عنوان المقالة : غزةَ جسرٌ ممدودٌ بين الجنةِ ومنْ أرادها.  – الكاتب :صلاح الياسين

لو لا أنَّ الله أختارها لتكون كما هو عنوان هذه المقالة لكان هنالك جسدُ غيرُ جسدِها يَشكوا طاعون الأحتِلال. فكما هو معروفٌ أنَّ غزةَ لم تكُن البلدَ الأول الذي عُرضَ على اليهود لاحتلالهِ أو كما يقولونَ تجميلاََ لهذهِ العبارة (لأقامة وطنٍ قومي لليهود)،ففي بداية هذه الأمر ومعَ تنامي فكرةِ الوطنِ القومي لليهود وتحديداََ في عام (182‪0 م) عُرضت من قبل اليهودي
”مردخاوي مانويل نوح”  جزيرة جراند كوطنٍ قومي لليهود يحمل اسم ” أرارات” وقد جاء هذا الاسم نسبة إلى جبل ذُكرُ في الكتاب المقدس عندهم أنهُ الجبل الذي رستْ عليهِ سفينةُ نوحٍ(عليه السلام،حتى أنَّ مردخاوي هذا وضع نصباََ تذكارياََ  في تلك الجزيرة ونقشَ عليه نصاََ جاء فيه:<< ”أرارات” ملجأ اليهود، أسست من قبل مردخاوي في  سبتمبر 182‪5 وفي الذكرى الخمسين لاستقلال أمريكا<<
ولم تكن هذه الأرض هي الوحيدة التي كانت على وشك أنَْ تكون دولة إسرائيل فقد عرضتْ خطة لمنح جزء من أفريقيا الشرقية لليهود لتكون وطناََ لهم، وكان جوزيف تشامبرلين وزير المستعمرات البريطاني صاحب الفكرة، وقدم فكرتهُ هذه للمنظمة الصهيونية بقيادة – تيودور هرتزل- في عام 190‪3
وعرض عليه مساحة تقارب الـ( 15.000 كم²)  في دولة تعرف اليوم باسم كينيا ، ويقالُ أنَّ هذا العرض جاء بريطانيا مساندةََ لليهود وتعاطفاََ معهم عَقبَ مذابح اليهود في روسيا، وقد رفضَ هذا العرض لأنهُ وكما يشاع أنَّ تلك الأرض كان يسكنها عدد كبير من الماساي والذين لم يكونوا مرحبين جداََ بهذا الاحتلال( وربما كانوا يتوقعون أن يرحب أحدهم باحتلال أرضهِ؟).
كذلك عُرضتْ عليهم أرضٌ هي البحرين وشرق السعودية وتحديداََ الأحساء وكان هذا الاقتراك قد قُدم في 191‪7
إلا أنه رُفضَ لأسبابٍ مجهولة!.
ومدغشقر وهي الأخيرة لم تكن عرضاََ بل كانت بالاصحِ منفى لليهود، فقد كانت هنالك خطةُ سياسية مقترحة للحكومة الثالثة بألمانيا النازية لأجلاء اليهود قسراََ إلى أفريقيا، وقد أصدر أدولف إيخمان وبموافقة أدولف هتلر  مذكرة في 15 اغسطس 194‪0 جاء فيها قرار ينص بتجديد توطين مليون يهودي سنوياََ ويستمر هذا القرار مدة إربع سنوات حتى يتم اعادة توطين اليهود كافة.
وهذه الخطة تأجلت بعد عجز الالمانين في الحرب ضد بريطانيا وتم التخلي عن هذه الفكرة.
وبعد أن رُفضت بعض المقترحات وفشلت بعضها، توجهت الأنظار إلى فلسطين وذلك بعد ظهور واستنبات فكرةٍ جديدةٍ لم تكُن موجودة في القرن الثامن عشر ألا وهي (الصهيونية)، وظهرت هذا الفكرة تحديداََ في بريطانيا عند بعض المسيح وكان مفادها <<أنَّ اليهودَ وفي يومٍ ما (ولا بد من ذلك) يجب أن يرجعوا إلى فلسطين تمهيداََ لعودة المسيح>>. وتنامت هذه الفكرة وصولاََ إلى القرن التاسع عشر حيث حُرفتَ وتحولتْ من فكرةَ بحث عن وطن قومي إلى فكرة عنصرية تعادي من هم غير اليهود وتسعى لإنشاء  بلد مطهرٍ عرقياََ إلا من اليهود، وتم  بعد ذلك التسويق لتوطين اليهود في فلسطين على حساب معتقدات دينية بحتة،وفي المؤتمر الأول للصهيوينة والذي أُقيم في (بازل) في العام 189‪7 اعلنت الحركة الصهيونية أنَّ الوجهة النهائية لليهود لتأسيس بلدٍ قومي هي فلسطين، واشتدت هذه الحركة في بداية القرن التاسع عشر وفي تلك الفترة كانت فلسطين مجتمعاََ متكاملاََ يشكل اليهود فيه حوالي(3%)
من النسبة السكانية، وبدأت هجرة اليهود إلى فلسطين ولم يكن لدى العثمانين وهم حكام الارض انذاك مانع في ذلك فقد تركوا الهجرةَ تجري كما هي، وفشلت محاولات اليهود في أقناع السلطان العثماني انذاك في تخصيص أرضٍ لليهود، وبعد  سنوات  أسس أحد أثرياء اليهود إلا وهو (حاييم وايزمان)  في العام  190‪7  شركة تطوير أراضي في  ” يافا”  والتي تهدف لشراء الأراضي من الملاك الفلسطينين بطرق احتيالية مغرية منظمة، وكان من شروط صفقات الشراء هذه طرد الفلاحين العرب من الأرض لتفريغ الأراضي من سكانها تمهيداََ لاستيطانها، كما شكلوا فرقاََ حراسية لتحرس الأراضي التي تم شراءها وهذه كانت أولى خطوات الاحتلال، ولم يكتفوا بذلك وإنما قاطعو السكان المحليين من الفلسطينين إقتصادياََ، وبعت مدةََ ليست بالطويلة طلب – حاييم وايزمان- من بريطانيا تسهيل الهجرات والمساعدة في ذلك، وبالفعل وافقت بريطانا، وما دفعهز لذلك اطماعها في فلسطين لكونها أحدى الولايات العثمانية والتي كانت حليفك المانيا ضد بريطانيا في الحرب العالمية الأولى،ومن الواضح جداََ ان احتلال ولاية عثمانية سيضعف الدولة العثمانية، كما كان لقرب فلسطين من قناة السويس حطب لنار الطمع تلك ليشقوا من خلالها طريقاََ يؤدي إلى مستعمراتهم في الهند،أضافةََ لذلك موقعها الجغرافي الاستراتيجي بين البحر المتوسط والبحر الاحمر، وفي العام 191‪5  قُدمت وثيقة إلى المجلس البريطاني مفادها ان فكرة إنشاء بلد لليهود في فلسطين فكرة أقل ما يقال عنها أنها ممتازة، فأصدرت   الحكومة البريطانية في العام1917 البيان الشهير بـــوعد بلفور والذي جاء في بالحرف الواحد :
«تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قوميّ للشعب اليهوديّ في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر.»
وكان مضمناََ في رسالة من -آرثر بلفور- إلى الوجه الأبرز في المجتمع اليهودي -اللورد ليونيل دي روتشيلد-.وقد لاقى هذا الوعد بعد أعلانه رفضاََ قاطعاََ من نسبة كبيرة مت السكان قدرها يزيد عن (85%) من مجمل السكان الكلي. ولكن بريطانيا لم تأبه لذلك الرفض القاطع، وبعد ازدياد معدل الهجرة وشراء مساحات كبيرة من الأراضي الفلسطينية، قامت مظاهرات كبيرة في يافا قتل فيها 65 يهودي و90 فلسطيني،وبدأت الحركة الفعلية للوطن القومي اليهودي عندما أخذت تل أبيب استقلالاََ محلياََ فصارَ لها وزاراتها الخاصة التي تديرها، وتعليمها المنفصل بلغتها المنفصلة وجامعات خاصة وما إلى ذلك، وقامت في العام 192‪9 ثورة البراق والتي قُمعَ فيها الفلسطينين بشكل وحشي من قبل الجنود البريطانين الذين اعتقلوا بعض الثوار واعدمو قادة الثورة انذآك، وقد كانت النظرة الأوربية للمجتمعات العربية بشكل عام والفلسطينية بشكل خاص نظرة دونية، فقد كان ينظر للعرب على أنهم شعب متخلف يأبى التخلي عن المعتقدات التي تأخر تقدمه ويكتنفهم دينٌ اساسه الوحشية والذبح، وبعد عام 192‪6 انشأ  شاب سوري مسلم كان خطيباََ انذاك حركة مقاومة اسلامية تهدف لطرد اليهود واستعادة الأراضي المحتلة وفرض السيادة الفلسطينية على الأراضي الفلسطيني وهذا الشاب هو- الشيخ عز الدين القسام-والذي استشهد لابساََ عمامته البيضاء في معركة بينه وبين اليهود، وشيع جنازته ثلاثون الفاََ من الفلسطينين في حيفا، وفي عام 193‪6 قامت الثورة العربية الكبرى والتي واجهت رداََ أجرامياََ من البريطانين بأن يتم اعتقال وتفجير بيت أي شخص يشارك في هذه الثورة، ووصل القمع البريطاني للفلسطينين لدرجة أنه في عام 194‪0 كان حوالي (10%) من الرجال الفلسطينين بين قتيل ومعتقل ومصاب.
وعندما قامت الحرب العالمية الثانية شارك مع الجيش البريطاني 15 الفاََ من اليهود اكتسبوا خلال هذه الحرب خبرات عسكرية جبارةَ، وانقلب الوحش على مروضه فبدأ اليهود عمليات ارهابية ضد البريطانين انفسهم وهذا بعد تحالفهم مع حليفهم الجديد (أمريكا) وحصولهَ على مصنع خاص للاسلحة واستمرت عمليات التفجير والقتل ضد البريطانين، ووصل الأمر لدرجة ان بريطانيا بدأت هجوماََ مضاداََ رفعت في شعارات النازبة(كدلالة على معاداة اليهودية بصورة تامة) وما يعطي للأمر منظوراََ خطيراََ هو أن بريطانا كانت قد خرجت للتو من حرب مع النازية.
وبعد انسحاب بريطانيا من ساحة الاحداث اصدرت أمريكا قرار تقسيم الاراصي الفلسطينية إلى (56%) لليهود و(44%) للعرب،
وهذا على الرغم من ان عدد الفلسطينين ضعف عدد اليهود،
وكذلك على الرغم من كون الشعب الفلسطيني يمتلك بشكل قانوني (94٪) من الأراضي، وفي هذه الاحداث فُتح باب التطوع لإنشاء جيش عربي لإنقاذ فلسطين شارك فيه اربعة الاف متطوع لم يكونوا منظمين ولا مسلحين بشكل جيد، فلم يكن للهجمان التي قاموا بها تأثير كبير على إسرائيل التي كان قوام جيشه آنذاك بحدود الاربعين الفَ جندي منظمين ومسلحين ومدربين.
وفي عام ١٩٤٧ بدأت فعلياََ عمليات التطهير العرقي على القرى المحيطة بالقدس وقد قتل في يوم واحد في قرية واحدة 250‪ فلسطيني، وقد أدى هذا التطهير لقيام خمسة وسبعون الفاََ من الفلسطينين بترك اراصيهم مضطرين.
وفوق كل هذه الدماء والدمار تم أعلان دولة إسرائيل في مايو 194‪8  وبعدها بيوم واحد فقط اعلنت الجيوش العربية الحرب على إسرائيل، ونتيجة لقلة عدد الجيوش العربية وضعف تنظيمهم وتسليحهم، وامتلاك الجيش الأسرائيلي للافضلية من حيث التسليح والتنظيم والعدد،انهزمت الجيوش العربية والتي كان عددها خمسة وعشرون الفاََ فقط واجهوا جيشاََ يهودياََ عدده بين الخمسين والمئة ألف.
واستمرت عملیات التهجير والقتل والتخريب بحق الفلسطينين أما انظار دعاة السلام من الدول الأوروبية وامريكا والعالم اجمع ووقعت النكبة وهُجرَ مئات الالاف والملايين من الفلسطينين من منازلهم، ووقع الأحتِلال كما ارادوا له.
وإلى اليوم لا نزال نرى سير الخطة الأسرائيلية لاحتلال فلسطين بالكامل وذلك بما نراه من القصف العنيف العشوائي على غزة، وترهيب السكان وقتل الأطفال والنساء، ونسف المنازل والمدارس والمستشفيات، وتفجير وتدنيس المساجد والمقدسات والسعي لدفع مواطني غزة لترك أراضيهم تمهيداََ لاستيطانها واستعمارها، إلا أنَّ ابناءها يأكدون رفضهم الخضوع لإسرائيل جيلاََ بعد جيل فهم يحاربون المحتل بقلوبهم وايديهم يرمونه رمياََ بالرصاص فأن  لم يتوفر رموه بالحجارة، ولا زالوا إلى هذه الساعة يسطرون على جبهات التاريخ بأنهم أهل الحق في هذه الأرض وبأنهم أهل العزة والأباء، فما نشهده اليوم من تدمير الدبابات والاليات على ايادي المجاهدين في فلسطين لعلامة تامة على بقاء فلسطين اسلامية عربية مهما تكالبت عليها الأعين والايدي من أعداء الله ودينه، والله تعالى قد اختار هذا الشعب ليواجه هذا البلاء لعلمه بمقدرتهم على صده، ونحن نعلم جميعاََ قول الآية الكريمة (لا يحمل الله نفسا إلا وسعها) وقد اختار الله تعالى فلسطين لتكون قبراََ لدولة الصهيون المحتل. وكما قال أبو الطيب المتنبي :
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
…..

One Comment on “عنوان المقالة : غزةَ جسرٌ ممدودٌ بين الجنةِ ومنْ أرادها.  – الكاتب :صلاح الياسين”

  1. لو كل من ينادي بتحرير فلسطين ..ذهبوا وقاتلوا لما كان هناك اسرائيل بالوجود…بس كلهم هدرزه
    ..وكلام فارغ…لزج الشعوب بالمستنقعات…والازمات….وكلها شعارات فارغة من اجل حكم الشعوب بالحديد والنار والفساد..
    ولكاتب المقالة تفضل روح…وقاتل بفلسطين وبغزة
    ..واستشهد
    ..وروح للجنة…على شنو. بعد ادوخ نفسك والآخرين.. شتريد نحرق دولنه بازمات..بدعوى تحرير الكدس..عفوا القدس..

Comments are closed.