١٥\٦\٢٠٢٥
فی ١٣ أذار سنة ٢٠٢٥ أعلن الفيلسوف الكوردی عبدالله أوجلان من سجنه فی تركيا بأن لديه برنامج كامل يمكنه خلال فترة وجيزة تطبيقه من أجل توفير السلام بین الحكومة التركية و الحركة التحررية الكوردیة المسلحة تحت قيادته منذ سنة ١٩٨٤ . و ألقی أوجلان تصريحه بدعوة من أكبر سیاسی قومي تركي معاصر مشهور بعلاقته الوطيدة مع ما تسمی بالدولة العميقة فی تركيا، و الذی كان قبل مبادرته هذه یعتبر من أشد أعداء أوجلان الداعين إلی إعدامه.
والغريب فی أمر سجن أوجلان بأن إعتقاله تم بمؤامرة دولیة أجبرت نظام حزب البعث العرب الإشتراكي علی طرده من سوریا بعد أن كان ضيفا معززا لديهم. و بعد مغادرته لسوریا تم إلقاء القبض عليه فی عملية مخابراتية عالمية مكشوفة منعته من الحصول علی حقه القانوني فی طلب اللجوء السیاسی وأجبرته علی التنقل بین عواصم أوروپیة و روسيا وأفریقیا إلی أن تم تسلیمه للمخابرات التركية فی ١٥ شباط سنة ١٩٩٩ حیث وضع فی سجن إنفرادي فی تركيا وحكم عليه بالإعدام بتهمة الإرهاب ومن ثم حولت المحكمة التركية حكم الإعدام إلی السجن المؤبد الساري المفعول فی سجن إنفرادي لحد الآن.
والعجيب أیضا فی أمر أوجلان أنه إستمر فی الكتابة فی سجنه. فقد ألف أكثر من ٣٠ كتابا حول مواضيع عديدة تتعلق بنضاله من أجل الحریة والعدالة الإجتماعية فی كوردستان بصورة عامة و فی تركيا بصورة خاصة. فأصبحت تلك الكتب مواضيع تربوية و فلسفية إنتشرت بین المثقفین السیاسیین الكورد والإشتراكیین منهم بصورة خاصة حیث طور فی نظریته المبدأ الإشتراكي الماركسی إلی برنامج تربوي لتكوین الشخصية المناضلة تحت شعار “بهرخودان ژیانه = المقاومة هی الحیاة” یۆكد فیها علی تربیة الطفل علی مبادئ الحریة والإشتراكية والعدالة الإجتماعیة وذلك لغرض تكوین شخصية مناضلة دون تمییز فی الجنس أو الدين أو القومية. وتجد فی كتابات أوجلان فلسفة مبنية علی أسس إشتراكیة ذات طابع تربوي یركز علی دور المرأة فی المجتمع بإعتباره أساسا للحياة و الحریة وفق شعار “ژن ژیان ئازادی = المرأة الحياة الحریة”. و بالجمع بین هذين الشعارين نجد فی فلسفة أوجلان تأكيدا علی تكوین شخصية سلیمة للفرد تجعله قریبا من نظریة “مصدر الصحة” لاورون أنتونوفسكی (١٩٢٣ – ١٩٩٤ ) و نظریة “الشخصية السليمة” التی نعتز بتألیفها فی عملنا الحالي فی بیت متین الصحی “ساخلهمخانا مهتین” فی دهوك، أقليم كوردستان العراق.
وفق ما لخصناه من وجهة نظرنا فی فلسفة أوجلان تجد الربط بین هذه النظريات الثلاث المذكورة أعلاه فی رعاية الطفل و تربیته بعيدا عن السياسة و الدين والعنف والمبادئ. الهدف من هذه النظريات العلمية هو تكوین شخصية سليمة للفرد وذلك إبتداء من رعاية الطفل فی بطن أمه إلی أن یولد ویتربی لتكوین شخصیة سلیمة عند بلوغه سن الرشد لكی یستطیع بعد ذلك أن یختار بحریة ودرایة ما یراه مناسبا له من مبادئ سیاسیة أو معتقدات دینیة أو نمط للحياة .
المشكلة فی فلسفة أوجلان أنها بنیت منذ البداية علی مبادئ إشتراكیة أجبرت علی التسییس بسبب الظروف السیاسیة التی كانت تسود فی تركيا بین المثقفين والأكادیمیین، فكانت الحريات مقيدة تحت حكم فاشستی مبني علی العنصرية والتطرف العرقي، فتحول النضال السلمي من أجل الحرية إلی نضال سیاسی وتحزب كلاسیكی أجبر علی حمل السلاح من أجل الدفاع عن الحریة والعدالة. فكان التمییز العنصری والجنسی سببا مباشرا للكفاح المسلح حينذاك. وأدی ذلك إلی إستقطاب فلسفة أوجلان وتركيزها علی السياسة والنضال المسلح علی حساب الفلسفة العلمية فی نطریاته الفكرية التی إنعكست فی دوراته التربوية ضمن تنظيماته السیاسیة والأجتماعية والثقافية التی أدت بدورها إلی مطاردته من قبل الجبهة السیاسیة المضادة له والتي كانت ولاتزال تتسم بالتمییز العنصری والجنسی والدینی.
ومهما یكن فقد حان الوقت أن ننتبه إلی الجانب الفكري و الفلسفي لنداء أوجلان الحالي بعيدا عن السياسة والتسییس لكی لا يفقد هذا الجانب أهميته فی إستمرار المقاومة السلمية ضد الإحتلال والإضطهاد والتعسف. وكذلك لكی یحل السلم محل العنف وینتصر العلم علی الجهل فی عملية رعاية الطفل وتربیته من أجل بناء شخصية سليمة للفرد نحو مستقبل زاهر للمجتمع.
dear Abdul Baki Mayi
That Ocelan call, is a political call in first and last place .. it’s purely a political call
That is not my judgment as you find