اتفاقية سيداو والشريعة :/ كامل سلمان

تداول في الفيسبوك خبر مفاده رفض السعودية وقطر والكويت لإتفاقية سيداو الخاصة بحقوق المرأة وعدم اضطهاد المرأة ومساواتها بالرجل من حيث الحقوق الإنسانية والمدنية والسياسية ، لكن الخبر تم توسعته على ان رفض الدول الخليجية الثلاث جاء بناءاً على ان اتفاقية سيداو تحض على تقبل المثلية الجنسية وامور الشذوذ وامور أخرى مخالفة للمنطق والعقل والدين وكذلك يطالب صاحب المنشور جميع المسلمين بنشر الرفض للأتفاقية ، وكالعادة توجهت العقول المتطرفة من جيوش التطرف الديني الى تداول الخبر ورفضه بحجة مخالفته للشريعة وصاحبته موجة من المؤيدين للمنشور . فاضطررت الى البحث عن الاتفاقية في الانترنيت وقراءت نص الاتفاقية الدولية بنسختيها العربي والانكليزي فوجدت ان الاتفاقية بالأساس منع كل اشكال الحيف والعنف بحق المرأة ووجوب مساواتها بالرجل من ناحية الحقوق الإنسانية والسياسية والمدنية ووجوب أحترام حقها في الحياة وفي العمل والتعلم وغيرها من الحقوق ، كذلك وجدت في المواقع الرسمية للدول الخليجية لم ترفض الاتفاقية بل تحفظت على بعض بنود الاتفاقية بعد ان وقعت عليه .
الاتفاقية هي وثيقة صادرة عن الامم المتحدة في العام ١٩٧٩ م ولا أعرف لماذا الآن تم نشره من قبل التطرف الديني ؟ ولماذا الناس المغفلين يسارعون الى تداول مثل هذا الخبر دون الرجوع الى اصل الخبر وحقيقته ؟ مع العلم ان الدول الاسلامية تحديداً جميعها وقعت على الاتفاقية ومن ضمنها السعودية ، ومجموع الدول التي وقعت على الاتفاقية بلغت ١٩٠ دولة من العدد الكلي للدول المنضوية تحت راية الامم المتحدة البالغة تقريباً ٢٠٠ دولة . هل أصبحت المنظمات الارهابية المتطرفة تتلاعب بعقول الناس من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ؟ لا يوجد تفسير لهذه الظاهرة الا تفسير واحد وهو ان معظم الناس لا يبحثون عن الحقيقة ويصدقون الخبر طالما فيه اشعار ديني ، يعني العاطفة الدينية يمكن تسخيرها كيفما يشاؤون والمعروف عند المتطرفين إنهم ضد أي شيء يمثل تحرر المرأة فيضطرون الى تحوير الخبر وإظهاره بأنه ضد الدين . للأسف الجهل أخذ يغزو عقول الناس وأصبح هو المصدر الموثوق به في الوقت الذي نجد فيه المثقف والواعي يعتكف عن الرد وكأن الامر لا يعنيه . هذه واحدة من بين الاف الاخبار الملفقة تنشر في مواقع التواصل أو السوشيال ميديا وتأخذ صداها بشكل غير طبيعي . التجهيل والاستهانة بالعقول في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الاعلام أصبحت حالة مألوفة ولها مريدين وأنصار وجيوش الكترونية وحتى شخصيات ثقافية منحرفة تكتب هنا وهناك للتعبير عن مساندتها للدجل والخزعبلات ، يتهجمون وبشكل شرس على كل من يعترض خطاهم ، مراهنين على هزيمة العلم والمعرفة بهذه الاساليب المخالفة للمنطق والمخالفة للقيم والاخلاق . . أني ارى من الضروري ان يتصدى اصحاب الرأي السديد لمثل هذه الاخبار الكاذبة الملفقة وقتلها في المهد كي لا تكون الساحة الاعلامية سالكة للأقلام المنحرفة .