الكورد الفيلية والأخطاء القاتلة- كامل سلمان

خلال العقود الستة الاخيرة ونتيجة للمعاناة الثقيلة التي تعرض لها الكورد الفيلية على يد النظام السابق والتهميش الذي لحق بهم في النظام التالي ، كان لابد أن تترك تلك الآلام وتلك المعاناة التي مرت على المجتمع الفيلي آثارها السيئة ، وهذا ما حصل فعلاً ، لذلك من واجبنا أن نشير الى تلك العيوب التي صاحبت مسيرة حياة الفيلية ، وقسم من هذه العيوب للأسف ترسخت وتجذرت في أذهان بعض أخواننا الفيليين ، ومن واجبنا أيضاً أن نحث الطبقة الواعية من أخوتنا وأخواتنا الفيلية لتصحيح تلك العيوب والاخطاء لأنها أقل ما يقال عنها بأنها أخطاء قاتلة . قاتلة لأن إنعكاساتها خطرة جداً على ابناء وأحفاد المكون الفيلي ، ومن تلك العيوب :
بسبب ظروف التهجير ( بتهمة جذور الانتماء الإيرانية للكورد الفيلية ) وسحب الوثائق الاصولية والمطاردات والخوف جعلت الكثير من الفيلية يشعرون فعلاً بأنهم من أصول إيرانية ، يعني نفس المفهوم الذي زرعه النظام السابق في عقول الناس ، ذلك مما شجع الكثير من العنصرين العرب الى ترسيخ هذه النظرة في نفوس الكورد الفيلية ، حتى أن بعض الكورد الفيلية يستغرب من قول أننا الاصل في هذه الارض ، ومنهم من يعتقد يقيناً بأن الكورد الفيلية أصولهم ليست عراقية رغم الادلة التأريخية التي تثبت أصالة الكورد الفيلية في هذه الارض ، من الواجب على كل كوردي فيلي تأكيد أصالته العراقية بثقة كاملة ودون تردد فالشواهد كثيرة وليس من الصواب التأثر بما يقوله ويطرحه بعض الدخلاء الذين ليس لهم جذور تأريخية في أرض الرافدين .
ومن الأخطاء الأخرى ، تقليد بعض العشائر الفيلية وشيوخها للسلوك العشائري العربي في الملبس وفي طريقة الفصل والعطوة وطريقة حل النزاعات والجلسات العشائرية وحتى في اللهجة الجنوبية . أقول لهؤلاء الشيوخ والوجهاء ماذا أبقيتم من خصائصكم الكوردية ؟ في السابق كانت جميع العشائر العربية لها تعامل استثنائي مع العشائر الكوردية في حالة النزاع العشائري ، وكانوا جميعهم يحترمون الخصوصية الكوردية ، هذا الاحترام لم يعد له وجوده السابق للأسف .
ومن الاخطاء القاتلة ( أقصد هنا تلك الاخطاء التي قد تمحي الهوية الكوردية الفيلية ) توجه معظم الشباب الفيلي في الانخراط بالاحزاب والتيارات الدينية المذهبية والايدلوجية القومية العربية ، والقليل جداً لهم تواصل مع الاحزاب الكوردية . هل تعلمون أن مثل هذه الإنتماءات تذيب الانتماء القومي الكوردي بمرور الوقت ؟ إذاً لماذا المطالبة بحقوق المكون الفيلي ؟ ماهي الحكمة من هذا السلوك ؟
لو كانت أعداد المكون الفيلي أعداد قليلة لقلنا لهم العذر في مثل هكذا سلوكيات ، ولكن الجميع يعلم أن أعداد الكورد الفيلية يزيدون عن المليون نسمة وضعف هذا العدد يعيشون في دول المهجر ، ولهم نفوذ واسع وقدرات وأمكانيات مميزة ، ولهم شخصيتهم المعروفة عند كل فئات وتيارات ومكونات الشعب العراقي ، ولسنا بحاجة أن نلغي خصوصيتنا لنثبت وجودنا ، فالكورد الفيلية أشهر من نار على علم يتباهى بهم العرب قبل الكورد ، يتباهون بهم لأنهم قدموا للعراق من سمعة طيبة وتضحيات مالم يستطع تقديمه جميع مكونات الشعب العراقي . فمثل هذه التصرفات يجب مراجعتها وتصحيحها كي يبقى هذا المكون الرائع ينبض بالحياة . من حقنا أن نعتز بكياننا الكوردي ومن حقنا أن ندافع عن تركيبتنا مهما كانت الظروف متقلبة لأن تلك هي مسؤوليتنا أمام أجيالنا يجب الانتباه إليها .