين الشعوب، آمل في أن تعالج الأمورمن مواقعها الحقيقية لأن الرّوابط التاريخية التي تربط بين شعبينا لايمكن أن تنمو أو تدوم مالم نُساهم كَمُثقفين وَ مسؤولين كلّ من مَوقع مسؤوليته في دَعم هذه الروابط وَ تطويرها في الإتجاه الإنساني الإيجابي وَ ذلك عن طريق الإعتراف المقابل بحق شعبنا الكردي في تقرير مصيره بنفسه أيضا كما ساندنا دائما وَنُساند قضاياكم القومية المَصيرية.

التّوقيع

باورجان إبراهيم

2 Comments on “ماذا تريدون من مصطفى البارزاني / دَعوة إلى إحياء الحوار العربي – الكوردي – إبراهيم شتلو”

  1. اتفهم مواقفكم الحرة الشريفة ولكن لظروف حكمة بالغة ومشكورة
    تحت هذا الفهم تصبح التعددية ضربا من الوهم . فالتعددية هي الاعتراف بحق الآخر ، وليس الاضطرار الى التعايش معه فترة محددة . ويقوم فهم ثقافي – ايديولوجي عن التعددية يعتمد على المنافسة غير المشروعة التي تقوم على التشهير والابتزاز للحفاظ على الهيمنة ومواقع النفوذ باسم الديمقراطية ورفع شعاراتها… والثقافة تستطيع ان تلعب دورا في الديمقراطية حينما تكون مستقلة ، وحينما تكون انتاجا للمجتمع المدني وليس مؤسسة رسمية او اتجاها رسميا يعزز سلطة الدولة ويمنحها الطابع الابوي الذي توجه من خلاله المجتمع نحو العبودية المعممة التي تشمل عموم فئات المجتمع المدنية والعسكرية ، المدنية والريفية ، المهنية والسياسية .
    ويكتسب الدور الايديولوجي والاقتصادي للدولة اهمية كبرى في اشاعة الثقافة الاستبدادية وفي تعزيز دور المؤسسة الحاكمة في الذهنية الاجتماعية وفي التراث الثقافي الخاص بالعلاقة بين المجتمع والدولة ، فالطاعة العمياء للدولة اكتسبت نوعا من القدسية العرفية والتقليدية في اذهان كثير من افراد المجتمع وتجمعاته القبلية والمنتجة للموارد الاقتصادية ايضا .
    موضوح مسح تعليقاتي بعد موافقتكم على نشرها دليل على حجم الضغوط عليكم لذالك انا آسف وحزين على ما بدا من تصرفات غير ادبية التي تسببت لكم المشاكل وانت غني عنها دمتم كالجبال الكوردستان لا تهتز بالبراكين الغضب من لدن قادة مزيفين لولاهم لكان الاتحاد الكورد ليس في باشور كوردستان بل عمت سائر كنتورنالات كوردستان الاربعة واتحادهم في قلب رجل واحد توفى العم مام جلال ولاحقاً نوشيروان مصطفى استبشر كوردستان خير ان زمن قادة الاقتتال الكوردي الكوردي باتت في متناول اياديهم ولكن طال انتظارهم لكي يلحق بهم آخر رفيقهم بهم حينها تعم السلام المنشود وتقترب الامة الكوردية الى يوم الموعود يوم الاتحاد والالفة والمحبة وتزول الفوارق المجتمعية ولا تتم الا بهدم اصنام العبودية ويصبح الفرد سيد امره وترجع لمسروقات اليه… وبقدر ما تكون الحكومات صالحة بقدر ما تكون الشعوب متحدة ومستقيمة وشريفة. …نعلم اخوتي في صوت كوردستان الاعزاء… وبمعنى آخر ، فان الثقافة المرتبطة بالديمقراطية تتجنب العنف وتتجنب وسائل الاكراه الاخرى كالايديولوجيا الرسمية التي تمارس الارهاب الفكري والجيش والصحافة المؤممة والميليشيات واجهزة القمع المختلفة على سبيل المثال في. حل الخلاف السياسي واختلاف وجهات النظر وفرض وجهة نظر واحدة ووحيدة عن طريق العنف والاكراه . ان الاسلوب السائد يفرضه تاريخ من الثقافة الحزبية والسياسية عن موقع الدولة وحقوقها في فرض الواجبات والتمتع بالحقوق ، وموقع المجتمع بالنسبة للحزب ، خاصة الحزب الحاكم ، الذي يقوم بفرض سلطته على المجتمع من خلال استخدام ادوات الدولة ، ويلغي مفهوم المواطنة لصالح مفهوم عضوية الحزب ،
    وصلت موضوع حجب الانظار عن تعليقاتي مشارق الارض ومغاربها وكشفت لهم بأن صناعة تكميم الاصوات النزيهة الصادقة والهادفة وغير الهدامة التي تهدف الى تغير نظرة الشعوب العالم وخاصة مواطنين الامة الكوردية ان زمن الحزب القائد قد ولت غير الرجعة ولم ولن تكون إنتقادي لهم بدون مستمسكات في مواقع الرسمية وومواقع وڤيديوات youtube.com وكيف لا فاليدفعوا لها الاموال حتى يحجبوها وهي ربما الاف
    علي بارزان
    21 05 21 20

    1. ياأعزائي الكرام ألا تسامحونني أن اتواصل معكم ومع منْ يحبونكم التواصل معك عبر الاثير بلا ثرثرة ولكن عسى ان تكون لها ثمرات ناضجة نافعة ومداومة الصحة السالمة والعقول الصافية والقليوبية الصادقة خالية من العصبية الفكرية القبلية وامراض النفسية العقيمة وعيون واقعية ضد كل الصراعات الداخلية لا ترى إلّا تقوية الإضاءة على تقوية أللحمة القومية على لافتات كتبت بدماء شهداء
      لاننا جميعاً معذورين لا زلنا بحكمنا عادات قديمة وامراض مزمنة معالجها وقتية يحتاج الى زمن
      نشأنا، وكل واحد منّا مقتنع إنّه على صواب، وغيره مخطئ، ليس هذا فقط، بل وتخطّاه إلى أن يظنّ كل فرد أنّه وحده يملك الحقيقة المطلقة والجميع ضالّون!

      لماذا وصلنا إلى هذا الحدّ من التردّي القيَمي؟

      لأننا تربّينا على عدم “تحمّل مسؤولية أعمالنا”، وهذا موضوع يطول الكلام حوله.

      لم ننشأ على مفهوم “الحريّة المقدّسة” التي تولد معنا من دون منّة من أحد، ولم ينمّ أحد لدينا “تقدير الذات” و”احترام الآخر”، فـ”البهدلة” و”الكفّ” كانا من “مقدّسات” المجتمع، ونتيجتهما الأهم هي انعدام تقدير الذات.

      لم نتدرّب على “اتخاذ القرار المناسب”، لأن أحداً لم يترك لنا المساحة للقرار، فكانت تأتي القرارات معلّبة من الأب أو من المسؤول، ولا مجال للنقاش، فهذه “قلّة مربى”.

      ترعرعرنا على الخوف من كل ما يحيطنا: الله، الأب، الأم، الآخر، المجتمع، المجهول، الخطأ (مع تحفّظي الشديد على مفهوم “الخطأ”، لأن من حق المرء أن يخطئ فيتعلّم)، المختلف دينيّاً أو مناطقيّاً أو مذهبيّاً…

      فصار الخوف يكبّلنا ويسجن تفكيرنا داخل قوقعة قاسية، من الصعوبة كسرها لتراكم الطبقات المتتالية عليها، فولّد لدينا حالة من العدائية المتواصلة وغير المبرّرة.

      لكن الثابت الأوحد، أننا “دائماً على حقّ”! وثقتنا هذه تنبع من الموروثات التي لم نتجرّأ يوماً على مناقشتها ولو سرّاً، لأن الخوف كبّل حرّيّة تفكيرنا. فإعادة النظر بالموروثات من المكفّرات! هذا عدا خوفنا من العقاب الذي سوف يطالنا، او القصاص الذي قد يلسعنا، أو المجتمع الذي من المؤكّد سيركلنا خارج دائرته الضيّقة، أو الأسوأ، وهي “نار الآخرة” التي تستعر على مزاجنا ونرمي بها من يخالفنا بالرأي أو بالانتماء… وقد نخاف أشياء أخرى أيضاً لا مكان لتعدادها جميعاً.

      فلنتذكّر، أن كل فرد وُلد ونشأ في بيئة، أعطته أفكارها وطبعته بعاداتها وتقاليدها، فدرس تاريخها وحفظه، وتشرّب معتقداتها وأفكارها النمطيّة وتبنّاها.

      البعض لم يتخلّ عن هذه النمطيّة، والبعض الآخر كانت لديه الشجاعة الكافية ليعرف أنّه حرّ ويقرّر أنّ لا أحد، لا هو ولا سواه، يملك الحقيقة المطلقة. فهم أن كل فرد يرى الحقيقة من زاويته الضيّقة، ولكي نتمكّن من رؤية الحقيقة الكاملة، علينا أن نجمع هذه الزوايا ونتّحد لبناء غد جميل ومشرق ننعم فيه بالأمان والمحبّة.

      من السهل جدّاً أن نفعل دائماً ما اعتدنا على فعله، كالحكم على الآخر، واعتبار أننا دائماً على حق، فالتفكير بعمق يتطلّب شجاعة وحرّية وتقدير للذات، والقليل فقط يتحلّى بهذه القوّة.

      “لا تدينوا، كي لا تدانوا”.. “إرحموا من في الأرض، يرحمكم من في السماء”.. “من كان منكم بلا خطيئة، فليرجمها ببحجر”.

      فلنتذكّر جميعنا، أننا قد نخطئ وقد نصيب، ولنرَ دائماً الأصابع الثلاثة التي تشير إلينا بينما نشير بأصبع واحدة إلى الآخر، فليعمل كل منّا عمله بإتقان، وليدَع محاكمة الناس لمن خلقهم، فهو أولى بهم..

      ولنعمل على بناء ذواتنا، فبناء الفرد من الداخل وتقوية أساساته القيَميّة والإنسانيّة أولويّة قصوى، وهي أهم من الاعتناء بببناء المنازل والقصور والأبراج والبنايات الشامخة، وترتيب أولويّاته أهم من ترتيب أوراقه، وتربيته على تحمّل مسؤوليّة اعماله، أهم من تربيته على انتقاد الآخرين بسبب إهمالهم لمسؤوليّاتهم…

      وبذلك، عمليّة بناء الإنسان لا تتطلّب مجهوداً جبّاراً، بل محبّة واهتماماً حقيقيّين لكي نكون على الدرب السليم الذي علينا سلوكه، بدل تضييع وقتنا وطاقتنا على أمور قرارها بيد غيرنا، ولا ينالنا منها سوى القلق والخوف وفقدان السلام الداخلي وضياع ذواتنا.
      علي بارزان
      22 05 21 20

Comments are closed.